الصلح في الفقه الشافعي
أ. د. مصطفى سعيد الخن
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
(١) ما تعريف الصلح شرعا؟
هو عقد يحصل فيه قطع المنازعة بين الخصمين.
(٢) ما دليل مشروعية الصلح؟
دليله: قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} (النساء: ١٢٨).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا». رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
(٣) ما حكمة تشريع الصلح؟
دعا الإسلام إلى كل ما يحقق وحدة المجتمع الإسلامي، وإشاعة المودة، والتعاون، والتسامح بين أفراده، وحارب كل ما يدعو إلى الخصام، والشقاق فيه. والصلح يحقق ذلك.
(٤) ما أنواع الصلح؟
للصلح أربعة أنواع، هي:
أ ـ الصلح الواقع بين المسلمين والكفار.
ب - الصلح الواقع بين الإمام والبغاة.
ج - الصلح الواقع بين الزوجين.
د ـ الصلح الواقع في المعاملات.
والأنواع الثلاثة الأولى ليست مجال بحثنا، وإنما سنقتصر على شرح النوع الرابع.
(ه) ما أقسام الصلح في المعاملات؟
أ- صلح على إنكار.
ب - صلح على إقرار.
(٦) ما تعريف الصلح على إقرار؟
هو أن يعترف المدعى عليه بثبوت الحق، ولزومه عليه، وهذا النوع من الصلح ينقسم إلى قسمين:
أـ صلح على عين .
ب ـ صلح على دين
(٧) ما الصلح على العين؟
هو أن يعترف من بيده عين بأن ملكيتها عائدة إلى المدعي،
فالأصل: أن يدفع المدعى عليه العين المعترف بها لصاحبها، إلا أن الإسلام أجاز المصالحة عليها؛ إما صلح حطيطة، وإما صلح معاوضة.
(٨) ما صلح الحطيطة؟
هو اعتراف المدعى عليه بأن العين التي في يده ملك للمدعي، ولم يدفعها له، وتصالحا على أن يدفع المدعى عليه بعض العين إلى المدعي. أي: إلى صاحب الحق حط عن المدعى عليه قسما من الشيء المدعى به، وتنازل عنه.
(٩) ما صلح المعاوضة؟
هو اعتراف المدعى عليه بأن العين التي في يده ملك للمدعي، ولم يدفعها له، وتصالحا على شيء غير العين المذكورة، عينا أو منفعة، فإن كان العوض عيناً؛ كان هذا بيعا للعين المدعاة بالعين المتفق عليها، ويثبت فيه جميع أحكام البيع. وإن كان منفعة ثبت له حكم الإجارة.
(١٠) ما الصلح على الدين؟
هو أن يعترف المدعى عليه بثبوت دين في ذمته للمدعي، والأصل في ذلك: أن يؤدى هذا الدين كاملا للدائن، إلا أن الإسلام أجاز المصالحة على هذا الدين.
أ ـ صلح حطيطة: وهو أن يتصالحا على أن يحط الدائن قسما من الدين عن المدين، ويكون هذا إبراء للمدين من الباقي.
ب - صلح معاوضة؛ وهو أن يتصالحا على أن يدفع المدين بدل الدين شيئا آخر عرضا عنه، فإن كان العوض عينا يكون ذلك بيعا، له أحكام البيع، وإن كان الصلح منفعة ثبت له حكم الإجارة.
(١١) ما دليل جواز صلح الدين أو صلح الحطيطة؟
دليله: ما رواه البخاري ومسلم عن كعب بن مالك؛ أنه طلب من عبدالله بن أبي حدرد دينا له عليه، في المسجد، فخرج إليهما ونادى: «يا كعب» فقال: لبيك يا رسول الله! فأشار بيده: أن ضع الشطر، فقال: قد فعلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم فاقبضه».
(١٢) بم يصح صلح الحطيطة في الدين؟
يصح بلفظ الإبراء، والحط، والإسقاط، ونحوها. كما يجوز بلفظ الصلح. على أنه إن جرى بلفظ الإبراء، وما شابهه؛ لم يشترط القبول، وإن جرى بلفظ الصلح، فلا بد فيها من سبق خصومة، ولا بد أيضا من القبول.
(١٣) ما معنى الصلح على الإنكار؟
هو أن يدعي إنسان على آخر عينا، أو دينا، وينكر المدعى عليه ثبوت ذلك.
(١٤) ما حكم الصلح على الإنكار؟
الصلح غير جائز؛ لأن المدعي إن كان كاذبا فقد استحل بالصلح مال المدعى عليه، وهو حرام. وإن كان صادقا فقد حرم على نفسه ماله، وهو حلال له. كما أن المدعى عليه بالصلح يكون قد أحرج المدعي بإنكاره، واضطره لإبرائه من بعض الدين الذي له عليه، وهو حرام عليه أيضاً.
ورسول الله يقول صلى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا». رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
(١٥) ما حكم الصلح بعد بطلانه؟
إذا بطل عقد الصلح يرجع المدعي إلى أصل دعواه إن كان الصلح عن إنكار، وهو باطل أصلا. وإن كان الصلح مع الإقرار، رجع المدعي على المدعى عليه بالمدعى به لا غيره، لأن بطلان الصلح جعله كأن لم يكن، وعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الصلح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق