منظومة الحافظ الزَّين العراقي في الصور التي يُستحب فيها الوضوء
وشرحها لابنه وليِّ الدين العراقي الشَّافعي
تحقيق راشد بن عامر الغفيلي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ الوضوء في أسمى معانيه هو إفاضة الماء على الأعضاء لإزالة ما علق بها من غبار الشهوات، فإذا به يجرف سيل الخطايا التي امتدت إلى الأطراف وغمرتها، لتصُبح -بعد ذلك -وضَّاءةً بالنور، مُجلَّلةً بالحُسن والبهاء؛ وقد امتزج هذا الماء بالنية الخالصة التي تتدفق إلى أجزاء الروح، فيرتوي منها القلب، ويهتزُّ نشوةً من معاني النعيم الباطن؛ فيثمر الخشوع والتعظيم لله، في أجل مقامات التوحيد والمعرفة.
وهذه رسالةٌ لطيفة مختصرة في "شرح منظومة الحافظ العراقي" عبد الرحيم بن الحُسين العراقي (٨٠٦ هـ) صاحب ألفية الحديث المشهورة، وهي منظومةٌ جمعت أربعين صورةً يُستحبُّ فيها الوضوء، في عشر أبيات.
وقد شرحها ابنه: ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت ٨٢٦ هـ)، وذلك بعزو كل صورةٍ ذُكرت لمن صرَّح به من الأئمة الشَّافعية، من غير ذكر الأدلة عليها، لئلا يطول الكتاب.
نصُّ المنظومة:
الشرح:
الأولى والثاني والثالثة: قراءة قرآن، سماع، رواية، صرَّح بها الرافعي وغيره.
الرابعة: ودرس العلم، كما صرَّح به النووي في "المجموع شرح المهذب"، والمرا دبالعلم الشرعي، ونحوه كعلوم اللغة والبيان والحديث وأصول الفقه.
الخامسة: دخول المسجد، كما عبَّر عنه الرافعي في "المحرر".
السادسة: ذكر الله تعالى، لما رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم (كان يكره أن يذكر الله تعالى إلا على طهارة).
السابعة والثامنة والتاسعة: السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وزيارة قبر النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم، ذكرها النووي في "شرح المهذب" وغيره.
العاشرة: زيارة القبور مُطلقاً، ذكره القاضي حُسين في "شرح فروع ابن الحداد".
الحادي عشر: خُطبة غير الجمعة، ذكره النووي في "شرح المُهذَّب". وقوله (اضمُم لما بدا) أي: اضمم هذا الذي ذكرناه لما بدأنا بذكره.
والثانية والثالثة والرابعة والخامسة عشرة: إرادة النوم، والأذان، والإقامة، وغُسل الجنابة، ذكرها النووي في "شرح المهذب". وتعبيره "بالجنابة" للتمثيل لا للتقيد؛ فيُستحبُّ الوضوء في كل غُسلٍ واجبٍ، سواءٌ كان غُسل حيضٍ أو نفاسٍ أو غُسل ميتٍ. والظاهر استحباب الوضوء في الغُسل المسنون -أيضاً -إذ هو على صورة الغُسل الواجب.
السادسة عشرة: عيادة المريض، وفيه حديثٌ عند أبي داود وهو ضعيف، وعن البغوي أنه لا يُستحب.
السابعة والثامنة والتاسعة عشرة والعشرون: إذا أراد الجُنب الأكل أو الشُّب، أو النوم، أو الجماع، ذكرها النووي في "شرح المهذب"، وجاءت بها أحاديث صحيحة.
الحادية والعشرون إلى الخامسة والعشرين: الفصد، والحجامة، أي: يُسنُّ للمفصود والمُحتجم، وخروج القيء، وحمل الميت، ومسُّه بيده، ذكرها النووي في "شرح المهذب".
السادس والعشرون: لمس الرجل أو الخنثى لمرأة أو لخنثى، نقله القُمولي في "الجواهر".
السابع والعشرون: مسُّ الخنثى أحد فرجيه، ذكره القمولي عن بعضهم وأقرَّه، وكذلك لو مسَّ فرج غيره من باب أولى.
الثامنة والتاسعة والعشرون: كلُّ مسٍّ اختُلف في النقض به وقلنا لا ينقُض، كمسِّ فرجه بظاهر كفِّه، أو بما بين الأصابع، وكمسِّ الانثيين، وكلمس ذوات المحارم، والصغيرة التي لا تُشتهى، والأمرد. نقلها في"الجواهر عن بعضهم وأقرَّه.
الثلاثون: أكل لحم الجزور، وإن قلنا إنه غير ناقض، ذكره في "شرح المهذب".
الحادية والثلاثون إلى السادسة والثلاثين: الغيبة، والنميمة، والفُحش، والكذبُ، والقذف، وقول الزور، قاله في "شرح المهذب".
السابعة والثلاثون: القهقهة إذا صدرت من المُصلي، وهي: الضحك بصوت، ذكره في "شرح المهذب".
الثامنة والثلاثون: الوضوء لمن قصَّ شاربه، ذكره ابن الصباغ في "فتاويه".
التاسعة والثلاثون: الغضب، ذكره في "شرح المهذب".
الأربعون: كل نومٍ اختُلف في النقض به، وقلنا لا ينقض، كنوم المُمكن مقعدته من الأرض. ذكره القُمولي عن بعضهم.
تذييل:
يقول الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر (ص: 428) في ذكر المواضع التي يستحب فيها الوضوء: وقعت في "الخلاصة" (=وهو نظم لكتاب روضة الطالبين للنووي) في ثمانية أبيات وهي:
ولأبي البركات محمد بن محمد الغزي (ت ٩٨٤ هـ) منظومةً فيما يُسنُّ له الوضوء، وشرحها، انظر: لطائف المنَّة لأبي المعالي الغزي (ص ٤١).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق