البينات في حكم إهداء ثواب الأعمال للأموات
تأليف: أبي معاذ ظافر بن حسن آل جعبان
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتيب هو جزء من كتاب (التعزية وحكمها في الكتاب والسُّنة) وهو بحث قيِّمٌ نفيس، اقتبس منه الباحث هذه المسألة: (إهداء ثواب الأعمال للأموات)، وأسماه بـ(البينات في حكم إهداء ثواب الأعمال للأموات)، وتوصل من خلاله إلى أن ثواب جميع الأعمال الظاهرة تصل إلى الميت وأما الأعمال الباطنة كالإيمان والتوحيد والرغبة والرهبة فإنها لا تصل إلى الميت
واختلف العلماء في القُرب التي يصل إلى الميت ثوابها، على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما لا يصل إلى الميت ثوابها بالاتفاق؛ كالإيمان والتوحيد والإجلال والتعظيم لله عز وجل.
القسم الثاني: ما يصل ثوابه إلى الميت بالاتفاق؛ كالصدقة الجارية من النفقات، والأوقاف، وبناء المساجد، وبث العلم، والاستغفار له، ودعاء الولد الصالح لوالديه، وأداء فريضة الحج عنه، وما أوجبه على نفسه من ذلك بنذرٍ ونحوه، وأداء الدين عنه، والصوم عنه (ويدخل فيه صيام الفرض: عن رمضان حيث أمكنه القضاء ولم يفعل، والواجب من النذر والكفارة)، ولا فرق في ذلك أن يؤديه القريب أو الغريب، وحكى الإجماع على وصوله الإمام ابن قُدامة، والنووي.
القسم الثالث: أعمالٌ مختلفٌ فيها؛ كقراءة القرآن عن الميت، وإهداء ثوابها ل، وهذه المسألة وقع فيها خلافٌ بين أهل العلم، على قولين:
القول الأول: أنه لا يصل ثواب القراءة يصل إلى الميت، وهو مشهور مذهب الشافعي، واستدلَّ بقوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، وأنه لم يرد نصٌّ يُجوِّزُ القراءة عن الميت، فتكون القراةء عنده بدعة منكرة؛ لأنها عبادة، والأصل في العبادة التوقيف، وكذلك لم يرد هذا الفعل عن السلف الصالح.
وقد ذهب إلى هذا القول من المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الله بن قعود، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ بكر أبو زيد، وغيرهم رحمهم الله تعالى.
القول الثاني: أن ثواب القراءة يصل إلى الميت، وهذا مذهب الجمهور الأئمة الثلاثة، وجماعةٌ من الشافعية، وغيرهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال ابن القيم بجوازها كما في "الروح" بشرط أن تكون القراءة تبرعاً لا بأجرة. وجوابهم عن قول الشافعية أن القول بوصول ثواب الحج والصدقات والصيام وعدم وصول ثواب القراءة هو تفريق بين المتماثلات، الأمر الذي يُخالف قواعد الشرع، ومبادئه الكلية.
مسألة: الاستئجار على تلاوة القرآن وإهداء ثوابها للميت؟
والجواب: أن أهل العلم متفقون على عدم جواز ذلك، وهو مذهب الحنفية والمالكية، والمشهور عند الشافعية والحنابلة..
مسألة إهداء ثواب الأعمال إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟
والجواب: أنه لا يجوز إهداء شيء من الأعمال إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لأن السلف رضي الله عنهم من الصحابة وغيرهم لم يفعلوه، وللنبيِّ صلى الله عليه وسلم مثل أجور من تبعه من غير إهداء؛ لأنه هو الذي دلنا على كل خير، ثم إن المُهدي يحرم نفسه من الثواب فقط، وأما صلاتنا وسلامنا عليه، وطلبنا له الوسيلة، فهذا دعاءٌ فيه لنا، يثيبنا الله عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق