أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 ديسمبر 2022

الوديعة في الفقه الشافعي أ. د. مصطفى سعيد الخن اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الوديعة في الفقه الشافعي

أ. د. مصطفى سعيد الخن

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

(۱) ما تعريف الوديعة في الشرع؟

هي توكيل من المالك، أو نائبه لآخر بحفظ مال، أو اختصاص،

وتطلق الوديعة أيضاً على الشيء المودع.

(۲) ما المقصود بالمال الذي ورد في التعريف؟

هو كل شيء يجري عليه ملك للإنسان من الأشياء المباحة الطاهرة المنتفع بها.

(٣) ما المقصود بالاختصاص الذي ورد في التعريف؟

هو كل ما يكون تحت تصرف الإنسان مما لا يصح تملكه كالأشياء النجسة، فهذا وضع اليد عليـه لا يسمى تملكاً، وإنما يسمى اختصاصاً.

(٤) ما الدليل على مشروعية الوديعة؟

أ ـ قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: ٥٨].

وقوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه} [البقرة: ٢٥٣].

ب ـ قوله ﷺ: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» رواه البخاري في تاريخه، وأبو داود، والترمذي، والحاكم.

(٥) ما حكمة مشروعية الوديعة؟

قد يضطر الإنسان لمكان حصين يحفظ ماله فيه، وليس عنده مثل ذلك، أو قد يريد سفراً لقضاء مصالحه، فلا يأمن على ماله من السرقة، أو التلف، أو يكون الزمن زمن خوف، ولا يستطيع حماية ماله، فلمثل هذه الأحوال وغيرها شرع الإسلام الوديعة، بل ندب إلى قبولها ممن كان عنده قدرة على حفظها؛ سداً للحاجة، ودفعاً للحرج، والمشقة.

(٦) ما حكم قبول الوديعة؟

قد يكون الحكم الاستحباب، أو الـوجـوب، أو التحـريـم، أو الكراهة، أو الإباحة.

(۷) متى يكون قبول الوديعة مستحباً؟

إذا عرضت على شخص قادر على حفظها، ويثق من نفسه الأمانة، وهنالك شخص آخر مثله في الأمانة، والقدرة على الحفظ؛ لقوله ﷺ : «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه» رواه مسلم.

(۸) متى يكون قبول الوديعة واجباً؟

إذا عرضت الأمانة على الأمين الواثق من نفسه، القادر على حفظها ولم يكن في المكان غيره، وجب عليه قبولها؛ حذراً من ضياع المال؛ لقوله ﷺ: «حرمه مال المؤمن كحرمة دمه». رواه أبو نعيم في «الحلية».

(۹) متى يكون قبول الوديعة مكروها؟

إذا عرضت الوديعة على شخص، وكان أميناً، إلا أنه لا يثق من أمانة نفسه في المستقبل، كره له قبولها خشية الخيانة.

(۱۰) متى يكون قبول الوديعة محرماً؟

إذا عرضت الوديعة على شخص، وكان عاجزاً على حفظها، حرم عليه قبولها؛ لأنه إذا قبلها والحالة هذه يكون قد عرضها للتلف، وذلك حرام.

(۱۱) متى يكون قبول الوديعة مباحاً؟

إذا عرضت الوديعة على شخص، وكان لا يثق بأمانة نفسه في المستقبل، أو كان عاجزاً عن حفظها، وعلم المالك بحاله، ومع ذلك رضي إيداعها عنده، يكون قبولها مباحاً له.

(۱۲) ما أركان الوديعة؟

ثلاثة، هي: العاقدان، والصيغة، الشيء المودع.

(۱۳) ما يشترط في العاقدين في الوديعة؟

أن يكون كل منهما مطلق التصرف (بالغاً وعاقلاً).

(١٤) ما الحكم لو كان أحد العاقدين أعمى؟

تجوز الوديعة؛ لأن الأعمى لا يمنع من التصرف، إلا أنه يوكل في القبض، أو التسليم.

(١٥) ما شروط الصيغة في الوديعة؟

أ ـ اللفظ من أحد المتعاقدين، والفعل من الآخر. ويصح في صيغة الوديعة الألفاظ الصريحة، وألفاظ الكناية.

ب ـ التخيير، فلا يصح تعليق الوديعة، إلا أنه إذا أنجز عقد الوديعة، وعلق تسليمها، صح العقد.

(١٦) ما حكم توقيت الوديعة بزمن محدد؟

تصح الوديعة، كأن يقول: أودعتك هذا المتاع ساعة، أو يوما، أو شهراً، أو سنة.

(۱۷) ماذا يشترط في الشيء المودع؟

أن يكون مخترماً (أي: له اعتبار شرعاً) ولو كان نجساً، أو غير متمول. 

أما إذا كان غير مخترم كخنزير، وآلات لهو، فلا تصح فيها الوديعة.

(۱۸) ما واجبات الوديع بعد قبوله وتسلمه الوديعة؟

أن يقوم بحفظها، وألا يعرضها للتلف.

(۱۹) ما حكم الوديعة إذا تلفت في يد الوديع؟

إذا لم يكن مقصراً في المحافظة عليها لم يضمن، وإن قصر في المحافظة عليها كان متعدياً، وضمن.

(۲۰) ما صور التعدي من الوديع في حفظ الوديعة؟

أ ـ أن ينتفع بها بلا عذر فتتلف، أما إذا استعملها لصالح المالك فلا ضمان عليه في ذلك.

ب ـ ألا يدفع عنها ما يتلفها.

ج ـ أن يضعها في غير حزز مثلها.

د ـ أن يودعها غيره دون إذن من المالك، أو عذر للوديع.

هـ ـ الشفر بها مع القدرة على ردها .

و ـ أن يجحدها بلا عذر بعد طلب المالك لها.

ز ـ ألا يوصي بها عند مرض شديد، أو عند سفر للقاضي، لأمين؛ عند عدم ت تمكنه من ردها إلى مالكها، أو وكيله.

ح ـ أن يخالف المالك في حفظها.

(۲۱) ما حزر المثل الذي يجب أن توضع فيه الوديعة؟

هو المكان المناسب لمثل هذا المودع.

(۲۲) ما الحكم لو كان للوديع عذر في جحد الوديعة ، ثم تلفت؟

لم يكن متعدياً، فلا يكون ضامناً كإخفاء الوديعة من ظالم يريد أن يستولي عليها.

(۲۳) متى يجوز فسخ عقد الوديعة؟

الوديعة عقد جائز، وهذا يعني أنّ لكل من الطرفين فشخه متى شاء؛ إلا إذا تعيّن الوديع لحفظها، فتكون في حقه واجبة، فلا يجوز له فسخها.

(٢٤) بم يفسخ عقد الوديعة؟

أ ـ باستردادها من قبل المالك، أو بردها من قبل الوديع.

ب ـ بعزل الوديع نفسه ، أو عزل المالك نفسه.

ج - بموت أحد المتعاقدين، (المالك أو الوديع).

د ـ بجنون أحد المتعاقدين، أو إغمائه.

هـ ـ بالحجر على أحد المتعاقدين لسفه، أو بالحجر على الوديع لفلس.

و ـ بكل فعل يقتضي ضمان الوديع.

ز ـ بانتقال الملك في الوديعة من المالك إلى غيره ببيع ، أو غيره.

(٢٥) ما الحكم إذا تصرف الوديع بالوديعة تصرف ضمان؟

المقصود من الوديعة: الحفظ، وقد زال في مثل هذه الصورة الحفظ بالتعدي، فيجب رد الوديعة فوراً.

(٢٦) ما الحكم إذا ادعى الوديع تلف الوديعة؟

أ ـ إذ لم يذكر سبباً لتلفها، أو ذكر سبباً خفياً كالسرقة صدق الوديع بيمينه .

ب - إذا ادعى تلفها بسبب ظاهر؛ كحريق، وغرف عمومه، ولم يحتمل سلامة الوديعة، صدق الوديع بلا يمين.

ج ـ أما إذا عرف الحريق دون عمومه، أو احتملت سلامة الوديعة، صدق بيمينه.

د ـ إذا جهل الحريق؛ فلا بد من بينة عليه، ثم يحلف على التلف به.

(۲۷) ما الحكم إذا اختلف المالك والوديع في رد الوديعة؟

أ ـ إن ادعى ردها على من ائتمنه كالمالك، أو الولي صدق بيمينه.

ب ـ إن ادعى الوديع رد الوديعة على غير من ائتمنه كوارث المالك، طولب بالبينة، إذ الأصل عدم الرد، ولأنه لم يأتمن وارث المالك الوديع.

ج ـ إن ادعى وارث الوديع ردها على المالك، طولب أيضاً بالبينة؛ لأن الأصل عدم الرد، ولأن المالك لم يأتمن وارث الوديع.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق