أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

من المسؤول عن تخلف المسلمين محمد سعيد رمضان البوطي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

من المسؤول عن تخلف المسلمين

محمد سعيد رمضان البوطي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

      

       تمهيد: تتناول هذا الرسالة واقعاً يتمثل بشكل عام في الرقعة الواسعة التي يمتد عليها وجود الأمة العربية التي هي جزء هام من الأمة الإسلامية، ها الواقع الغريب والصعب والذي يصدق عليه تعبير "تخلف المسلمين" الذي تتسع دائرته لتشمل كل بلدان ومجتمعات العالم العربي، ولا بد قبل التعريف بهذا الكتاب من التعرف على معنى كلمة "التخلف" ومقصد الكاتب منها، حتى نستوعب هذا المصطلح الغريب والجديد والصعب أيضاً.

ويرى البوطي أن التخلف، هي كلمة، تشمل كل مظاهر الضعف أو الجهل أو الفقر في حياة الأمة. فهي إذاً تنحط على تفرق المسلمين وتدابرهم، وعلى استلاب اليهود وغيرهم لأراضيهم، وعلى جمود الحركة العلمية في حياتهم، وعلى قعودهم عن تسخير ما في الأرض لمعاشهم.

ويُحقق البوطي في صدق هذا التعبير (أو هذه التهمة) عن الواقع العربي، والتي تبين له أنها شيءٌ واقعي، لكن لا صلة لها بالإسلام كدين ومنطق ومنظومة تربوية وتعليمية متكاملة، وإنما شأنها في الأنظمة الوضعية التي ارتضت أن تكون خادمة للمستعمر، ومجهضة لكل سبل النمو والتقدم العلمي والتكنولوجي، كما أن العلم الغيبي اليقيني قد تفرَّد المسلمون بصحته وسلامة ما فيه، دون غيرهم من العلماء والمفكرين من الشرق والغرب، لأن ما توفر لديهم فيه لم يتح لأحدٍ من الأمم، ولم تفز به حضارة من الحضارات غيرهم.

ويخلص البوطي إلى أن الإسلام لا يتحمل شيئاً من مسؤوليات التخلف الذي حاق اليوم بالمسلمين، لا فيما ينطوي عليه من ضرورة الإيمان بغيبيات أخبر عنها القرآن، ولا فيما يتضمنه من مبادئ وأحكام.

ثم ينتقل البوطي إلى مبحث جديد يناقش فيه مسؤولية هذا التخلف يقع على عاتق مَن؟ وقد أجمل هذه الأسباب في جملة من العوامل تحدد بمجموعها مسؤوليات هذا التخلف.

يقول البوطي إن مجموع العوامل التي تتشارك في التسبب لتخلفنا، لا تخرج (في اعتقادي) عن العوامل التالية:

أولاً ـ فقدان الاستقرار النفسي والفكري:

وهذا السبب، ينشأ بدوره عن عوامل مختلفة، يطول ذكرها وتفصيل الحديث عنها؛ من شأنها ان تثير ألواناً من الاضطراب في النفوس والأفكار، وهو ما يجد المستعمر في استمراره من خلال الحروب الداخلية، والثورات الطارئة، وتنغيص أمور المعاش، وضرب الحصار الاقتصادي، وإشغال المسلمين في قضايا تافهة.

ثانياً ـ فقد التخطيط المستوعب:

ومراده بالتخطيط المستوعب، ذاك الذي يتألف منه منهاج كامل، من شأنه أن يجند النشاطات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية، بحيث يتضافر منها كلها قائد واحد، يقود قافلة المجتمع كله في طريق موحد نحو التطور، من خلال دعم البحث العلمي، وإتاحة المجال للصناعات المحلية، والاختراعات الخادمة، بدلاً من الاتكال تماماً على منتجات الغرب ومخترعاته.

ثالثاً ـ فقدان الثقة بين قطاعات الأمة:

وأقصد بقطاعات الأمة ما يشمل الحكام والمحكومين على السواء. وهذا بلا شك له تأثير كبير في عرقلة السبيل إلى التطور والرقي، يجب أن أذِّكرك بأن الدخول في أي مشروع إنتاجي، مهما كان نوعه واتساعه، إنما يعتمد قبل كل شيء على رصيد من التفاعل والتعاون بين الأطراف والفئات كلها. فلا يمكن له أن يأتي بأي نتيجة إيجابية ذات قيمة، إذا ما كانت دعامته مكونة من جهود طرف واحد.

ربعاً ـ عدم ضفر المعارف وأصول الثقافات كلها لمحاربة التخلف:

يظن كثير ممن يثورون على التخلف وأسبابه، وينشدون التقدم ويبحثون عن سبيله، أن مفتاح التقدم العلمي والرقي الاقتصادي، كامن في الوسائل العلمية والتنظيمات والتخطيطات المباشرة فقط. ولا يتصورون أن للمعارف والاخلاق الإنسانية واصول الثقافة أي دور في الموضوع.

خامساً ـ التجزؤ بمختلف مستوياته:

واقصد بذلك التجزؤ الذي قد يبدأ في الاسرة الواحدة ثم يتعداها الى الحي الصغير، فالبلدة، فالإقليم، فالأمة، العربية بمجموعها، وأصغر هذه الدوائر سبب للذي بعده، وهكذا، ولا شك أن هذا التجزؤ له آثاره السلبية على استقرار المجتمع والأمة وانتظام أمورها، وبالتالي لا يمكن التقدم والتطور في ظل هذه الأجواء التي تكثر فيها الخلافات والمشاحنات.

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق