الأربعون القلبية
د. نادر وادي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: القلب وعاء الإيمان، ومجمع الخير والإحسان، فهو الذي يُصدق ما جاءت به الرسل، واللسان يُصدق ما في القلب، والعمل يصدق القول والقلب، ولذلك قيل: المؤمن من صدق قوله عمله. كما أن القلب أكير في مملكته يتصرف في الأعضاء بما يشاء، وكل ما دونه من الأعضاء جنود وأتباع مطيعة ومنقادة، فإن صلح القلب صلح سائر الجسد، وإن فسد القلب فسد سائر الجسد.
كما أن القلب يتأثر بكسب الجوارح والأعضاء، لأن الجميع يصبُّ فيه ويتوجه إليه، ولذا شبَّه بعض المعاصرين القلب بلوحة الكترونية حساسة، تتأثر بما حولها، وتنفعل للتيار المار فيها؛ فهو ملك مُطاع لكن قد ينقلب إلى ملك تابع، لذا ينبغي الحفاظ عليه، والاعتناء بشأنه،
وهذا الجزء الحديثي النافع، جمع فيه مؤلفه اثنين وأربعين حديثاً في القلب وأحواله، اقتبس أصولها من كُتب الصحاح والسُّنن، فانتقى ما يتصل به اتصالاً مباشراً، وهي أحاديث صحاح إلا حديثين كما أشار المؤلف -وفقه الله -وقد زيَّنها بحُسن تعليقه عليها، من شرح غريبها وبيان شاهدها، ثم استخراج لطائفها وأهم ما يستفاد منها.
ورتب المؤلف أحاديث الكتاب في ثلاثة أقسام، بعد تقديمه لها بحديث (إن في الجسد مُضغة) والذي يُنبّه على أهمية هذا الجزء الخطير في الإنسان، وكونه في مرتبة الملك بالنسبة لغيره، وبعد ذلك، يأتي:
القسم الأول: ما يتعلق بالقلب من العقائد وأصول الدين، وفيه:
ثواب القلب الموقن بالله وبرسوله، وأنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، وأن القلب هو محط نظر الرب وثوابه، والنهي عن التنقيب في قلوب الناس، وإيمان القلب وما يتبعه من إيمان اللسان، وأن القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل.
القسم الثاني: ما يتعلق بالقلب من العبادات، وفيه:
أن الله تعالى لا يستجيب من قلبٍ غافلٍ لاهٍ، والدُعاء بصلاح القلب، وأن تعلق القلب بالمساجد سبب لإظلال صاحبه في القيامة، وطلب يقين القلب وطمأنينته، وإذا وقع القرآن في القلب نفع، وائتلاف القلوب على القرآن، ومؤاخذة القلب في بعض أعماله، ورفع الإثم عن حُزن القلب، واستفتاء القلب في بعض الأعمال، وإنكار القلب للمنكرات، وتفهم مقالة النبيّ صلى الله عليه وسلم بالقلب، وطلب سلامة القلب واجتناب المشتبهات، ومن سأل الشهادة من قلبه صادقاً.
القسم الثالث: ما يتعلق بالقلب من الأخلاق والتربية والسلوك، وفيه:
أن القلب الرحيم في الجنة، وأن اللقب القاسي بعيد عن الله، وخير مال المرء قلبٌ شاكر، وأن الكرم هو قلب المؤمن، والنهي عن اختلاف القلوب، وضرب القلوب بعضها ببعض إذا رضيت بالمنكر، وعلاج غين القلب بالاستغفار، وخطر الطَّبع على القلب، وخطر المعاصي في انتكاس القلب، وأن كثرة الضحك تميته، وأن الغنى في القلب والفقر فيه أيضاً، وشباب القلب على خصلتين، وأن في آخر الزمان إنسٌ بقلوب الشياطين، وكبح ميل القلب، وحيلولة الشيطان بين القلب والحق، وأن الإيمان والحسد لا يجتمعان في قلب مؤمن، وأن الدُّنيا تُزيغ القلب، والأعمال التي تُلين القلب، وماذا يفعل من وقعت امرأةٌ في قلبه، واجتماع الرجاء والخشية في قلب العبد.
ثم ختم بحديث (القلب السليم) أي: الصالح الذي ينفع صاحبه في الآخرة -رجاء أن يُحقق الله له ذلك عند لقائه، تفاؤلاً بحسن الخاتمين: خاتمة الكتاب وخاتمة الحياة.
وبعد تمام الكتاب ذكر إسناده إلى صحيحي الإمامين البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، لأن جُلَّ الأحاديث منهما، وأبان أن روايته لصحيح البخاري من طريق عبيد الله بن صالح العبيد، ولمسلم من طريق ظهير الدين المباركفوري، كما أشار إلى ثُلةٍ من شيوخه في الكتب الستّة الباقية، وذلك بعد أن ذكر طرفٍ من فضل علوم الإسناد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق