أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 مارس 2021

إتحاف أهل العصر في مسائل الجمع والقصر -إعداد الأستاذ الدكتور: عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

إتحاف أهل العصر في مسائل الجمع والقصر

إعداد الأستاذ الدكتور

عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة

تمهيد/ إن مما تفضل الله تعالى به على عباده أن جعل السفر والمرض والمطر أسباباً للتخفيف ورفع الحرج، ففي السفر خففت الصلاة الرباعية لاثنتين، وأبيح الفطر والتيمم، وكذلك زيد في مدة مسحه على الخفين، ولا تجب عليه الجمعة وتسقط عنه النوافل عدا سنة الفجر والوتر، وتسقط صلاة العيدين، وشرع الجمع بين الصلوات حال المطر والمرض، وغير ذلك من الرخص التي أُنيطت بتلك العلل المتضمنة للحرج والمشقة، وهذا كله كما ذكرناه آنفا من رحمته سبحانه وتعالى بعباده.

وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزائمه". وهذا الأمر من محاسن شريعتنا.

وبين يدينا بحثٌ نفيسٌ جداً، مكونٌ من خمسة مباحث مهمة، حول الجمع والقصر والمسائل المتعلقة بهما: من أحكام التقديم والتأخير، وأحكام السفر والحكمة منه، وآدابه القبلية، وآدابه وأثناء السفر والبعدية، والأمور التي لا ينبغي ارتكابها في السفر، وأحكامه المتعلقة به، وذكر بعض مسائله.

 وما يُهمنا هنا ذكر بعض المسائل الواردة في الكتاب، وهي:

  •  يشترط لجمع الصلوات (3 شروط):

 -النية: والمراد بها نية الجمع وموضعها من أول الصلاة الأولى إلى سلامها.

 -الترتيب: أي تقديم الأولى على الثانية، وهذا مراعاةً للترتيب بين الصلوات. 

- الموالاة: والمراد بها أن لا يفرق بينهما بوقت طويل بل عليه متى انتهى من إحدى الصلاتين فعليه أن يقوم للأخرى، ولا بأس بالفصل اليسير عرفاً.

-الأسباب المبيحة للجمع غالباً (أربعة)، وهي:

1- السفر. 2- المرض. 3- المطر. 4 - الاستحاضة. ويُلحق بها كل ما أوقع الناس في الحرج والمشقة الشديدة.

  • مسائل متفرقة في الجمع والقصر:

-المسافة التي يقصر ويجمع فيها ما تجاوز ثمانين كيلو متر (أي: مسيرة يومين كاملين)؛ وبه قال جمهور الفقهاء، لأن فيه مشقةٌ ظاهرة، ويحتاج إلى استعداد، ولا بُدَّ من كون السفر مباحاً، والمراد به: ما ليس بحرام ولا مكروه.

-وكذلك يُشترط للقصر في السفر:

*النية عند إرادة السفر. *وأن يُفارق آخر بيوت عامر قريته. *وأن ينوي القصر مع نية الإحرام بالصلاة، ولو لم ينو القصر؛ فإنه يُتمُّ احتياطاً. *وأن لا تكون الصلاة وجبت في حضر، وهو الأحوط. *وأن لا يأتم بمقيم فمتى ائتم بمقيم فلا يجوز له قصر الصلاة ويلزمه الإتمام. *ولا بُد أن يكون القصر واقعا في مدته، وهي أربعة أيام فأقل لمن عزم على الإقامة، وهذا هو الصحيح.

لصلوات التي تقصر: هي الصلوات الرباعية يعني صلاة الظهر والعصر والعشاء، أما الثلاثية والثناية فلا تقصر، ومعنى القصر وكيفيته هو أن يجعل الصلوات الرباعية ركعتين ثم يسلم .

-يجوز التطوع المطلق أثناء السفر؛ كصلاة الضحى وقيام الليل وتحية المسجد وغيرها من الصلوات التي هي غير راتبة أما الرواتب فالسنة تركها عدا سنة الفجر والوتر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركهما في حضر ولا سفر كما جاءت السنة بذلك، وما عداها من الرواتب فالأولى تركها.

لجمع للمسافر جائز؛ لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب؛ فإن جمع وهو نازلٌ فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل.

-لا يجوز جمع صلاة الجمعة مع العصر؛ فمتى نوى المسافر صلاتها جمعة؛ فإنه لا يصح، أما إن صلاها ظهراً فيجوز له يصلي العصر.

-الأفضل في حق المسافر ما كان أرفق به: من جمع التأخير أو التقديم، فإن كان التأخير أرفق أخر، وإن كان التقديم أرفق فليقدم، وذلك لأن الجمع مشروع رفقا بالمكلف فما كان أرفق فهو أفضل.

-إذا تساوى عند المسافر جمع التقديم والتأخير؛ فالأفضل في حقه التأخير. لأن التأخير غاية ما فيه تأخير الأولى عن وقتها، والصلاة بعد وقتها جائزة مجزئة.

-تشترط نية الجمع في وقت الأولى إذا أراد أن يجمع في وقت الثانية (جمع التأخير). وذلك لأنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا لعذر، فلا يجوز تأخير الصلاة إلا بنية الجمع إن وجد سببه. 

-إذا ضاق وقت إحدى الصلوات، ولم يبق إلا قدر ركعة فقط ويدخل عليه وقت الثانية، أو عنده وقتٌ لا يستطيع أن يكمل إحدى الصلوات فيه، فلا يجوز له أن ينوي الجمع، ولا نية الجمع؛ لأن الواجب عليه أن يأتي بالصلاة في وقتها الذي حددته نصوص الشريعة؛ فيصلي الصلاة حسب ما يدركه من وقتها ويستغفر ربه على التأخير، ثم يأتي بالثانية.

-النوم ليس عذراً للجمع، فمن نام عن بعض الصلوات لا يجوز له أن يعقد لهذه الصلوات نية الجمع بل عليه أن ينوي القضاء، والنوم ليس عذراً للجمع، بل هو عذر رافع للإثم فقط.

-يجوز الجمع في المطر الشديد الذي يبُلُّ الثياب ويمنع الناس من الخروج إلى المسجد (جمع تقديم) لأنه المناسب في رفع الحرج، في الظهرين والعشائين، وهو مذهب الشافية وقول الشيخين ابن باز وابن عثيمين.

-حد المطر الذي يباح من خلاله الجمع؛ هو الذي يبل الثياب لكثرته وغزارته فإن كان قليلاً لا يبل الثياب فإن الجمع لا يجوز لانتفاء المشقة عن المكلف.

-الوحل "الزلق والطين" الذي يحصل بسبب المطر ويشق على الناس أن يمشوا عليه، يشرع لهم الجمع بسبه.

- يجوز الجمع مع وجود الريح الشديدة الباردة؛ لحصول المشقة بها، وأما الريح المعتادة فلا يباح لها الجمع، وأما الجمع لأجل البرد وحده فمسألةٌ خلافية، ويُرجع فيه إلى العُرف.

-العمل الناتج عن السفر؛ يجوز له الجمع فيه بين الصلاتين، وأما العمل الذي في الحضر وفيه مشقة على العامل فهذا لا يجوز الجمع فيه.

-يجوز الفصل بين الصلاتين المجموعتين بعمل أو كلام؛ ولكن بشرط عدم الكثرة في العمل أو الكلام؛ بحيث: يجعلهما يفقدان اسم الجمع عليهما لأن الجمع معناه الضم أي ضم وقت هذه إلى هذه.

-إذا كان المسافر إلى بلد ما ووصل إليها وتقرر عنده أنه سيبقى فيها أكثر من أربعة أيام فإنه لا يجوز له الجمع حينئذ؛ أما إن كان غير معروف لديه المدة فإنه يجوز له القصر والأولى في حقه عدم الجمع لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع إذا كان على ظهر سير وهذا هو الغالب من فعله وإن جمع فلا حرج.

-إذا دخل وقت الصلاة على المسافر وهو في البلد ثم ارتحل قبل أن يصلي جاز له الجمع وكذا القصر في أصح أقوال أهل العلم، متى غادر معمور البلد، والعبرة هنا بوقت الفعل لا بوقت الخروج من البلد.

-الحجاج سواء كانوا من أهل مكة أو غيرهم يُشرع لهم الجمع والقصر في الحج بخلاف من قال بأن أهل مكة لا يقصرون ولا يجمعون لأنهم غير مسافرين. والصحيح ما ذكرناه لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في حجة الوداع وحج معه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام.

-يجوز للحاج الجمع بين الصلوات في منى يوم التروية وأيام التشريق، لكن تركه أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله.

-ليس هناك تلازم بين الجمع والقصر؛ فللمسافر أن يقصر ولا يجمع، بل إن ترك الجمع له أفضل إن كان نازلاً غير ظاعن كما فعله صلى الله عليه وسلم في منى حجة الوداع فإنه قصر ولم يجمع.

-



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق