المضاربة (القراض) في الفقه الشافعي
أ. د. مصطفى سعيد الخن
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
(۱) ما تعريف المضاربة شرعاً؟
هي عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقداً إلى الآخر ليتجر فيه، على أن يكون الربح بينهما مشتركاً حسب ما يتفقان عليه.
(۲) ما دليل مشروعية المضاربة؟
الإجماع؛ حيث اتفقت كلمة علماء المسلمين على جوازها في كل العصور. وقياساً على المساقاة.
(۳) ما الحكمة من مشروعية المضاربة؟
إن بعض من يملك المال قد لا يحسن التصرف فيه، ومن يحسن التصرف قد لا يملك المال، فجوزت المضاربة من أجل هذا، ولأنها تعاون بين المال والعمل، وفي هذا التعاون تحقيق للمصالح، وتلبية للحاجات.
(٤) ما أركان المضاربة؟
خمسة أركان، هي: المال، العمل، الربح، الصيغة، العاقدان.
(٥) ما يشترط في المال الذي يدفع للمضاربة؟
أ ـ أن يكون نقداً.
ب ـ أن يكون معلوماً.
ج ـ أن يكون معيناً.
د ـ أن يكون مُسَلَّماً للعامل؛ بحيث يستقل باليد عليه، والتصرف فيه .
هـ ـ أن يستقل العامل بالتصرف في المال، فلا يجوز شرط عمل المالك معه.
(٦) ما يشترط في العمل في المضاربة؟
أ ـ أن يكون عمل العامل هو التجارة، وهي طلب الربح بالبيع والشراء، وتوابعهما.
ب ـ أن تكون المضاربة مطلقة، فلا يقيد رب المال العامل بالاتجار في بلد معين، أو في سلعة معينة، أو أن يتجر في وقت دون وقت، أو ألا يتعامل مع شخص بعينه.
(۷) قارض المالك العامل ليشتري حنطة فيطحنها، ويعجنها، ويخبزها، ويبيع ذلك، ما الحكم؟
فسدت المضاربة؛ لأن القراض شرع رخصة للحاجة، وهذه الأعمال يمكن الاستئجار عليها، فلم تشملها الرخصة، والعامل فيها ليس متجراً، بل محترفا.
(۸) ما يشترط في الربح في المضاربة؟
أ ـ أن يكون الربح بين العامل وصاحب رأس المال معلوماً، كالنصف أو الربع.
ب ـ أن يختص العامل والمالك بالربح، وأن يشتركا فيه، فلا يجوز شرط شيء منه لثالث.
(۹) كيف تكون الصيغة في عقد المضاربة؟
أن يقول صاحب رأس المال للعامل: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك، أو بع واشتر على أن الربح بيننا نصفان.
ويقول العامل: قبلتُ ذلك.
(۱۰) قال صاحب المال للعامل: قارضتك على أن لك جزءاً من الربح، أو شيئاً منه، ما الحكم؟
فسدت المضاربة في جميع ذلك؛ للجهل بقدر نصيب العامل من الربح.
(۱۱) قال صاحب المال للعامل: قارضتك على أن تدفع لي ربحاً عشرة آلاف ليرة في كل شهر، ما الحكم؟
فسدت المضاربة؛ لأن قد لا يحصل ربح، أو قد يكون الربح أقل، فيفوت على العامل نصيبه من الربح.
(۱۲) ما يشترط في الإيجاب والقبول في عقد المضاربة؟
أ ـ أن يكون القبول متصلا بالإيجاب، حتى لا يدل على الإعراض عن العقد إن كان منفصلاً عنه.
ب ـ أن يكون القبول متفقاً مع الإيجاب.
(۱۳) ما يشترط في العاقدين في المضاربة؟
يشترط فيهما أهلية التوكيل والتوكل؛ لأن المضاربة توكيل وتوكل بعوض، فلا يكون واحد منهما سفيهاً، ولا صبياً، ولا مجنوناً.
(١٤) ما الحكم لو ضارب العامل في المضاربة عاملاً آخر بإذن المالك، أو بغير إذنه؛ ليشارك العامل الآخر في العمل والربح؟
لم يجز؛ لأن المضاربة على خلاف القياس، وإنما شرعت للضرورة.
(١٥) قارض المالك الواحد اثنين من العمال، ما الحكم؟
تجوز المضاربة إذا سمى صاحب المال لكل واحد ربحاً معيناً، سواء أكان متفاضلاً أم مساوياً؛ لأن عقد المالك الواحد مع اثنين بمثابة عقدين.
(١٦) ما يشترط في مقارضة المالك الواحد اثنين من العمال؟
يشترط أن يكون كل من العاملين مستقلاً في التصرف برأس المال المدفوع إليه؛ إذ شرط المضاربة أن يكون العامل مطلق التصرف في المال.
(۱۷) قارض مالكان للمال عاملاً واحداً، ما الحكم؟
يجوز؛ لأن ذلك كعقد واحد.
(۱۸) كيف يكون الربح بين المالكين للمال إذا ضاربا عاملاً واحداً؟
يكون الربح بعد نصيب العامل بين المالكين بحسب مال كل منهما.
(۱۹) فسد عقد المضاربة لسبب ما، كفقدان شرط فيه، وتصرف العامل بالبيع والشراء، ما الحكم؟
ينفذ تصرف العامل للإذن فيها، ويكون الربح كله للمالك، وعليه الخسران أيضاً، ويجب على المالك للعامل أجرة مثل عمله.
(۲۰) ما حدود تصرف العامل في عقد المضاربة؟
يجب على العامل أن يتصرف محتاطاً بما فيه مصلحة المال، ويحظر عليه ما يلي:
أ ـ أن يتصرف بغبن فاحش في بيع أو شراء، ولا نسيئة بغير إذن المالك.
ب ـ ألا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال وربحه.
ج ـ ألا يسافر بالمال بغير إذن المالك، ولو كان السفر قريباً، والطريق أمناً.
د ـ ألا يتصدق من مال القراض، ولا ينفق منه على نفسه حضراً ولا سفراً.
(۲۱) كيف يملك العامل حصته من الربح؟
لا يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره، بل لا بد من
القسمة؛ التي لا تكون إلا بحضرة المالك.
(۲۲) من الذي له حق في فسخ عقد المضاربة؟
عقد المضاربة من العقود الجائزة، فلكل من العامل والمالك فسخه متى شاء، ولا يشترط حضور الآخر، أو رضاه.
(۲۳) كيف يحصل فسخ عقد المضاربة؟
يحصل بقول أحدهما: فسخت عقد المضاربة، أو أبطلته.
(٢٤) ما الحالات التي ينفسخ عقد المضاربة فيها تلقائياً؟
أ ـ موت أحد العاقدين .
ب ـ جنون أحد العاقدين، أو إغماؤه .
(٢٥) اختلف المالك والعامل في حصول الربح أو مقداره، ما الحكم؟
القول في ذلك قول العامل، ويصدق بيمينه عملاً بالأصل فيهما.
(٢٦) اختلف العامل والمالك، فقال العامل: اشتريت هذا للقراض، وقال المالك: بل اشتريته لك. أو العكس، ما الحكم؟
القول قول العامل، ويصدق بيمينه ؛ لأنه أعرف بقصده.
(۲۷) ما تعتبر يد العامل على المال في المضاربة؟
تُعتبر يده عليه يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي.
(۲۸) حدثت خسارة في التجارة من غير تقصير من العامل، ما الحكم؟
لا يدفع العامل من الخسارة شيئاً، بل تكون الخسارة على صاحب المال، ويكتفي العامل أنه قد خسر جهده وعمله.
(۲۹) ادعى العامل تلف المال، أو ضياعه بغير قصد منه أو تقصير، ما الحكم؟
يصدق بيمينه؛ لأنه أمين، والأصل فيه عدم الخيانة.
(۳۰) ادعى العامل أنه رد مال القراض، وأنكر المالك، ما الحكم؟
القول قول العامل بيمينه؛ لأنه أمين، ولأن كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه يصدق بيمينه إلا المرتهن والمستأجر.
(۳۱) اختلف العـامـل والـمـالـك في المشروط مـن الـربـح للعـامـل، ما الحكم؟
تحالفا، فيحلف كل على ما يدعيه، وعندئذ يفسخان المضاربة، ويكون للعامل أجرة المثل بالغة ما بلغت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق