الهبة في الفقه الشافعي
أ. د. مصطفى سعيد الخن
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
(۱) ما تعريف الهبة في الشرع؟
هي تمليك العين بلا عوض في حال الحياة تطوعاً.
(۲) ما دليل مشروعية الهبة؟
قوله تعالى: {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء: ٤].
وقوله سبحانه: {وءاتى المال على حبه، ذوي القربى..} [البقرة: ۱۷۷].
و«كان ﷺ يقبل الهدية، ويثيب عليها» رواه البخاري.
ولقوله ﷺ: «العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه» رواه البخاري ومسلم.
(۳) ما حكمة تشريع الهبة؟
الهبة والهدية سبب من أسباب المودة، وعامل هام من عوامل
التقريب بين القلوب، وغرس الألفة فيما بينها. ولقد جاء الإسلام بالتواصل والتحابب بين المسلمين، ونهى عن التباغض والتقاطع.
قال ﷺ : «تهادوا تحابوا». رواه البخاري في «الأدب المفرد» والنسائي.
(٤) ما أركان الهبة؟
هي ثلاثة: العاقدان، والصيغة، والشيء الموهوب.
(٥) يشترط في العاقدين شرطان، ما هما؟
أ ـ يشترط في الواهب أن يكون مالكاً للشيء الموهوب، وأن يكون مطلق التصرف، وأن يكون أهلا للتبرع.
ب ـ يشترط في الموهوب له أن يكون أهلا لتملك ما يوهب له، وإذا كان غير مكلف فيقبل عنه وليه.
(٦) يشترط في الصيغة أربعة شروط، ما هي؟
أ ـ الإيجاب والقبول، ويكون الإيجاب بأن يقول الواهب: وهبتك الثوب، أو منحتك إياه، أو ملكتك إياه، دون ذكر الثمن، ويتحقق القبول بأن يقول الموهوب له : قبلت ورضيتُ.
ب ـ اتصال القبول بالإيجاب، بألا يفصل بينهما فاصل معتبر.
ج - عدم التعليق؛ فلا يصح أن يقول الواهب: إذا جاء رأس السنة فقد وهبتك هذا الثوب.
د ـ عدم التوقيت؛ فلا يصح أن يقول الواهب: وهبتك هذا القلم أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة.
(۷) يشترط في الشيء الموهوب خمسة شروط، ما هي؟
أ ـ أن يكون طاهراً.
ب ـ أن يكون منتفعاً به.
ج ـ أن يكون مقدوراً على تسليمه.
د ـ أن يكون معلوماً.
هـ ـ أن يكون مملوكا للواهب.
(۸) ما القاعدة الفقهية في جواز الهبة؟
هي: «كل ما جاز بيعه جازت هبته غالباً».
(۹) متى تكون الهبة لازمة؟
إذا حصل الإقباض من الواهب، أو قبض الموهوب له الهبة بإذن الواهب.
(۱۰) ما معنى لزوم الهبة؟
معناه: أنه لا يحـن للـواهـب بعـد لـزومهـا الـرجـوع في هبته، ولا التصرف فيها ببيع، أو غيره.
(۱۱) حصل الإيجاب والقبول في الهبة، ولم يقبض الموهوب له الهبة، فرجع الواهب بهبته، أو تصرف فيها ببيع، أو غيره، ما الحكم؟
يحق للواهب فعل ذلك.
(۱۲) ما الدليل على أن الهبة لا تملك إلا بالقبض؟
الدليل هو: رد هديته ﷺ التي أهداها للنجاشي عليه؛ بسبب موت النجاشي قبل قبضها، فأخذها، ووزعها على نسائه. رواه أحمد.
(۱۳) لو مات أحد المتعاقدين بين الهبة والقبض، ما الحكم؟
للوارث أن يقوم مقام المورث في القبض، أو الإقباض.
(١٤) متى يجوز الرجوع بالهبة؟ وما الدليل؟
إذا كان الواهب أحد أصول الموهوب له؛ كأب، أو جد، أو أم، أو جدة.
والدليل: قوله ﷺ: «لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية، ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يغطي ولده» رواه أحمد والترمذي.
(١٥) متى يكره للوالد الرجوع في هبته لأحد أولاده؟
إن كان قد عدل بين أولاده في العطاء؛ لأن في ذلك إيغاراً لصدور بعضهم على بعض.
(١٦) متى يباح للوالد الرجوع في هبته؟
إذا كان في الرجوع مصلحة، كأن كانوا يستعينون بالهبة على المعصية، فيستحب له الرجوع عندئذ، بل يجب إن كان ذلك رادعاً لهم عن المعصية.
(۱۷) ما الشرط في رجوع الأصل الواهب في الهبة؟
بقاء الموهوب في سلطة الموهوب له، فلو خرج عن ملكه، وسلطته؛ لا خيار فيه، أو وقف، لم يكن للأصل الرجوع في الهبة.
(۱۸) بم يحصل الرجوع بالهبة؟
يحصل بكل لفظ يدل على الرجوع صريحاً كان أو كناية، مع النية.
(١٩) ما حكم التعليق بالرجوع بالهبة؟
لا يجوز التعليق في الرجوع بالهبة، ولا بد أن يكون الرجوع منجزا، فقال: إذا جاء رأس السنة فقد رجعت في هبتي، لا يعد ذلك رجوعاً في الهبة.
(۲۰) ما حكم الهبة بثواب؟
إذا وهب إنسان شيئاً لآخر، وشرط ثواباً معلوماً، كأن يقول: وهبتك داري؛ على أن تعطيني سيارتك هذه، فهو بيع بلفظ الهبة؛ نظراً للمعنى، ولأنه معاوضة بمال معلوم.
(۲۱) ما المراد بالهبات، والعطايا للأولاد؟
المراد: ما كان زائداً عن النفقة الواجبة.
(۲۲) ما حكم التمييز بين الأولاد في الهبات، والعطايا؟ وما الدليل؟
يكره ذلك إذا استوت حاجاتهم؛ لأن التمييز بينهم قد يدفع بهم إلى التحاسد، والتباغض، والعداوة، وسوء الخلق؛ لقوله ﷺ البشیر أبي النعمان: «هل أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فلما قال له: لا، قال ﷺ : «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم». رواه البخاري.
(۲۳) ما حكم التفضيل بين الأولاد في الهبات، والعطايا إذا تفاوتت حاجاتهم؟
لا مانع من التفضيل في الهبات، والعطايا للأولاد إذا تفاوتت حاجاتهم؛ سدا للحاجة.
(٢٤) ما حكم المساواة بين الوالدين في العطايا؟
تسن المساواة بين الوالدين في العطايا، ويكره تركها. فإن كان لا بد من تفضيل أحد الأبوين، فالأم أولى؛ لقوله ﷺ لمن سأل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال «أمك» قال: ثم من؟ قال «أمك» قال : ثم من؟ قال: «أبوك» رواه البخاري ومسلم.
(٢٥) ما حكم التسوية بين الإخوة في الهدايا، والعطاء، والهبات؟
هي مطلوبة، ولكن دون طلبها في الأصول والفروع؛ لقوله ﷺ: «حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده». رواه البيهقي في «شعب الإيمان».
(۱۹) ما حكم التعليق في الرجوع بالهبة؟
لا يجوز التعليق في الرجوع بالهبة، ولا بد أن يكون الرجوع منجزاً، فإذا قال: إذا جاء رأس السنة فقد رجعت في هبتي، لا يعود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق