أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 17 ديسمبر 2022

ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (849 -911 هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين

الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 

(849 -911 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ اصطفى الله تعالى لنبيه خير الناس في زمانهم، وجعلهم أعواناً وأصحاباً، فكانوا نعم العون، وخير الصحب، ويستحيل أن يأتي ممن بعدهم بخير منهم -ولو أتي بكل أنواع الخير، رضوان الله عنهم جميعاً، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة من سلفنا الصالح، والآيات والأحاديث المتواترة كثيرة ومشهورة في كتب الحديث وغيرها.

وهذا الكتاب للإمام السيوطي هو تلخيص لكتاب الإمام الحافظ ابن منده (من عاش مائة وعشرين سنة من الصحابة)، يذكر فيه جملة من الصحابة الذين عاشوا إلى هذا السن، مع زيادته بعض نفرٍ لم يذكرهم ابن منده، وقد بلغ عدتهم (٢٠) عشرين صحابياً.

وإذا أردنا الحديث عن فضل الصحابة ومكانتهم عموماً؛ فلنا ما ذكره الإمام ابن قدامة في كتابه "ذم التأويل"، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: من كان منكم متأسيا فليتأسَّ بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وذكر الحسن البصري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: "إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".

عدالة الصحابة

اتفق أهل السنة على أن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدول، ولم يخالف في ذلك إلا بعض المبتدعة.

قال الخطيب في الكفاية (ص ٤٦ - ٤٧): عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وقوله: ﴿وَكذَالِكَ جَعَلْنَكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وهذا اللفظ وإن كان عاماً فالمراد بـه الخاص، وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم.

وقوله: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَلَبَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ... وذكر كثيراً من الآيات، ثم قال: «في آيات يكثر إيرادها، ويطول تعدادها، ووصف رسول الله الله الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم. 

ثم أسند عن عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ، قال: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم». 

وأسند عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: «لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه». 

إلى أن قال: «والأخبار في هذا المعنى تتسع، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحـد مـن الخلق له، فهو على هذه الصفة إلا أن يثبت على أحد ارتكاب مالا يحتمل إلا قصد المعصية والخروج من باب التأويل» .. إلى أن قال: «على أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأبناء والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذي يجيئون بعدهم أبد الآبدين».

ثم اسند عن أبي زرعة الرازي، أنه قال: «إذا رأيت الرجل ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة ا.هـ».

وانظر الإصابة لابن حجر (۱۷/۱-۱۸).

ترجمة موجزة للإمام السيوطي -رحمه الله تعالى

اسمه: 

عبد الرحمن بن الكمال، أبـو بكـر بـن محمـد، بـن سـابق الـدين، بـن الفخـر عثمـان بـن ناظــر الديـن محمـد، بـن ســيف الـدين خضــر، بـن نجــم الديــن أبـي الصـلاح أيـوب، بـن ناصـر الـدين محمـد، بـن الشـيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي.

نسبته: 

والأسيوطي نسبة إلى مدينة أسيوط الواقعة غرب النيل مـن نـواحي صـعيد مصـر وهـي أكبـر مـدن الصعيد.

كنيتــه: أبــو الفضـــل: فقــد كنــاه بهــا شــيخه وصــديق والــده القاضــي عــز الــدين أحمــد بــن إبراهيم الكناني الحنبلي. يقـــول الســـيوطي: "فإنــه ســألني مـــا كنيتـــك، فقلـــت لـــه: لا كنيـة لي. فقـــال: أبــو الفضــل كتبـه بخطه.

لقبه: 

هو جلال الدين، والظاهر أن والده هو الذي لقبه بذلك، وكان يلقب بابن الكتب.

ولادته:

قـال عـن نفسـه فـي شـأن ولادتـه: "وكـان مولـدي بعـد المغـرب ليلـة الأحــد مســتهل رجــب ســنة تســع وأربعــين وثمانمائــة، وحملــت فــي حيــاة أبــي إلــى الشــيخ محمــد المجــذوب".

طلبه للعلم: حفظ القرآن الكريم وله دون ثمـان سـنين، ثـم حفـظ كتـاب عمـدة الأحكـام فـي الفقـه لعبـد الغنـي المقدسـي وشـرحه لابـن دقيـق العيـد، ومنهـاج النـووي، وألفيـة ابـن مالـك فـي النحـو، ومنهـاج البيضـاوي فـي الأصول؛ وتنقل بين العلماء يأخـذ عـنهم فنـون العلـم؛ ويقـول عـن نفسـه: "والـذي اعتقـده، أن الـذي وصـلت إليــه مــن هــذه العلــوم الســبعة ســوى الفقــه وهــي "التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع"، والنقـول التـي اطلعـت عليهـا فيهـا، لـم يصـل إليـه ولا عليـه أحـد مـن أشـياخي، فضـلاً عمـن دونهـم..".

مؤلفاته: 

لقـد ذكر السيوطي أن مؤلفاته بلغت ثلاثمائة كتـاب سـوى مـا غسـله وتـاب عنـه – فـي التفسـير والقراءات والحديث والفقه، والعربية والآداب، ولـه "الحـاوي للفتـاوى" فـي الفقـه وعلـوم التفسـير والأصـول والنحو والإعراب وسائر الفنون، يقع في نحو من خمسين وسبعمائة صفحة، ويحـوي ثمان وسـبعين كتابـاً مذكور معظمها في حسن المحاضرة له

ثنـاء العلماء عليه: 

يقـول الشوكاني في "البدر الطالع": "الإمـام الكبيـر صاحب التصانيف ... أجاز لـه أكـابر العلمـاء مـن سائر الأمصار، وبرز فـي جميـع الفنـون وخاصـة الأقران واشتهر ذكـره، وبعد صيته، وصنف التصانيف المفيدة كالجـامعيين فـي الحـديث والـدر المنثـور..".

ويقـول الغزي في "الكواكب السائرة": "وأجيز بالإفتاء والتدريس... وألـف المؤلفات الحافلة الكثيرة الكاملة الجامعة النافعة..".

تنبيه:

والإمام السيوطي رغـم سـعة علـمه واطلاعـه لكنـه كـان يعتـد بـأقوال الأشاعرة والصوفية؛ لأنـه كـان يجمـع كـل شـيء مـن العلـوم وعقيدتـه أشـعرية؛ وربما ينهج نهج أهل السنة في بعض مؤلفاته، وذلك بحسب السياق والحال.

وفاتـه: 

ذكــر الشوكاني في "البدر الطالع" وفاتـه؛ فقــال: "وكــان زمــن وفاتـه يــوم الجمعــة تاســع عشــر جمــادى الأولـى ســنة الحادي عشر وتسعمائة – رحمه الله.

مُقَدّمَة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْحَمد لله الَّذِي يخص من يَشَاء بِمَا يَشَاء من فَضله، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على مُحَمَّد وَصَحبه وَأَهله، هَذَا جُزْء مُخْتَصر من كتاب الْحَافِظ أبي زَكَرِيَّا بن مَنْدَه رَحمَه الله فِيمَن عَاشَ من الصَّحَابَة مائَة وَعشْرين.

(١) حسان بن ثَابت

حسان ابو عبد الرَّحْمَن وَقيل ابو الْوَلِيد وَقيل ابو الحسام بن ثَابت من الْمُنْذر بن حرَام بن عَمْرو بن زيد بن عدي بن النجار بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج.

شَاعِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ فِي الاسلام وَكَذَلِكَ عَاشَ أبوه وجده وأبو جده.

لَا يعرف فِي الْعَرَب اربعة تَنَاسَلُوا من صلب وَاحِد اتّفقت مُدَّة تعميرهم مائَة وَعشْرين سنة غَيرهم. قلت: وَشبه هَذَا أن لِسَانه كَانَ يصل إِلَى جَبهته وَنَحْوه، وَكَذَلِكَ كَانَ أبوه وجده وَابْنه عبد الرَّحْمَن وَالله اعْلَم

(٢) حَكِيم بن حزَام:

حَكِيم، أبو خَالِد بن حزَام بن خويلد بن أسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي بن كلاب.

ولد فِي جَوف الْكَعْبَة وَأسلم يَوْم الْفَتْح وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وعاش مائَة وَعشْرين سنة: سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ فِي الاسلام.

وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ سنة ارْبَعْ وَقيل ثَمَان وَخمسين، وَأعْتق مائَة رَقَبَة بالجاهلية وَمِائَة بالاسلام.

(٣) حمنن بن عَوْف

حمنن أخو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة.

(٤) نتجع جدُّ ناجية:

عاش مائة وعشرين سنة،  وَلم يرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلا ثَلَاثَة أحاديث.

(٥) حويطب بن عبد الْعُزَّى

حويطب وَقيل حوط وَقيل حويط، أبو مُحَمَّد وَقيل أبو الْأَصْبَغ بن عبد الْعُزَّى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مَالك بن حسل.

اسْلَمْ يَوْم الْفَتْح وعاش مائَة وَعشْرين سنة سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَام وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين

(٦) سعد بن إياس الشَّيْبَانِيّ

سعد، أبو عَمْرو بن إياس الشَّيْبَانِيّ الْبكْرِيّ، لَهُ إدراك، رُوِيَ عَن اسماعيل بن ابي خَالِد انه رَآهُ وَقد أَتَى عَلَيْهِ سبع عشرَة وَمِائَة سنة.

(٧) سعد بن جُنَادَة

سعد بن جُنَادَة الْعَوْفِيّ الأنصاري، عَاشَ كَمَا رُوِيَ عَن حفيده الْحسن بن عَطِيَّة مائَة وَعشْرين سنة.

(٨) سعيد بن يَرْبُوع

سعيد أَبَا هود بن يَرْبُوع بن عنكثة بن عَامر بن مَخْزُوم، عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة: سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَسِتِّينَ فِي الاسلام، توفّي سنة أرْبَعْ وَخمسين.

(٩) أبو شَدَّاد الذمارِي الْعمانِي:

أبو شَدَّاد الْعمانِي، عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة.

(١٠) عَاصِم بن عدي

عَاصِم بن عدي بن الْجد بن العجلان، وهُوَ الَّذِي سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعويمر عَن الْوَاجِد مَعَ زَوجته رجلاً؛ فنزلت آية اللعان.

(١١) عبد خير بن يزِيد:

عبد خير أبو عمَارَة بن يزِيد، وَقيل بن يحمر الْكُوفِي، عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة.

(١٢) اللَّجْلَاج الْغَطَفَانِي:

اللَّجْلَاج الْغَطَفَانِي، اسْلَمْ وعمره خمسين سنة، وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة,

(١٣) مخرمَة بن نَوْفَل:

مخرمَة بن مسور بن نَوْفَل بن أهيب بن عبد منَاف بن زهرَة بن كلاب بن مرّة بن لؤَي، اسْلَمْ عَام الْفَتْح: وَتُوفِّي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين، وَقيل: خمس وَعشْرين.

(١٤) نَافِع بن سُلَيْمَان الْعَبْدي:

نَافِع بن سُلَيْمَان الْعَبْدي مولى الْمُنْذر عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة.

(١٥) النَّابِغَة الْجَعْدِي:

والنابغة الْجَعْدِي ،الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يفضض الله فَاك)؛ فَمَا سَقَطت لَهُ من سن، قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي الشفا: عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة وَهُوَ وهم، فَإِنَّمَا عَاشَ مِائَتَيْنِ وَعشْرين سنة، قَالَ ابْن قُتَيْبَة -وَنَقله فِي الاغاني، وَقَالَ: مَا ذَاك بمنكر؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي شعره ثَلَاثَة أهلين أفنيتهم، وَقد سَأَلَهُ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كم لَبِثت مَعَ كل أهل؟، فَقَالَ: سِتِّينَ سنة، فَهَذِهِ مائَة وَثَمَانُونَ، ثمَّ عمَّر بعده إِلَى أيام ابْن الزبير. انْتهى

نعم وَافق القَاضِي عِيَاض على أن النَّابِغَة عَاشَ مائَة وَعشْرين الْحَافِظ الصريفيني، وَذكر أيضا مِمَّن عَاشَ كَذَلِك من الصَّحَابَة

(١٦) لبيد بن ربيعَة

(١٧) أَوْس بن مغراء

(١٨) وَأَوْس بن مغراء السَّعْدِيّ

(١٩) وَذكر ابْن سعد عدي بن حَاتِم الطَّائِي

(٢٠) وَذكر ابْن قُتَيْبَة نَوْفَل بن مُعَاوِيَة وَالله أعلم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق