أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

منظومة الحافظ الزَّين العراقي في الصور التي يُستحب فيها الوضوء وشرحها لابنه وليِّ الدين العراقي الشَّافعي

منظومة الحافظ الزَّين العراقي في الصور التي يُستحب فيها الوضوء

وشرحها لابنه وليِّ الدين العراقي الشَّافعي

تحقيق راشد بن عامر الغفيلي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ الوضوء في أسمى معانيه هو إفاضة الماء على الأعضاء لإزالة ما علق بها من غبار الشهوات، فإذا به يجرف سيل الخطايا التي امتدت إلى الأطراف وغمرتها، لتصُبح -بعد ذلك -وضَّاءةً بالنور، مُجلَّلةً بالحُسن والبهاء؛ وقد امتزج هذا الماء بالنية الخالصة التي تتدفق إلى أجزاء الروح، فيرتوي منها القلب، ويهتزُّ نشوةً من معاني النعيم الباطن؛ فيثمر الخشوع والتعظيم لله، في أجل مقامات التوحيد والمعرفة.

وهذه رسالةٌ لطيفة مختصرة في "شرح منظومة الحافظ العراقي" عبد الرحيم بن الحُسين العراقي (٨٠٦ هـ) صاحب ألفية الحديث المشهورة، وهي منظومةٌ جمعت أربعين صورةً يُستحبُّ فيها الوضوء، في عشر أبيات.

وقد شرحها ابنه: ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت ٨٢٦ هـ)، وذلك بعزو كل صورةٍ ذُكرت لمن صرَّح به من الأئمة الشَّافعية، من غير ذكر الأدلة عليها، لئلا يطول الكتاب.

نصُّ المنظومة:

١ ـ ويندب للمرء الوضوء فخذ لدى  

مواضع تأتي، وهي ذات تعدد  

٢. قراءة قرآن، سماع، رواية  

ودرس لعلم، والدخول لمسجد  

٣. وذكر، وسعي، مع وقوفي معرف  

زيارة خير العالمين  مُحمَّدِ

٤ ـ وبعضهم عد القبور جميعها

وخطبة غير الجمعة اضمم لما بدي

٥. ونوم، وتأذين، وغُسل جنابة 

إقامة أيضاً، والعبادة فاعدد 

٦. وإن جُنباً يختارُ أكلاً، ونومَه

وشرباً، وعوداً للجماع المجدد

٧. ومن بعد فصد، أو حجامة حاجمٍ

وقيء، وحمل الميت، واللمس باليد 

٨. له أو لخُنثى، أؤ لمسٌ لفرج  

ومسٌّ ولمسٌ فيه خُلفٌ لأمرد  

٩. وأكلُ جزوٍر، غيبة، ونميمة  

وفُحشٌ، وقذف، قول زور مُجرَّد 

١٠. وقهقهة تأتي المصلي، وقصُّنا

لشاربنا، والكذب، والغضب الردي  

الشرح:

الأولى والثاني والثالثة: قراءة قرآن، سماع، رواية، صرَّح بها الرافعي وغيره.

الرابعة: ودرس العلم، كما صرَّح به النووي في "المجموع شرح المهذب"، والمرا دبالعلم الشرعي، ونحوه كعلوم اللغة والبيان والحديث وأصول الفقه.

الخامسة: دخول المسجد، كما عبَّر عنه الرافعي في "المحرر".

السادسة: ذكر الله تعالى، لما رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم (كان يكره أن يذكر الله تعالى إلا على طهارة).

السابعة والثامنة والتاسعة: السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وزيارة قبر النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم، ذكرها النووي في "شرح المهذب" وغيره.

العاشرة: زيارة القبور مُطلقاً، ذكره القاضي حُسين في "شرح فروع ابن الحداد".

الحادي عشر: خُطبة غير الجمعة، ذكره النووي في "شرح المُهذَّب". وقوله (اضمُم لما بدا) أي: اضمم هذا الذي ذكرناه لما بدأنا بذكره.

والثانية والثالثة والرابعة والخامسة عشرة: إرادة النوم، والأذان، والإقامة، وغُسل الجنابة، ذكرها النووي في "شرح المهذب". وتعبيره "بالجنابة" للتمثيل لا للتقيد؛ فيُستحبُّ الوضوء في كل غُسلٍ واجبٍ، سواءٌ كان غُسل حيضٍ أو نفاسٍ أو غُسل ميتٍ. والظاهر استحباب الوضوء في الغُسل المسنون -أيضاً -إذ هو على صورة الغُسل الواجب.

السادسة عشرة: عيادة المريض، وفيه حديثٌ عند أبي داود وهو ضعيف، وعن البغوي أنه لا يُستحب.

السابعة والثامنة والتاسعة عشرة والعشرون: إذا أراد الجُنب الأكل أو الشُّب، أو النوم، أو الجماع، ذكرها النووي في "شرح المهذب"، وجاءت بها أحاديث صحيحة.

الحادية والعشرون إلى الخامسة والعشرين: الفصد، والحجامة، أي: يُسنُّ للمفصود والمُحتجم، وخروج القيء، وحمل الميت، ومسُّه بيده، ذكرها النووي في "شرح المهذب".

السادس والعشرون: لمس الرجل أو الخنثى لمرأة أو لخنثى، نقله القُمولي في "الجواهر".

السابع والعشرون: مسُّ الخنثى أحد فرجيه، ذكره القمولي عن بعضهم وأقرَّه، وكذلك لو مسَّ فرج غيره من باب أولى.

الثامنة والتاسعة والعشرون: كلُّ مسٍّ اختُلف في النقض به وقلنا لا ينقُض، كمسِّ فرجه بظاهر كفِّه، أو بما بين الأصابع، وكمسِّ الانثيين، وكلمس ذوات المحارم، والصغيرة التي لا تُشتهى، والأمرد. نقلها في"الجواهر عن بعضهم وأقرَّه.

الثلاثون: أكل لحم الجزور، وإن قلنا إنه غير ناقض، ذكره في "شرح المهذب".

الحادية والثلاثون إلى السادسة والثلاثين: الغيبة، والنميمة، والفُحش، والكذبُ، والقذف، وقول الزور، قاله في "شرح المهذب".

السابعة والثلاثون: القهقهة إذا صدرت من المُصلي، وهي: الضحك بصوت، ذكره في "شرح المهذب".

الثامنة والثلاثون: الوضوء لمن قصَّ شاربه، ذكره ابن الصباغ في "فتاويه".

التاسعة والثلاثون: الغضب، ذكره في "شرح المهذب".

الأربعون: كل نومٍ اختُلف في النقض به، وقلنا لا ينقض، كنوم المُمكن مقعدته من الأرض. ذكره القُمولي عن بعضهم.

تذييل:

يقول الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر (ص: 428) في ذكر المواضع التي يستحب فيها الوضوء: وقعت في "الخلاصة" (=وهو نظم لكتاب روضة الطالبين للنووي) في ثمانية أبيات وهي:

* ويندب الوضوء للقراءة

والعلم شرعياً وللراويه

* ولدخول مسجدٍ، وإن غَضِب

وغيبةٍ، وكلِّ زُورٍ ككذب

* والسعيُ، والوقوفُ، والزياره

والنوم، والتأذين، والإمامه

* وجُنُبٍ، للشُّربِ والطعام

والعودِ للجماع والمنام

* مع غسل فرجٍ، لا لذات الدم ما

لم ينقطع، وكرَه تركُه انتمي

* وعائن مع غسله للباطن

وصبه على المُعَان الواهن

* وقصُّ شاربٍ، ونفلُ الخطبة 

وشكَّه، وحمله للميت

وكلُّ ما قيل بنقضه الوضوء

ومن يزد عيادةُ معترض

ولأبي البركات محمد بن محمد الغزي (ت ٩٨٤ هـ) منظومةً فيما يُسنُّ له الوضوء، وشرحها، انظر: لطائف المنَّة لأبي المعالي الغزي (ص ٤١).



الاثنين، 6 ديسمبر 2021

حديث المسيء صلاته دراسة فقهية حديثية/ رسالة ماجستير -الدراسات الإسلامية الطالب فرح محمد عبد الله

حديث المسيء صلاته

دراسة فقهية حديثية/ رسالة ماجستير -الدراسات الإسلامية

الطالب فرح محمد عبد الله

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذه دراسة فقهية حديثية لحديث المُسئ صلاته، وهو حديثٌ مشهورٌ صحيح، اعتمد عليه العلماء في بيان ما يجب في الصلاة وما لا يجب فيها؛ لأنه جاء في مقام البيان والتعليم، وقد قام الباحث بتحليل فقرات هذا الحديث متناً وإسناداً، واستخلاص أكبر قدر من أحكام الصلاة، لا سيما أركان الصلاة المتفق عليها بين الفقهاء والأركان المختلف فيها، مع ذكر بعض السنن المذكورة في الحديث، وبعض مبطلات الصلاة.

والمسيءُ صلاته هو (خلاد بن رافع الزُّرقي)، وكان شهد بدراً وأُحداً، وله من الأولاد "يحيى" وكان له عقبٌ كثير، لكنهم انقرضوا ولم يبق منهم أحد.

وقد ناقش الباحث في هذه الرسالة أموراً كثيرةً، أهمها: 

1/ جمع الروايات المختلفة لهذا الحديث، وبيان اختلاف ألفاظها، وأهمها روايتان:

أ-رواية أبي هُريرة، وهي الرواية الأصح إسناداً، ومُخرَّجة في الصحيحن وغيرهما.

ب-رواية رفاعة بن رافع، وهو أخو المسيء صلاته، ورواياته أكثر فائدة.

2/ بيان أهم الأحكام التي تضمنها هذا الحديث.

ويتكون هذا البحث من مقدمة وفصلين وخاتمة وفهارس عامة، وهي على النحو التالي:

المقدمة، وتشتمل على: سبب اختيار الموضوع، وأهميته، ومشكلته، وأهدافه، والدراسات السابقة.

الفصل الأول: الدراسة الحديثية للحديث، وفيه ثلاث مباحث

المبحث الأول: الحديث برواية أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تخريج الحديث برواية أبي هريرة رضي الله عنه وبيان درجته:

هذا الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (757، 793، 6251، 6252، 6667)، ومسلمٌ في "صحيحه" (397)، وأبو داود (856)، والترمذي في "سننه" (303)، (2692). والنسائي (884). وابن ماجه (1060)، وأحمد في "مسنده" (9635)، والبيهقي في "الكبرى" (2765، 3942)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (2959).

المطلب الثاني: ترجمة راوي الحديث "أبي هريرة رضي الله عنه"، وفيه: 

اسمه، ونسبه، وكثرة روايته، وحرصه على الحديث، واعتراف الصحابة بفضله، والردُّ على بعض الشُّبه التي أُثيرت حوله، والأسباب التي مكنته من الحفظ، ووفاته (انظرها)

المبحث الثاني : حديث رفاعة بن رافع وبيان درجته، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: تخريج الحديث في كتب السنة:

أخرجه أبو داود في سننه (859) مختصراً وفي إسناده محمد بن عمرو "صدوقٌ له أوهام"، والترمذي (302) وفيه يحيى بن علي الزرقي "مقبول"، وأخرجه ابن ماجه (460) والنسائي في "الكبرى" (726)، وأحمد في "المسند" (18995)، والدارمي في "سننه" (1368) أربعتهم بإسناد صحيح ورواتهم ثقات.

المطلب الثاني : دراسة الأسانيد وبيان درجتها.


المطلب الثالث : التعريف براوي الحديث "رفاعة الزرقي: 

وهو "رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الزُّرقي"، وفيه: نسبه، وأمه، والمشاهد التي حضرها، وروايته، ووفاته.

الفصل الثاني : الدراسة الفقهية للحديث:

المبحث الأول: شروط الصلاة وأركانها من خلال الحديث؛ وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: شروط الصلاة الواردة في الحديث:

1-الطهارة.

2-استقبال القبلة، ويشترط فيها: الأمن، والقدرة.

يدلُّ عليهما، قوله ((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ))

المطلب الثاني: الأركان المتفق عليها من خلال الحديث:

1- تكبيرة الإحرام (على خلاف في الصيغة المجزئة).

2- والـقيام مع القدرة.

3-والقراءة (والفاتحةُ ركنٌ عند الجمهور، وسنة عند الحنفية).

4-والركوع.

5-والسجود.

يدلُّ لذلك قوله: (فَكَبِّرْ ثم اقرأ بِمَا تيسَّر معك من القرآن، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا … ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، … ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، … وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا)

المطلب الثالث : الأركان المختلف فيها من خلال الحديث:

1-الرفع من الركوع (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).

2-الرفع من السجود (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).

3-الجلوس بين السجدتين (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).

4-الاعتدال في الجلوس والقيام من الركوع، على التفصيل السابق.

5-الطمأنينة (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).

6-ترتيب الأركان، وهو مُستفادٌ من قوله (ثُم) (وهو عند الحنفية شرط، وعند الجمهور ركن)..

ويدلُّ لذلك، قوله: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ (تستوي) قَائِمًا … ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ (تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ) جَالِسًا، … ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا …).

المطلب الرابع : الأركان التي لـم تذكر في الحديث:

وهناك ستة أركان لـم تذكر في الحديث، ثلاثة منها مُتفقٌ عليها، وثلاثة مُختلفٌ فيها.

أما الأركان المتفق عليها، ولم تُذكر في هذا الحديث؛ فهي: النية، والجلوس للتشهد الأخير (على خلافٍ في قدره)، وترتيب أركان الصلاة (وقد استنبطها بعض العلماء من نفس الحديث).

وأما الأركان المختلف فيها، ولم تُذكر في هذا الحديث؛ فهي: 

1- التشهد الأخير (واجبٌ عند أحمد والشافعي، وسُنة عند مالك وأبي حنيفة)، واختار أبو حنيفة تشهد ابن مسعود ، واختار مالك تشهد عمر بن الخطاب واختار الشافعي: تتشهد ابن عباس.

2-السلام الأول: (فرض عند الجمهور، ومُستحبُ عند الحنفية).

3-الصلاة على النبيِّ في التشهد الأخير (وهي ركن عند أحمد والشافعي، وسنة عند مالك وأبي حنيفة).

المبحث الثاني: أحكام أخري مستنبطة من الحديث، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: السنن والمستحبات المستنبطة من الحديث، وهي:

1-التعوذ قبل القراءة (مستحب عند الجمهور، مكروهٌ عند المالكية).

2-دعاء الاستفتاح (مستحب عند الجمهور، مكروهٌ عند المالكية).

3-رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام.

4-وضع اليد اليُمنى على اليُسرى.

8-5 -تكبيرات الانتقال (مستحبة عند المالكية والشافعية، سُنَّةٌ عند الحنفية، وواجبةٌ عند والحنابلة =عدا تكبيرة المسبوق الذي أدرك إمامه راكعاً، فله تركها ولكن يأتي بتكبيرة الإحرام).

9-هيئة الجلوس في الصلاة.

10-وضع اليدين على الفخذين (على خلاف في كيفية الإشارة بالأصابع).

11-التحميد والتسميع (سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد).

12-جهر الإمام بالتكبير والتسميع والسلام (سُنة عند الجمهور، مندوبٌ عند المالكية).

المطلب الثاني: مبطلات الصلاة من خلال الحديث

1-الأكل والشرب عمداً.

2-الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة.

3-العمل الكثير عمداً.

4- ترك ركن أو شرط عمداً وبدون عذر.

5-الضحك في الصلاة.

أهم نتائج الدراسة (عند الباحث):

من خلال الدراسة الحديثية الفقهية لهذا الحديث توصلت إلى نتائج وتوصيات، أوجزها فيما يلي: 

1. يروى هذا الحديث عن طريق صحابيين جليلين فقط وهما: (أبو هريرة ، ورفاعة بن رافع رضي الله عنهما). 

2. أما رواية أبي هريرة فهي رواية متفق عليها في الصحيحين، بينما رواية رفاعة بن رافع لم ترد في الصحيحين بل وردت في كتب السنة الأخرى. وقد بينت درجة أسانيدها وحكمت عليها.

3. هذا الحديث وإن كان هو عمدة العلماء فيما يجب وما لا يجب في الصلاة إلا  أنه لم يستوعب جميع أركان الصلاة فهناك أركان متفق عليها ومختلف فيها لم تذكر فيه .  

4. ليس كل ما ورد في الحديث واجبا بل فيه سنن ومستحبات ومندوبات.

5. يمكن أن تستنبط مبطلات الصلاة من قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ارجع فصلي فإنك لم تصل)، فنفيه صلى الله عليه وسلم لصلاته يستفاد منه أنه أتى بما ينافي صحتها وهو ما يعرف عند الفقهاء بمبطلات الصلاة.

أهم التوصيات:  

1. أوصي طلبة العلم والباحثين في مجال الحديث بالاعتناء بالدراسات الحديثية الفقهية حتى نؤصل لكثير من القضايا الفقهية التي وضعها علمائنا الأفاضل ولم يذكروا أدلتها وقتها وذلك حسب ما يقتضيه زمانهم .  

2. كما أوصي مؤسسات التعليم العالي المتخصصة في الدراسات الإسلامية بإقامة مشاريع متخصصة تتبنى تخريج أحاديث كتب الفقه التي تدرس في المساجد  السودانية، وأن يبدأ المشروع بكتب المذهب المالكي باعتباره السائد والأكثر انتشاراً في هذا البلد.  

3. كما أوصي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتصنيف البحوث العلمية الواردة إليها كل عام على حدة، ثم اختيار أفضل مئة بحث في كل مجال لابتعاث  أصحاب البحوث المتميزة خارج البلاد ليكملوا مراحلهم التعليمية التالية في جامعات أكثر تخصصاً ودقة.




الأحد، 5 ديسمبر 2021

مُلحق شرح حديث المُسيء صلاته من "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

مُلحق شرح حديث المُسيء صلاته من "فتح الباري شرح صحيح البخاري"

لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

(773 -852 هـ)

بعناية بسام عبد الوهاب الجابي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا جزء صغير في شرح حديث المسيء صلاته، من كتاب "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر العسقلاني، مجموعاً من مواضع متفرقة منه (2/ 243، 2/ 277، 11/ 37، 11/ 553)، وقد ورد هذا الحديث خمس مراتٍ في كتاب "صحيح البخاري": (757، 793، 6251، 6252، 6667) وقد أورد جامع هذه الرسالة شرح ابن حجر من تلك المواضع المتفرقة؛ فجاء تامَّاً وافياً.

ولا شكَّ أن هذا الحديث هو العمدة في استنباط أحكام الصلاة، ومعرفة فروضها وأركانها، وقد اتفق المحدثون والفقهاء على جلالته وعظيم قدره، لأنه جاء في مقام التعليم والبيان للجاهل الذي لا يعلم، وذلك يقتضي انحصار أكثر واجبات الصلاة فيه.

ولذلك قرر الفقهاء: أن كل موضعٍ اختلف في وجوبه في الصلاة، أن لمن تمسَّك بهذا الحديث وجهٌ قويٌّ في وجوبه، ولا بُدَّ مع ذلك من جمع طرق الحديث من كتب السُّنة، والنظر إليها نظرةً جمعيَّة حتى تكتمل صورة الصلاة المجزئة وتتضح.

وقد تكون هناك أشياء واجبة ولكنها لم تُذكر في هذا الحديث، ولكن يُعلم وجوبها من أدلةٍ أخرى قوية ترجح فيها جانب الوجوب، وما عدا ذلك فهو مُستحبٌّ ومن الهيئات قطعاً.

وقد جمع الحافظ ابن حجر طرق هذا الحديث الورادة من حديث أبي هريرة، ورفاعة بن رافع استجابةً لأمر ابن دقيق العيد الذي رأى ضرورة ذلك في شرحه لعمدة الأحكام، وجمع الزيادات التي في هذه الروايات، وما فيها من الواجبات التي ذُكرت فيها، والواجبات التي لم تُذكر فيها، كالنية، والقعود الأخير، والتشهد الأخير، والصلاة على النبيِّ فيه، والسلام في آخر الصلاة.

وقد قدَّم جامع هذه الرسالة بترجمة وافية للصَّحابي المعروف بـ(المسيء صلاته) وهو خلاد بن رافع الزُّرقي، من كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة" (2278) لابن حجر أيضاً. وقد أتى خلاّد المسجد فصلَّى فيه ركعتين تحيَّة المسجد، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يرمقه، وقد أخفَّ صلاته وأسرع فيها.

وقد جاء هذا الحديث عند البخاري من رواية أبي هريرة، رواه البخاري عن محمد بن بشّار، ومُسدَّد كلاهما، عن يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله بن عُمر العُمري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، ععن أبيه، عن أبي هريرة، (ح) وعن إسحاق بن منصور عن أبي أسامة وعبد الله بن نُميرٍ كلاهما، عن عُبيد الله بن عُمر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة.

وبعضهم ذكر عن سعيد المقبُري عن أبيه، وبعضهم ذكرها بدون أبيه، قال ابن حجر: لكل من الروايتين وجه مرجح أما رواية يحيى فللزيادة من الحافظ وأما الرواية الأخرى فللكثرة ولأن سعيدا لم يوصف بالتدليس وقد ثبت سماعه من أبي هريرة. انتهى. وعليه فكلتا الروايتين صواب.

ومجموع ألفاظ هذا الحديث كما ورد في "البخاري" كما يلي:

(إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، 

ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ؛ 

فَكَبِّرْ

ثم اقرأ بِمَا تيسَّر معك من القرآن،

ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، 

ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ (تستوي) قَائِمًا، 

ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، 

ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ (تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ) جَالِسًا، 

ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا،

ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، 

وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا)

وفي هذا الحديث من الفوائد:

وفي هذا الحديث دليلٌ على وجوب الطمأنينة في أركان الصلاة الفعلية.

وجوب الإعادة على من أخل بشيء من واجبات الصلاة.

وفيه أن الشروع في النافلة ملزم لكن يحتمل أن تكون تلك الصلاة كانت فريضة فيقف الاستدلال. 

وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن التعليم بغير تعنيف وإيضاح المسألة وتخليص المقاصد وطلب المتعلم من العالم أن يعلمه. 

وفيه تكرار السلام ورده وإن لم يخرج من الموضع إذا وقعت صورة انفصال.

وفيه أن القيام في الصلاة ليس مقصوداً لذاته وإنما يقصد للقراءة فيه. 

وفيه جلوس الإمام في المسجد وجلوس أصحابه معه. 

وفيه التسليم للعالم والانقياد له والاعتراف بالتقصير والتصريح بحكم البشرية في جواز الخطأ.

وفيه أن فرائض الوضوء مقصورة على ما ورد به القرآن لا ما زادته السنة فيندب. 

وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ولطف معاشرته.

وفيه تأخير البيان في المجلس للمصلحة...

وفيه حجة على من أجاز القراءة بالفارسية لكون ما ليس بلسان العرب لا يسمى قرآنا قاله عياض. 

وقال النووي وفيه وجوب القراءة في الركعات كلها.

وأن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل يستحب له أن يذكره له وإن لم يسأله عنه ويكون من باب النصيحة لامن الكلام فيما لا معنى له.



السبت، 4 ديسمبر 2021

الأربعون النبوية في حرمة الدماء البشرية الشيخ السيد مُراد سلامة

الأربعون النبوية في حرمة الدماء البشرية

الشيخ السيد مُراد سلامة

بقلم: .أ محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ من المؤسف حقاً أن الطاقات التي كان ينبغي أن تُوظَّف في سبيل البناء والتقدُّم والتنمية باتت تُوظَّف في الهدم والخراب والتدمير، وفي التفريق لا التجميع، وإذا ما نظرتَ إلى وسائل الإعلام بمجموعها، تجد نيران العداوات متأججة بين الدُّعاة إلى الله تعالى، وكأنهم من أديانٍ مُتفرِّقة، لا يرعى بعضهم حُرمة بعض.. بينما ينعم المغنون والمطربون في بلادنا، دون أن يتعرض أحدٌ لهم بالذم أو التنقيص، حتَّى صار كثيرٌ من الدُّعاة ينطبق عليهم قوله (إن منكم مُنفرين)؛ فالرجولة كل الرجولة في أن لا تحقد على أخيك المُسلم الذي يُشاركك في طريق الدعوة، ولا يقودنّك هذا الحقد إلى تعاطي أسباب الإجرام بحقه وبحقِّ غيره من الأبرياء، ودائماً ما نقول: الأتقياء فوق الأهواء؛ لأن رغبتهم إنما تكمن في انتشار الخير، وثبوت الحقِّ أسرع في أنفسهم من رغبة التشفِّي وسرعة الانتقام.

وفي ظلِّ هذه الأوضاع، نجد أنه ما من جريمة تحدث في الدُّنيا إلا ويُشير أعداء الإسلام بأصابع الاتهام إلى هذا الدين، ويبرز هؤلاء همجيتهم المختزنة وأحقادهم الدفينة ليغضَّوا من شرف هذا الدين ويحولوا دون اتباعه، ولقد علموا أن الإسلام هو دين الرحمة والتآلف والتعاضد، وليس دين الحرب وسفك الدماء والقتل.

في حين يتغاضى هؤلاء كما يتغاضى العالم المجرم عن المجازر التي تحدث للمسلمين على أيدي سفاحي العالم من اليهود والهندوس والسيخ وغيرهم من الفرق المُنحلَّة والضالة بحق المستضعفين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

وهذه رسالة تتضمن واحداً وأربعين حديثاً نبوياً صحيحاً في بيان عصمة الدماء في هذه الشريعة الغراء، وتحريم سفك وإراقة الدم الحرام، وبيان أنه من أكبر الكبائر، وشعبةٌ من شُعب الكفر، وأنه سببٌ من أسباب عذاب الله وعقابه، وأن كثرته من علامات السَّاعة، وأن زوال الدنيا أهون عند الله من قتل مسلمٍ بغير حقّ، وفيها وجوب الكفِّ عمَّن قال: (لا إله إلا الله)، والكفُّ عن أهل الذمَّة والمُعاهدين والمستأمنين،وأن من أصاب هذه الجريمة النكراء، فعليه بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى، وأن يؤدي حقَّ الله في نفسه إن كان قصاصاً أو ديةً.

 وقد ترجم المؤلف لهذه الأحاديث بتراجم جيدة، مع بيان بعض المعاني التي تحتاج إلى بيان وإيضاح في الحواشي.




الجمعة، 3 ديسمبر 2021

نيل الرجا بشرح سفينة النجاة وتكملة الشيخ محمد نووي جاوي تأليف العلامة السيد أحمد بن عمر بن عوض الشاطري

نيل الرجا بشرح سفينة النجاة

وتكملة الشيخ محمد نووي جاوي

تأليف العلامة السيد أحمد بن عمر بن عوض الشاطري

(1312 -1360 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الشرح النفيس هو للإمام العلامة أحمد بن عمر الشاطري، صاحب كتاب "الياقوت النفيس في مذهب ابن إدريس" الذي ألفه بإشارة من شيخه عبد الله بن عمر الشاطري، وهو شرحٌ مختصرٌ لمتن سفينة النجاة؛ لمؤلفها الشيخ سالم بن عبد الله بن سُمير الحضرمي، وهو بمثابة الحاشية التي تفكُّ عبارات  هذا المتن، وتُوضح مشكل الألفاظ، وتبسط المسائل، بأسلوبٍ سهلٍ يسير، وقد تميَّز بالإيجاز كذلك، فليس هو بالطويل المُمل، ولا بالقصير المُخل، بل هو شرحٌ وسط مُفيدٌ للطالب المبتدي، ونافعٌ للطالب المنتهي، وقد أتم كتابته سنة (1336 هـ).

يقول الشاطريُّ في مقدمة كتابه: "أما بعد: فإنه لما كان من المقرر في بعض المعاهد العلمية بمدينة «تريم» المحمية تدريس كتاب (سفينة النجاة) للمبتديين من  صغار المتعلمين رجاني بعض أولى الشأن من ذوى الفضل والعرفان، أن أكتب عليه شرحا سهلاً، على طريقة المتقدمين المثلى، تاركاً فيه التطويل والإيعاب، مقتصراً على مادلت عليه عبارة الكتاب، تمريناً لهم عل التعبير عما قد يقوم بالأذهان، من من المفاهيم والمعان؛ فقابلتُ رجاءه بإلقبول، وأسعفته بتحصيل المأمول، فكتبت من الشرح ما سمح به الزمان. متوخياً فيه سهولة العبارة بحسب الإمكان، غير أني ربما زدت  فيه ما قد يحتاج إليه من هو أعلى طبقة من أولئك، لتتضح لهم إلى ما فوقه المسالك، وليكون النفع اعم، والفائدة أتم، إن شاء الله تعالى، وسميته (نيل الرجاء بشرح سفينة النجاة) جعله الله خالصاً لوجهه الكرم. آمين".

وينبغي التنبُّه إلى أن إيماننا بالله عز وجل يتضمن الإيمان بوحدانيته، وإلاهيته، واستحقاقه التفرُّد بالعبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تعطيل، مع اعتقادنا لمعانى هذه الصفات، بالقدر الذي نفهم به وجود هذه الصفة، من غير تمثيلٍ ولا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، كما هي عقيدة سلفنا الصالح وعقيدة إمامنا الشَّافعيِّ رحمه الله تعالى، ولا نذهب إلى ما قاله المؤلف رحمه الله من الاقتصار على الإيمان بالصفات العشرين التي يدندن حولها الأشاعرة -هداهم الله، وغفر الله لنا ولهم، وسائر المسلمين.

قلتُ (محمد حنونة): ورأيتُ أن أجمع هنا المسائل التي اختلف فيها ابن حجر والرملي، وذكرها المؤلف الشاطري في كتابه هذا، فأقول:

هذه أربعةً وأربعون مسألة اختلف فيها العلامة ابن حجر الهيتمي، والعلامة شمس الدين الرملي، وهي:

(20) والعلامة الثانية من علامات البلوغ: خروج المنيِّ بعد إكمالهما تسع سنين قمرية ..فلو وصل المنيُّ إلى القصبة ثم عاد كأن يُمسك ذكره عند إحساسه به لم يبلغ به عند ابن حجر، وخالفه الرملي.

(23) لو اختلط الخارج من المستنجي بجافٍ طاهر، كترابٍ، يرى ابن حجر استعمال الماء وجوباً، وخالف الرملي في الجاف الطاهر، فقال بعدم ضرره.

(27) والرابع من فروض الوضوء وصول البلل ولو بغير فعل فاعلٍ بمسحٍ أو غسلٍ أو نحوهما إلى شيءٍ من بشرة الرأس أو شعره .. فلو بلَّ يده ووضعها على خرقةٍ على رأسه فوصل البلل إلى الرأس أجزأه، قال ابن حجر/ وإن لم يقصد الرأس، وقال الرملي: لا بُدَّ من قصده.

(28) وابتداء مُدة المسح على الخُفين في نهاية الحدث بعد اللُّبس مُطلقاً عند ابن حجر، وقال الرملي من أول الحدث الذي من شأنه أن يقع بالاختيار كالنوم واللمس، ومن آخر الحديث الذي من شأنه أن يقع بغير الاختيار كالبول.

(29) ويُكره في الوضوء الاستعانة بمن يغسل أعضاءه بغير عُذرٍ وتخليل اللحية للمُحرمِ عند الرملي، وقال ابن حجر: يُسنُّ برفقٍ.

(30) النجاسة التي لا يُدركها الطرف المعتدل معفوٌ عنها، كلها عند الرملي، حتى لو كانت من كلبٍ أو خنزير، ويرى ابن حجر أنها إن كانت من كلبٍ أو خنزير فإنها غيرُ معفوٍّ عنها.

(33) أن الثاني من موجبات الغسل خروج المني إلى ظاهر الحشفة من الذكر وظاهر فرج البكر، وما يبدو عند الجلوس على القدمين من الثيِّب.. بشرط أن يكون المنيُّ خارجاً من طريقه المعتاد أو من مُنفتحٍ تحت صُلب الرجل وترائب المرأة .. فإن كان المخرج الأصليُّ منسدٌّ .. فإن لم يكن المخرج الفرعيُّ تحتهما لم يجب الغُسل بخروج المنيِّ منه، وإن كان فيهما وجب عند الرملي خلافاً لابن حجر، فإن كان الأصليُّ مُنسداً خلقةً وجب الغسل بخروج المنيِّ منه مطلقاً، ولو من المنافذ عند ابن حجر خلافاً للرملي.

(39) ويشترط في نية الصلاة ألا يعتقد شيئاً من فروضها سُنَّة .. ولا فرق في جميع الصُّور بين العالم والجاهل عند ابن حجر، وخالفه الرملي في الأخيرة -وهي أن يعتقد أن بعضها فروضاً وبعضها سُنناً من غير تعيين-، فقال: إنها لا تكفي إلا من الجاهل.

(40) ومن نواقض الوضوء خروج شيءٍ من قُبل الحيِّ الواضح أو دُبره .. ولو كان أحد السبيلين مُنسداً انسداداً خلقياً، نقض ما يناسبه بخروجه من أي محل غير المنافذ عند الرملي، خلافاً لابن حجر، القائل بنقضه أيضاً منها، أما إذا كان الانسداد عارضاً فلا نقض إلا بما أخرج من ثقبةٍ تحت المعدة.

(41) ولا ينتقض وضوء من نام مُمكناً مقعدته من الأرض .. نعم، لو أخبره معصومٌ أو عدلٌ بخروج ناقضٍ أو أن أجنبيَّةً مسَّته انتقض وضوؤه عند ابن حجر، وخالفه الرمليُّ في العدل.

(42) أن الثالث من نواقض الوضوء التقاء بشرتي الذكر والأنثى الأجنبيين.. وألحق بالبشرة لحم الأسنان واللسان لا الشعر والسن والظفر، وألحق ابن حجر بها أيضاً باطم العين والعظم الذي ظهر، وخالفه الرملي فيهما، ولا ينقض البعض المنفصل إلا إذا كان فوق النصف عند ابن حجر، أو أطلق عليه الاسم عند الرملي، ولو أخبر عدلٌ بالتلاقي انتقض الوضوء عند ابن حجر، وخالفه الرملي.

(44) ويحرم على المُحدث حمل المُصحف، ولو كان نحو مع متاعٍ.. فإن قصد المتاع فقط أو مع المصحف لم يحرم، أو قصد المصحف وحده حرم، أو أطلق لم يحرم عند الرملي خلافاً لابن حجر.

(47) لو تيقَّن من عدم الماء ولو بخبر العدل، فإنه يتيمم عند الرمليّ، خلافاً لابن حجر.

(48) لو توهَّم حدوث شيءٍ من تغيُّر عضوٍ أو حدوث مرضٍ مع استعمال الماء جاز التيمم مع الإعادة عند ابن حجر، واعتمد الرملي وجوب استعمال الماء.

(50) الكلب الذي لا نفع فيه ولا ضرر قال الشيخ زكريا الأنصاري: يجوز قتله؛ لأنه غير محترم، وخالفه الرملي.

(52) أن الخامس من شروط التيمم قصد المتيمم التراب بالنقل ولو بفعل غيره بإذنه ولو صبياً أو كافراً أو حائضاً عند الرملي، خلافاً لابن حجر، ولا بُد من نية الإذن.

(52) أن السابع من شروط التيمم إزالة نجاسة البدن غير المعفوِّ عنها قبله إن أمكنت وإلا فيصحُّ تيممه معها عند ابن حجر، ويُصلي صلاة فاقد الطهورين عند الرملي، ويجب عليه القضاء عندهما.

(53) أن الثامن من شروط التيمم الاجتهاد في القبلة عند عدم العلم بها قبله، فلا يصحُّ التيمم قبل الاجتهاد وهذا ما اعتمده ابن حجر، وخالفه الرملي، فقال بعدم الاشتراط.

(54) لو نوى في التيمم خطبة الجمعة فإنه لا يستبيح الجمعة عند ابن حجر، وخالفه الرملي، لأن الخطبة فرض كفاية، ولها حكم فرض العين.

(54) ثم إن نوى بالتيمم استباحة فرض الصلاة استباح بالتيمم فرض الصلاة ونفلها وغيرها من مسّ مصحفٍ ونحوه، أو نوى استباحة الصلاة أو الطواف أو صلاة الجنازة استباح به ما عدا فرض الصلاة العينيّ إلا خطبة الجمعة عند الرملي، خلافاً لابن حجر.

(55) ولا بُدَّ من قرن النيَّة بالنقل أي: استحضارها-يعني عند نقل التراب في التيمم -مع استدامتها إلى مسح شيءٍ من الوجه، فتبطل إذا عزبت قبل مسح شيءٍ منه، فإن استحضرها عنده كفت عند الرملي، خلافاً لابن حجر.

(58) والمراد بالمحل الذي يندر أو يغلب فيه فقد الماء، أو يستوي الأمران: محلَّ التيمم عند ابن حجر، ومحلُّ الصلاة عند الرملي.

(59) ويُعفى عند ابن حجر عن حبات العناقيد وشماريخها ونوى التمر وثفله إذا كانت في الخمر وتخللتوخالفه الرملي والخطيب تبعاً لشيخ الإسلام.

(59) أن الثاني من الثلاثة التي تطهر بالاستحالة جلد الميتة إذا دُبغ؛ فيطهر ظاهره وباطنه، والظاهر عند ابن حجر ما لاقاه الدابغ، والباطن ما لم يُلاقه من أحد الوجهين أو ما بينهما، وعند الرملي: الظاهر ما ظهر من وجهيه، والباطن ما بطن.

(78) ويُشترط في التشهد أن يكون بالعربية، فإن عجز ترجم عن المأثور فقط، ويُسنُّ ترتيبه، إلا إن أخلَّ تركه بالمعنى فيضرُّ، وتبطل به الصلاة، وأما مولاته؛ فقال الرملي: تجب، وقال ابن حجر: تُسن، وتشترط فيه بقية شروط الفاتحة الآتية.

(81) وتشترط نيَّة الفرضية إن كانت الصلاة فرضاً، وتعيينُها كصُبحٍ أو ظُهرٍ مثلاً، ونيَّةُ فرضيتها ولو من صبيٍّ عند ابن حجر، وخالفه الرمليُّ فيه.

(88) وأن السادس من شروط الفاتحة أن يقرأ المُصلي جميع آياتها التي منها -أي ومن كلِّ سورةٍ سوى براءة -البسملة، وأما براءةُ فتحرم أوَّلها، وتكره أثناءها عند ابن حجر، وتُكره أولها وتُسنُّ أثناءها عند الرملي، وتُندب أثناء غيرها من السور اتفاقاً.

(93) ولو سجد وهو يُصلي قاعداً على شيءٍ لا يتحرك بحركته، ولو صلى قائماً لتحرك بحركته، لم يضر عند ابن حجر والخطيب، واعتمد الرملي الضرر.

(109) والمعنى أن الصلاة تبطل بسبق المُصلي المأموم إمامه بركنين فعليين ولو غير طويلين .. وخرج بالسَّبق بما ذُكر السَّبقُ بأقلَّ فلا تبطل به لكن يحرم إن كان بركنٍ، وكذا بعضه عند الرملي خلافاً لابن حجر المعتمد فيه الكراهة فقط.

(111) أن الثالث من شروط صحة القدوة أن لا يكون الإمام مأموماً حال الاقتداء به لاستحالة كونه تابعاً ومتبوعاً في وقتٍ واحد، فلو انقطعت القدوة، وقام مسبوقٌ جاز الاقتداء به، ولو في الجمعة عند ابن حجر، وخالفه الرملي. وكتحقق كون الإمام مأموماً الشك في كونه كذلك؛ فلو تردد في رجلين يُصليان، هل الإمام هذا أو هذا، لم يصح الاقتداء بواحدٍ منهما، إلا إن ظنه الإمام بالاجتهاد عند الرملي، خلافاً لابن حجر.

(112) أن السادس من شروط صحة القدوة أن يعلم المأموم، أو أن يظن انتقالات إمامه … أو يسمع صوته أو صوت المُبلِّغ .. واشترط ابن حجر في المُبلِّغ أن يكون عدل روايةٍ، وخالفه بعضهم فقال يكفي الفاسق إذا اعتقد صدقه.

(114) وأن التاسع من شروط صحة القدوة توافق نظم صلاتي المأموم والإمام في الأفعال الظاهرة وإن اختلفا في العدد أو النية… نعم يصحُّ الاقتداء عند ابن حجر في آخر تكبيرات الجنازة وبعد سجود التلاوة والشكر، وخالفه الرملي وكذا في القيام الثاني من الركعة الثانية في الكسوف عندهما، لكن لا تُدرك به الركعة عند ابن حجر، وقال الرملي: تُدرك.

(118) ومن شروط جمع التأخير نيته، وأن يكون الباقي من وقت الظهر إلى آخرها أو المغرب إلى آخرها ما يسعها كلها، وهذا ما اعتمده الرملي، واعتد ابن حجر الاكتفاء بنيته قبل خروج وقت الأولى، ولو بقدر ركعة، فلو ترك النية المذكورة، صارت الأولى في وقت الثانية قضاءً، ويأثم إن علم وتعمَّد.

(122) ومن شروط صحة الجمعة أن تقع كلها مع خطبتيها في وقت الظهر، فلا يجوز الشروع فيها مع الشك في بقاء وقتها… فلو شكَّ في بقائه فنواها إن بقي الوقت (لم تصح)، وإلا فالظهر صحَّ عند الرملي خلافاً لابن حجر.

(125) أن الرابع من أركان الخطبتين قراءة آيةٍ كاملةٍ مُفهمةٍ من القرآن في إحداهما، أي: وقبلهما، وبعدهما، وبينهما، والأفضل أن تكون في آخر الأولى، ولا يكفي بعض آيةٍ إلا إن أطال وأفهم عند الرملي، خلافاً لابن حجر.

(128) أن التاسع من شروط الخطبتين إسماع الخطيب أركانهما أربعين نفراً تنعقد بهم الجمعة، بأن يرفع صوته حتى يسمعها تسعةٌ وثلاثون غيره كاملون، فلا بُد من السماع والإسماع بالفعل، فلا يصحان مع لغطٍ يمنع سماع ركنٍ وهذا ما اعتمده ابن حجر، وخالفه الرملي في السماع، فقال: المعتبر السماع بالقوة (أي بإمكان السماع لا بتحققه فعلاً).

(129) ولو غسَّل الميتُ نفسه أو غسَّله ميِّتٌ آخر كرامةً، سقط الحرج عن الباقين، وهل يكفي غسل الجنَّ؟ قال الرمليُّ: نعم، وقال ابن حجر: لا.

(132) وأقل الكفن الواجب علينا فعله بالنسبة لحق الميت ثوبٌ يعمُّه مما يحلُّ لُبسه في حياته، وإن كُفّن من مال غيره، وأما بالنسبة لحق الله تعالى، فساترُ العورة المختلفة ذكورةً وأنوثة لا رقاً وحُرية للميت، فللميت إسقاط ما زاد على ساتر العورة عند ابن حجر، وخالفه الرملي.

(134) أن السادس من أركان الجنازة الدعاء للميت بخصوصه بعد التكبيرة الثالثة وجوباً، وأقله ما يُطلق عليه اسم الدعاء، كاللهم ارحمه، والطفل كغيره عند ابن حجر، فلا يكفي عنده فيه: اللهم اجعله فرطاً لأبويه الآتي، وقال الرمليُّ: يكفي، والأكمل أن يقول في كل من الكبير والصغير: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا… الخ.

(148) وزاد الرملي في وجوب الصوم كوالده "ثامناً" وهو وجوبه على من عرف الهلال بحسابه، أو تنجيمه، وكذا من اعتقد صدقهما، وقال ابن حجر: لا يجب عليهما بل يجوز لهما، ولا يجزيهما، والحاسب: من يعتمد منازل القمر في تقدير سيره، والمُنجّم: من يرى أن أول الشَّهر طلوع النجم الفلاني.

(157) ويبطل الصوم بالإغماء والسُّكر إن تعدى بهما، وعمّا جميع النهار، فلا فطر بما لم يتعدَّ به منهما، وإن عمَّ جميع النهار، ولا بما لم يعمَّه وإن تعدَّى به، وهذا ما يُفهمه شرحا الإرشاد لابن حجر، ويومي إليه موضع من تُحفته واعتمده في موضع آخر منها الإفطار بما تعدى به منهما ولو لحظة، وبما لم يتعدَّ إن عمَّ جميع النهار، واشترط الرملي في الإفطار تعميم جميع النهار في المتعدي به وغيره.

(158) ويجوز إفطار المسافر سفراً طويلاً مُباحاً… وإفطار المريض مرضاً مُبيحاً للتيمم وإن تعدَّى بسببه عند ابن حجر، وخالفه الرملي في صورة التعدي.

(159) ومما يلزم بسببه القضاء والفدية الإفطار لإنقاذ حيوان محترم… وخرج بالحيوان غيره من أنواع الأموال، فإنه يجب بالإفطار لإنقاذه إن كان له -يعني المال -القضاء فقط اتفاقاً، وكذا إن كان لغيره عند الرملي، واعتمد ابن حجر في هذا وجوب القضاء مع الفدية.

(162) ومما عُفي عنه للصائم ما وصل إلى الجوف من غبار الطريق … وقضية كلامهم عدم الفرق بين القليل والكثير وما تعمَّد فتح الفم لأجله وغيره وهو ما اعتمده الرملي، واعتمد ابن حجر في التحفة أن النجس يضرُّ مُطلقاً، وأن الطاهر إن لم يتعمده عُفي عن قليله وكثيره، وإلا فعن قليله فقط.