أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 17 ديسمبر 2022

من عاش مائة وعشرين سنة من الصحابة للإمام الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده الأصبهاني (434 -511 هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

من عاش مائة وعشرين سنة من الصحابة

للإمام الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده الأصبهاني

(434 -511 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الجزء الحديثي النفيس، يعرض فيه الإمام ابن منده صوراً مشرقة لأخبار لأربعة عشر صحابيٍّ، بلغت أعمارهم المائة وعشرين سنة، وقد نالوا شرف الصحبة والرؤية والاجتماع بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ويذكر لنا ابن منده طرفاً من أنبائهم، فيذكر اسم الصحابي، ونسبه، وبداية إسلامه، وفضله، وبعض الأحاديث التي حفظها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنده، وذكر من خرّجها من الأئمة.

وقد لخص هذا الكتاب الإمام السيوطي -رحمه الله -في جزءٍ سماه (ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين)، فجاء بها مقتضبة وموجزة جداً، وزاد على ابن منده ستة أسماء.

ونحن نقتصر في هذا المقال على: ذكر ترجمة موجزة للحافظ ابن منده، والتي ذكرها المحقق في كتابه، مع ذكر الأحاديث الواردة عن بعضهم مختصرةً محذوفة الأسانيد، مع بيان رتبتها من الصحة والضعف، الأمر الذي لم يُشر إليه السيوطي في رسالته اختصاراً.

وقد بلغت هذه الأحاديث (عشرة أحاديث)، أكثرها صحيح أو حسن.

وفيما يلي مختصر أسماء الصحابة الذين ذكرهم ابن منده في كتابه (من عاش مائة وعشرين سنة من الصحابة):

1) حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ. وُلِدَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ.

2) عَاصِمُ بْنُ عَدِيِّ.

3) حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ العُزَّى.

4) سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ، أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ.

5) مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلِ، وهو الذي قال فيه بئس أخو العشيرة.

6) سَعِيدُ بْنُ يَرْبُوعِ، وَكَانَ اسْمُهُ صَرْمًا، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعِيدًا.

7) سَعْدُ بْنُ جُنَادَةَ العَوْفِيُّ الأَنْصَارِيُّ.

8) حَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ الْخَزْرَجِي، شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

9) أَبُو عِمَارَةَ عَبْدُ خَيْرٍ بْنُ يَزِيدَ، وَيُقَالُ: ابْنُ يَحْمَدَ بْنُ خَوْلِيٍّ الْكُوفِيُّ.

10) حَمْنَنٌ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، لَا يُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ.

11) نَتْجَعُ جَدُّ نَاجِيَةَ، لَمْ يَرْوِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ.

12) نَافِعٌ أَبُو سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيُّ، مَوْلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوِيٍّ.

13) اللَّجْلاج بن حَكيم السُّلَمي العامري، وكان يقول: مَا مَلَأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آكُلُ حَسْبِي، وَأَشْرَبُ حَسْبِي.

14) أَبُو شَدَّادٍ العُمَانِيُّ.

ترجمة موجزة للإمام الحافظ ابن منده

(١) نسبه ونشأته العلمية:

هو الشيخ الإمام، الحافظ المحدث أبو زكريا يحيى بن أبى عمرو عبد الوهاب الحافظ الكبير أبي عبد الله إسحاق محمد بن يحيى بن منده، العبدى الأصبهاني.

ولد في شوال سنة ٤٣٤ هـ ، وبگر به والده في طلب العلم، فلقد نشأ في أسرة عُرفت بطلبها للعلم، وشغفها به، حتى يذكر لنا الإمام الذهبي أنه ألف رسالة في شأن آل منده، وعلو شأنهم في العلم.

بدأ مبكراً في سماع الحديث على علماء بلدته بأصبهان ، فسمع الكثير من أبى بكر بن ريذة، وأحمد بن محمد الفضاض، وغيرهما.

ولقد رحل إلى بغداد بعد سماعه لأهل العلم بأصبهان، وما حولها، فجلس في جامع المنصور ببغداد، وأخذ فى التحديث والإملاء، فأملى وصنف، وجمع الكثير آنذاك.

(۲) شيوخه الذين أخذ عنهم:

أخذ الحافظ ابن منده عن خلق كثير، فسمع من أحمد بن محمود الثقفي، ومحمد بن على الجصاص، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، ، وأبى الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبى بكر البيهقي الحافظ، وأبى الفتح على بن محمد الدليلي، ومحمد بن على بن الحسين الجوزدانى، وأبى بكر أحمد المغربي، وسعيد العيار، وأبي الوليد الحسن ابن محمد الدربندي، وأكثر في السماع عن أبيه، وعمه أبى القاسم وأجاز له من بغداد أبو طالب بن غيلان.

(۳) تلاميذه الذين أخذوا عنه :

روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر، وعلى بن أبى تراب، وأبو طاهر السلفى، وعبد الحق اليوسفي، وأبو محمد بن الخشاب النحوي، ومحمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأبو موسى المديني، وغيرهم. 

(٤) مؤلفاته العلمية:

عرف الإمام ابن منده رحمه الله بكثرة التصانيف، ومما ذكره له أصحاب التراجم مايلي:

۱ - كتاب «مناقب العباس».

 ۲-كتاب  «مناقب أحمد بن حنبل».، في مجلد كبير.

۳ - كتاب «تاريخ أصبهان».

٤- مصنف على الصحيحين، شبيه بالمستخرجات.

٥- كتاب «التنبيه على أحوال الجهال والمنافقين».

٦-كتاب «من عاش مائة وعشرين سنة الصحابة».

(٥) صفاته الذاتية:

عُرف -رحمه الله - بسعة الرواية، ودقة الحفظ، والبعد عن التكلف. 

ولقد كان أحياناً يتمثل بأبيات شعرية تدور حول المعاني الإسلامية، والمضامين الأخلاقية، ولقد كان ينشد:

عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى .. وللمشتري دنياه بالدين أعـجبُ

وأعجب من هذين من باع دينه .. بدين سواه فهو من ديـن أخـيب

(٦) ثناء العلماء عليه :

قال السمعاني -رحمه الله: "شیخ جلیل القدر، وافر الفضل، ثقة، حافظ، مكثر، صدوق، كثير التصانيف، حسن السيرة، بعيد التكلف، أوحد بيته في عصره، وسألت عنه إسماعيل الحافظ، فأثنى عليه، ووصفه بالحفظ والمعرفة، والدراية".

وقال محمد بن أبي نصر اللفْتُوانى رحمه الله: "بیت بني منده بدىء وختم بيحي".

وقال الذهبي رحمه الله: "الحافظ، العالم، المسند، المحدث، الشيخ، الإمام أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب العبدى الأصبهاني".

وقال ابن العماد الحنبلي رحمه الله: "أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب العبدى الأصبهاني، الحافظ الحنبلي ، صاحب التاريخ".

 وقال عبد الغافر رحمه الله: "هو رجل فاضل من بيت العلم والحديث، المشهور في الدنيا".

وقد مدحه الحافظ السلفى بأبيات شعرية طيبة، منها:

إن يحيى فديته من إمام ** حافظ متقن تقيٍّ حليم 

جمع النبل والأصالة والعقـل ** وفى العلم فوق كل عليم

 ويبدو في هذين البيتين مدى الحب والتعلق العلمي الذي يكنه أبو طاهر السلفى، وهو شيخ الإسلام في زمانه، إلى شيخه ابن منده رحمهما الله تعالى.

(۷) وفاته:

وبعد عمر ملىء بالجد والاجتهاد، والعلم والتعليم، والتصنيف، ارتقت روح الإمام ابن منده إلى بارئها، وذلك في ذى الحجة سنة إحدى عشرة وخمسمائة، فجزاه الله كل خير عما قدمه للمسلمين من علم نافع، وأسكنه فسيح جناته، ونور ضريحه.

الأحاديث الواردة في كتاب ابن منده مختصرة

1-عن حكيم بن حزام، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثلاث مرات، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حكيم، إن هذا المال حلوة خضرة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه باستشراف نفس لم يُبارك له فيه، وكان كالآكل لا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى»، قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق.

إسناده حسن. والحديث صحيح. في سنده فليح بن سليمان، وهو صدوق كثير الخطأ، حديثه في الكتب الستة، كما فى التقريب [٢ / ١١٤ ].

2-عن عاصم بن عدي، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِرعَاءِ الإِبِلِ فِي البَيْتُويَّةِ عَنْ منى، يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، يَرْمُونَ من الغدِ، وَمِن بَعْد الغد ليومين، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ الغد ليومين ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النفرِ".

إسناده حسن. والحديث صحيح. أخرجه أحمد [٤٥٠/٥]، ومالك ٢٨٥ ]، وأبو داود [ ١٦٥٩ ]، [ ١٩٦٠ ]، والترمذى [ ٩٦١ ]، [ ٩٦٢ ]، والنسائى [۲۷۳/٥]، وابن ماجه [ ٣٠٣٦ ]، [ ٣٠٣٧ ]، وابن الجارود في المنتقى [ ٤٧٧ ]، وابن حبان [ ١٠١٥ ]، والحاكم [ ١ / ٤٧٨ ]، والطبراني [ ١٧ / ١٧١ ] في الكبير.

3-وعن عويمر الأنصاري -من بني عجلان، أنه أتى عاصم بن عدي، فقال له: يا عاصم، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، أيقتله فتقتلونه ؟! أم كيف يفعل ؟ سل يا عاصم عن ذلك رسول الله. فسأل عاصم رسول الله الله فكره رسول الله له المسائل وعابها، حتى كبر على عاصم.

صحيح، أخرجه عبد الرزاق في المصنف [١٢٤٤٦ ]، [ ١٢٤٤٧ ]، وأحمد في مسنده [٣٣٤/٥، ٣٣٦ ، ۳۳۷ ]، والبخارى فى الفتح [٤٢٣]، [٤٧٤٥]، [ ٥٢٥٩] [٧٣٠٤ ]، ومسلم [ ١٤٩٢ ].

4-عن حوط بن عبد العزى، أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ برفقة فيها جرس ، فأمرهم النبى الله أن يقطعوها، قال: "إن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس".

صحيح . وإسناده حسن . أخرجه الطبرانى فى الكبير [ ٤١٨٩]، [ ٤١٩٠]، بنفس الطريق، لكنه جعله عن حوط.

5-عن مخرمة بن نوفل، قال: "لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، وأسلم أهل مكة كلهم، وذلك قبل أن تفرض الصلاة، حتى أن كان ليقرأ السجدة فيسجدون، ما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام، حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وغيرهما، وكانوا بالطائف في أرضهم، فقالوا: تدعون دين آبائكم، فكفروا".

إسناده ضعيف، أخرجه ابن معين في تاريخه [ ٢١٢ ]، والحاكم في مستدركه [ ٣/ ٤٩٠ ] وقال: قال يعقوب بن سفيان: ولا نعلم لمخرمة بن نوفل حديثاً، مسنداً غير هذا، وأخرجه الطبراني في الكبير [٢٠ /٥].

6 - عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: جاء مخرمة بن نوفل رضي الله تعالى عنه، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته قال: «بئس أخو العشيرة» ، فلما جاء أدناه.

صحيح، وإسناده حسن في الشواهد، أخرجه من هذا الطريق عبد الغني بن سعيد في "المبهمات"، والخطيب في "تاريخه"، وهو في "فوائد أبي إسحاق الهاشمي"، كما في "الفتح" [١٠ /٢٥٢].

7-عن سعيد بن يربوع، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أينا أكبر أنا أو أنت؟» قال: قلت: أنت أكبر مني، وأنت خير رأيا، وأنا أقدم، رواه البخاري عن علي بن المديني.

إسناده ضعيف، أخرجه الطبراني في الكبير [٥٥٢٨]، والبزار كما في "مجمع الزوائد" [٨ / ٥٣]، والبغوي كما في الإصابة [٣/ ١٠٢]، وأورده ابن الأثير في "أسد الغابة" [٢/ ٤٠١] من هذا الطريق.

8-عن ابن المسيب، أن حسان بن ثابت كان في حلقة فيهم أبو هريرة رضي الله عنه، فقال: أنشدك الله يا أبا هريرة، "أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أجب عني أيدك الله بروح القدس؟ قال: نعم".

إسناده صحيح. أخرجه عبد الرزاق في المصنف [ ٤٠٥۰۹ ]، وأحمد [ ٢٩/٢ ]، والبخارى [٤٥٣]، ومسلم [ ٢٤٨٥ ].

9-عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه، قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور».

صحيح بشواهده أخرجه من حديث حسان ،أحمد [٢٤٢/٣ ]، وابن ماجه [ ١٥٧٤ ]، والحاكم [٣٧٤/١] ، والطبراني في الكبير [٣٥٩١ ]، [ ٣٥٩٢ ]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧٨/٤]، وابن الأثير في أسد الغابة [٧/٢].

10-عن نافع العبدي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أسلمت عبد القيس طوعا، وأسلم الناس كرها، فبارك الله تعالى في عبد القيس، وموالي عبد القيس».

إسناده ضعيف. لجهالة سليمان بن نافع العبدى ورواه الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه سليمان بن نافع العبدى، ذكره ابن أبى حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً، ولا توثيقاً، وبقية رجاله ثقات. قاله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [ ٣٩٠/٩ ].



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق