أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 20 فبراير 2021

مصباح الزجاجة في فوائد صلاة الحاجة -تأليف: عبد الله بن الصديق الغماري

مصباح الزجاجة في فوائد صلاة الحاجة

تأليف: عبد الله بن الصديق الغماري


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الجزء تكلم فيه الغماري على حديث توسل الضرير بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فبيّن فيه صحته، ولا خلاف في ذلك، ولكنه بعد ذلك شرع في تقرير جواز التوسل البدعي بتقريرات واهية جداً، ووجوه في غاية الضعف، وذلك بعد أن ساق طرق حديث الضرير، وتصحيح جميع ألفاظه وجعل القصة الواردة فيه أصلاً ثابتاً، وهو بهذا العمل لم يأتِ بجديد عما سبقه إليه السُّبكي والهيتمي وغيرهما فقد سُبق إليه، إلا أن تقريرات من سبقوه أقوى من تقريراته، وقد ردَّ عليها العلماء الأثبات، فهو لم يأتِ بجديد.

ثم أعقب ذلك بالحديث عن "صلاة الحاجة"، وهي مشروعة عند فقهاء المذاهب الأربعة: وقد نص على مشروعيتها من الحنفية ابن نجيم في "البحر الرائق" وابن عابدين في "الحاشية" وآخرون. ومن المالكية الدسوقي في "حاشيته"، وذكرها النووي في "شرح المهذب" وكثير من الشافعية. وابن قدامة في "المغني"، والبهوتي في "كشاف القناع"، وابن قاسم في "حاشية الروض"، وغيرهم،

وإنما اختلف الفقهاء في صفتها، وعدد ركعاتها؛ فذهب المالكية والحنابلة، وهو المشهور عند الشافعية إلى أنها ركعتان، وذهب الحنفية إلى أنها أربع ركعات، وذلك لاختلاف الروايات الواردة في ذلك، كما تنوعت صيغ الدعاء لتعدد الروايات الواردة بذلك، وهي ضعيفةٌ في الجملة ولا يثبت منها شيء، وقد ذكرها الغماري مقرونةً بحكم الحفاظ كالسخاوي، وابن الجوزي، وغيرهما. وأمثلها ما جاء من حديث عبد الله بن أبي أوفى (رواه الترمذي، وابن ماجه والطبراني)، وهو ضعيف أيضاً، ولو صلَّى ركعيتن على الصفة المعروفة في صلاة النافلة ثم دعا الله بعدهما فلا حرج في ذلك.

يقول الغماري بعد أن ذكر خمسة عشر أثراً في دعاء قضاء الحوائج وصفة صلاة الحاجة (42): قلتُ هذه جملة من الأذكار والدعوات التي تُقال عند عروض حاجة للنفس، وهي كما ترى ضعيفةٌ جداً، بل منها ما أُدرج في الموضوعات، وما تركناه منها أشدُّ ضعفاً مما ذكرنا، خلاف حديث الضرير، فإنه صحيحٌ على شط الشيخين، [فيجوز] العمل به دون غيره مما ورد في هذا الباب، لثوته عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولعمل الناس به.

والناظر في هذا المؤلّف (أعنى كلام الغماري على حديث الضرير) يلمس بوضوح ضعف الغماري حديثياً وأصولياً، فليست لديه أدلة كافية تؤدي به إلى ما صار إليه من عموم حديث الضرير في كل من نزلت به حاجة أو فاقة، لا سيما وأن زيادة: (وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك -أو قال -فعل مثل ذلك) لم تثبت مرفوعةً وفي ثبوتها موقوفةً نظر، على أن التردد الحاصل في اللفظتين يترتب عليها اختلاف المعنى والحكم.

  ولو كان فعل ذلك جائزاً لما ترك الصحابة العمل به، هذا على فرض جوازه، وهو أحد وجوه الاحتمال التي اسقط الغماري الاستدلال بها (25) في نقض كلام من يُسميهم (الوهابية)، وعليه فهذا القول ساقط بناءً على قاعدته في الكتاب. 

وكما أن الترك لا يصلح دليلاً للحظر، فكذلك الترك لا يصلح دليلاً للفعل، هذا على فرض أن شواهد أدلة الفريقين متساوية ومتعارضة؛ لأن الحديث ورد خاصاً كما يُفهم من السياق وسبب الورود.

وأعدلُ ما يُقال في هذا المقام هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "التوسل والوسيلة" (1/ 199): "فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في (منسك المروذي) التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، ونهى عنه آخرون. فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته، وبطاعته، فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول".

وقد أراحنا الغُماري من عناء الرد على كلامه؛ حيث يقول (25 -26): وكذلك نقول غاية ما في الأمر أن الصحابة تركوا التوسل بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله، وذلك يكفي دليلاً على منع التوسل. وأن لو سلم أن الصحابة تركوا التوسل بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فنهايته أن يكون إجماعاً سكوتياً -لأنه لم يصرح أحدٌ منهم بمنع التوسل جزماً -والإجماع السكوتي مختلفٌ في حقيقته، وفي تسميته، وفي حجيته، فكيف يكون والحالة هذه مخصصاً لدليلٍ شرعيّ] لا خلاف في حجيته بين أحدٍ من العلماء".

وفي هذا المقام نقول: وقول الغماري متجهٌ إذا قُلنا بعموم حديث عثمان بن حُنيف، وثبوت ذلك مرفوعاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكن الحديث ورد خاصاً، وأن تلك اللفظة إنما ثبتت موقوفةً على عثمان، فيكون ذلك اجتهاداً منه رضي الله عنه، على أننا لا نمنع من فعل هذا الأمر، والدعاء بهذا الدعاء على المعنى الذي ذكره ابن تيمية رحمه الله تعالى.

كما أن الغماري مع تطاوله وسوء كلامه، ليست لديه ملكة التعبير الصحيح عما هو بصدده من تقرير التوسل الممنوع: نجد ذلك في لجوئه إلى التعبيرات "اللولوية"، بالإضافة إلى أجوبته الضعيفة التي تشبه حركات الطفل الصغير عندما يحاول والداه كفَّه عن اللعب، لأننا لم نُنازع في ثبوت هذا الحديث أصلاً، ولكن ننازع في كون هذا الأمر خاصاً بالضرير أم لا، وحيث لم يثبت أن أحداً من الصحابة أو التابعين فعلوا مثل فعله، وكون هذا الأمر خاصاً بذلك الرجل، وفي حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لم يعد لكثرة الكلام أدنى فائدة.

كما أن دعوى الغماري من أنه يلزم من قال بخصوصية هذا الأمر أن ينقل خبراً  عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُفيد تخصيص هذا الأمر بالضرير إن كان خاصاً به: وهذه حُجةٌ متهافتة، لأن الخصوصية كما تُعرف بالنص، فإنها تُعرف بسبب الإيراد، وواقع الحال، وترك عمل الصحابة بها مع وجود المقتضي وانتفاء المانع.

والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة لم يأمر به أحداً آخر غير الضرير، والذي فيه أنه -يعني عثمان بن حُنيف -أمر به ليس مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أما رواية ابن أبي خيثمة: (فإن كانت لك حاجة فافعل مثل ذلك)، وأنها دالةٌ على العموم، ولكن هذه الزيادة قد توافق قول عثمان بن حنيف، لكن شعبة وروح بن القاسم أحفظ من حماد بن سلمة الذي جاءت من طريقه، واختلاف الألفاظ يدل على أن مثل هذه الرواية قد تكون بالمعنى.

وقد يكون ذلك مدرجاً من كلام عثمان، لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لم يقل: "وإن كانت لك حاجة فعلت مثل ذلك" بل قال: "وإن كانت حاجةٌ فعل مثل ذلك"؛ لأن هذا اللفظ هو الذي يستقيم به المعنى، وإن كان قاله فهو اجتهادٌ منه رضي الله عنه.

فغايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد، لا أنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كذلك نجد أن الغماري ذو خيال واسع جداً، حيث يتوهم في خاطره كلاماً لابن تيمية يصوغه بطريقة طالبٍ مبتدئ، ثم يُنصب نفسه للرد عليه، والعجيب كون ذلك كله في قضية لم تثبت أصلاً، ولا علاقة لها بالنصّ النبوي، ثُم هو ينتصر على ابن تيمية -كالعادة -بحجته القاطعة التي تدعو للشفقة والرثاء لحاله دون أن يأتي بجوابٍ مُقنع أو حجة شافية عما قاله ابن تيمية.

  • نصُّ الحديث:

عن عثمان بن حنيف، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير يشتكي إليه ذهاب بصره، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد، وقد شق عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي عن بصري، اللهم فشفعه فيَّ، وشفعني في نفسي).

وقد أخرج حديث الضرير رواية الترمذي، وابن ماجه والنسائي في "سننهم"، وأحمد في "مسنده"، وابن أبي خيثمة في "تاريخه"، والطبراني في "الكبير"، و"الصغير"، والحاكم في "المستدرك"، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" وترجم له (باب ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه، حين لم يصبر، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة)، وكذلك في "الدعوات"، كلهم من طريق أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة سهل بن حُنيف، عن عمه عثمان بن حُنيف.

وهذا الحديث صححه الترمذي، وابن خزيمة، والحاكم، والطبراني ووافقه الهيثمي في "مجمع الزوائد"، وصححه المنذري، وترجم له (الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها)، وصححه أبو عبد الله المقدسي صاحب "المختارة"، والحافظ عبد الغني المقدسي في "النصيحة في الأدعية الصحيحة"، والنووي في "الأذكار"، وشيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضعٍ من كتبه، والسيوطي في "الخصائص الكبرى"، وغيرهم. 

وزعم الغماري أن السلفيين (الوهابيين) يُضعفون هذا الحديث بلا علم ولا بيّنة، وأخذ ينفخ بما وقر في صدره من الغل والحقد عليهم: افتراءً عليهم، وذكر لذلك حديثاً منكراً ضعيفاً، وهو (منْ بلغهُ حديثٌ فكذَّبَ بهِ؛ فقد كذَّبَ ثلاثةً: اللهَ، ورسولَهُ، والذي حدَّثَ بهِ)، رواه الطبراني من حديث جابر. 

هذا مع أن السلفيين لم يُضعفوا هذا الحديث، بل صححوه ومنهم من حسَّنه، وإنما الذي اتفقوا على تضعيفه وردِّه هي القصة التي سيق الحديثُ لأجلها، وادعى الغماري أن تضعيفهم يتناول بعض ألفاظ النص النبوي، وهذا كلامٌ باهت لا دليل عليه، وشتان بين القصة التي سيقت عند إيراد الحديث وبين النص النبوي الثابت، فهذه الحكاية لم تقع في الزمان النبوي الشريف، وإنما وقعت في ومن الصحابة على فرض ثبوتها، ولم تثبت.

وكان من إفراط الغماري، وإهماله لقواعد الأدب في البحث والمناقشة، أن يُحرر المسائل بطريقة بعيدة عن الحق والإنصاف، ولذلك أمثلة كثيرة، منها:

قوله (16) أن القول أن الضرير توسل بدعاء النبيِّ باطل؛ لأن عثمان بن حنيف لم يذكر دعاء النبي في هذا الموطن؟!! وهذا مستغربٌ من الغماري حيث أن عثمان ذكر الدعاء الذي علمه النبيُّ للضرير، وهو: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيِّك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي، فيقضي لي حاجتي).

قوله (16) أن النبيَّ أراد بحديث الضرير تشريعاً جديداً من الصلاة والدعاء؟!! وهذا ينقضه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أراد الدعاء ولذلك قال: (إن شئت صبرتَ، وإن شئت دعوت الله لك)، ولذلك لجأ الغماري إلى القول بأن النبيِّ أرشد الضرير إلى الدعاء مجازاً، ليتفق قول الغماري… ثم أخذ بالقاعدة العامة عند المبتدعة وعي: أن الدعاء للضرير لا يمنعمن تعميم الحديث في غيره.

ومن الغريب العجيب أن ينقل الغماري (17) حديث استسقاء عمر بدعاء العباس، ثُم يُعقب علبه بقوله: وقد أكثر ابن تيمية من الاستدلال بأثر عمر هذا في مؤلفاته وكرره وأعاده المرة بعد المرة، وهو لا يُفيد بشيء!! لأن ما فعله عمر هو المطلوب في الاستسقاء.. ثم أجاب عن عدول عمر إلى التوسل بالعباس بأجوبة متهاوية وساقطة جداً، وذكرها من وجوهٍ ضعيفةٍ جداً، لا يكاد يقول بها عاقل، ومن له أدنى مسكة من علم. 

وليس مستغرباً أن يتتابع هؤلاء المبتدعة على نقل النصوص ذاتها في الاستدلال على مسألة قُضي فيها الأمر، واستتب للناس وجه الحق، سواءٌ من حديث الكوى، أو حديث الأعمى، ولذلك تجد أنه يمارس ويتحكم في واصطلاحاتهم، تجده يُغير على السلفيين مباشرةً، وينعى عليهم تضعيفهم لحديث الضرير؛ إذ لم يجدوا بزعمه مغمزاً فيه إلا قول الترمذي في أبي جعفر وهو غير الخطمي، فتشبثوا به وجمدوا عليه، ليصلوا إلى تضعيفه ورده، غير مُبالين بقول ابن أبي خيثمة والطبراني والحاكم والبيهقي. قلتُ (محمد): والحمد لله أن لمن ضعَّف هذا الحديث سلفاً في هذا الأمر، ولكن مقصود الغماري التشغيب والمناقرة. 

كما أن الغماري خلط هذه القضية بغيرها استطراداً، من مسائل المتواتر والآحاد، والمعجزات، والأحاديث التي ترك العلماء العمل بها، وتعدد الجمعة في القطر الواحد، 

ومن حسنات هذا الكتاب أن الغماري أقر بأن القصة المنقولة عن أحمد الرفاعي والتي فيها أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كلمة ومدَّ إليه يده ليُقبلها، والتي نُسبت أيضاً إلى أبي شباك الرفاعي: هي محض خرافة، لذلك قال (ص 15 -16): "وسواءٌ وقعت لهذا أو لذاك؛ فهي مقطوعٌ بكذبها؛ لأن الحاديث العظيم تتوافر الدواعي على نقله تواتراً، وقد ذكر ناقل هذه القصة أنه شاهدها جمعٌ كبيرٌ حرزوا بخمسين ألفاً، وأن ممن شهدها العارف الكبير الشيخ عبد القادر الجيلاني، وهنأ الشيخ الرفاعي بهذه المنقبة العظيمة!! وهذا مما يؤيد القطع بكذب هذه القصة؛ إذ كيف يحضرها خمسون ألفاً أو أكثر أو أقل، ثم لا يرويها منهم إلا واحدٌ أو اثنان من أغمار الناس ومجاهيلهم؟! وكيف لا يُشير إليها الشيخ عبد القادر الجيلاني في شيءٍ من دروسه، ولا مؤلفاته يطريقٍ يُعتمد عليه؟! ولم يذكرها الشعراني في الطبقات، (16) مع أنه يذكر ما هو أقل شأناً منها بكثير، وقد رأيتُ رسالةً مطبوعةً في هذه الحكاية منسوبةً للافظ السيوطي ولا تصحُّ نسبتها إليه، وما أكثر ما نُسب للحافظ السيوطي من الكتب التي لم يؤلفها، ككتاب (الكنز المدفون والفلك المشحون) المنسوب إليه، وهو للشيخ يونس السيوطي المالكي تلميذ الحافظ الذهبي، وككتاب (الرحمة في الطب والحكمة) نُسب إليه في سائر النسخ المطبوعة، وهو للحكيم المقري مهدي الصبري، وغير ذلك كثير.

وخلاصة القول: أنه ليس الخلاف في كون الحديث صحيحاً أم لا كما يوهم كلام الغماري، وإنما الخلاف في الفهم الواعي والمنضبط لهذا الحديث وفق أصول الشرع ومبادئه الكلية، ومن العجيب أن يُورد الغماري كلام ابن تيمية ويعتمده وهو عمدة السلفيين في هذا العصر.

  • جملة ما في الكتاب:

1-في ذكر الحديث وطرقه.

2-بيان اتفاق الحفاظ على تصحيحه.

3-ذكر ما ورد على هذا الحديث من الاعتراضات والجواب عنها.

4- دلالة الحديث على جواز التوسل بالنبيّ صلى الله عليه وسلم.

5- خاتمة تشتمل على مسائل:

أ-خطأ ابن تيمية في النقل عن عز الدين بن عبد السلام: وزعم الغماري أن ابن تيمية حمل كلام ابن عبد السلام على التوسل وإنما كلامه على التوسل بالمخلوق، وقد أجاب ابن تيمية على ذلك، وانظر بحث (دعوى تجويز الأئمة الأربعة للتوسل البدعي).

ب- خطأ ابن تيمية في فتوى خاصة بالتوسل وتناقضه: حيث زعم الغماري تناقض ابن تيمية في نفيه التوسل بحديث الضرير عن السلف، ثم هو يُثبته في بعض ما رُوي عنهم.

ج- في ترجمة الصحابي "صاحب الحديث" عثمان بن حُنف.

د- إدخال الأنبياء والأولياء في هذا الباب: ولاشك أن هذا تجوُّزٌ وتوسيعٌ لدائرة الخلاف.

هـ- بيان الفواطم الأربع: فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت النبيّ، وفاطمة بنت حمزة، وفاطمة بنت شيبة العبشمية امرأة عقيل.

و-التوسل بالصحابة والأبدال: قلتُ: وهذا توسُّعٌ في هذه المسألة.

ز- دعوات يُدعى بها لقضاء الحاجات.الإجابــة

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن صلاة الحاجة مستحبة. 

واستدلوا بما أخرجه الترمذي عن عبد الله بن أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: (لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا هماَ إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).

رواه ابن ماجه، وزاد بعد قوله: يا أرحم الراحمين: ثم يسأل من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر. 

فإذا تبين هذا، فمذهب الجمهور هو أن صلاة الحاجة ركعتان على ما في حديث عبد الله بن أبي أوفى، وليس لهما قراءة مخصوصة، وعليه فتشرع صلاة هاتين الركعتين، ويقرأ فيهما المصلي بما شاء ثم يدعو بعدهما بما شاء من خير الدنيا والآخرة.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم مشروعية صلاة الحاجة بناء على ضعف الأحاديث الواردة فيها، جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة": المشروع في حق المسلم أن يتعبد الله بما شرعه في كتابه، وبما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يقال إن هذه عبادة مشروعة إلا بدليل صحيح، وما يسمى بصلاة الحاجة قد ورد في أحاديث ضعيفة ومنكرة، فيما نعلم ـ لا تقوم بها حجة ولا تصلح لبناء العمل عليها.

 وذكر أيضاً صفات أخرى لها من حديث أنس بن مالك (رواه الطبراني، والأصبهاني في الترغيب، والديلمي في مسند الفردوس، وعبد الرزاق الطبيسي في كتاب الصلاة: وهو خبر واهٍ بمرة، وابن الجوزي في الموضوعات: وهو منكر)، وابن مسعود (رواه الحاكم والبيهقي =وهو ضعيف).وابن عمر موقوفاً (رواه أبو موسى المديني، وأبو عمر بن عبد البر)، وابن عباس (رواه الطبيسي، وقال السخاوي: سنده تالف)، وحديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده (رواه الديلمي في الفردوس، وقال السخاوي: إسناده ضعيفٌ جداً)، وذكر معه جملةً من الأدعية المقطوعة عن الحسن البصري (رواه الدينوري في المجالسة)، وغير ذلك، وأكثر هذا في الأحاديث الموضوعة والمنكرة، ولا يثبت منها شيء.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق