أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 مارس 2021

بدع الجنائز ومحدثاتها -إعداد: الأمين الحاج محمد

بدع الجنائز ومحدثاتها

إعداد: الأمين الحاج محمد


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ للبدعة آثارٌ سيئة كثيرة في الأمة؛ أبرزها: طمس السنن الصحاح ومحوها، وتقديم الاستحسانات العقلية على المحاسن الشرعية، بالإضافة إلى الضلال الذي هو أعظم آثارها، وسرعة انتشارها بين الناس، وقد تواترت عبارات الأئمة والحفاظ في التحذير من الابتداع في الدين؛ كالإمام مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم، وقال الفضيل بن عياض: الزم طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين.

والبدعة في الشرع: هي كل أمرٍ ليس له أصلٌ في الكتاب، أو السنة، ولا أجمعت عليه الأمة، وهي بهذا المعنى مذمومةٌ كلها، بخلاف البدعة اللغوية، وهذه البدع منها هو كُفرٌ بالله عز وجل، ومنها ما هو مُحرَّم غليظ، ومنها ما هو مكروهٌ فعله.

وقد جاءت هذه الشريعة الغراء كاملةً تامةً لا تقبل زيادةً ولا نقصاً؛ فالزيادة في الدين مردودة كما أن النُّقصان ممنوع، وفي هذا الكتاب ذكرٌ لجملةٍ من البدع والمنكرات، التي لا أصل لها في الدين، ولا سند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن ينكررها وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

وقد حذَّرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من البدعة والابتداع في الدين في أحاديث كثيرة، جمعها بعضهم؛ فبلغت بضعة عشر حديثاً، مرويَّةٌ عن أربعة عشر صحابياً، وهم العرباض بن سارية، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، جرير بن عبد الله البجلي، وأبي هريرة، وأبي جحيفة، وحذيفة بن اليمان، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، ومعاذ بن جبل، وبلال بن رباح، ورفاعة بن رافع الزرقي، وخُبيب بن عدي رضوان الله عليهم أجمعين.

ومن أشهر هذه الأحاديث، قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وفي روايةٍ: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقوله: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة).

ومن البدع التي نُهي عنها في الجنائز: النعي المُحرَّم: 

وهو الإعلام بموت الميّت بقصد الشُّهرة والمفاخرة والمباهاة كما يفعله كثيرٌ من المبتدعة من النداء في المآذن وعند أبواب المساجد، وفي الإذاعات، وفي الأسواق، وفي الطرقات، وفي وسائل الإعلام (المسموعة، والمرئية، والمشاهدة)؛ ويُنادى في الناس: أن فلاناً مات.

وهذا بخلاف النعي الجائز وهو إعلام الأهل، والإخوان وأهل الفضل كما فعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع النجاشي، حين صلَّى عليه صلاة الغائب.

  • لطم الخدود، وشقِّ الجيوب، ورفع الصوت بالبكاء والعويل: 

وفي هذا العمل إظهارٌ الجزع، والتسخط من قدر الله وقضاؤه، والسنة: أن يحمد الإنسان ربه، ويسترجع، ويذكر أنه لا مُصيبة تعدل فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا بأس بالبكاء بالدمع من غير نواحٍ ولا صياح كما في حديث وفاة إبراهيم، وأن الصبر الذي يُثاب عليه المرء عند الصدمة الأولى.

روى الشيخان، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تلطم الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية).

روى مسلمٌ، عن أبي مالك الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الاحساب، والطعن في الانساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة). وقال: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب).

وروى مسلمٌ في "صحيحه" عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنايحة على الميت).

  • ومن البدع أيضاً:

والتعزية زيادةً على ثلاثة أيام، فالتعزية في أصلها سُنَّةٌ مُستحبة ثلاثة أيامٍ للحضر، ويُكره الزيادة عليه، وتحصل بأيِّ لفظٍ ليس فيه مخالفة شرعية، وأما الكافر فلا يُترحم عليه. 

ومن البدع، قول المُعزِّي: الفاتحة! سواءً قرأها أو لم يقرأها.

ومن البدع، قول المُعزِّي للمُعزَّى: البقيَّة في حياتك! أي ما بقي من عمر هذا المتوفى يُضاف إلى حياتك وهذا شائعٌ في مصر. 

ومن البدع، التحدث في أمور الدنيا والضحك في أثناء التشييع، فهذه بدعةٌ مذمومة؛ فعلى المشيِّع للجنازة مراعاة تلك الحالة في العبرة والعظة، ورعاية شعور أهل الميت المحزونين.

ومن البدع، التأذين والإقامة عند إدخال الميت في حفرته.

ومن البدع، التأبين بعد الدفن بإلقاء الخطب الرنانة، والمبالغة في مدحه والثناء عليه، وقد يقع في ذلك مبالغات كثيرة وكبيرة.

ومن البدع، تكلُّف أهل الميت صُنع الطعام للمُعزّين.

ومن البدع، استئجار المقرئين والوعاظ أو تشغيل القرآن أثناء التعزية.

ومن البدع، اتباع النساء للجنائز، وذلك لاختلاط الرجال بالنساء.

ومن البدع، اتباع الجنازة بالتهليل والتكبير وضرب الطبول، أو إنشاد الأناشيد أو المدائح ونحو ذلك.

ومن البدع، تأخير الجنازة لغير عُذرٍ شرعي، ولا بُدَّ من تحقُّق الموت.

ومن البدع، نقل الميت من مكان لآخر من غير عُذرٍ شرعي؛ فلا يجوز نقلهم حتى ولو كان إلى بقعة مُشرفة كمكة والمدينة وبيت المقدس.

ومن البدع، اعتقاد أن القبر مُظلم حتى يُطعم عن الميت.

ومن البدع، تقديم الدُّخان للمُعزين.

ومن البدع، ختم العزاء بخطبة (رفع الفراش)!! والتي تتضمن تزكية الميت وإطرائه والمبالغة في مدحه، واتهام من لم يفعل ذلك بالتقصير، والسنة: هو الدعاء للميت بظهر الغيب.

ومن البدع، نشر صور المتوفى في الصُّحف والمجلات ومواقع التواصل، وشكر المُعزِّين، وإعادة نشر هذه الصور بصورة متكررة وهذه بدعة سيئة.

ومن البدع، إقامة حفل تأبين بعد وفاة الميت بأربعين يوماً أو بسنة، ويُقدم فيها المرثيات والخطب والثناء على الميت.

ومن البدع، حوليات شيوخ الصوفية، وهي من الوسائل التي يُمارس فيها الشرك الأكبر من الدعاء والنذر والذبح للميت، وتصرف فيها أموالٌ كثيرة.

ومن البدع، تكبير صورة الميت وتعليقها في البيت وعلى أبواب المحلات.

ومن البدع،  إحداد المرأة على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام.

ومن البدع، الوقوف لمدة دقيقة لأرواح الشهداء، وتنكيس الأعلام لذلك، وإعلان الحداد عليهم وعلى غيرهم من الزعماء.

ومن البدع، بناء النُّصب الأصنام للجنود المجهولين، وزيارة هذه النُّصب والأصنام، ووضع أكاليل الزُّهور عليها.

ومن البدع، بناء الأضرحة والعتباب وايقاد السُّرج عليه، واتخاذها عيداً يعتادها الناس من وقتٍ إلى آخر، والكتابة على القبور (انظر إحصائية القباب والأضرحة في العالم الإسلامي، ص 30). 

وقد روى البخاريُّ في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق