حديث المسيء صلاته
دراسة فقهية حديثية/ رسالة ماجستير -الدراسات الإسلامية
الطالب فرح محمد عبد الله
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذه دراسة فقهية حديثية لحديث المُسئ صلاته، وهو حديثٌ مشهورٌ صحيح، اعتمد عليه العلماء في بيان ما يجب في الصلاة وما لا يجب فيها؛ لأنه جاء في مقام البيان والتعليم، وقد قام الباحث بتحليل فقرات هذا الحديث متناً وإسناداً، واستخلاص أكبر قدر من أحكام الصلاة، لا سيما أركان الصلاة المتفق عليها بين الفقهاء والأركان المختلف فيها، مع ذكر بعض السنن المذكورة في الحديث، وبعض مبطلات الصلاة.
والمسيءُ صلاته هو (خلاد بن رافع الزُّرقي)، وكان شهد بدراً وأُحداً، وله من الأولاد "يحيى" وكان له عقبٌ كثير، لكنهم انقرضوا ولم يبق منهم أحد.
وقد ناقش الباحث في هذه الرسالة أموراً كثيرةً، أهمها:
1/ جمع الروايات المختلفة لهذا الحديث، وبيان اختلاف ألفاظها، وأهمها روايتان:
أ-رواية أبي هُريرة، وهي الرواية الأصح إسناداً، ومُخرَّجة في الصحيحن وغيرهما.
ب-رواية رفاعة بن رافع، وهو أخو المسيء صلاته، ورواياته أكثر فائدة.
2/ بيان أهم الأحكام التي تضمنها هذا الحديث.
ويتكون هذا البحث من مقدمة وفصلين وخاتمة وفهارس عامة، وهي على النحو التالي:
المقدمة، وتشتمل على: سبب اختيار الموضوع، وأهميته، ومشكلته، وأهدافه، والدراسات السابقة.
الفصل الأول: الدراسة الحديثية للحديث، وفيه ثلاث مباحث
المبحث الأول: الحديث برواية أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تخريج الحديث برواية أبي هريرة رضي الله عنه وبيان درجته:
هذا الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (757، 793، 6251، 6252، 6667)، ومسلمٌ في "صحيحه" (397)، وأبو داود (856)، والترمذي في "سننه" (303)، (2692). والنسائي (884). وابن ماجه (1060)، وأحمد في "مسنده" (9635)، والبيهقي في "الكبرى" (2765، 3942)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (2959).
المطلب الثاني: ترجمة راوي الحديث "أبي هريرة رضي الله عنه"، وفيه:
اسمه، ونسبه، وكثرة روايته، وحرصه على الحديث، واعتراف الصحابة بفضله، والردُّ على بعض الشُّبه التي أُثيرت حوله، والأسباب التي مكنته من الحفظ، ووفاته (انظرها)
المبحث الثاني : حديث رفاعة بن رافع وبيان درجته، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تخريج الحديث في كتب السنة:
أخرجه أبو داود في سننه (859) مختصراً وفي إسناده محمد بن عمرو "صدوقٌ له أوهام"، والترمذي (302) وفيه يحيى بن علي الزرقي "مقبول"، وأخرجه ابن ماجه (460) والنسائي في "الكبرى" (726)، وأحمد في "المسند" (18995)، والدارمي في "سننه" (1368) أربعتهم بإسناد صحيح ورواتهم ثقات.
المطلب الثاني : دراسة الأسانيد وبيان درجتها.
المطلب الثالث : التعريف براوي الحديث "رفاعة الزرقي:
وهو "رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الزُّرقي"، وفيه: نسبه، وأمه، والمشاهد التي حضرها، وروايته، ووفاته.
الفصل الثاني : الدراسة الفقهية للحديث:
المبحث الأول: شروط الصلاة وأركانها من خلال الحديث؛ وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: شروط الصلاة الواردة في الحديث:
1-الطهارة.
2-استقبال القبلة، ويشترط فيها: الأمن، والقدرة.
يدلُّ عليهما، قوله ((إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ))
المطلب الثاني: الأركان المتفق عليها من خلال الحديث:
1- تكبيرة الإحرام (على خلاف في الصيغة المجزئة).
2- والـقيام مع القدرة.
3-والقراءة (والفاتحةُ ركنٌ عند الجمهور، وسنة عند الحنفية).
4-والركوع.
5-والسجود.
يدلُّ لذلك قوله: (فَكَبِّرْ ثم اقرأ بِمَا تيسَّر معك من القرآن، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا … ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، … ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، … وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا)
المطلب الثالث : الأركان المختلف فيها من خلال الحديث:
1-الرفع من الركوع (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).
2-الرفع من السجود (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).
3-الجلوس بين السجدتين (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).
4-الاعتدال في الجلوس والقيام من الركوع، على التفصيل السابق.
5-الطمأنينة (عند الجمهور ركن، وعند الحنفية واجب).
6-ترتيب الأركان، وهو مُستفادٌ من قوله (ثُم) (وهو عند الحنفية شرط، وعند الجمهور ركن)..
ويدلُّ لذلك، قوله: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ (تستوي) قَائِمًا … ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ (تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ) جَالِسًا، … ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا …).
المطلب الرابع : الأركان التي لـم تذكر في الحديث:
وهناك ستة أركان لـم تذكر في الحديث، ثلاثة منها مُتفقٌ عليها، وثلاثة مُختلفٌ فيها.
أما الأركان المتفق عليها، ولم تُذكر في هذا الحديث؛ فهي: النية، والجلوس للتشهد الأخير (على خلافٍ في قدره)، وترتيب أركان الصلاة (وقد استنبطها بعض العلماء من نفس الحديث).
وأما الأركان المختلف فيها، ولم تُذكر في هذا الحديث؛ فهي:
1- التشهد الأخير (واجبٌ عند أحمد والشافعي، وسُنة عند مالك وأبي حنيفة)، واختار أبو حنيفة تشهد ابن مسعود ، واختار مالك تشهد عمر بن الخطاب واختار الشافعي: تتشهد ابن عباس.
2-السلام الأول: (فرض عند الجمهور، ومُستحبُ عند الحنفية).
3-الصلاة على النبيِّ في التشهد الأخير (وهي ركن عند أحمد والشافعي، وسنة عند مالك وأبي حنيفة).
المبحث الثاني: أحكام أخري مستنبطة من الحديث، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: السنن والمستحبات المستنبطة من الحديث، وهي:
1-التعوذ قبل القراءة (مستحب عند الجمهور، مكروهٌ عند المالكية).
2-دعاء الاستفتاح (مستحب عند الجمهور، مكروهٌ عند المالكية).
3-رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام.
4-وضع اليد اليُمنى على اليُسرى.
8-5 -تكبيرات الانتقال (مستحبة عند المالكية والشافعية، سُنَّةٌ عند الحنفية، وواجبةٌ عند والحنابلة =عدا تكبيرة المسبوق الذي أدرك إمامه راكعاً، فله تركها ولكن يأتي بتكبيرة الإحرام).
9-هيئة الجلوس في الصلاة.
10-وضع اليدين على الفخذين (على خلاف في كيفية الإشارة بالأصابع).
11-التحميد والتسميع (سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد).
12-جهر الإمام بالتكبير والتسميع والسلام (سُنة عند الجمهور، مندوبٌ عند المالكية).
المطلب الثاني: مبطلات الصلاة من خلال الحديث
1-الأكل والشرب عمداً.
2-الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة.
3-العمل الكثير عمداً.
4- ترك ركن أو شرط عمداً وبدون عذر.
5-الضحك في الصلاة.
أهم نتائج الدراسة (عند الباحث):
من خلال الدراسة الحديثية الفقهية لهذا الحديث توصلت إلى نتائج وتوصيات، أوجزها فيما يلي:
1. يروى هذا الحديث عن طريق صحابيين جليلين فقط وهما: (أبو هريرة ، ورفاعة بن رافع رضي الله عنهما).
2. أما رواية أبي هريرة فهي رواية متفق عليها في الصحيحين، بينما رواية رفاعة بن رافع لم ترد في الصحيحين بل وردت في كتب السنة الأخرى. وقد بينت درجة أسانيدها وحكمت عليها.
3. هذا الحديث وإن كان هو عمدة العلماء فيما يجب وما لا يجب في الصلاة إلا أنه لم يستوعب جميع أركان الصلاة فهناك أركان متفق عليها ومختلف فيها لم تذكر فيه .
4. ليس كل ما ورد في الحديث واجبا بل فيه سنن ومستحبات ومندوبات.
5. يمكن أن تستنبط مبطلات الصلاة من قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: (ارجع فصلي فإنك لم تصل)، فنفيه صلى الله عليه وسلم لصلاته يستفاد منه أنه أتى بما ينافي صحتها وهو ما يعرف عند الفقهاء بمبطلات الصلاة.
أهم التوصيات:
1. أوصي طلبة العلم والباحثين في مجال الحديث بالاعتناء بالدراسات الحديثية الفقهية حتى نؤصل لكثير من القضايا الفقهية التي وضعها علمائنا الأفاضل ولم يذكروا أدلتها وقتها وذلك حسب ما يقتضيه زمانهم .
2. كما أوصي مؤسسات التعليم العالي المتخصصة في الدراسات الإسلامية بإقامة مشاريع متخصصة تتبنى تخريج أحاديث كتب الفقه التي تدرس في المساجد السودانية، وأن يبدأ المشروع بكتب المذهب المالكي باعتباره السائد والأكثر انتشاراً في هذا البلد.
3. كما أوصي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتصنيف البحوث العلمية الواردة إليها كل عام على حدة، ثم اختيار أفضل مئة بحث في كل مجال لابتعاث أصحاب البحوث المتميزة خارج البلاد ليكملوا مراحلهم التعليمية التالية في جامعات أكثر تخصصاً ودقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق