أحكام القرض في الفقه الشافعي
أ.د مصطفى سعيد الخن
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
(۱) ما تعريف القرض شرعا؟
هو تمليك مال على أن يرد بدله.
وسمي بذلك لأن المقرض يقطع من ماله.
(۲) ما دليل مشروعية القرض؟
• قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} [البقرة : ٢٤٥].
• وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أقرض رجلاً مسلماً درهماً مرتين كان له كأجر صدقتهما مرة». رواه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان في «موارد الظمآن» .
• وقوله ﷺ: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه». رواه ابن ماجه .
• وقد ثبت أنه ﷺ اقترض بكراً من رجل، وأعطاه خيراً منه. رواه البخاري.
(۳) ما حكمة تشريع القرض؟
القرض مظهر من مظاهر التعاون على البر بين المسلمين، وفيه تنفرج كربة المكروب، ويزول عسر المعسر، ولا يستغني أكثر الناس عن الحاجة إليه؛ لذا دعا إليه الدين الحنيف، ورغب فيه رسول اللہ ﷺ ووعد عليه بمزيد من العوض، وكثير من الأجر .
(٤) للقرض أركان ثلاثة، ماهي؟
صيغة، وعاقد، ومعقود عليه .
(٥) ما الصيغة في القرض؟ وكيف تكون؟
هي إيجاب من المقرض؛ كأقرضتك، أو: أسلفتك، أو: ملكتك على أن ترد بدله،
وقبول من المقترض؛ كاقترضت، أو: استلفت، أو : تملكته ببدله.
ويشترط في القبول أن يكون موافقاً للإيجاب.
(٦) قال المقرض للمقترض: أقرضتك عشرة آلاف ليرة سورية، فقال المقترض: قبلت خمسة آلاف، ما الحكم؟
لم يصح القرض؛ للاختلاف بين الإيجاب والقبول .
(٧) ما يشترط في المقرض والمقترض؟
يشترط فيهما:
أ ـ الرشد، وهو الانصاف بالبلوغ، والصلاح لدينه وماله، فلا يصح الإقراض، ولا الاستقراض من صبي، ولا مجنون، ولا محجور عليه لسفه .
ب ـ الاختيار، فلا يصح من مكره.
ج- ويشترط في المقرض زيادة على ما ذكر : أهلية التبرع فيما يقرضه؛ لأن القرض فيه شائبة التبرع، فلا يجوز للولي إقراض مال موليه لغير ضرورة .
(۸) ما شرط المعقود عليه (المال المقرض)؟
أ ـ أن يكون مالاً مضبوطاً بالصفة التي يختلف فيها الغرض، بحيث تنتفي بضبطه بالصفة الجهالة، وضابط ذلك: أن كل ما صح أن يسلم فيه صح قرضه، وما لا فلا .
ب ـ أن يكون المال المقرض جنساً لم يختلط به غيره، كعشرة آلاف ليرة سورية، أو عشرين مدا حنطة.
ج ـ أن يكون المال المقرض معلوم القدر؛ ليتحقق رد مثله .
(۹) ما حكم اقتراض الخبز؟
أجاز العلماء قرض الخبز وزناً، وبعضهم أجازه عدا؛ لإجماع الناس على فعله في كل العصور من غير نكير .
(۱۰) کیف يرد المقترض القرض؟
يرد المثل في المال المثلي، وفي المال المتقوم: المثل صورة.
فلقد اقترض ﷺ بكراً، ورد رباعياً، وقال: «إن خياركم أحسنكم قضاء» . رواه مسلم .
(۱۱) قال شخص لآخر: أقرضتك عشرة آلاف ليرة سورية على أن تردها عشرة آلاف ليرة سورية وخمسمئة، ما الحكم؟
لا يصح القرض، وكان هذا العقد حراماً؛ لأنه من الربا المحرم، حيث إنه قرض جر نفعاً.
(۱۲) اقترض إنسان من آخر مبلغاً من المال، ورهن عند المقرض داراً، فانتفع المرتهن بالدار في مقابل الدين، ما الحكم؟
من الربا المحرم، لأنه قرض جر نفعا.
(۱۳) ما حكم رد المقترض زيادة على المال المقرض، سواء أكان في الصفة أم في المقدار، من غير شرط في العقد؟
إن ذلك جائز، بل مستحب؛ لأن النبي ﷺ رد بدل البكر رباعيا، وقال ﷺ: «إن خياركم أحسنكم قضاء» . رواه مسلم .
(١٤) ما حكم اشتراط الأجل في القرض؟
إذا شرط المقرض أجلا للوفاء بالقرض، فإن لم يكن للمقرض نفع في هذا الأجل صح العقد مع الشرط، ولكنه لا يلزم المقترض الوفاء بالأجل، لكن يندب الوفاء به لأنه وعد. أما إذا كان للمقرض نفع من الأجل، كأن كان وقت خوف، فأقرضه على أن يرده إليه بعد شهرين مثلاً، حيث يكون قد ذهب الخوف فيهما، فسد العقد؛ لما فيه من جرَّ منفعة للمقرض .
(15) طلب المقرض الرهن، أو الكفيل، أو الإشهاد، أو كتابة الدين من المقترض، ما الحكم؟ وما الدليل؟
يجوز للمقرض ذلك؛ لأنه توثيق للعقد، وإثبات للحق، فإذا لم يوف المقترض بما طلبه المقرض، كان له أن يفسخ العقد .
والدليل: قوله تعالى في آية المداينة: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة : ٢٨٢].
وقوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]
(١٦) متى يملك المقترض القرض؟
يملك المقترض القرض من حين القبض .
(۱۷) طلب المقرض الرجوع في القرض بعد القبض، وبقاء عين القرض بحالها، ما الحكم؟
للمقرض حق الرجوع في القرض، ويلزم المقترض رده إلى المقرض .
(۱۸) طلب المقرض الرجوع في القرض بعد القبض، وقد تغيرت عين القرض، أو تعلقت به الحقوق، ما الحكم؟
لا يحق للمقرض الرجوع في القرض، وإنما يطالب ببدله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق