أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2022

أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة جمع يوسف بن محمد بن عمر قاضي شهبة (ت 789 هـ) تحقيق: الشيخ مشهور حسن سلمان بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة

جمع يوسف بن محمد بن عمر قاضي شهبة (ت 789 هـ)

تحقيق: الشيخ مشهور حسن سلمان

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ اهتم المسلمون بسيرة النبي ﷺ اهتماماً عظيماً، وذلك في مرحلة مبكرة جداً من تاريخ التدوين. ففي جيل التابعين بدأ التأليف في السيرة، حيث ألف فيها أبان بن الخليفة عثمان بن عفان (المتوفى خلال حكم الوليد بن عبد الملك سنة: ٨٦ - ٩٦ هـ)، وألف فيها عروة بن الزبير بن العوام (المتوفى سنة ٩٣ هـ)، ثم نهض بذلك الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (المتوفى سنة ١٢٤هـ)، وهو من طبقة صغار التابعين، فكانت مادته أساساً اعتمدته السير التي كتبها تلاميذه، الذين  اشتهر منهم محمد بن إسحاق وموسى بن عقبة الذي نسلط الضوء على مغازيه وأحاديثه المنتخبة منه.

  وهذا الجزء الحديثي النفيس تضمن عشرين حديثاً منتخبة من الأحاديث التي رواها الإمام موسى بن عقبة في أحداث السيرة النبوية المباركة، وقد انتخبها الإمام قاضي شهبة من أجزاء متفرقة من كتابه الكبير (المغازي) عد الجزء السادس، وجاءت موضوعات هذا الجزء وأحاديثه متنوعة ومتفرقة، وهي بالجملة تتناول عموم أحاديث السيرة ومجملها، وغالب ما فيها صحيح، ومرسل جيد لكنها تحتاج إلى زيادة بيان وتتمة، ويطلب ذلك من كتب السيرة الأخرى.

وقد أكثر الإمام موسى بن عقبة في هذا المنتخب الرواية عن شيخه الإمام محمد بن شهاب الزهري، فبلغت عدة أسانيده عن الزهري: أحد عشر من أصل تسعة عشر إسناداً، ويلي الزهري في هذا المنتخب: نافع فورد ذكره ثلاث مرات - وكان موسى - رحمه الله تعالى - حريصاً على روايات نافع.

وقد قام المحقق الأستاذ مشهور حسن سلمان بخدمة هذا الجزء خدمةً وافيةً مشكورة، فبين جُل هذه الموضوعات التي فرغناها هنا، فجزاه الله عنها خير الجزاء.

وفيما يلي:

تعريف موجز بالإمام موسى بن عقبة.

تعريف موجز بمغازي موسى بن عقبة.

مقارنة موجزة بين مغازي ابن عقبة وسيرة ابن إسحاق ودلائل البيهقي.

سبب تأليف موسى بن عقبة لمغازيه.

موارد الإمام موسى بن عقبة في مغازيه.

أسلوب الإمام موسى بن عقبة في مغازيه.

الجهود السابقة التي بذلت في دراسة هذا المنتخب.

تعريف موجز بموسى بن عقبة

* اسمه ونسبه

هو موسى بن عقبة بن أبي عياش، الأسدي المطرقي، مولى آل الزبير، ويقال: بل مولى أم خالد بنت سعيد بن العاص، زوجة الزبير يُكنى أبا محمد جده لأمه أبو حبيبة مولى الزبير بن العوام.

* میلاده وبلدته وطبقته:

لم تذكر مصادر ترجمته السنة التي ولد فيها موسى بن عقبة، ويمكن تقدير تاريخ ذلك على ضوء ما ذكره موسى عن نفسه، إذ قال: حججت وابن عمر بمكة عام حج نجدة الحروري، ورأيت سهل بن سعد متخطئاً علي، فتوكا على المنبر، فسار الإمام بشيء».

ويذكر الطبري أن الحروري كان في سنة (٦٨ هـ)، ولا شك أن موسى كان قد بلغ عمراً مناسباً لقيامه بفريضة الحج في هذه السنة، ويقول موسى أيضاً : «لم أدرك أحداً يقول قال النبي ﷺ، إلا أم خالد، فهو لم يحدث إلا عنها من بين الصحابة، وإلا فقد أدرك ابن عمر وجابراً » رضي الله عنهم، ولذلك فإن عداده في صغار التابعين. 

وهو من أهل مدينة النبي ﷺ، وعاش فيها في وقت ازدهرت فيـه الـروايـة والعناية بالسنة، والاهتمام بالسيرة النبوية المباركة.

* شيوخه:

حدث موسى عن الصحابية أم خالد بنت سعيد بن العاص، وعلقمة بن وقاص، وأبي سلمة، وكُريب، وسالم بن عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافع بن جبير بن مُطْعِم ونافع مولى ابن عمر، وصالح مولى التوامة، وعروة بن الزبير ،وعكرمة وابن المنكدر، والزهري، وأبي الزبير، وسالم أبي الغيث وعبد الله بن دينار، ومحمد بن يحيى بن حبان وحمزة بن عبد الله بن عمر، وأبي الزناد، ومحمد بن أبي بكر الثقفي، وخلق سواهم.

* تلاميذه:

تتلمذ عليه، وسمع منه، وأخذ عنه جماعة من مشاهير العلماء والمحدثين وأعلامهم وجهابذتهم وجبالهم وغيرهم وقد ذكرت بعضهم كتب التراجم، من مثل: بكير بن عبد الله الأشج - مع تقدمه، وهو من أقرانه، وشعبة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك وقد روى عنه في الموطأ حديثين، وإبراهيم بن طهمان وابن أبي الزناد، وحفص بن ميسرة، والسفيانان، وزهير بن معاوية وعبدالعزيز بن أبي حازم، وعبدالعزيز الدراوردي، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ووُهيب بن خالد، وأبو قُرَّة موسى بن طارق، وأبو إسحاق الفَزَاري، وفضيل بن سليمان، ومحمد بن فليح، وإسماعيل بن إبراهيم بن عُقبة - وهو ابن أخيه، وقد روى عنه المغازي، وإسماعيل بن عياش، وأبو ضَمْرَة الليثي، وحاتم بن إسماعيل، وزهير بن محمد المروزي، وأبو بدر السَّكُوني، وعبد الله بن رجاء المكي، وعبد الله بن المبارك، وأبو همام محمد بن الزبرقان، ويعقوب بن عبدالرحمن القاري، وخلق كثير.

* مدحه وثناء العلماء عليه وتوثيقه: 

وثق موسى بن عقبة جماعة من العلماء، فهو يعتبر من المحدثين الثقات والرواة الأثبات، وكتاب السيرة المدققين المحررين. ومن بين الذين وثقوه: 

أولاً : الإمام مالك بن أنس: 

وثق موسى بن عقبة، ومدح مغازيه. فقال فيما حكاه إبراهيم بن المنذر عن معن: قال كان مالك إذا قيل له: مغازي مَنْ نكتب؟ قال: «عليكم بمغازي موسى بن عقبة، فإنه ثقة". 

وقال ابن المنذر أيضاً: حدثني مطرف ومعن ومحمد بن الضحاك، قالوا: كان مالك إذا سئل عن المغازي، قال: «عليك بمغازي الرجل موسى بن عقبة، فإنها اصح المغازي». 

وقال أيضاً: سمعت محمد بن طلحة، سمعت مالكاً يقول: عليكم بمغازي موسى، فإنه رجل ثقة، طلبها على كبر السن ليقيد من شهد مع رسول الله ﷺ، ولم يكثر كما كثر غيره. 

وقال إبراهيم: حدثنا محمد بن الضحاك: سمعت المِسْوَر بن عبدالملك المخزومي يقول لمالك: يا أبا عبدالله ! فلان كلّمني يعرض عليك، وقد شهد جده بدراً. فقال مالك: لا تدري ما يقولون، من كان في كتاب موسى بن عقبة قد شهد بدراً، فقد شهدها، ومن لم يكن في کتاب موسى، فلم يشهد بدراً غيره».

ثانياً : يحيى بن معين:

نقل عثمان بن سعيد الدارمي، والدوري، وابن الجنيد، كلهم عن ابن معين أنه قال عن موسى : «ثقة». ونقل أبو خالد الدقاق يزيد بن الهيثم البادي، وابن شاهين، عنه أنه قال عنه : «ليس به بأس».

وروى المفضل بن غسان عن يحيى بن معين، قال: موسى بن عقبة ثقة، يقولون : روايته عن نافع فيها شيء، وسمعت ابن معين يُضعف موسى بعض الضعف. 

وروى ابن الجنيد عن ابن معين قال ليس موسى بن عقبة في نافع مثل مالك وعبيد الله بن عمر. وقد روى عباس الدوري وجماعة ـ كما تقدم ـ عن يحيى توثيقه، فَلْيُحمل هذا التضعيف على معنى أنه ليس هو في القوة عن نافع كمالك، ولا عُبيد الله ، وليس على معنى تضعيفه أو تليينه ولذا قال الحافظ ابن حجر: «لم يصح أن ابن معين لينه».

وقد مدح ابن معين مغازي موسى ووثقها، فقال أحمد بن أبي خيثمة: كان ابن معين يقول: «كتاب موسى بن عقبة عن الزهري من أصح هذه الكتب».

ثالثاً: أحمد بن حنبل:

قال المَرُوذي : سألته - أي: الإمام أحمد - عن موسى بن عقبة وإبراهيم بن عقبة ومحمد بن عقبة؟، فقال موسى ثقة، وقال: ليس بهم بأس.

وقال في رواية ابنه عبدالله: «ثقة»، وقال: «لا أعلمه إلا خيراً»، وقال أيضاً هو أخو محمد وإبراهيم، وكلهم قريب من بعض.

وقال في رواية ابن إبراهيم: «صالح الحديث». ونقل جماعة عنه توثيقه، وكذا أنه امتدح كتابه، فنقلوا أنه قال عنه: عليكم بمغازي موسى بن عقبة، فإنه ثقة. 

رابعاً: أبو حاتم الرازي: 

قال عنه: «ثقة، وله أخوان إبراهيم ومحمد، وهو أوثق الإخوة، وقال أيضاً: «صالح».

خامساً: ابن سعد:

قال عنه : «كان ثقة ، قليل الحديث»، كذا المثبت في «طبقاته»، وقال في موضع آخر، وهو أشبه كان ثقةً ثبتاً، كثير الحديث .

سادساً: النسائي:

قال عنه : «ثقة»، وهكذا جاءت عبارات العلماء في توثيقه تترى، ولذا ذكره ابن حبان في الثقات»، وابن شاهين في تاريخ أسماء الثقات»، والعجلي في تاريخ الثقات»، وقال عنه: «ثقة»، وابن عبدالهادي في طبقات علماء الحديث، والذهبي في تذكرة الحفاظ»، و «المعين في طبقات المحدثين»، وكما مدحه العلماء المتقدمون مدحه المتأخرون، فهم مجمعون ومتفقون على توثيقه كما حكى النووي، واحتج الإمامان البخاري ومسلم بموسى بن عقبة في «صحيحيهما»، مما يدل على توثيقهما له.

وقال عنه الذهبي: «ثقة حجة»، وقال أيضاً: «الإمام الثقة الكبير»، وقال : «وكان بصيراً بالمغازي النبوية، ألفها في مجلد، فكان أول من صنف في ذلك». وقال: «ثقة مفت»، وقال: «صاحب المغازي بالمدينة، وكان فقيهاً من التابعين»، ووصفه ابن عبد الهادي بـ «الحافظ».

* ثقافته وعلمه:

إن ثقافة موسى بن عقبة هي ثقافة عصره وبيئته، حيث اهتم أهل المدينة بالحديث والسيرة والفقه، وقد أشار إلى هذا غير واحدٍ من مترجميه فقال عنه الذهبي ـ كما تقدم -«ثقة مفت»، وهو مسبوق بقول الواقدي عنه: «كان موسى فقيهاً، مفتياً» وهذا يدل على أنه نهل من علوم عصره وبيئته، وهذا شأن أخويه إبراهيم ومحمد.

قال الواقدي: «كان لإبراهيم وموسى ومحمد بني عقبة حلقة في مسجد رسول الله ﷺ، فكانوا كلهم فقهاء محدثين . وكان موسى يفتي وكان إبراهيم ثقة قليل الحديث». وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان لهم هيئة وعلم».

وقال يحيى بن معين: «قد سمع ابن المبارك من موسى بن عقبة. وأما إبراهيم بن عقبة، ومحمد بن عقبة أخوا موسى، فلم يسمع منهما ابن المبارك»، وقال: أقدمهم سناً محمد بن عقبة، ثم إبراهيم بن عقبة، ثم موسى، وأحبّهم إلي محمد وإبراهيم، ثم موسى بعد، وكان موسى أكثرهما حديثاً».

وقال أحمد بن حنبل: موسى بن عقبة ومحمد بن عقبة وإبراهيم بن عقبة، كلهم إخوة»، قال له ابنه عبدالله : «موسى بن عقبة أجلهم؟» قال: «ما أقرب بعضهم من بعض».

وقد حدث موسى بن عقبة، وجلس في حلقة في مسجد النبي ﷺ، قال ابن سعد: «وقد رُوي عنه أيضاً، كما رُوي عن إخوته»، وأبدى اهتماماً خاصاً بـالـسـيـرة النبـويـة الشريفة، فألف كتاباً اعتمده العلماء ووثقوه، ووصفه جلّ من ترجم له بأنه صاحب «المغازي»، فأصبح مشهوراً في هذا الأمر، ولا عجب في ذلك، إذ كان هو - رحمه الله تعالى - مِنْ أوائل مَنْ صنف في السيرة النبوية الشريفة .

وفاته:

اختلف العلماء في تأريخ وفاة موسى بن عقبة، فقال ابن سعد: «توفي قبل خروج محمد بن عبدالله بن حسن، وكان خروجه سنة خمس وأربعين ومائة على ما ذكره ابن سعد نفسه».

وقال أحمد بن حنبل: «موسى بن عقبة أقدم موتاً من محمد بن عجلان، وكانت وفاة ابن عجلان سنة ثمان وأربعين ومائة».

فكانت وفاة موسى على هذين القولين قبل سنة خمس وأربعين ومائة، وقد أرّخها يحيى بن سعيد القطان - فيما أخرجه البخاري عن عمرو بن علي أبي حفص الفلاس عنه -سنة إحدى وأربعين ومئة، ولفظ البخاري: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت يحيى: أتينا المدينة سنة اثنتين وأربعين ومائة وقدمات موسى بن عقبة قبل ذلك عاماً.

وأرّخ خليفة وفاته بعد الأربعين ومائة في «تاريخه»، وقال في «طبقاته»: ومات موسى سنة إحدى وأربعين ومائة» مثلما قال يحيى، وعلى هذا جمهور مترجميه، وبها أرخه الربعي، وابن الأثير، وابن عبدالهادي، وابن كثير، والنووي، والذهبي، وابن حجر، وحاجي خليفة، وقدمه ابن حبان في «الثقات»، وقال عقبة: وقد قيل: سنة خمس وثلاثين ومائة»، واقتصر على في مشاهير علماء الأمصار». وأرخ وفاته في سنة إحدى وأربعين ومائة الترمذي أيضاً، وشدّ نوح بن حبيب، فقال: مات سنة اثنتين هذا وأربعين ومائة ! رحمة الله عليه.

تعريف موجز بمغازي موسى بن عقبة

ألف موسى بن عقبة كتاباً في المغازي، وأثنى عليه الأئمة الأعلام مثل مالك بن أنس وأحمد بن حنبل، ولا نعرف شيئا عن كتابه «المغازي» في الوقت الحاضر، ويمكن تحديد وقت ضياعه فكان هذا الكتاب موجوداً في القرن السادس، فهو من مرويات ابن خير الإشبيلي عن شيوخه، وهو متوفى سنة (٥٧٥ هـ)- (۱۱۷۹ م). 

وكان موجوداً أيضاً في القرن السابع فهو من مرويات الشيخ الصالح المسند أبي محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن بـاتكين الجوهري البغدادي (متوفى سنة ٦٣١ هـ). 

ووقع أيضاً للإمام الذهبي، وهو من وفيات القرن الثامن، إذ توفي سنة (٧٤٨ هــ- ١٣٧٤م)، فقال: «وأما مغازي موسى بن عقبة . . . سمعناها»، وقال : «وقد لخصت أنا الترجمة النبوية، والمغازي المدنية في أوّل تاريخي الكبير، وهو كامل في معناه إن شاء الله». وهذا يدل على أنه كان موجوداً في القرن الثامن، وربما كان موجوداً بعد ذلك، وما ندري فإن الأيام الحبلى تلد العجائب، ولعله يكون موجوداً في بعض الخزانات الطافحة بالنسخ الخطية، المبثوثة في أرجاء الأرض، التي لم تفهرس بعد، والله أعلم.

ومع ذلك؛ فإن قسماً كبيراً منه حفظ لنا في بطون الكتب، مثل: «تاريخ الطبري» و«طبقات ابن سعد»، وقد أكثر من الاعتماد عليه، و«الدر في المغازي والسير» لابن عبد البر، واعتمد عليه كثيراً، وهو من مروياته. 

واعتمد عليه كثيراً أيضاً: ابن سيد الناس في كتابه «عيون الأثر» وكذلك ابن كثير في «البداية والنهاية» والبلاذري في «أنساب الأشراف»، وابن القيم في «زاد المعاد»، ونقل منه في مواطن كثيرة ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري»، ونقل عنه الواقدي في «مغازيه» رواية واحدة، ونقل عنه اليعقوبي من طريق الواقدي، ونقل منه الذهبي في «تاريخه الكبير»، وفي «سير أعلام النبلاء».

فوردت في هذه الكتب وغيرها مقتطفات ليست قليلة من «مغازي موسى بن عقبة»، وهناك مخطوط فيه أحاديث انتخبها يوسف بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة  من مغازي موسى بن عقبة لم يزل محفوظاً لنا وهذا تعريف موجز به.

تعريف موجز بـ «أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة»

من قام بانتخاب هذه الأحاديث من مغازي موسى بن عقبة، هو يوسف بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة (المتوفى سنة ۷۸۹ هـ ـ ۱۳۸۷ م)، وعدد الأحاديث التي انتخبها عشرون حديثاً مختلف أجزاء المغازي» - إلا الحديث الأخير فهو ليس من حديث موسى، وإنما هو من حديث سيف بن عمر.

وهذه الأحاديث منتخبة من جميع الأجزاء عدا الجزء السادس فلم ينتخب منه شيئاً، وقد انتخب حديثاً واحداً من الأجزاء التالية: الأول والثالث والرابع والسابع، وحديثين من الأجزاء: الثامن والتاسع، وثلاثة أحاديث من الجزء الثاني، وأربعة أحاديث من الجزء الخامس والعاشر.

ولا ندري حجم المادة المنتخبة من الكتاب الأصلي، بسبب عدم العثور عليه إلا أن النقولات التي في بطون الكتب تدلل على أن المادة المتبقية ليست بالقليلة، هذا مع أن الذهبي قد وصف كتاب المغازي» بقوله: «وأما مغازي موسى بن عقبة فهي في مجلد ليس بالكبير»، وكذا في مقولة الإمام مالك فيه: «ولم يُكثر كما كثر غيره»، إشارة إلى أن الكتاب ليس بكبير.

وقد رواه عن موسى جماعة من تلامذته أشهرهم ابن أخيه إسماعيل بن إبراهيم، ومحمد بن فليح.

مقارنة موجزة بين مغازي موسى بن عقبة» و «سيرة ابن إسحاق» و «دلائل النبوة» للبيهقي

وقد سبق في مقولة الإمام مالك تعريض بابن إسحاق، ولا ريب أن ابن إسحاق كثر وطوّل، بأنساب مستوفاة اختصارها أملحُ، وبأشعارٍ غير طائلة حذفها أرجح ، وبآثار لم تصحح، مع فاته شيء كثير من الصحيح لم يكن عنده، فكتابه محتاج إلى تنقيح، وتصحيح، ورواية ما فاته. 

وأما مغازي موسى فهى مختصرة كما قدمنا، وغالبها صحيح، ومرسل جيد لكنها تحتاج إلى زيادة بيان وتتمة، وقد أحسن في عمل ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في تأليفه المسمى بكتاب «دلائل النبوة».

سبب تأليف موسى بن عقبة لمغازيه

ذكر إبراهيم بن المنذر الحزامي أن سفيان بن عيينة حدثه، قال: كان بالمدينة شيخ يُقال له: شرحبيل أبو سعد، وكان من أعلم الناس بالمغازي قال فاتهموه أن يكون يجعل لمن لا سابقة له سابقةً، وكان قد احتاج، فأسقطوا «مغازيه» وعلمه.

قال إبراهيم: فذكرتُ هذا لمحمد بن طلحة بن الطويل، ولم يكن أحد أعلم بالمغازي ،منه فقال لي: كان شرحبيل أبو سعد عالماً بالمغازي فاتهموه أن يكون يُدخل فيهم من لم يشهد بدراً، ومن قُتِل يومَ أحد، والهجرة ومن لم يكن منهم. 

وكان قد احتاج، فسقط عند الناس، فسمع بذلك موسى بن عقبة، فقال: وإن الناس قد اجترؤوا على هذا؟! فدب على كبر السِّنّ، وقيد من شهد بدراً ، وأحداً، ومن هاجر إلى الحبشة والمدينة، وكتب ذلك.

موارده في المغازي 

من ملاحظة أسانيد الروايات التي نقلتها كتب السِّيرِ والتواريخ عن موسى بن عقبة، نتبين أنه اعتمد على محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، فنقل عنه كثيراً في المغازي.

وكان الزهري قد ألف في المغازي، ولكثرة اعتماده على الزهري، قال يحيى بن معين: «كتاب موسى عن الزهري أصح هذه الكتب، والحق أن المؤلفين في المغازي بعد الزهري اعتمدوا عليه كثيراً، فروايات الزهري تكوّن أيضاً المادة الأساسية في سيرة ابن إسحاق»؛ لكنه ليس معناه أنه لم يكن إلا مجرد راو لكتاب الزهري، بل أضاف إليه إضافات كثيرة من موارد أخرى.

وقد بلغ عدد أسانيد موسى عن الزهري، في هذا المنتخب أحد عشر من أصل تسعة عشر إسناداً، ويلي الزهري في هذا المنتخب: نافع فورد ذكره ثلاث مرات - وكان موسى - رحمه الله تعالى - حريصاً على روايات ناف.

قال محمد بن عبدالله الإسحاقي: «رأيتُ موسى بن عقبة في مسجد رسول الله ﷺ دخل الروضة، حتى جلس إلى عبيد الله بن عمر فتبعته حتى جلست معه، فقال له عبيد الله بن عمر: يغفر الله لك لم تعنيت إلي؟! لو أرسلت إلي لجتك في منزلك. قال: إنه بلغني أنك تحدث عن نافع أحاديث لم أكن سمعتها منه أحببت أن أعرضها عليك. قال: فأخرج صحيفة من كمه فيها أحاديث لنافع، فقرأها على عبيد الله بن عمر - وسالم وعبد الله بن الفضل وورد ذكرهما مرتين وسعد بن إبراهيم مرة واحدة .

والحق أن اعتماد موسى من حيث الكثرة كان بعد الزهري على أبي حبيبة جده لأمه، ثم يليه سالم بن عبد الله. 

ومن الشيوخ الذين نقل عنهم موسى في المغازي، ولم تذكر لهم المقتطفات سوى روايات قليلة: علقمة بن وقاص، وسعيد بن المسيب، وعبد الواحد بن عباد، وكريب مولى ابن عباس، وأبو سلمة، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبد الله بن دينار، والمغيرة بن الأخنس، والضحاك بن خليفة، وحميد، وأبو الزبير، وعطاء بن أبي مروان، وصفوان.

وإضافة إلى هؤلاء الشيوخ الذين نقل عنهم موسى في «مغازيه»، فقد اعتمد على بعض الوثائق المكتوبة، مثل: مدونة ابن عباس ونص رسالة النبي ﷺ إلى المنذر بن ساوي.

أسلوب موسى في كتابه «المغازي»

يراعي موسى بن عقبة في مغازيه عنصر الزمن، فهو يرتب محتويات كتابه على أساس زمني، مما يؤكد أنه كان يكتب سيرة، وليس كتاب حديث كذلك فهو يورد تواريخ الحوادث المهمة، مثل بدر، وأحد، وغزوة المريسيع، وفتح خيبر، والحديبية، وعمرة القضاء، ومؤتة، وحصار الطائف، وحجة الوداع .

وقد اهتم موسى بذكر أسانيد رواياته، وكان المحدثون في جيله يولون الإسناد اهتماماً كبيراً ويظهر تأكيده على الإسناد بصورة خاصة في المقتطفات التي أوردها عنه البلاذري والطبري وابن كثير .

ويستشهد موسى في «مغازيه» بآيات القرآن الكريم، كما فعل عند ذكره سرية عبد الله بن جحش، ومقتل كعب بن الأشرف، ووصف حالة المدنية في أعقاب أحد، وخروج النبي ﷺ إلى حمراء الأسد.

وكذلك يستشهد بالشعر أحياناً، كذكره شعر أبي جندل في قصة أبي بصير، وأرجوزة عبد الله بن رواحة في عمرة القضاء، وشعر العباس بن مرداس في الاحتجاج على طريقة توزيع غنائم حنين، وما قيل من الشعر في فتح مكة، ولكن استشهاده بالشعر يعتبر قليلاً إذا قورن مع ابن إسحاق.

ولم يورد موسى بن عقبة القصص الشعبية إلا في روايته عن بناء الكعبة، وفي روايته عن خروج المشركين إلى بدر، وتمثل إبليس لهم في صورة سراقة لكنه يحترز عنـد إيرادها، فيقول: «وزعموا» و «ذكر أنهم».. الخ.

الجهود السابقة التي بذلت حول «أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة»

قامت جهود عديدة حول أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة، تمثلت في نواح عدة، هي:

أولاً: نشرة إدوارد سخاو:

نشر إدوارد سخاو أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة سنة ۱۹۰٤ م، مع ترجمتها بالألمانية، وقام بالتعليق عليها. وقد وقعت له فيها بعض الأخطاء نبهنا عليها في مواطنها.

ثانياً: نقد جوزيف شاخت لهذا المنتخب:

بعد مضي نصف قرن على نشر سخاو مخطوطة «أحاديث منتخبة» كتب البروفسور جوزيف شاخت مقالة على كتاب المغازي لموسى بن عقبة، وانتقد فيها الأحاديث الواردة في هذا الكتاب.

وقد قام المحقق بذكر ردود الأستاذ الشيخ محمد مصطفى الأعظمي على (شاخت)، و (وسخاو)، في كتابه (التمييز للإمام مسلم)، ورد كذلك على انتقادات (غيوم) وبين أن معظم هذه الانتقادات لا علاقة لها بالبحث العلمي، وإنما هي انتقادات يغلب عليها طابع السياسة، باعتبارها مدخلاً مهماً يتوصل به إلى الطعن في الرواة والمنهج العلمي، لأن مبنى السياسة أصلاً على الخلافات، ومع ذلك فقد باء هؤلاء بالفشل، لأن تاريخنا ناصع ومشرق وسيظل دوماً نقياً بفضل جهود علمائنا الأماجد.

أطراف الحديث لكتاب «أحاديث منتخبة من مغازي موسى بن عقبة»

-بينا أنا نائم رأيت أني أطوف بالكعبة؛ فإذا رجل سبط الشعر .. ١

- كان أول من جمع بالمدينة للمسلمين قبل رسول الله ﷺ مصعب بن عمير (أثر).. ٢

-لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم له من مكة مهاجراً إلى المدينة، جعلت قريش لمن رده عليهم مائة ناقة.. ٣

 يوم وفاء وبر..٣

- إن الزبير لقي رسول الله ﷺ في ركب من المسلمين كانوا تجاراً في الشام؛ فكسى الزبير رسول الله وأبا بكر ثياباً بيضاً. ٤

-ما أنتم بأسمع لما قلت منهم ٥

- لا والله، ولا تذروا درهماً .. ٦

- إني لا أقبل هدية مشرك.. ٧

-أمن بينهم ..٧

-إن تطعنوا في إمارة أسامة فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه.. ٨

- ما كان رسول الله يستثني فاطمة رضي الله عنها نعم.. ٩

-اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار.. ١٠

-نقركم فيها على ذلك ما شئنا هذا الذي أوفى الله له بأذنه.. ١١

-قم فأذن، إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن الله ليؤيد هذا الدين.. ١٢

- لم يوص رسول الله ﷺ إلا بثلاث: أوصى للرهاويين من خيبر.. ١٣ 

- لا يجتمع دينان وأنه أجلى اليهود والنصارى من جزيرة العرب (أثر - عمر) ..١٤

-إني لا أدري من أذن لكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم.. ١٥

- إن سبي هوازن الذي رد رسول الله ﷺ كانوا ستة آلاف من الرجال والنساء والصبيان، وإن نبي الله خيّر نساءً من هوازن كُنَّ تحت رجالٍ من قريش ..  ١٦

-حج رسول الله ﷺ حجة التمام سنة عشر، فأرى الناس مناسكهم .. ١٧

-أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء..  ١٨

-فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط.. ١٨

- والله ما كنتُ حريصاً على الإمارة يوماً قط ولا ليلة، ولا كنت فيها راغباً (أثر - أبو بكر).. ١٩

 في كل كبد حراً أجر نعى الله عز وجل لنبيه نفسه حين أنزل عليه (أثر - علي) .. ٢٠








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق