أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 16 ديسمبر 2021

تأديب الطفل باستخدام العقوبة في الفقه الإسلامي د. أحمد ذياب شويدح أ. عاطف محمد أبو هربيد

تأديب الطفل باستخدام العقوبة في الفقه الإسلامي

د. أحمد ذياب شويدح

أ. عاطف محمد أبو هربيد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: هذه دراسة بسيطة لأسـلوب عقوبــة الطفـل فـي الإســلام، إلـى جانـب التأصــیل الشــرعي لها، باعتبارها واحـــدة مــن وســـائل تربیـــة الطفـــل فــي الإســـلام، والعقوبة: هي الألم الذي يلحق بالإنسان نتيجة ارتكابه مخالفة أو جناية، سواءً كان هذا الألم حسياً أو معنوياً، والمراد بالعقوبة هنا ما يندرج في باب التعزير والتأديب، والذي يتولى أمره هو المربي والأب والجد والوصي، وتتضمن هذه الدراسة، أربعة مباحث وخاتمة، كالتالي:

المبحث الأول: مفهوم العقوبة في الإسلام وتأصيلها الشرعي

المبحث الثاني: العقوبة كوسيلة تربوية لتأديب الطفل في الإسلام

المبحث الثالث: أنواع العقوبة المستخدمة في تأديب الطفل

المبحث الرابع: ضوابط استخدام العقوبة في تأديب الطفل

أولاً: الضوابط التي ينبغي مراعاتها في اسـتخدام العقوبة:

 ١-استفاذ المربي جميع الوسائل التربوية قبل الضرب.

٢-والتــدرج فــي استعمال العقوبة من الأخف إلى الأشد.

٣-وأن یكـون ابتداء الضـرب بعــد ســن العاشــرة؛ وقد يمتد إلى الثالثة عشر.

٤-أن یكـون لكـل خطـأ مـا یناسـبه مـن العقوبـة.

٥-استمرار العقوبة على الطفل بعـد التوبة وصلاح الحال يثمر نتائج عكسية.

٦-أقصى الضرب للتأدیب ثلاثة أسواط، وللقصاص عشرة أسواط.

٧-یجب تجنب ضرب الأماكن الحساسة: كالرأس والوجه والصدر، والأفضل أن يكون ذلك على اليدين والرجلين.

٨-ألا یضـرب وهــو فـي حالـة الغضـب؛ خشـیة أن یلحـق الأذى بالطفل.

٩-إذا كــان الخطــأ وقع من الطفــل أول مــرة فإنه يُعطى لــه افرصة لیتــوب ویعتــذر.

١٠-أن يقـوم المربـي بنفسـه بضـرب الطفـل ولا یعهـد لأحـد مـن أخوتـه أو رفاقــه فعـل ذلـك؛ لمـا یترتب علیه من أحقاد وضغائن.

١١-أن تكـون آلــة الضـرب معتدلــة الحجـم، ومعتدلــة الرطوبـة؛ حتــى لا یشـق الجلــد لثقلـه، ولا شــدید الیبوسة؛ فلا یؤلم لخفته.

١٢-أن یكون الضرب مفرقاً لا مجموعاً في موضع واحد.

١٣- أن يكون بين الضربتين زمن يخف به ألم الأول.

١٤-ألا يرفع الضارب ذراعه لینقل السوط لأعضده حتى يرى بياض إبطه فلا يرفعه لئلا يعظم ألمه.

١٥-ویقـف عـن الضـرب إذا ذكـر الطفـل الله -جلَّ في عُلاه؛ لأجل تعظيم الله في نفس الطفل.

وقد أشار الباحثان إلى أن الطلبة متفـاوتون فـي درجـة تأثرهم بطريقـة معالجـة سلوكياتهم الخاطئـة، فمـنهم مـن یتـأثر بـالنظرة، ومـنهم مـن یتـأثر بـالتوبیخ، ومـنهم مـن یتـأثر بـالهجر والحرمـان، ومـنهم مـن لا یجـدي معـه إلا الضـرب، ومـن ثـم ینبغـي أن یكـون المربـي حكیمـاً فـي اسـتعمال العقوبـة الملائمة التي تتفق مع نفسیة الطفل وسنه ومزاجه، كما یجب ألا یلجأ إلى الضرب إلا كحل أخیر.

ثانياً: العقوبات التربویة في معالجة سلوك الطفل، تتدرج على النحو الآتي:

١-الوعظ والإرشاد والتوجيه.

٢-العبوس.

٣-الإعراض.

٤-الزجر.

٥-التهديد.

٦-التوبيخ.

٧-الهجر.

٨-الحرمان.

٩-تعلیق العصا.

١٠-العقوبة الوعظية.

١١-الضرب

  أهم النتائج التوصيات التي توصل إليها الباحثان:

١-ضرورة عقد دورات تربویة للأولياء والمربين؛ ليتحقق عندهم قدر معتبر من المعرفة التربوية، ممـا يساعدهم في النجاح في مهمتهم.

٢-أهمية التعاون بین المحاضن المختلفة (الأسرة، المدرسـة، المسـجد وغيرهـا) فـي تصحيح وإصلاح سلوك الطفل بحیث لا یكون هناك تناقضً في معالجة الخطأ.

٣-عنـــد اعتمـــاد أي وســائل تربویـــة لابـــد مـــن الرجـــوع إلـــى الشـــریعة الإســـلامية باعتبارهـــا المصــدر الأسـاس، خاصـة وأن االله تعـالى أرحـم بعبـده مـن الوالدة بولدها، وهــو العـالم بخبايا النفـوس ومـا یصلحها، ومع ذلك فلا یمنع اعتماد وسائل تربویة أخرى لا تنافي مبادئ الإسلام.




السر المكنون في تفطير سبق الماء في الغُسل المسنون عبد البصير سليمان المليباري

السر المكنون في تفطير سبق الماء في الغُسل المسنون

عبد البصير سليمان المليباري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: هذه رسالة صغيرة الحجم في بيان مسألةٍ مُشكلة من كتاب (فتح المُعين بشرح قُرة العين)، اعترض علىها بعض الشُّراح والطلبة، وهي بطلان الصوم بسبق الماء إلى الجوف في الغُسل المسنون، وهي مسألةٌ كثرت فيها المنقاشات بين الدارسين، وخطّأ بعضهم الشيخ أحمد المليباري: كالسيد البكري، والسيد السقاف وغيرهما، وقد دافع المؤلف عن الشيخ أحمد بن عبد العزيز المليباري الهندي الشافعي (ت 987هـ)، وبيَّن توجيه عبارته في هذا الكتاب، وأنها جاءت موافقةً للمعتمد في المذهب وقواعده ولا مخالفة فيها.

وقد جاءت هذه الرسالة في ستة فصول:

الأول: إيراد العبارة المشكلة وما تكلموا عليها.

الثاني: إيراد تأويلات قاصية وأجوبة واهية.

الثالث: في تحقيق مسائل يضطر الباحث إلى معرفتها.

الرابع: في بيان القاعدة المقررة.

الخامس: في بيان الخلاف في المسألة.

السادس: في بيان معنى العبارة الصحيحة.

وما نورده هنا ثلاثة أمور، وهي: 

الأول: عبارة الشيخ أحمد المليباري:

وهي قوله (ولا يفطر بسبق ماء جوف مغتسل عن نحو جنابة كحيض ونفاس إذا كان الاغتسال بلا انغماس في الماء … وخرج بقولي عن "نحو جنابة": الغسل المسنون وغسل التبرد؛ فيفطر بسبق ماءٍ فيه، ولو بلا انغماس).

فحاصل الكلام -على ما يظهر -أنه لو اغتسل الصائم بلا انغماسٍ؛ فسبق الماء إلى الجوف: فإن كان الغسل فرضاً لا يُفطر، وإلا بأن كان مسنوناً أو لنحو تبرُّدٍ؛ فإنه يُفطر. الأمر الذي يُخالف المذهب في كون حكم ذلك واحدٌ وأنه لا يُفطر به ولو كان الغسل مندوباً، وهو ظاهر ما في النهاية والتحفة والمغني وفتح الجواد والإمداد، وغيرها أنه لا يُفطر حتى في المسنون.

الثاني: بعض مسائل يحتاجها من يدرس هذه المسألة:

1-في سبق الماء إلى الجوف بالمضمضة، أو الاستنشاق المشروعين ثلاثة أقوال: الأول -وهو المذهب -أنه إن بالغ أفطر، وإلا فلا. الثاني: يُفطر سواءً بالغ أم لا، الثالث: لا يُفطر سواءً بالغ أم لا، كما في المنهاج وشروحه، والنهاية والمغني وفتح المُعين.

2-سبقه إليه في الاستنشاق أو المضمضة غير المشروعين، كأن يجعل الماء في أنفه أو فمه لا لغرضٍ شرعي، يُفطر كما صرح به في النهاية والمغني وشرح الروض.

3-سبقه إليه في غسل التبرد أو التنظف أو فيما زاد على المرة الثالثة من المضمضة -كرابعة، أو الاستنشاق مفطر كما في التحفة والنهاية والمغني، وقيل: لا يفطر في شيءٍ منها، لأن دخول الماء إلى جوفه بدون اختياره.

4-سبقه إليه بالانغماس في الغسل الواجب أو المسنون إذا لم يغلب على ظنه سبقه بالإنغماس لا يفطر عند الرملي، خلافاً لابن حجر.

5-وإن عُرف من عادته سبقه إليه بالانغماس -بأن غلب على ظنه سبقه -فإن لم يتمكن من الغسل إلا على تلك الحالة فلا يُفطر أيضاً عن الرملي، خلافاً لابن حجر، وإذا تمكن من الغسل لا على تلك الحالة أفطر.

6-الغسل المسنون كالغسل الواجب في عدم بطلان الصوم بسبق الماء فيه إذا كان بلا انغماس باتفاق الشيخين الرملي وابن حجر -رحمهما الله تعالى، وبطلانه به إن كان بانغماس عند ابن حجر خلافاً للرملي.

7-يُسن لصائمٍ خشي من الغسل مفطراً ترك جميع الأغسال المسنونة؛ فلا يطلب من الخاشي الغسل المسنون كما في التحفة وفتح المعين وحاشية البجيرمي على شرح المنهج وبشرى الكريم.

8-لا يجب على الصائم إذا كان عليه غُسلٌ واجبٌ -أن يغتسل قبل الفجر، بل يُسنُّ كما صرحوا به.

9-إذا تنجس الفم فاحتاج لتطهيره إلى غرغرة أو مبالغة في المضمضة، فسبق الماء منها إلى جوفه لا يفطر كما في التحفة والنهاية والنهاية والمغني وغيرها.

10-عُلم مما سبق أن الغسل المسنون والواجب يفترقان في أن الصائم إذا خشي سبق الماء من الغسل المسنون فغسله غير مطلوب، بل المطلوب منه تركه وإن سبقه من غير المطلوب يفطر، وإذا خشيه من الغسل الواجب لا يتركه وأنه لا يفطر بالسبق، إلا إذا كان من فعلٍ غير مطلوب فيه كالمبالغة أو المرة الرابعة، هذا كله على المعتمد، وهناك قولٌ بعدم البطلان بالسبق حتى في غسل التبرد والتنظف.

الثالث: في معنى عبارة الشيخ وتوجيهها:

أنه جرى فيها على الخاشي؛ فإن في قول (وخرج بقولي عن جنابةٍ: الغسل المسنون) فإن فيه تفصيلاً كما مرَّ، فيُفطر بسبق الماء لمن خشي ذلك، ولذا فإنه يُسن له ترك جميع الأغسال المسنونة، خلاف سبقه في الغسل الواجب إلى جوف الخاشي، فإنه لا يُفطر… وأما غير الخاشي فلا يُفطر بسبق الماء إلى جوفه في الغسل المسنون على المعتمد، وهناك قولٌ بالإفطار مطلقاً كما سبق. وعليه فيكون قول الشيخ أحمد المليباري جارٍ على المعتمد في المذهب بالنظر إلى الخاشي، وأما بالنظر إلى غيره فيكون جارٍ على غير المعتمد.

وختم الباحث بقوله: وحمل عبارة الشيخ على هذا المعنى أولى … وخيرٌ من تخطئته، بل إن كلامه فيه فطنه لمن تنبَّه له.




تصوير المطلب في التعبير "بالمذهب" دراسة تحليلية لتعبير النووي في المنهاج بـ"المذهب"

تصوير المطلب في التعبير "بالمذهب"

دراسة تحليلية لتعبير النووي في المنهاج بـ"المذهب"

عبد البصير سليمان المليباري



تمهيد: هذا بحث صغير فيه شرحٌ وافٍ لثلاث عبارات مهمة، اثنتين وقعتا في التحفة لابن حجر الهيتمي (ت 749 هـ) في التعبير بـ"المذهب" و"الطرق"، والعبارة الثالثة عبارة وقعت في شرح المحلي على "المنهاج" في بيان معنى "الطرق"، وفيها:

-أن التعبير بالطريقين أو الطريق: لا يكون إلا مع القطع والجزم بقول مع حكاية الخلاف؛ فيكون هناك طريق خلاف وطرق قطع.

-وأن المذهب هو الترجيح بين الطرق في حكاية أقوال الإمام أو وجوه الأصحاب، وكون هذه الطريق أصح من غيرها وأولى (وقد يُعبر عنه بالخلاف المرتب =وهو الذي يكون على أحد القولين: قولان، وعلى الآخر قولٌ واحدٌ مقطوعٌ به).

ومما سبق، نستفيد أن قول الإمام النووي المذهب، يُفيد ما يلي: 

أولاً: أن هناك في المسألة خلافاً.

ثانياً: أن الخلاف من طريقين أو طرق، وأنه بين الأصحاب في حكاية المذهب.

ثالثاً: أن الحكم الذي عبر عنه بالمذهب هو الراجح.

رابعاً: أن كل ما سوى المذهب فهو مرجوح.

خامساً: أن في المسألة طريقاً حاكيةً للخلاف، وطريقاً قاطعة، وقد تتعدد القاطعة.

سادساً: يحتمل أن يكون الخلاف في الطرق أقوالاً فقط، أو أوجهاً فقط، أو مركباً منهما. 

سابعاً: لم يلتزم الإمام النووي في كل مسألةٍ فيها طريقان أن يُعبر عن إحداهما بالمذهب، لأنه لم يُلزم نفسه بذلك.

ثامناً: أنه قد يُعبر الإمام النووي في بعض المسائل بالمذهب إشارة إلى معنى الراجح، مع أنه لم يُنقل في المسألة طريقان، ويحتمل أن يكون الراجح هو الأظهر، أو المشهور، أو الأصح، أو الصحيح، لأنه لم يُبين مرتبة الخلاف قوةً وضعفاً في تعبيره بالمذهب.

تاسعاً: القطع هو الجزم بقولٍ فقط أو بوجهٍ فحسب، وإنكار ما سواه إما من أصله، أو بحمله على معنى آخر لا بحيث لا يكون في المسألة خلاف.

عاشراً: الجزم: هو ذكر الحكم من غير تعرُّضٍ للخلاف، سواءً نُفي في الحقيقة أم لا، وقد يُطلق الجزم على القطع، إلا أن طريق القطع لا يكون إلا بمعنى نفي الخلاف، وإنما يقع في مقابلة إثبات الخلاف.

حادي عشر: أن الاصطلاح في التعبير بالمذهب المذكور في "المنهاج" و"الروضة" من اصطلاحات النووي -رحمه الله تعالى -الخاصة.

ثاني عشر: أن من المتأخرين من ارتضى لنفسه هذا الاصطلاح.

رابع عشر: أن اصطلاح النووي في التعبير بالمذهب يشبه اصطلاحه في التعبير بالنص، فكما أن التعبير بالمذهب يدل على أن الخلاف من طريقين أو من طرق، وانه مركب من قول ووجه احتمالاً، كذلك التعبير بالنص يدل على أن الخلاف من قولٍ ووجهٍ وأنه مركب منهما لكن يقيناً، وكما أن المعبر عنه بالمذهب هو الراجح، كذلك المعبر عنه بالنص هو الراجح -وهو قول الشافعي -ومقابله المرجوح.


غلاف الكتاب

توضيح عبارة الإمام المحلي في التعبير (بالمذهب)، عن القول المقطوع به من القولين أو الوجهين.
شرح لعبارة ابن حجر الهيثمي في التعبير عن المذهب الذي هو الطريثق المقطوع به في مقابلة الطريق أو الطرق المحكية.

شرح لعبارة ابن حجر الهيثمي في التعبير (بالمذهب) المتضمن طريقاً حاكية، وطريقاً ثانيةً قاطعة، التي تكون هي المذهب غالباً.



الاثنين، 13 ديسمبر 2021

الله جل جلاله ...................-تأليف سعيد حوى

الله جل جلاله

سعيد حوى

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا كتابٌ جيِّدٌ، يستعرض فيه الشيخ سعيد حوى بعض الآيات الكونية الدالة على وجود الله سبحانه وتعالى، وذلك من خلال عرض تسع ظواهر كونية، كل واحدٍ منها كافٍ في الدلالة على الله سبحانه، والقصد من دراسة هذه الظواهر هو تحقيق الإيمان بالله والوصول إلى العلم به، بتحكيم قواعد العقل، ومعرفة الله سبحانه ابتداءً إنما تكون بالعقل، ولما كانت منافذ العقل الأساسية ثلاثة، وهي: الكون، والقرآن، والمعجزات والكرامات، اختار الشيخ سعيد أن يكون محور هذا الكتاب عن (الكون) وما فيه من عجيب صنع الله، ونجد في كل ظاهرة من الظواهر التسع جوانب لا تُعدُّ ولا تُحصى كلها يدلُّ على الله تعالى.

وتكمن أهمية التعرف إلى هذه الظواهر، تعميق الإيمان بالله جل في علاه وتمتينه، بالإضافة إلى أن الدارس لها يستطيع الرد على شُبه المُلحدين، والمشككين بوجود الله، والتعرف -أيضاً -إلى أسباب انحرافاتهم وإلحادهم، والتي حصرها الشيخ في أربعة عوامل رئيسية، وهي: الجهل، والكبر، والانحراف، والظلم، وفي نهاية الكتاب عقد الشيخ مقارنات بين الإسلام والديانات الأخرى المختلفة.

وأما الظواهر التسع التي بحثها في كتابه، فهي:

(١) ظاهرة حدوث الكون، يعرض من خلالها: قوانين الحرارة، والحركة، والطاقة الشمسية.

(٢) ظاهرة الإرادة، والتي تعني إبطال الصدفة، من خلال إثبات العلم المحيط، والإرادة الكاملة.

(٣) ظاهرة الحياة، والإنشاء من العدم، والرد على نظرية التطور، ودلالة الحياة على الله سبحانه من أربع جوانب رئيسية، وهي: نشأتها، وتنوعها، والإنسان، والأخلاق.

(٤) ظاهرة الإجابة، عند الاضطرار في ساعة الخطر.

(٥) ظاهرة الهداية: المتمثلة في هداية كل مخلوق إلى وظيفته الأساسية في الحياة.

(٦) ظاهرة الإبداع والإتقان لعناصر المكونات، وكافة المخلوقات.

(٧) ظاهرة الحكمة: وأن كل شيءٍ مخلوقٌ بقدر معلوم ولحكمة معلومة.

(٨) ظاهرة العناية: الإيجاد والإمداد، والإحياء والإماتة.

(٩) ظاهرة الوحدة: وتكامل عناصر هذا الكون، وتناسقها.

وأما الكتب التي أشار إليها في كتاب، وتعتبر المراجع الأساسية له:

-كبرى اليقينيات الكونية، د. محمد البوطي.

-مصير البشرية، دي نوي.

-الله يتجلى في عصر العلم؛ تأليف نخبة من العلماء الأمريكيين.

-مع الله في السماء؛ لأحمد زكي

-قصة الإيمان، للشيخ نديم الجسر.

-العلم يدعو إلى الإيمان، كريسي موريسون.

-الإسلام ونظرية داروين، محمد أحمد باشميل.

-الله والعلم الحديث، عبد الرزاق نوفل.

-من مذكرات جميل الشطبي.

-الله؛ للعقاد.

-العقائد؛ لحسن البنا.

-الوجود الحق؛ لحسن هويدي.

-عوداً على بدء، لسعيد النورسي.

-الوابل الصيب؛ لابن القيم.

-حقائق الإسلام، وأباطيل خصومه، للعقاد.

عقيدة الشيخ سعيد حوى في أسماء الله وصفاته:

يرى الشيخ سعيد حوى عقيدة متأخري الأشاعرة الذين جمعوا بين التأويل والتفويض، وذلك أنه يعتقد أن صفات الباري سبحانه من قسم المتشابه، فتراه مثلاً يتأوَّلَ في صفة اليد، ويُفوِّضُ في صفة الاستواء، وهو ما ذكره اللقاني في تحفته، فقال:

وكل نص أوهم التشبيها…أوله أو فوض ورم تنزيها

وقد تحدث الشيخ سعيد عن عقيدته في آيات الصفات بكلامٍ مُوهمٍ، فهم منه بعض الباحثين أن الشيخ يذهب إلى طريقة السلف في الإثبات، وذلك في قوله: "وعقيدتي فيها -أي في آيات الصفات -كما سجلتها في أكثر من مكانٍ الإثبات مع التنزيه في كل آيات وأحاديث الصفات" (انظر: إحياء الربانية، ص 91)، والصواب أن طريقة الشيخ سعيد حوى في الأسماء والصفات هي طريقة متأخري الأشاعرة الذين جمعوا بين التأويل والتفويض، ويرى -تبعاً للأشاعرة -تقسيم الصفات إلى ثلاثة أقسام:

صفة نفسية: وهي وجود الذات.

صفات معاني: وهي الصفات التي تدل على معنى زائدٍ عن الذات، وهي سبع صفات: (العلم، والإرادة، والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام).

صفات سلبية: وهي التي تدلُّ على سلب ما لا يليق بالله سبحانه، وهي خمسة: (الوحدانية، والقدم، والبقاء، والقيام بالنفس، والمخالفة للحوادث).

يُنظر في هذا الأمر، ما يلي:

-مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات، محمد بن خليفة التميمي، أضواء السلف، الرياض -السعودية، ط1، 2002.

-تسهيل العقيدة الإسلامية، عبد الله بن جبرين، دار العصيمي، ط 2، منشور.




الأحد، 12 ديسمبر 2021

شرح نظم الورقات للعمريطي الشيخ محمد الصالح العثيمين

شرح نظم الورقات للعمريطي

الشيخ محمد الصالح العثيمين

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا شرحٌ وجيز لنظم الإمام العمريطي على ورقات الإمام الجويني رحمهما الله تعالى، وقد سمَّى العمريطي نظمه باسم (تسهيل الطرقات في نظم الورقات)، وكان تأليفه له استجابةً لطلب إخوانه، الذين أشاروا عليه بوضع نظمٍ للورقات ليسهل عليهم حفظه، وإلى ذلك أشار في مقدمة نظمه، بقوله:

وَقَدْ سُئِلْتُ مُدَّةً فِي نَظْمِهِ مُسَهِّلاً لِحِفْظِهِ وَفَهْمِهِ

 ويقع هذا النظم الجميل، في مئتي وأحد عشر بيتاً، وقد أشار إلى ذلك العمريطي في آخر نظمه، بقوله:

وَتَمَّ نَظْمُ هَـــــــــــــذِهِ الْمُقَدِّمَهْ أَبْيَاتُهَا في الْعَدِّ دُرٌّ مُحْكَمَهْ

أي: تم نظم هذه المقدمة الوجيزة لما كتبه إمام الحرمين الجويني في الورقات، وأبياتها في نظام العد بالحروف (دُرٌّ) في الأبجدية، وهي مائتي وأربعة أبيات، ذلك أن الدال في الأبجدية أربعة، والراء مائتان.

بل إنه أشار إلى العام الذي أتمَّ فيه هذا النظم، فقال:

فِي عَامِ طَاءٍ ثُمَّ ظاءٍ ثُمَّ فَـــــا ثَانِي رَبِيعِ شَهْرِ وَضْعِ الْمُصْطَفَى

 أي: تمام هذا النظم، كان في العام (989 هـ)؛ والطاء في حروف أبجد تُحسب بتسعة، والظاء بتسعمائة، والفاء بثمانين. وذلك في الثاني عشر من شهر ربيع الأول الذي ولد فيه النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان هذا النظم في آخر حياته.

وهذا الشرح -كما تقدَّم -للشيخ محمد بن الصالح العثيمين رحمه الله تعالى رحمةً واسعة، وهو شرحٌ ماتعٌ نافعٌ مليء بالفوائد، كباقي مؤلفاته المباركة، المليئة بالنفائس والتعليقات والفوائد.

وقد طُبع هذا النظم عدة مرات منها: في مطبعة مصطفى محمد مصر 1357هـ، وفي مقدمة تحقيق للشيخ عبد الكريم بن علي النملة لكتاب: الأنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات للمارديني، وفي آخر شرح المحلي على الورقات تحقيق وتعليق الشيخ عبد السلام شنار، وفي مطابع ابن تيمية في القاهرة الطبعة الثانية 1415هـ، وفي دار الصميعي الرياض 1416هـ مع أصله متن الورقات.

التعريف بالناظم العِمريِطي (ت بعد 989 هـ):

هو يحيى بن نور الدين أبي الخير بن موسى العمريطي الشافعيّ الأنصاري الأزهري، شرف الدين "نحوي"، فقيه شافعيّ، من العلماء، من قرية عمريط (بشرقية مصر). له عدة منظومات، منها: "الدرة البهية في نظم الأجرومية -ط" نحو، و"نهاية التدريب في نظم غاية التقريب -ط" في فقه الشافعية، و"نظم التحرير -ط " فقه، و"تسهيل الطرقات في نظم الورقات -ط" في أصول الفقه، و" أرجوزة في النحو -خ " أولها: " الحمد للَّه الّذي قد وفقا". عن الأعلام للزركلي (8/ 174).

من الشروحات المطبوعة على نظم الورقات للعمريطي:

1-جني الثمرات من نظم الورقات، للشيخ سعيد الكملي، ط -دار ابن حزم.

2-حنبلة نظم الورقات، الشيخ عامر بن محمد فداء بهجت، كتاب إلكتروني منشور.

3-شرح نظم الورقات؛ للشيخ محمد بن الصالح العثيمين، ط -دار ابن الجوزي.

4-تنوير الشرفات شرح نظم الورقات، د. ضرغام منهل محمد، ط -النور المبين.

5-أروع العبارات على نظم العمريطي على الورقات، محمد بن سيدي محمد مولاي، ط -دار يوسف بن تاشفين.

6-شرح منظومة الورقات، محمد علوي المالكي، ط -دار الكتب العلمية.

7-لطائف الإشارات إلى شرح نظم الورقات، عبد الحميد بن محمد علي، ط -دار البيروتي.




الخميس، 9 ديسمبر 2021

زكاة العسل أ. د. سلمان بن نصر الداية -بحث علمي منشور

زكاة العسل

أ. د. سلمان بن نصر الداية

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ العسل شرابٌ لذيذٌ طعمه، حلوٌ مذاقه، خلقه الله سبحانه في بطون النحل ألواناً مختلفةً، وجعله دواءً وغذاءً وحلوى وشفاء، وذكر العلماء من فوائده: أنه يجلو الأوساخ في العروق، ويدفع الفضلات في الأمعاء، ويغسل المعدة، ويُنقي الكبد والصدر، ويُدرُّ البول والطمث، وينفع للسعال، وأنه يقتل القمل والصئبان، ويُطيل الشعر ويُحسنه، وإن اكتحل به يجلو البصر، كلُّ ذلك وأكثر منه، مصداق قول الله جل في عُلاه: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: 68، 69).

وهذه رسالةٌ نفيسة في بيان حكم الزكاة في العسل، والذي ذهب إليه شيخنا الباحث -وفقه الله -إلى أن الفقراء والمساكين لهم حقٌّ في العسل عند أصحاب المناحل، وهي -بلا شك -مسألةٌ اختلف فيها الفقهاء والعلماء، وتفصيل ذلك كما يلي:

أولاً: مذاهب العلماء في ذلك:

1.ذهب مالك والشافعي في الجديد، وغيرهما: إلى أنه لا زكاة في العسل، وهو قول جمهور العلماء. 

2.وذهب الحنفية، وأحمد وغيرهما: إلى وجوب الزكاة في العسل.

واشترط أبو حنيفة في إيجاب الزكاة في العسل، أن يكون في أرض عُشرية (وهي الأرض الزراعية التي يجب فيها إخراج العشر فيما يخرج من ريعها، من زكاة الزروع أو زكاة الثمار)، ولم يشترط نصاباً له، فيؤخذ العشر من قليله وكثيره.

وعكس الإمام أحمد، فاشترط أن يبلغ نصاباً، وهو عشرة أفراق، والفرق ستة عشر رطلا عراقيا، وسوَّى في وجوب ذلك بين وجوده في الأرض الخراجية، أو العشرية (والأرض الخراجية: هي التي لا يملكها أحد من المسلمين بعينه، وهي الأرض التي صولح عليها أهلها، وكذا الأرض التي جلا عنها أهلها خوفا وفزعا من المسلمين، والأرض التي فتحت عنوة وتركها الإمام في أيدي أهلها يزرعونها وينتفعون بها بخراج معلوم، سواء أسلم أهلها بعد فتحها أو لم يسلموا. وهي كالأرض الوقف أو الموات، والجبال، والغابات والأودية).

واختلف أحمد مع صاحبي أبي حنيفة في نصاب العسل: 

فقال أبو يوسف: نصابه عشرة أزقاق (والزق وعاء جلدي)، وقال محمد: هو ثمانية أفراق. ونقل عنهما أن النصاب خمسة أوسق كنصاب الحـب والثمر، وأما أحمد بن حنبل فقد أفاد أن نصاب العسل عشرة أفراق. 

واستدلَّ القائلون بوجوب الزكاة في العسل، بأدلةٍ منها:

(1) عن سعدِ بنِ أبي ذُبابٍ أنَّه قَدِمَ على قوْمِه، فقال لهم: في العَسَلِ زكاةٌ؛ فإنَّه لا خيرَ في مالٍ لا يُزَكّى. قال: فقالوا: كَمْ ترى؟ قال: قلتُ:" العُشْرُ". قال: فأَخَذَ منهمُ العُشْرَ. قال: فقَدِمَ به على عُمَرَ، فأَخبَرَه بما فيه. قال: (فأَخَذَه عُمَرُ، وجعَلَه في صَدَقاتِ المُسلِمين).

حديث ضعيف، أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير"، وقال: فيه رواية أخرى عن عمر أصلح من هذه الرواية من غير هذا الوجه، وأخرجه ابن عدي في "الكامل"، قال: فيه والد منير بن عبد الله. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": فيه منير بن عبد الله وهو ضعيف‏‏، وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة": فيه منير بن عبد الله، قال علي بن المديني: منير لا يعرف إلا في هذا الحديث. وقال شعيب الأرناؤوط في "تخريج شرح السُّنة": إسنداه ضعيف. 

(2) وفي الحديث، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، عنِ النبي صلى الله عليه وسلم (أَنه أَخَذَ مِن الْعسلِ الْعشْر).

مختلفٌ في تصحيحه، قال الرباعي في "فتح الغفار": فيه أسامة بن زيد وهو ضعيف، أخرجه ابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح، وقال الأرناؤوط في "تخريج المُسند": إسناده لا يخلو من مقال، وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج": إسناده جيد، وقال ابن دقيق العيد في "الإلمام": فيه نعيم بن حماد وقد مس، عن أسامة بن زيد، فمن يحتج بنسخة عمرو وبالرجلين احتج به.

(3) وفي الحديث عن أَبِي سيارةَ الْمتَعِي، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسالم عن نحلٍ له، فقال له (أدِّ العُشر)؛ قلتُ: يا رسولَ اللهِ ! احْمِ لي جبلها، فحماهُ لي.

حديثٌ ضعيف، أخرجه ابن ماجه في "سننه"، وأحمد في مسنده، والبيهقي في "الكبرى"، وقال البيهقي: هذا الحديث أصحُّ ما رُوي، وهو منقطع، وقال البخاري في "العلل الكبير" منقطع، وأورده الترمذي في "العلل الكبير"، وقال الوادعي في "أحاديث مُعلة": منقطع، وقال الأرناؤوط في "تخريج زاد المعاد": منقطع، وقال ابن باز في "الفوائد البازية": المعروف في أحاديث زكاة (النحل) أنها كلها ضعيفة، فالذي نعرف ونحفظ أنها كلها ضعيفة، وقال الألباني: حسن صحيح.

(4) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: (أتى هِلَالٌ -أحدُ بني مُتعان -إِلَى رسولِ اللَّـهِ بِعشُورِ نَحلٍ لَه، وسأَلَه أَن يحمِي لَه وادِيا يقَال لَه سلَبة؛ فحماه له، فلمّا ولى عمرُ كتبَ إلى عاملِهِ: إن أُدِّىَ إليكَ عشورُ نحلِهِ فاحْمِ له سلَبَهُ وإلا فلا).

حديثٌ حسن، أخرجه أبو داود والنسائي في "سننهما"، وأخرجه الطبراني في "الأوسط"، وقال: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن الحارث إلا موسى بن أعين، وقال ابن حزم في المُحلى: لا يصح، وقال ابن حجر العسقلاني في "الفتح": إسناده صحيحٌ إلى عمرو. وقال الحافظ في "التلخيص الحبير": قال الدارقطني: يروى عن عبد الرحمن بن الحارث. وابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب مسنداً، وعن عمر مرسلاً، قلتُ: فهذه علته، وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الإتقان، لكن تابعهما عمرو بن الحارث أحد الثقات، وتابعهما أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب. وقال الأرناؤوط في "تخريج المُسند": لا يخلو إسناده من مقال، وقال الألباني: حسن.

(5) عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: (إنَّ رسولَ اللهِ كان يُؤخذُ في زمانِه من قِرَبِ العسلِ من كلِّ عشرِ قِرَبٍ قربةٌ من أوسطِها).

إسناده ضعيف، أخرجه أبو داود في "سننه"، وقد أشار إليه ابن حجر في "التلخيص"؛ فقال: يروى عن عبد الرحمن بن الحارث.. الخ وليس من أهل الإتقان، وقال الألباني في "إرواء الغليل": صحيح.

(6) عن عمرو بن شعيب، أيضاً: (أنَّ أميرَ الطائفِ كتبَ إلى عمرَ بنِ الخطابِ إنَّ أهلَ العسلِ مَنَعُونا ما كانوا يُعطونَ مَن كان قبلَنا، قال: فكتبَ إليهِ إن أَعطوكَ ما كانوا يُعطونَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاحْمِ لهم وإلا فلا تَحْمِ لهمْ)

إسناده ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وقال الألباني: في "إرواء الغليل": مُرسل!.

(7) عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في كلِّ عشرةِ أزقٍّ زِقُّ).

ضعيف يحتمل التحسين، أخرجه الترمذي في "سننه"، وقال: في إسناده مقال ولا يصح عن النبي في هذا الباب كبير شيء، وأخرجه ابن حبان في «المجروحين»، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» وقال: فيه صدقة بن عبد الله أكثر أحاديثه مما لا يتابع عليه وهو إلى الضعف . وقال البخاري في "العلل الكبير": هو عن نافعٌ مُرسلٌ، وليس في زكاة العسل شيءٌ يصح. وقال ابن القيسراني في "تذكرة الحفاظ": فيه صدقة بن عبد الله السمين ضعيف منكر الحديث، وقال ابن العربي في "تحفة الأحوذي": فيه صدقة بن عبد الله ضعيف الحفظ مبتدع الدين. وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية": ولا يصح عن النبي  صلى الله عليه وسلم  في هذا الباب كبير شيء قال أحمد: فيه صدقة ليس يساوي حديثه شيئاً، وقال النسائي ليس بشيء، وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات، وقال الرازي: وعمرو لا يحتج به. وقال ابن الملقن في "البدر المنير": صدقة السمين ضعيف، وقال ابن حجر في "تلخيص المشكاة": حسنٌ كما قال الترمذي في المقدمة. وقال الكمال بن الهمام في "شرح فتح القدير": ضعيف. وقال الألباني في "تخريج المشكاة": له شاهدٌ بسند جيد.

(8) عن عطاء: أن ناساً من أهل اليمن جاءوا إلى عمر بن الخطاب، فقالوا: (إن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أقطع لنا واديًا باليمنِ فيه خلايا من نحلٍ، وإنا نجدُ ناسًا يسرقونها. فقال عمرُ: إذا أدَّيتم صدقتَها من كلِّ عشرةِ أفراقٍ فَرْقًا حَمَيناها لكم).

 رواه الجوزجاني كما في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (30/ 119)، وشرح سنن أبي داود لابن رسلان (7/ 565)، وقال الألباني في "إرواء الغليل": لم أقف على سنده!.

(9) وقال ابن حزمٍ في "المُحلَّى": وصح عن مكحول والزهري : أن في كل عشرة أزقـاق من العسل زقاً. قال : رويناه من طريق ثابتة عن الأوزاعي، عن الزهري.

(10) واستدلوا بالقياس أيضاً، فقالوا: العسل يتولد من نوى الشجر والزهر، ويكـال ويـدخر فوجبـت فيـه الزكـاة كالحبوب والثمار.

ويرى الذين لا يوجبون الزكاة في العسل: 

(1) أن الأحاديث الورادة في زكاة العسل ضعيفة، ولا يصحُّ منها شيء، وقد أطلق ذلك الإمام البخاري، والترمذي، وابن المنذر، وابن الجوزي.

(2) أن العسل طعام يخرج من حيوان، فلم تجب فيه الزكاة كاللبن.

(3) وأن العسل كالعنبر واللؤلؤ بالقياس، وكما أنه لا زكاة فـي العنبر الذي يقذفه البحر، ولا في اللؤلؤ، فلزم أن يكون العسل لا زكاة فيه.

(4) وفي "سنن الترمذي"، ومصنف "عبد الرزاق"، والموطأ، عن الْمغِيرة ُ بن حكِيمٍ الصَّنعاني أَنه قَالَ: (لَيس فِي الْعـسلِ صدقَة)، وبذلك أفتى عمر بن عبد العزيز.


وقال الشافعي: واختياري ألا يؤخذ منه، لأن السنن والاثار ثابتة فيما يؤخذ منه (يعني لمن أراد إخراج زكاته)، وليست ثابتة فيه، فكان عفواً.

وقال ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت، ولا إجماع، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور.

ويُمكن أن يُجاب على قول الجمهور:

بأنه وإن لم يصح في إيجابه حديث، إلا أنه جاء فيه آثار يقوي بعضها بعضاً، ولأنه يتولد من نور الشجر، والزهر، ويكال ويدخر، فوجبت فيه الزكاة، كالحب والتمر، ولأن الكلفة فيه دون الكلفة في الزروع والثمار (وهو مذهب أهل الورع).

وقد تضمن هذا البحث مقدمة، ومطلباً واحداً، وخاتمة .

أما المقدمة: فجعلتها في العسل غذاء وشفاء.

وأما مطلب البحث: فجعلته في حكم زكاة العسل، وخلاف العلماء فيه، وذكـر أدلة المذاهب ومناقشتها.

وأما خاتمة البحث: فجعلتها في ذكر المذهب المرتضى المختـار، ومسوغات الاختيار، وذكرت فيها نصاب العسل، والقدر المخرج منه زكاة مع الحرص على تأييد كل ذلك بالدليل. 

خاتمة البحث:

بعد استقراء المذاهب والخلاف في المسألة، وأدلة كل مذهب، والمناقشات التي ذكروا، كانت أهم نتائج البحث:

١.أن زكاة العسل من مسائل الخلاف عند العلماء، وذلك بسبب التعارض الظاهري بين الأحاديث والآثار وتباين العلماء في وجه الاستدلال منها.

٢.إن المذهب المرتضى عند الباحث هو المذهب القاضي بوجوب الزكاة في العـسل إذا انتظمت فيه شروطه.

٣.أن للعسل نصاباً يعدل ثلاثين صاعاً، أو تسعين كيلو جراماً.

٤.وأن القدر الواجب من النصاب يختلف باختلاف المؤنـة علـى النحـل، وجني العسل منه، فإن كان يجتنيه من الجبال، أو الكهـوف، أو رؤوس الأشجار، أو كان يصنع له الخلايا، ونحو ذلك ففيه نصف العشر، وإن كان يجتنيه مـن الـسهل ولا يتكلف له ففيه العشر كاملاً.