أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 ديسمبر 2022

كشف الرمس عن حديث رد الشمس تأليف محمد باقر المحمودي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

كشف الرمس عن حديث رد الشمس

تأليف محمد باقر المحمودي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد/ يتناول هذا الكتاب منقبة من المناقب التي تنسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي منقبة رد الشمس عليه، حينما أوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجر عليٍّ رضي الله عنه؛ فغابت الشمس وهو على هذه الحالة ولم يُصلّ العصر، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يرد الله الشمس حتى يُصلي عليٌّ العصر، فصلاها في الوقت.

وبالمناسبة؛ فإن محمد باقر المحمودي من الطائفة الشيعية قد أفرد هذا الحديث بالتصنيف جمعٌ من أعلام الأمة، منهم أبو بكر محمد بن عمر الوراق له كتاب (من روى ردّ الشمس)، وأبو الفتح محمد بن الحسين الموصلي (ت 377 هـ) له كتاب مفرد فيه، وأبو عبد الله الحسين بن علي البصري (ت 399 هـ) له كتاب (جواز رد الشمس)، وعبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني (ت 483 هـ)، وأبو الحسن شاذان الفضلي (ت 568 هـ)، له رسالة (في طرق الحديث) ذكر منها السيوطي طرفاً في (اللآلئ المصنوعة: ٢/ ١٧٥).

وقد ضمن المحمودي كتابه رسالتين محررتان في هذا الحديث:

 أولاهما (كشف اللبس عن حديث رد الشمس) تأليف الجلال السيوطي (ت 911 هـ)، ذكر فيها (١٧) سبعة عشر طريقاً لهذا الحديث.

وثانيتهما: رسالة (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) تأليف شمس الدين محمد بن يوسف الصالحي (ت 942 هـ) وهو تلميذ السيوطي.

       ثم ذكر المحمودي بابين (الرابع والخامس) استلهما من كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) لمحمد بن يوسف الصالحي، ثم ذكر روايات وأقوال علماء الشيعة وأهل البيت في هذه الحادثة، وكذلك ما أنشده المسلمون والشيعة والأدباء فيها.

       ويذكر المحمودي أن رواة حديث (رد الشمس) تسعة من الصحابة، وهم: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وولده الحسن بن علي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، والتاسع هو حديث الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس، وبعضها مذكور في رسالة (أبو الحسن شاذان الفضلي)، و(رسالة الحافظ الحسكاني).

ونصُّ الحديث: كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر عليّ، وكان يوحى إليه، فلما سُرّي عنه، قال: يا عليّ صليتَ العصر؟ قال: لا. قال: اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فردّ عليه الشمس، قال: فردها عليه فصلى وغابت الشمس.

وهذا الحديث أخرجه أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي (ت 310 هـ) في كتابه (الذرية الطاهرة)، عن الحسين به. وعن الدولابي: العصامي في (سمط النجوم)، وأخرجه الخطيب البغدادي (ت 436 هـ) في كتابه (تلخيص المتشابه)، وغيرهم.

وحديث أسماء بنت عميس أخرجه الطبراني (٢٤/١٤٤) (٣٨٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٠٦٨) واللفظ له، وابن الجوزي في «الموضوعات» (١/٣٥٥). وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "وروى الطحاوي والطبراني في "الكبير" والحاكم والبيهقي في "الدلائل" عن أسماء بنت عميس: فذكره، وقد أخطأ ابن الجوزي بايراده له في "الموضوعات" وكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه"

وقال ابن حازم في (مقصورته) التي شرحها أبو عبد الله السبتي:

والشمس ما رُدَّت لغير يوشعِ ** لما غزا ولعليٍّ إذ غفا

وقال البوصيري في (همزيته):

رُدّت الشمسُ والشروق عليه ** لعليٍّ حتى يتمَّ الأداءُ

ثم ولّت ولها صريرٌ وهذا ** لفراقٍ له الوصال دواءُ

وتكلم النُّقاد عن هذا الحديث واختلفوا في قبوله وردّه اختلافاً كبيراً:

فحكم الإمام أحمد (كما في المقاصد ص 226) وابن المديني (كما في شمائل ابن كثير ص 160) على هذا الحديث بأنّه لا أصل له.

وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري في كتابه" إثبات إمامة الصديق": الحديث ضعيف جداً لا أصل له" (الشمائل ص 148)

ولما روى هذا الحديث أحمد بن صالح، قال: ينبغي لمن سبيله العلم ألا يتخلف عن حفظ حديث أسماء بنت عميس الذي روته في ردّ الشمس؛ لأنه من علامات النبوة. وإنما قال ذلك بناءً على أنه رواه من طريق واحد فيه مجهول كما أنه لم يجمع طرق الحديث، ورواه الطحاوي في "مشكل الآثار" من طريقين عن أسماء بنت عميس، وصححه.

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية 4/ 194) على كلام أحمد بن صالح، بقوله: قلت: (أحمد بن صالح رواه من الطريق الأول، ولم يجمع طرقه وألفاظه التي تدل من وجوه كثيرة على أنّه كذب، وتلك الطريق راويها مجهول عنده ليس معلوم الكذب عنده؛ فلم يظهر له كذبه).

 (والطحاوي ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم ولهذا روى في "شرح معاني الآثار" الأحاديث المختلفة، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة ويكون أكثرها مجروحاً من جهة الإسناد لا يثبت، ولا يتعرض لذلك فإنّه لم تكن معرفته بالإسناد كمعرفة أهل العلم به وإنْ كان كثير الحديث فقيها عالماً). انتهى.

وقال الذهبي في (ترتيب الموضوعات) (١٠٦): إسناده ساقط ليس بصحيح.

وقال ابن كثير في (البداية والنهاية) (٦‏/٨٣): فيه من يجهل حاله عون بن محمد وأمه، وجاء من طريق الحسين بن الحسن الأشقر وهو شيعي جلد وضعفه غير واحد، وجاء من طريق فيه فضيل بن مرزوق لا يتهم بتعمد الكذب ولكنه قد يتساهل ولا سيما فيما يوافق مذهبه، وفيه إبراهيم بن الحسن ليس بذلك المشهور في حاله.

وقال شعيب الأرناؤوط في (تخريج مشكل الآثار ١٠٦٨): إسناده ضعيف.

وقال الألباني في (السلسلة الضعيفة ٩٧١): موضوع.

وقد حكم عليه غير واحد بأنّه موضوع وكذب، منهم:

١ - ابن الجوزي حيث ذكره في "الموضوعات" وجزم بوضعه.

٢ - قال محمد بن ناصر البغدادي الحافظ: هذا الحديث موضوع"

٣ - قال الذهبي: وصدق ابن ناصر" الشمائل لابن كثير ص 147

٤ - شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج "السنة" (4/ 185 - 195)

٥ - محمد ويعلى ابني عبيد الطنافسي. الشمائل ص 149

٦- أبو الحجاج المزي. حكاه ابن كثير (الشمائل ص 160)

٧ - ابن القيم، فإنّه جعله من أمثلة الموضوع في كتابه" المنار المنيف.

٨-الإمام القاري في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص 415)

٩-الإمام إسماعيل بن محمد العجلوني في كتابه (كشف الخفاء) (2/ 514).

ونجد أن بعض الأئمة حسّن هذا الحديث بالفعل، ومنهم:

١-الحافظ ابن حجر في (فتح الباري ٦/ ٢٢١).

٢-الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن حديث أسماء بنت عميس (٨‏/٣٠٠): روي بأسانيد ورجال (أحدها) رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن -وهو ثقة -وثقه ابن حبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها.

٣-القسطلاني في (المواهب اللدنية) (٢‏/٢٥٩): إسناده حسن.

٤- ابن العراقي في (طرح التثريب) (٧‏/٢٤٧): إسناده حسن.

٥-شهاب الدين الخفاجي في (نسيم الرياض شرح شفا عياض: ٣/ ١١).

ويُلخص لنا الإمام العجلوني هذا الاختلاف في كتابه (كشف الخفاء) (1/ 490)؛ فيقول: قال الإمام أحمد: لا أصل له، وتبعه ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، ولكن صححه الطحاوي وصاحب الشفا، وأخرجه ابن منده وابن شاهين عن أسماء بنت عميس، وابن مردويه عن أبي هريرة، وروى الطبراني في الكبير والأوسط بسند صحيح.

      وقد تناول كتاب (أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري هذا الحديث بالتفصيل).





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق