الشيخ أحمد نمر حمدان
د. محمد العمودي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: تعجُّ بلادنا فلسطين بقامات كبيرة، وشخصيات فريدة، برزت في القرن الحالي بآثارها الجليلة ومآثرها الجميلة، والتي طالت حسناتها أجيالاً كثيرة متعاقبة، وقد يسّر الله تعالى لها من يحفظ آثارها ويدوّن أعمالها، حتى اكتملت بهم مسيرة البناء والحضارة والخير للبلاد.
وقد عرفت هذه الشخصيات بالصدق والغيرة والبذل والتضحية والعطاء الغير محدود، وعرفت كذلك بالدفاع عن الوطن، والثبات على الحق، والشجاعة في مواجهة الأخطار والتحديات، وقد مثلت هذه الشخصيات رموزاً وطنية وتربوية، تقتبس منها الأجيال معاني البطولة والرجولة والكرامة.
ويروي هذا الكتاب سيرة رجل كريم، وداعية مخلص، وخطيبٍ مفوَّه، خاض غمار السجون، وتحدى بإرادته المحتل، وألهب بصوته الجماهير، وبثَّ في الجيل الأمل والحماس، كما قضى سنوات طويلة في الإبعاد، حضر النكبة، والنكسة، والانتفاضتين، وأربعة حروب دامية على القطاع، وشهد الانقلاب السياسي في القضية الفلسطينية، وعاصر كثيراً من أزمات هذا الشعب ومحنه، ألا وهو الشيخ أحمد حمدان رحمه الله.
وقد أبدع المؤلف في انتقاء هذا الرجل النموذج، والشخصية المُلهمة؛ ليكون موضوعاً للبحث والدراسة، سيما وأن له مع الشيخ مواقف ووقفات، وصحبة طويلة، تأثر من خلالها بسلوك الشيخ وأخلاقه وآدابه، التي ذكر جملة صالحة منها، كالحزم والجدية، والتزام الوقت، والتفاني في المهنة، والصد بالحق، واحترام النظام، والحرص على المال العام، واغتنام الفرص للدعوة، بالإضافة إلى نبوغه في مجالات الدعوة والخطابة، وتبنيه لنهج الدفاع عن الأرض والمقدسات، وحرصه الكبير على تربية النشء وإعدادهم، وبناء النواة الصلبة للعمل الدعوي.
وقد أفاد المؤلف -وفقه الله -من الروايات الشفوية من أقارب الشيخ وأصدقائه وزملائه في العمل وكذلك طلابه وجيرانه، وكل من له صلة به من أبناء حيّه وبلده، وأكثر ما أفدتُ منه صراحةً هو تلك اللفتات التربوية، والتي تربط الترجمة بالواقع، وتجعل من كل سطرٍ فيها عبرة وعظة في مجالات العلم والعمل والحياة الأسرية والدعوية والاجتماعية.
كما أسهب المؤلف في التقريظ لسيرة الشيخ، فنقل ذلك عن عدد كبير من وجهاء البلاد وأصحاب المناصب الرفيعة فيه في الثناء على الكتاب ومدحه، كذلك الأمر ختم بمرثيات كثيرة لعدد من المشار إليهم للشيخ -رحمه الله وتغمده بالمغفرة والرضوان.
ترجمة موجزة للشيخ أحمد نمر حمدان
(1939 م -2019م)
هو الشيخ أحمد نمر حمدان، داعية وخطيب فلسطيني، ولد في 4/ نوفمبر/ عام 1939م في قرية "بشيت"، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة خانيونس، ثم انتقل إلى مصر لدراسة اللغة العربية، فدرس في جامعة القاهرة، وحصل على درجة الليسانس عام 1957م، ثم عمل مدرساً في مدارس جنوب القطاع بوكالة الغوث منذ العام 1959م، ورُقي بعد ذلك إلى وكيل مدرسة في العام 1975م، وفي أثناء ذلك نشط في مجال الدعوة إلى الله تعالى، وحث الشباب على الالتزام والسلوك الحسن.
وفي العام 1977م كان يؤذن بجامع بلال بمعسكر خانيونس، وبعدها تطوع كإمام لمسجد الرحمة بحي الأمل في العام 1978م، وفي العام 1981م رُقي ليعمل مديراً في مدرسة، ثم عمل باحثاً في التموين لدى وكالة الغوث في العام 1986م، وذلك بعد أن أجبره الاحتلال على ترك عمله كمدرس، بسبب نشاطه في جماعة الإخوان، وتحريضه المستمر على الاحتلال.
وساهم الشيخ في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية في العام 1987م وكان أحد الأعضاء الفاعلين فيها، كما أسس مكتبة مسجد الرحمة في العام 1989م، وكان بدوره يُشرف عليها، واستمر في عمله الأخير كباحث تموين حتى تقاعد في العام 1999م.
كما كان له دور في إثارة حميّة الشباب الوطنية والدينية أثناء الانتفاضة الأولى والثانية، حروب 2008 -2009م، و2012م، و2014م، و2018م، إلى أن توفي بتاريخ 5/ أغسطس/ 2019م، بعد أن أصابه مرض عُضال، وهو يناهز 81 عاماً، والتي ملأها بالعطاء والصبر والتضحيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق