أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 نوفمبر 2024

أيُّها السّاسة أوقفوا هذا المد تأليف الشيخ العلامة د. سلمان بن نصر الداية بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أيُّها السّاسة أوقفوا هذا المد

تأليف الشيخ العلامة د. سلمان بن نصر الداية

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: إن الحقائق تحتاج لرسوخها إلى الحسم والوضوح والمباشرة، ولا تحتمل المجاملة ولا التأجيل؛ حتى وإن كان المقام مقام مواجهة وحرب، ولو بلغ الخذلان أوجه وذروته؛ لأن المصلحة المترتبة على هذا البيان أعظم من بقاء الأمر على ما هو عليه، فمن هذه المصالح: تصويب المفاهيم، وتصحيح المسار أو تغييره.

لقد قرأنا وسمعنا تصريحات قادة الطوفان ومنظريه، والتي هي خليطٌ بين الحكمة والعبث، وبين العدل والجور، وبين الهدى والضلال، وقرأتُ لبعضهم تأصيلات شيطانية لهذا الطوفان، أشبه ما يكون بتقرير هذا الكم الرهيب من المجازر الدموية والإبادة الجماعية، وتساءلت في حينها: أيُّ تأصيلٍ هذا؟ ولصالح مَن؟ وعلى حساب من؟!

 هل هو تأصيلٌ لاستمرار هذه المقتلة التي أبيدت فيها آلاف مؤلفة من البشر؟ أم هو تأصيلٌ لمكابرة الساسة والقادة المتربعين على عرش الزعامة في الخارج؟ أم هو تأصيلٌ لمعاناة المواطنين وجراحاتهم ومآسيهم التي لا تتوقف؟!

لا شك أن تلك التأصيلات الفذة والعبقرية تمنح -بغبائها -الغطاء والمشروعية لكل تلك المجازر والإبادات؛ فتمضي المذابح تلو المذابح دون أن يُحرك أحدٌ ساكناً، ودون أن ينبت المقهورون ببنت شفة؛ لأن الله هو الذي يأمرهم بذلك! ولأننا نستحق العقوبة! ولأن هذا ضريبة الجهاد المزعوم!

هل هذا كلام يصلح لوعظ الناس فضلاً عن تأصيل مآسيهم وجراحاتهم.

ما يجري هو برمجة صريحة لعقول الغزيين والبسطاء على قبول هذا السيل الجارف من الدماء، وهذا الطوفان الكارثي بناءً على السعادة الأبدية بمصير الراحلين، وإرجاع الأمر لقدر الله.. دون اعتبار من الأخطاء التي ارتكبت أو تُرتكب من هؤلاء البشر، وتودي بحياة الآلاف إلى المهالك.

وهل يستوي التطهير المعنوي بالتوبة من الذنوب والمعاصي مع التطهير العرقي الذي نشاهده صباح مساء حتى نتوب عن الأول ولا نرعوي عن وقف الثاني؟ وهل ما تراه من قتل وتشريد نوع من الرحمة ندب إليها الإسلام وعدّها من مقومات البطولة؟ وهل هذه الحرب علامة من العلامات التي وضعها الله للغزيين لإنذارهم بسوء أعمالهم ولا تعلق لها بسوء إدارة القطاع وفشل قادته؟ ولماذا لا يوجه الشيوخ كلامهم إلى الساسة والقادة في لمعرفة من هو المسؤول عن هذه المحرقة؟ ومن المطالب بوقفها وإنهائها؟!

إن الدعاة والمصلحين حقاً لا يمكن أن يُفكروا بالطريقة التي يُفكر فيها هؤلاء الشيوخ، فالأمر ليس مجرد ملاومة، ولا نصب الشماعات التي تُلقى عليها قمصان الدم وعباءات الدمار، ولا حتى حصر الأمر في الدعاء والصبر وانتظار الفرج فقط، بل النُّصح لمن تسبب بالأذى للعباد بلا أدنى مسؤولية أو نتيجة بأن يتوقف عن أفعاله، ويُراجع أهدافه وتصريحاته وأغراضه الشخصية والحركية، ويكف عن هذا العبث الذي يخدم الاحتلال ويتسق مع أهدافه، ظناً منه أنه يُرضي الله ويحمي الوطن.

وهذه رسالة نفيسة جليلة للإمام العلامة الشيخ القدوة سلمان بن نصر الداية، حفظه الله تعالى – وضع فيه حدّاً لكل تلك التجاوزات التي أطلقها الساسة باسم الدين، في الوقت الذي ترك فيه أهل الدين الساحة للساسة ليجتهدوا ويتحكموا بمصير البلاد والعباد، بل ويقرروا ما يجوز وما لا يجوز.

وقد أجاب فيه عن تصريحات بعض السياسيين المحسوبون على الطوفان بآي الكتاب الكريم، وسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وفهم العلماء الربانيين، مُبيناً أخطاءهم الكارثية، وجناياتهم على الدين والشريعة: في رمي منتقدي طوفانهم بألقاب العمالة والنفاق والجبن والتخاذل، ثم عدم اعتبارهم لأعداد المدنيين الذين سقطوا في هذه الحرب الظالمة. وقول بعضهم: إن خسائرنا تكتيكية. وقول رابع: نحن على استعداد أن نكون كأصحاب الأخدود! وقول خامس: حماية الناس منوط بوكالة الغوث والاحتلال! وقول سادس: أن الشعب مجر ورقة ضغط على الاحتلال ولا يهتم إذا قتل الاحتلال 20 أو 100 ألف! وقول بعضهم أن الأوطان لا تُحرر إلا بالدماء وهو ما يحصل الآن!

وأخيراً: قد يمتلك هؤلاء القادة قدرات خطابية قوية، وقنوات تدعم تلك الخطابات بتأصيلات وهمية، لكنهم لا يمتلكون أية حجة شرعية أو أي مسوغ ديني لاستمرار هذه الإبادة، وكل محاولاتهم لتدبيج الآي وتطويعها لخدمة أهوائهم لن تُفلح في تقرير هذه الأخطاء؛ لأن هذا الدين متين، ولم يبق إلا الفهم المغلوط للدين، والدوران في فلك المصالح الحزبية والسياسات الإقليمية والعلاقات الدولية، في مقابل السياسات الشرعية التي لا يسع أحداً مخالفاتها.

إن الدوران في ساقية هؤلاء الساسة، أشبه ما يكون بدوار البهيمة العمياء، التي قاد زمامها رجل أعمى على عوج الطريق، فأنى لهذا أن يصل أو يبلغ مراده. ولذا أنصح نفسي وإخواني بلزوم السياسة الربانية (الشرعية)، التي نطق بها كتاب الله وشهدت لها سنة رسوله الكريم ، وفهم علمائنا الأبرار الأطهار، والتي توجها شيخنا الإمام في رسالته هذه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق