أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

تعليقة على (مقال الرد على أوقفوا المد) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تعليقة على (مقال الرد على أوقفوا المد)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: هذا البيان المُضلّل،المُغلّف بالأوهام، ذو الصبغة السياسية المعروفة، أُريد له أن يلبس عباءة الدين، ويطوف بين الغارقين لا ليمدهم بأسباب النجاة، أو يدلهم على طريق الخلاص، ولكن ليمجد هذه المحرقة، ويُجلَّ صانعيها، بعد أن يمنحهم وسام العظمة والفضيلة، ودرع الحصانة والعصمة.

يبدأ هذا الرد بخطاب شعبوي حماسي، يسعى لصرف الأنظار عن جوهر الكارثة، محاولًا التلاعب بالتوقيت بدلًا من مساءلة الأسلوب والمنهج، في محاولة للفت الأنظار تجاه القضايا الهامشية، وإشغال بال طلبة العلم والعوام بها، ثم صورة مدمجة لجمعٍ من المبتسمين من موريتانيا وليبيا ومصر والمغرب، الالذين هلَّلوا لهذا الرد، المسخَّر لخدمة الفقه الانتقائي المُفصَّل وفق أهواء الساسة، والذي يخدم سياسات المحور، ويتماشى مع أغراض الساسة وأهدافهم. أما تشخيص الواقع فيمكنهم التعرف إليه من خلال القنوات التلفزيونية.

يقوم هذا الرد على خلط المفاهيم، وإثارة الفوضى في فتوى الشيخ، ثم كلمات خاطفة حول اتباع الحق، وتوزيع الأدوار بين الفساطيط، بعد تثبيت رؤيتهم العليا فيما يدور بسطوة الحزب وقهره. تحت مسمى "جماهير العلماء" الذين لا يعرفون دورهم في هذه الكارثة، ولا في أي اتجاه يسيرون.

يزعم هذا الرد الخوف من تأثر المجا.هدين في الميدان بذلك (المقال) الشرعي، وكان الأحرى بهم ألا يترددوا في قبول الحق الذي دعا إليه الشيخ، والموجب لوقف هذه المقتلة والمجزرة العامة، لكنه الكبر والعناد واعجب والاعتداد بالذات، والفتاوى جاهزة، فقد تنتظر من يوقعها من هذا اللفيف الخائب.

ولم يخلُ هذا الرد من المغالطات العلمية، التي لا تصلح أن تصدر ممن يهجي المتون الفقهية، فضلاً عن علماء المنشوتات والردود، والتي ستصبح فيما بعد الحجة البالغة لمن لا يزال يستمد فتواه من نشرات الأخبار وتحليلاتها.

أيها المواطن المسكين .. كيف يريدون منك أن تقرأ واقعك ؟

بناءً على هذا الرد الهزيل.. عليك -أخي المواطن -أن تستحضر حروف الترجي، والتمني: (لعلَّ)، (وربما)، (وليت)، وتتذكر المعجزات والخوارق التي رآها الطوفانيون في أحلامهم ولم يستيقظوا منها لهذه اللحظةا، وإذا انتبهت إلى شيءٍ فلا تلتفت للأسباب؛ لأن الأسباب معطلة، ولا قيمة لها في ديوان أهل السطوة، وفي النهاية لن يحدث في القطاع إلا ما أراده الساسة وقدروه.

ويجب عليك أن تحذر من أساليب التعجيز والتوبيخ والتأنيب؛ لأن ذلك يضرُّ بثوابك عند الله على حدّ زعمهم، كما يضرُّ بمعنويات القوم وسياساتهم.

 ثم عليك أن تغض البصر عن صور المآسي والمذابح أو أسبابها، لأنها تضحيات (قليلة)، لا تكاد تذكر أمام الإنجازات (العظيمة) التي حققتها هذه المعركة المجيدة؟!!، التي جاءت على حساب الدماء والأموال والأعراض، وانتهكت آدمية الإنسان، حيث قُتل أكثر من مائة وخمسين ألفاً، وحتى لو جرح منهم أكثر من مائتي ألف، أو أصيب بالعاهات الدائمة من لا يُحصى، فضلاً عن أراضي القطاع التي أُعيد احتلالها، وتدمير 80% من البيوت والتي عادت كومةً من الركام وإياك أن تذكر من الغلاء، والمجاعة التي تنهش فلذات أكبادنا، حتى أصبحنا ننتظر إدخال الطعام بتنسيق من ذلك العدو.

وأيضاً يجب عليك أن تؤجل النقد أو تتركه بالكلية-وهو الأفضل من المنظور الحركي الخالص -كي يتسنى إتمام المهام العالية من القضاء على بقية الغزيين، واستباحة ما بقي البلاد تحت غطاء "المقاومة" و"الجهاد"، و"التضحيات"، وهم في ذلك يخوضون معركة الضمير، الذي لن يستيقظ ولو أبيد الغزيين عن بكرتهم.

هذه المفاهيم الشرعية العظيمة التي غابت عن الشيخ، وجاء هؤلاء ليقرروها ويردوا عليها. ترد على نفسها من نفسها، ويكفي في ذلك قراءتها، ومن الجميل في الرد أنه أقرَّ بالأخطاء التي قررها الشيخ، والتي بقي أن تتعلموها وتفهموا ما فيها.

من الغريب أن المنشوت يُقرُّ السياسيين في عدم ذهابهم إلى مصالحة مع إخوتهم في "فتح"؛ لأن هذا في نظرهم (وهم وسراب) حسب تعبير المنشوت، ولأن (الاحتلال لا يرضى عن عباس وحكومته) فما الفائدة من هذا الأمر؟! فعلاً ما الفائدة أيها الحزبيون المتعطشون للدماء.

لم أجد في هذا الرد شيئاً علمياً يمكن الرد عليه أو التعليق عليه، لذا دعوني أكتب مقالي بشكل خطابي وعظي، ربما يكون ذلك أفضل في تقرير ما أريد.

1-في الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)، أي إذا لم تخش من العار، عملت ما شئت، لأنه لم يردعك عن مواقعة المحرمات رادع، وسيكافئك الله على فعلك، ويجازيك على عدم مبالاتك بما حرمه الله عليك.

2-وقد جعل سبحانه أهل العلم في بلدنا هذا حُجّةً على أصحاب هذا المنشوت الصادر عن تلك الوجوه الناعمة والمستريحة، والتي أطلت علينا من بلدان عربية بعيدة، لم يفهموا خطاب الشيخ ولن يفهموه طالما أنهم ينظرون بعدسة الحزب، ويُنقّرون على ما توهموه خطئاً -وهو عين الصواب والحقيقة، وصدق الشاعر إذ يقول:

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيمِ

3- ولا أدري من هم جمهور العلماء الذين أشار إليهم ذلك المنشوت، وقد قتل الاحتلال أكثرهم في هذه الحرب، وما بقي منهم إلا القليل، وهم مع شعبهم فيما أعلم في رفض هذا الطوفان وهذه الإبادة، لا كما ذكر في المنشوت، بل الذي أحسبه أن جمهور علماء الأمة معنا لا علينا، وهم يريدون وقف هذا العبث والرقص على الدماء.

4-لا أريد أن أتورط في تصنيف هؤلاء العلماء من أيّ البطانيتين، ولكن أقرأ عليهم لحديث الآخر عند البخاري -رحمه الله : (ما استخلف خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم -أي المحفوظ من شرّ البطانة الثانية -من عصم الله)، والبطانة الثانية لا تألوا ذلك الراعي والمسؤول خبالاً، حتى تُفسد أمر المسلمين، وتُزين ذلك في قلبه وعينيه، وما كان لذلك أن يحصل لولا أنه تكلم في الناس غير الموثوق في دينه وأمانته، وراح يُشرّق ويُغرّب برغبته وهواه.

وكما ترى أن هذا البيان الصادر عن هذه الجمعية! تبرر ما نعيشه من إبادة وقتل وتشريد بلسان تبرأ منه كل أدلة الدين والإيمان والعقيدة، تحت مُسمى "جهاد الدفع" مع تجاهل "جهاد الاختيار" الذي تحدث عنه القرضاوي في مؤلفه العظيم "الجهاد"، وهو الذي يناسب حالتنا الغزية دون مواربة أو التواء أو تحيُّز لطائفة أو جماعة، وهي التوصيف الصحيح لحالة الجهاد في القطاع








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق