أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 فبراير 2021

توضيح البيان لوصول ثواب القرآن للميت -تأليف عبد الله بن الصديق الغماري

توضيح البيان لوصول ثواب القرآن للميت

تأليف عبد الله بن الصديق الغماري


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد/ هذا بحث مفيد بين فيه الغماري وصول ثواب القرآن للميت إذا أهداه القارئ إليه بلفظه أو نيته، وقد استعرض فيه الأقوال المختلفة في هي هذه المسألة وأدلتها، وأجاب فيه عن أدلة المانعين للوصول.

ولا شك أن هذه المسألة من مسائل الفروع التي اختلف فيها الفقهاء، وعدها بعض العلماء من مسائل الأصول، وجعلوا المخالف فيها من المبتدعة، وهم يقصدون بذلك المعتزلة، الذين جعلوا إهداء ثواب العمل للميت لغواً، لأن كل إنسانٍ مسؤول عن عمله فقط، ولكن شاركهم في هذا القول بعض فقهاء أهل السنة وهذا -بالطبع -لا يخرجهم عن دائرة أهل السنة.

وإذا نظرنا إلى حقيقة هذه المسألة نجد أن السبب الأول في انتفاع الميت بما يُهدى إليه من أعمال هو إيمانه وتوحيده لله عز وجل في دار التكليف، فيكون هذا الثواب الذي يُهدى للميت تكرمة من الله عز وجل، لا أنه ثواب استماع الميت للقراءة، وعليه فلا يشترط أن تكون القراءة عند القبر، كما لا يُشترط التلفظ بنية الإهداء، وإنما يندب إلى التلفظ بالإهداء نفسه.

وقد أشبع الإمام ابن القيم الكلام على هذه المسألة في كتابه "الروح"، ورأى أن هذا الأمر جائز، وليس مندوباً إليه؛ لأن ذلك لم يكن من هديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

1. أما القائلون بوصول ثواب القراءة؛ فهم أكثر المتقدمين من العلماء، وجمهور السلف، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، وبوّب له الحنفية في كتبهم تحت عنوان: "باب يصل ثواب القرآن للميت" وإليه ذهب الإمام النووي في "المجموع"، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر في "الجواب الكافي"، وقول ابن رشد من المالكية، وأجاز ذلك ابن القيم على أن تكون القراءة بلا أجرة، وهو اختيار الشيخ محمد بن الصالح العثيمين.

2. وأما القائلون بعدم الوصول فهم جمهور الشافعية والمالكية، واختاره ابن باز، وكثيرٌ من علماء الدعوة النجدية.

على أن مذهب المتأخرين من الشافعية أن الذي يصل الميت هو نوع انتفاع ولكن لا يصله ثواب، واستدلوا بعموم قوله سبحانه: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، وخصَّ الشيخ الألباني في وصول ثواب القراءة من الولد إلى الوالدين فقط دون غيرهما؛ لحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، وذكر فيه: (أو ولد صالحٌ يدعو له).

وقد أجاب الغماري على المانعين لذلك من ثلاثة عشر وجهاً، ونقل كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية في وصول ثواب القراءة من عشر وجوه، وذكر أدلة المجيزين والتي تجاوزت الخمس أدلة، وفي بعضها ضعف.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق