أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 7 نوفمبر 2020

التعليق على كتاب رأس الحسين -إعداد الباحث: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

التعليق على رأس الحسين

تأليف الإمام المجتهد المُحقق

تقيُّ الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الدمشقي

(661 -728 هـ)

إعداد الباحث: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة


١. ولد الحسين رضي الله عنه في المدينة المنورة، ليلة 5/ شعبان، في العام 4 ﮪ.
٢. ولما ولد اذن النبي ﷺ في اذنه، وسماه حسيناً، وعقَّ عنه، وتصدق بزنة شعره فضة، وكان يحبه حبا جما؛ ولذلك قال فيه:
♢ "حسين مني وانا من حسين"...
♢ "أحب الله من أحب حسينا"...
٣. وكان الحسين كثير الصلاة والصوم والصدقة والحج؛ فقد روي عنه انه حج 25 حجة، ملبيا ماشيا..
٤. ولما توفي النبي ﷺ، كان الحسين مكرما معززا عند أبي بكر؛ الذي ما فتئ يوصي به وبأهله، فهم آل النبي، فكان يقول: "ارقبوا (أي: أكرموا) محمدا بإكرام أهل بيته"..
٥. ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافة، كان يؤثره- وهو غلام- على ابنه "عبد الله"..
٦. وفي خلافة عثمان، كان قد جاوز العشرين من عمره، وانتظم في جيش المسلمين، الذي امتدت فتوحاته من طبرستان شرقا، إلى بلاد المغرب غربا، إلى بلاد فارس شمالا على ساحل بحر قزوين..
٧. وفي خلافة أبيه (علي بن ابي طالب)، حضر معه موقعة الجمل بالبصرة، وموقعة صفين، وغيرها..
٨. ولما استقر الحكم لمعاوية رضي الله عنه، ودانت له الدنيا، انضوى الحسين تحت حكمه، بعدما تنازل اخوه الحسن عن الخلافة طوعا، وحقنا لدماء المسلمين..
٩. ولما توفي معاوية، قام بأمر الخلافة من بعده ابنه يزيد، الذي كتب إلى والي المدينة "الوليد بن عتبة" يطلب منه أن ياخذ البيعة من الحسين.. ولكن الحسين امتنع عن مبايعته..
١٠. ولما علم اهل الكوفة بذلك، وكانوا اهل شقاق ونفاق، كتبوا إليه: "أن الحق بنا نبايعك وننصرك، ونسلم امرنا إليك، ونحن نموت دونك، وإن مائة ألف فارس مجرب ينصرونك"، فصدقهم الحسين، ولم يعلم انهم غرروا به، وكذبوا عليه، وأنهم إنما ارادوا الفتنة ..
١١. وعندما اقترب الحسين من ابواب الكوفة، وكان معه أهل بيته، وسبعين فارسا من أولاد عمومته وصاحبته المقربين، اكتشف أن الأمر خديعة، وأدرك انه يسير إلى كمين..
١٢. وفي لحظة مباغتة، وجد الحسين نفسه أمام جيش مكون من اربعة آلاف مقاتل، في منطقة "كربلاء"، وقام هذا الجيش بمحاصرتهم، ومنع الماء والمدد عنهم..
١٣. وأدرك الحسين حقيقة ما يعدونه له، فعرض على قائد الجيش "ابن زياد"، ثلاثة عروض لإنهاء الموقف؛ وهي:
  - أن يتركوه يرجع إلى مكة.
    (أو)
  - أن يذهب إلى يزيد ويتفاوض معه لحل الخلاف.
  (أو)
  - أن يتركه ليتوجه إلى أحد ثغور المسلمين؛ ليشترك معهم في الجهاد.
١٤. ولكن ابن زياد رفض العروض جميعها، ولم يقبل بواحدة منها، فقد كان يبتغي قتل الحسين والخلاص منه..
١٥. ولما أدرك الحسين انه سيقتل لا محالة، أراد دفع الأذى عن أصحابه وأهل بيته، فأمرهم بالمغادرة، والعودة؛ ليبقى هو وحده أمامهم، وقال لهم: "لقد بررتهم وعاونتم ولكنهم لا يريدون غيري.. ولو قتلوني لن يبتغوا أحدا غيري"..
١٦. فرفض أصحاب الحسين خذلانه في موقف يتطلب فيه النصرة، وقالوا له: "والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا.. ونقاتل معك، حتى نرد موردك"..
١٧. ولم يكن الحسين هو المبادر للقتال، بل اكتفى بالجلوس هو اصحابه في مكانهم، حتى إذا عطش طفله "عبد الله"، تقدم إلى الفرات ليسقيه، فأرسل جيش ابن زياد سهما في قلب الطفل، وسهما في وجه أبيه الحسين..
١٨. فهب الفرسان للدفاع عن أميرهم وصاحبهم "الحسين"، فكانوا يتلقون موجات ضاربة، وكتل صماء من الجنود، حتى صرعوا جميعا وقتل الحسين، وقطع راسه، ومثلوا بجسده، وهو يذب عن خيام اهله ونسائه، وذلك في 10/ محرم/ سنة 61ﮪ..
  وجاءت الروايات بأن "شمر بن ذي الجوشن" هو الذي قام بقطع رأس الحسين، بعد أن سدد إلى عنق الحسين اثنتي عشرة ضربة، كان آخرها انفصال الراس الطاهر..
وكان "لابن ذي الجوشن" ضلع عظيم في تحريض ابن زياد وتغريره وتجريئه على قتل الحسين..
١٩. ولم ينج من ذريته واهله سوى النساء، وابنه "علي زين العابدين"، الذي كان مريضا وقت الحادثة، وقد اخذوا جميعا سبايا إلى الكوفة..
٢٠. واتفقت الأقوال على أن جسد الحسين دفن مع أصحابه الذين قتلوا معه في كربلاء.. وذلك في اليوم التالي للحادثة، وقبره معروف هناك إلى اليوم..
٢١. أما رأس الحسين؛ فاختلفوا فيه:
  ▪  فقيل: بعثه يزيد إلى المدينة؛ وأمر بدفنه في البقيع، بجوار قبر أمه وأخيه الحسن.. وهو ما نرجحه، ويؤيده قول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فيقول: " أما (رأس الحسين)؛ فمدفون بالمدينة عند قبر أمه فاطمة... وأما (بدن الحسين)؛ فمدفون بمصرعه هناك (بكربلاء)، ولم ينبش ولم يمثل به أحد!.."..
▪ وقيل: دفن بمدينة "مرو" بخراسان، وهو بعيد..
▪ وقيل: دفن بمدينة "الرقة" بالعراق..
▪ وقيل: دفن "بدمشق" عند باب الفراديس..
▪ وقيل: دفن بعسقلان، بعد أن طيف به في كل الأمصار..وقواه بعضهم. والصحيح أنه قول ضعيف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و(المشهد العسقلاني) انشأ بعد عام 490 ﮪ، أي بعد مقتل الحسين بأكثر من 430 سنة...".
▪ وقيل: دفن في مصر، وهو قول لا يصح بحال؛ وذكر هذا القول: ابن خلكان (608 ﮪ / 681 ﮪ) في تاريخه، وابن بطوطة (703ﮪ/ 779ﮪ) في رحلته، ويذكر انه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن المشهد المنسوب إلى الحسين بن علي في (القاهرة) كذب مختلق بلا نزاع، وهو منقول عن (المشهد العسقلاني)، وهو ايضا كذب"..
وقال: "وأما (المشهد المصري)؛ فأنشأوه بعد مقتل الحسين بما يقرب على 500 سنة، وهذا باتفاق أهل العلم...".. اي حوالى سنة ( 548ﮪ) تقريبا..
واتفق الناقلون لذلك أن الذي قام بنقل الرأس من عسقلان إلى مصر، هو الرافضي العلوي المصري: الصالح طلائع بن رزيق (وزير الفاطميين في مصر) (495 ﮪ/ 556 ﮪ)، والذي قام بدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار للفرنجة، حتى يمكنوه من نقل الرأس من عسقلان إلى مصر..
ومعلوم أن الفرنجة استولوا على فلسطين وعسقلان في العام (548 ﮪ)، وخلصها صلاح الدين من أيديهم في العام (587 ﮪ)..
وعليه؛ فإن ابن بطوطة وابن خلكان وغيرهم لم يدركوا الواقعة أصلاً، فكيف يجزمون بذلك، ويصيرونها، وكأنها رؤيا عين..
وكيف تجرأ ابن بطوطة على القول بأنه شاهد نقل الراس، وقد كان ذلك قبل مولده..!!..
ويبدو أن ابناء تلك الحقبة قد تأثروا بما تناقله الناس في مصر، من وجود راس الحسين عندهم، بحيث تصعب مخالفتهم، أو القول بغير قولهم..
أضف إلى ذلك محبة المصريين الجامحة لأهل البيت سيما وأن فترة الفاطميين قد أثرت فيهم ايما تأثير، مع طول المدة، وتجذر التشيع فيها..
ونذكر منهم،
_ ابن الميسر (المؤرخ المصري، ت 677 ﮪ).
- وأحمد القلقشندي المصري (756 ﮪ/ 821 ﮪ).
- وإبراهيم بن وصيف شاه (ت 599 ﮪ)، وهو اقربهم إلى الحادثة، ونقل ذلك، وقد نقل الراس قبل خمسين عاما من وفاته، ولاننا لا نعلم ولادته، فإننا لا ندري هل راى الحادثة بعيني رأسه، وعلى فرض انه رآها، فإنه لم يرد عنه ولا عن واحد منهم انه رأى حقيقة راس الحسين..
-  ومنهم المقريزي المصري (766 ﮪ/  845 ﮪ ).
- وقد عاين قبر الحسين الرحالة ابن جبير الأندلسي (540 ﮪ/ 614 ﮪ)، وذلك في العام (578 ﮪ)، أي بعد دفن الرأس ب (29)  عاما.. والصحيح أنهما لم يدركا حادثة النقل ولا رأياها..
يقول ابن جبير عن الرأس: "وهو في تابوت فضة، مدفون تحت الأرض، وقد بني عليه بنيان جميل يقصر الوصف عنه، وهو مجلل بانواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا ابيض، وعلقت عليه قناديل الفضة.." الخ.
- ولما جدد الأمير "عبد الرحمن كتخدا" المشهد الحسيني في العام (1175 ﮪ)،  ذكر المؤرخ "عثمان ملوخ" في كتابه (العدل الشاهد)، ان الشيخان: الجوهري الشافعي، والملوي المالكي، دخلا القبر فرأيا: "كرسي من خشب -كالمنضدة- فوقه طست من ذهب، فوقه ستارة من الحرير الأخضر، داخله الرأس الشريف!!..".
والصحيح أنهما لم يتبينا حقيقة الرأس، ربما لأنهما هابا فتح اللفافة التي عليه..!!.
وعلى كل فقد جدد بناءه "عبد الرحمن كتخدا"، وارخ عليه وكتب:
مسجد الحسين أصل المعاني.. لا يضاهيه في البقاع علاء
فيه فضل الرحمن للعبد نادى ... زر وارخ لك الهنا والرضاء
- وجدد بناءه ايضا "علي ابو الانوار"، وارخه، وكتب عليه:
انشا علي ابو الانوار سيدنا ... بابا لسبط رسول الله ذي الرشد
وحسن إشراق نور الله أرخه ... باب حماه عظيم الجاه والولد
- وجدد بناءه الخديوي إسماعيل، وصنع له منبراً..
- وقام عبد الرحمن التازي بكسوة المحراب بالقاشاني (نوع نفيس من الثياب)، وكتب عليه: اللهم كن برحمتك خير مجازي لمنشئه عبد الواحد التازي..!!
واستمر التجديد لمدة ثمانية قرون، كل يضيف ما يحلو له، ويكتب ما بدا له..
والملاحظ أن النقش على التابوت كتبت عليه آيات لا علاقة لها بالحسين، ولا بتاريخ وفاته، إنما هي آيات كريمات فقط..
- ويذكر أهل التاريخ ان الوزير طلائع، استقبل الرأس حافيا، ووضعه على حرير أخضر، وحمله إلى قصر الزمرد، ودفنه في سرداب القصر، وبقي مدة عام، حتى انشا له ضريح؛ ثم نقل إلى هذا الضريح في العام التالي لوصوله.. وذلك في العام (549 ﮪ).
▪ ومن العجيب أنك إن ذكرت ذلك؛ قالوا: إن لم يكن هذا المكان مثوى راسه؛ فليكن المكان الذي نحيي فيه ذكراه..
...........................
وكتبه، ا.  محمد حنونة.
حقوق النشر محفوظة.



لماذا ندعو غير الله عز وجل؟ - أبو عبد الله ليث الحيالي

لماذا ندعو غير الله عز وجل؟

تأليف الشيخ:

أبو عبد الله ليث الحيالي

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السم حنُّونة


تمهيد/ لقد فضل الله نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء والرسل، وجعل أمته ظاهرةً على جميع الأمم، فجعلها أمةً وسطاً، وأنعم عليها بتحقيق التوحيد الخالص لله، والدعوة إلى عبادته وحده، وإعلاء كلمته ودعوته، وإظهار دينه وشرعه، وكان السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم رضوان الله عليهم ممتثلين مُتبعين، لا يخرجون عن أمره ونهيه، وذلك في القرون الثلاثة المفضلة.

وقد ابتليت أمة الإسلام بعد هذه القرون المُعظَّمة، بأقوامٍ من المبتدعين والزنادقة: الذين دعوا إلى عبادة الأموات، والاستغاثة بالمقبورين، ودعاء الغائبين، ولم يعتبروا قول الله عز وجل، وهو أصدق القائلين: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الأعراف: 194).

وقد أمر الله نبيَّه مُحمداً صلى الله عليه وسلم بتوحيد العبادة، والدُّعاء له وحده لا شريك له: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (الجن: 20)، وقال: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (القصص: 87).

وأخبر النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه: أن (الدُّعاء هو العبادة)؛ كما في الحديث الحسن، الذي أخرجه أبو داود والترمذيِّ عن النعمان بن بشيرٍ مرفوعاً.

وقال جل شأنه في معرض التمثيل لهذا الأمر: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (الحج: 73)؛ فإذا كان هؤلاء الأولياء والصالحين والمقبورين عاجزين عن خلق ذبابة، مع اجتماعهم لذلك، فهم عاجزون عن ذلك بمفردهم، وأنى لهم التصرف في هذا الكون بمخلوقاته وكائناته التي تفوق الذباب في الحجم والدقة والإتقان، وكيف يستطيعون شفاء المرضى، أو إخراج السجين، أو إحياء الموتى، أو المنع والعطاء من دون الله، لا شك أن هذا مُحالٌ في حقهم وقد أرموا وماتوا.

وقال سبحانه مُبيناً حال المشركين عند الاضطرار أنهم لا يلجأون إلا إليه، وأنهم يتركون دعاء الأصنام والأوثان والوسطاء من الملائكة والصالحين في هذه الحالة، {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} (الإسراء: 67)، وهذا يدلُّ على أنه من كان لا يُنجي في البحر غيره، فإنه لا يُنجي في البر غيره؛ ولهذا أنكر الله عليهم دعاءهم لغيره في حالة الرخاء والأمن.

وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (يونس: 106)؛ وهذه الآية واضحةٌ في النهي عن دعاء غير الله؛ لأنه لا يملك أحدٌ من المخلوقين جلب النفع ولا دفع الضر، فكيف يستغيث هؤلاء المشركون بهؤلاء الضعفاء العاجزين، ويتوجهون إليهم بالدعاء والاستغاثة والتوسل دون ربهم جل في علاه، وهو أقرب إليهم، وأسمع لدعائهم منهم.

وقد أنكر سبحانه على من يتخذ أرباباً يدعونهم ويستغيثون بهم من دون الله، فقال: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (المائدة: 76).

ويواصل القرآن التحذير من هذا الشرك في العبادة؛ فلا الأنبياء ولا غيرهم من البشر، ولا أحدٌ من الخلق يملك لأحدٍ من الخلق ضراً ولا نفعاً، بل ولا لنفسه، وإن كان أفضل الخلق، قال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (الجن: 21) وقال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (الأنعام 50).

وقد شيَّع أولئك الزنادقة المشركون هذه الضلالات في بلاد المسلمين بإغراء العوام بأن لهؤلاء الشيوخ كرامات، وقوَّوا في الناس العزائم على الاستغاثة بالغائبين، وسولوا لهم ذلك بالقصص المخترعة، وخوَّفوهم من إذاية المقبورين لهم، وسوء فعلهم بمن يُنكر الاستغاثة بهم، فانفرط بسوء فعلهم عقد التوحيد، وعظم الخطب بما أجلبوا على عقول البسطاء والعوام من سيل الشبهات، وظلمات  الأهواء، وفُتن بسببهم كثيرين من هذه الأمة، فضلُّوا الطريق؛ وانجفل الناس بسببهم عن حقائق التوحيد، وتسلَّط الروم والتتار على بلاد المسلمين.

وعظم إضلال الشيطان لهم ولأتباعهم، حينما ادَّعوا -كذباً - أن لهم الولاية الخاصة دون عموم المسلمين، فزعموا أنهم أولياء الله وخواصّه، وأما بقيَّة المسلمين فهم من جملة العوام المحورمين، ونسبوا إلى أوليائهم العصمة المُطلقة، وزعموا التقاءهم بالخضر، وأنهم يجتمعون برجال الغيب ويتلقون عنهم الأوردا والأأحزاب والأدعية والاستغاثات المشتملة على السحر والاستعانة بالجان، والمتضمنة للكفر بالله والشرك به.

وزعموا أنهم يرون الأنبياء يقظةً، ويأخذون عنهم العلم والدين، وأنهم يقفون مع الحجاج يوم عرفة، بل قالوا: إنهم يتلقون الوحي من الله عز وجل مباشرةً، واشتغلوا بعلوم السحر والكهانة فيما يظُّنه الناس كرامات، ثم قالوا: بأن الأولياء يديرون العالم، ويتحكمون في الكون، فغوى بسببهم كثيرٌ من الخلق -عياذاً بالله تعالى.

وقد ساعدتهم الشياطين في شرك الربوبية الذي زيَّنوه باسم التوسُّل، فعبدوا القبور، وسجدوا للأضرحة، وطافوا بالقباب، ودعوا الأموات، واستغاثوا بغير الله من الشياطين والمردة والجان، وطلبوا من الأموات: المدد والولد والمال والشفاء والسعادة والرزق على رءوس الأشهاد !!

وبهذا الغلو المُفرط ترك هؤلاء المبتدعة المارقون حق الله عز وجل من عبادته وحده، وجعلوا هؤلاء المقبورين أرباباً تُدعى من دون الله، واشتغلوا بالشرك وغيره، وبطلب حوائجهم ممن يستغيثون به، ويتوسلون إليه، من الملائكة والنبيين وغيرهم من الصالحين.

وقد ضرب الله مثلاً لهؤلاء المشركين في كتابه؛ فكان مثلهم كأُناسٍ بلغ بهم العطش كل مبلغ، فلما كانوا على كثيب الرمل بعد طول سفر، رأوا ماءً يلمع في الأفق؛ فحسبوه ماءً بقيعة؛ فلما أتوه لم يجدوه شيئاً، كما قال الله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} (النور: 39).

ولو أن هؤلاء الذين المشركين، الذين اتخذوا هذه المخلوقات أرباباً مع الله يخلقون ويرزقون -استسلموا لعقولهم، واستجابوا لكلام ربهم في كتابه، وكلام رسولهم صلى الله عليه وسلم في سنته، لوجدوا أن كل أعمالهم وسعيهم هباءً منثوراً، وضلالاً مبيناً؛ إذ لا يقبل الله عمل عامل أشرك فيه معه غيره، قال سبحانه: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء: 48)، وقال: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 116).

 فإذا اسقطت هذه الخمائر العفنة عن تلك القلوب الخربة، التي علاها ران الشرك والبدع، والتي اسودَّت لطول تعلقها بغير الله، تبيَّن ما قاله الله في كتابه: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (الحج: 31).

ونحن نعلم ضرورةً أن الناس كلهم مطبوعون على الإيمان بوحدانية الله، واعتقاد أنه الخالق الرازق، الذي لا يُغيث غيره، ولا يُعين سواه، ولا يُقصد غيره بالرغب والرهب والخشوع والخوف والرجاء والدعاء؛ فلماذا يدعو هؤلاء غير الله سبحانه، ويتوجهون إلى غيره ؟!!.

وقد صوَّر القرآن الكريم حال هؤلاء المشركين عند رؤيتهم لمن اتخذوهم أرباباً وأولياء يدعونهم ويستغيثون بهم؛ فيقول: {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} (النحل: 86)، وحينها يتبرأ هؤلاء البشر من أولئك المشركين ومن دعائهم لهم، وإذا كانت الإجابة من الله وحده، فلماذا ندعو غير الله ؟ والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ جداً.

وهذه الصفحات المباركة في كلماتها، البسيطة في أسلوبها، والسهلة في نثرها، جاءت لبيان بيان أهمية الدُّعاء وكونه عبادة من العبادات التي يُتقرب بها إلى الله عز وجل، كما وضحكت حكم دعاء غير الله عز وجل وأن فاعل ذلك حكم على نفسه بالشرك والضلال، كل ذلك مقروناً بالأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة، وآل البيت رضوان الله عليهم، ومشفوعةً ببعض القصص الواقعية التي جرت للشيخ المؤلف، ولبعض من ذكرهم من المتقدمين، وفيها بيان فضل الدُّعاء، وأن الدعاء كله مُستجاب. 

وقد بيَّن فيها المؤلف معنى الدُّعاء في اللغة (والذي يأتي بمعنى الطلب والسؤال -والعبادة -والاستغاثة والاستعانة -والنداء -والقول -والتوحيد -الثناء)، وكذلك الدعاء في الشرع بأنه: (طلب العبد للمعونة والعناية من الله)، وحقيقته (إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة)، وأنواعه (دعاء المسألة -ودعاء العبادة)، وبيَّن أن الدُّعاء هو العبادة، .

وقد شرحها الشيخ في ثلاثة مجالس في هذا الرابط:

    لتحميل الكتاب، انقر على الرابط:


الخميس، 5 نوفمبر 2020

شرح الأصول الثلاثة وأدلتها -محمد بن صالح العثيمين

شرح الأصول الثلاثة وأدلتها

للإمام الشيخ العلامة المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي

تأليف الشيخ العلامة

محمد بن صالح العثيمين


اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ هذا الكتاب النفيس هو بيانٌ مُبسَّط للأصول الثلاثة الواردة في حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه مرفوعاً، وهو حديثٌ طويل عند الإمام أحمد وغيره، وفيه: أن العبد إذا وُضع في القبر يأتيه ملكان؛ فيسألانه ثلاثة أسئلة، وهي: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟

فأما المؤمن؛ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فيُفتح له بابٌ إلى الجنة، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له: اسكن. 

وأما الكافر أو المنافق؛ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيُقال له: لا دريت ولا تلوت، ويُفتح له بابٌ إلى النار، ويمهد له فراش من النار؛ ويأتيه من عذابها وسمومها.

والأصول: جمع أصل، وهو ما ينبني عليه غيره، قال تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء}، والأصول الثلاثة هي الأمور التي يُسأل عنها العبد في قبره، وعليها مدار النجاة والفوز؛ لأنها توضح حق الخالق على المخلوق من استحقاق العبادة والخضوع والتذلل.

ومعلومٌ أن فتنة القبر هي آخر فتنةٍ يلقاها الإنسان بعد موته، وجاء في الحديث الصحيح عند مسلم: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر المُصلي إذا تشهَّد أن يستعيذ بالله من أربع، يقولُ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).

وقد ضمن المؤلف رحمه الله هذا الكتاب جميع أصول العقائد الإيمانية، مدعَّمة بالشواهد القرآنية وقد بلغ عدتها ( 50 آية من كتاب الله تعالى)، والأحاديث النبوية وقد بلغ عدتها ( 10 أحاديث نبوية)، وذكر فيها بعضاً من أقوال السَّلف، عن خمسةٍ من العلماء الأجلاء، وهم: الإمام الشَّافعي فيما أُثر عنه، والإمام البُخاري في "صحيحه"، ونقل عن ابن كثير والبغويِّ من المُفسرين، وكذلك عن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.

وأما المؤلف رحمه الله؛ فهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، ولد سنة (1115 هـ)، وكان جده سليمان عالم نجدٍ في زمانه، وكان رحمه الله صاحب دعوة تجديد في الجزيرة العربية وما حولها، وكان يدعو إلى توحيد الله عز وجل، وإفراده بالعبادة، ويدعو إلى إنكار البدع والمنكرات، ويذمُّ أهل الأوثان من القبوريين، عبدة الأصنام والطواغيت، وقد تأثر رحمه الله بشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم رحمهما الله تعالى، واستمر في دعوته المباركة حتى توفي عام (1206 هـ).

ومما يُلاحظ في هذا الكتاب حرص المؤلف رحمه الله على ذكر الأدلة، وشفقته الشديدة على من يدعوه، وتمام عنايته بالمخاطب، وتلطُّفه في القول، وقصده الخير له، وحرصه الشديد على هدايته، ويظهر ذلك في كثير من الجمل الدُّعائية، والهدايات الإيمانية، والتنبيهات الشرعية في الكتاب، مثل (اعلم رحمك الله. اعلم أرشدك الله لطاعته… ) وكل هذه الدعوات تتضمن الطاعة لله وللرسول، والاستقامة على الحق. 

وأما شرح الشيخ ابن عثيمين، فهو من أجمل وأفضل شروح هذه المادة، لسهولته، وإمكان فهمه من العامي وطالب العلم، فكانت أنفاس الشيخ رحمه الله مباركةً طيبة في هذا الكتاب، فرحم الله هؤلاء العلماء الأجلاء، وجزاهم عنا خير الجزاء.

وإذا أردنا تبسيط هذه المادة واختصارها؛ فنقول:

1-أن المسائل التي ذكرها الشيخ رحمه الله تشتمل على الدين كله؛ فقد تضمنت قضية "المعرفة" (معرفة الله، ومعرفة رسوله، ومعرفة دينه)، والتي تتضمن توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات. وقضية "العمل" وهي العبادة الشرعية، و "الدعوة" إلى هذا المنهج المبارك، و"الصبر على الأذى"، وهي مجموعةٌ في سورة العصر.

2-أن تعلم هذه المسائل فرضٌ على كل مسلمٍ ومسلمة، ولا ينبغي لمن دخل في هذا الدين أن يجهل هذه المسائل الضرورية من دين الإسلام، وتشتمل على مسائل في العبادة والتوحيد والقصد.

3-أن كل نوع من أنواع المعرفة لها طرق تؤدي إليها، وهي أربعة أدلة: (الأدلة الثابتة من الكتاب والسنة) وتُسمى الأدلة السمعية، و (ما ثبت بطريق العقل من النظر والتأمل والقياس) وهي الأدلة العقلية: كدليل "الخلق"، و "دليل الإبداع" ودليل "العناية، و (ما ثبت بطريق الخلقة الجبلية والشعور الداخلي) وهي دليل الفطرة: فيعلم الإنسان بفطرته أن الله واحدٌ، وأنه لا بُد لها الكون من خالق، و (ما ثبت بواسطة الحواس من السمع والبصر والإحساس التي تتفاعل مع الآيات الكونية) وهي الدليل الحسي.

4- أن كل نوع من أنواع المعرفة لا بُد لها من لوازم ينبغي العمل بها واعتقادها، لأن العلم بلا عمل لا قيمة له، فالذي يتعلم ولا يعمل يكون علمه حجةً عليه يوم القيامة، وأقل ذلك العمل "الامتثال"، ويدخل في ذلك العبادات الخاصة (التي يقتصر نفعها على المكلف نفسه كالصلاة والصوم والحج)، والعبادات المتعدية (التي يتعدى نفعها إلى الغير؛ كالزكاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

5- أن العمل هو الثمرة الناضجة لهذا العلم، ولذلك فإن (معرفة الله يترتب عليها أمورٌ، منها: قبول شرعه -والإذعان والانقياد له -وتحكيم شريعته)، و(معرفة النبيِّ صلى الله عليه وسلم يستلزم: معرفة اسمه ونسبه -وسيرته وأصحابه -ومكانته -وشريعته -وقبول ما جاء به -وتصديق فيما أخبر به -وامتثال أمره -واجتناب نهيه -واعتقاد عصمته في الأمور التي بلغها عن الله -وتحكيم شريعته -والرضى بحكمه)، و(معرفة دين الإسلام يستلزم: معرفة أركانه -وحقيقته -ودعوته -والأمور التي تناقضه -وأنه ناسخٌ لجميع الأديان).

6-أنه لا بُد من الدعوة إلى هذا العلم، وتعليمه لمن لا يعلمه، والإخلاص في هذه الدعوة، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُرسل أصحابه ليُعلموا الناس التوحيد والقرآن، منهم مُصعب بن عُمير، وعلي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن أم مكتوم، ومُعاذ بن جبل، وغيرهم، فكانوا يدعون إلى منهاج الله وشريعته، بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا بُد من الرفق في الدعوة؛ لأنها تُزيِّنُ الداعي، بينما الشدة تُشينه في عيون الناس، ومجالات الدعوة كثيرة، منها: الدعوة بالمحاضرة، وبالخطابة، وبالمقالة، وبحلقات العلم، ودروس التحفيظ، وبالتأليف والنشر، وبالقدوة الحسنة، وبمجالس المناقشة والحوار، وبكفالة داعية، وبإنشاء مراكز دعوية، وعقد اللقاءات، وإنشاء الجمعيات القرآنية، ودعمها وهكذا.

7-ولا بُد أيضاً من الصبر على الأذى القولي والفعلي في سبيل هذه الدعوة، قال تعالى: {ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا}، ولا بُدَّ من احتساب ذلك في سبيل الله، لأننا أسباب هداية، {إنما أنت مُنذر ولكل قومٍ هاد}، وقد صبر نوحٌ على قومه يدعوهم (950 سنة)، وذُكر أن مجموع من ركب مع نوح (83) إنسان، فالداعية يصبر ويحبس نفسه لله، وأفضل الرسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهو إبراهيم عليه السلام، قال الله تعالى فيه: {فآمن له لوط} أي لم يؤمن به إلا إنسان واحد. وهذا الأمر لم يجعله يتوانى أو يُقصِّر في دعوته، قال تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}، بل لا بُد أن يكون نشيطاً في الدعوة إلى الله وإن أوذي، وقد قال الله لنبيه: {ولقد كُذبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا}، ولا بُد من معرفة الطريقة المناسبة للدعوة عن طريق معرفة حال المدعوين. 

  • وقد نُظم هذا المتن المبارك في أبيات شعرية عددٌ من الفضلاء، ومن ذلك:

1- منظومة "إسراج الخيول بنظم القواعد الأربع وثلاثة أصول"؛ للشيخ سعيد بن إبراهيم الشريم، وقد جمع فيها بين القواعد الأربع التي هي متممة للأصول الثلاثة.

2-منظومة "الخير المأمول في نظم الثلاثة أصول"؛ لمحمد بن مُطهِّر كُليب.

3-النظم المختصر للأصول الثلاثة؛ للشيخ محمد القرشي.

4-نظم ثلاثة الأصول؛ للشيخ عبدالرحمن بن نجاح آل طاجن.

  • وقد شرح هذا الكتاب الكثير من العلماء، من ذلك:

1- دليل المُعلم في شرح الأصول الثلاثة، للشيخ عبد العزيز بن داخل المطيري (مشرف معهد آفاق).

2-تيسير الوصول إلى شرح ثلاثة أصول، للشيخ د. عبد المحسن محمد القاسم.

3-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ علي بن خضير الخضير.

4-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ صالح بن فوزان الفوزان.

5-شرح الأصول الثلاثة؛ عبد السلام السليمان، مؤسسة الرسالة.

6-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ محمد بن صالح العثيمين، دار الثريا.

7-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ محمد حسان.

8-شرح الأصول الثلاثة؛ هيثم بن محمد سرحان (مشرف على موقع التأصيل العلمي).

9-إفادة المسئول عن الثلاثة أصول؛ صالح بن عبد الله العصيمي.

10-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.

11-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.

12-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.

13- شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ أحمد بن عمر بازمول.

14-المحصور شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ عبد الله بن محمد الجهني.

15-شرح الأصول الثلاثة؛ للشيخ خالد بن عبد الله المصلح.


  • وقد ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات، منها:

1-الكردية، ترجمه: شروقه كرنا كتابا الأصول الثلاثة؛ لملا جليل صادق.

2-الإنجليزية، ترجمة محمود مراد، المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد,

3-الفرنسية، ترجمة أبو أحمد الجزائري.

4-السوننكية؛ للشيخ يعقوب جاخو.

  • ومن الشروح الصوتية أو المسموعة:

1-الشيخ منصور الصعقوب.

2-د. عثمان الخميس.

3-أحمد بن عمر الحازمي.

4- أ. د. أحمد القاضي.

4-د. سليمان الرحيلي.

5-د. عبد الرزاق البدر.

6- د. هيثم سرحان.

7- الشيخ محمد الصاوي.

8- الشيخ ماموستا علي خان.

9- وليد راشد السعيدان.

10-الشيخ علي الرملي.

11- محمد سعيد رسلان.

12- الشيخ عبد الله نيني المغربي.

  • فوائد مختصرة من شرح الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى:

1- الجار والمجرور في (باسم) متعلق بمحذوف: "فعل"، "مؤخر"، "مناسبٌ للمقام"، تقديره: "أكتب أو أصنف"، وقدرناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال، وقدرناه مناسباً؛ (لأنه أدل على المراد)، وقدرناه مؤخراً لفائدتين:

أ- التبرك بالبداءة باسم الله سبحانه.

 ب- إفادة الحصر؛ لأن تأخير العامل (الفعل) يُفيد الحصر؛ أي: لا أبدأ إلا باسم الله.

-الرحمن: اسم من أسماء الله عز وجل المختصة به، ومعناه ذو الرحمة الواسعة، والرحيم: اسمٌ من الاسماء المشتركة، وهو في حق الله أنه ذو الرحمة الواصلة.

     -العلم: هو إدراك الشيء على ما هو عليه، ومراتب الإدراك ستة:

أ- العلم، وهو ما تقدم تعريفه

ب- الجهل البسيط: وهو عدم الإدراك بالكلية.

ج- الجهل المركب: وهو إدراك الشيء خلاف ما هو عليه.

د- الوهم: وهو إدراك الشيء مع احتمال الضد الراجح.

هـ-الشك: وهو إدراك الشيء مع احتمالٍ مُساوٍ.

و-الظن: وهو إدراك الشيء مع احتمال ضدٍّ مرجوح.

-إذا جاءت الرحمة مفردةً كانت بمعنى المغفرة لما مضى من الذنوب، وإذا اقترنت الرحمة بالمغفرة، كان معناها التوفيق للخير، والسلامة من الذنوب في المستقبل، وتكون المغفرة لما مضى من الذنوب. والدعاء بالرحمة: هو الرغبة في حصول النجاة من المحذور، والفوز بالمطلوب.

- من أنواع العبادة التي لا تنبغي إلا لله عز وجل:

1-الدعاء: دعاء المسألة (فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل)، ودعاء العبادة (بالرغبة فيما عند الله من الأجر والمثوبة).

2-الخوف: وهو التعبد لله بالرهبة منه ومن عقابه، ويخرج من ذلك الخوف الجبلي كخوف الإنسان من السبع، والنار، والغرق. والرجاء: وهو الرغبة المتضمنة للذل والخضوع، وهو بهذا المعنى لا يكون إلا له وحده.

3-التوكل على الله: وهو الاعتماد على الله، والثقة بموعوده في جلب المنافع ودفع المضار، مع الأخذ بالأسباب، وهو من تمام الإيمان وعلامة صدقه.

4-الرغبة وهو رجاء حصول شيء محبوب، والرهبة: وهو خوف حصول أمر مكروه، والخشوع: وهو الذل والتطامن، والإنابة: وهي دوام الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته وترك معصيته، وهي أدقُّ من التوبة؛ لأنها مقرونة بالمحبة والتعظيم، فهي تأتي مع الطاعة، وأما التوبة: فهي الرجوع بعد المعصية.

والفرق بين الرغب والرجاء: أن الرجاء هو الرغب المستمر، والفرق بين الخوف والرهب: أن الخوف هو الرهب المستمر، والخشية هي الخوف المقرون بالعلم بعظمة الله وسلطانه، وقد جمع الله بينهما في قوله: {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحسابْ}.

5-الاستعانة بالله: وهو طلب العون من الله، وهي تتضمن كمال الاعتماد على الله، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفاية الله للعبد، والاستعاذة بالله تعالى: وهي طلب الإعاذة والحماية من الله تعالى لتوقع مكروه أو حصوله. واللوذ إلى الله: وهو اللجوء إلى الله تعالى لجلب نفع للإنسان، وتيسير مصالحه في دنياه وآخرته. والاستغاثة بالله: وهو طلب الغوث من الله لوقوع شدةٍ أو توقع هلاك.

6-الذبح لله: وهو إراقة الدماء تقرباً إلى الله تعالى. والنذر لله تعالى: وهو أن يُلزم العبد نفسه بفعل قربةٍ لله تعالى لا تجب عليه في الأصل.




الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

شرح مقدمة في أصول التفسير -للشيخ محمد بن صالح عثيمين

شرح مقدمة في أصول التفسير 

للشيخ محمد بن صالح عثيمين

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ في الحقيقة أن هذا الشرح هو عبارة عن تعليقات للشيخ ابن عثيمين على عبارات المُقدمة لابن تيمية، والتي قد تطول في مواضع، وتقصر في مواضع أخرى، وهي أدنى مرتبةً من شرح الشيخ مُساعد الطيار حفظه الله، في كتابه الذي شرحها فيه، ومع ذلك لم تخلُ تعليقات الشيخ ابن عثيمين من التنبيهات نفيسة، والعبارات مفيدة، والتوضيحات الجيدة، وقد شرحها رحمه الله عام (1408هـ) ضمن الدروس العلمية التي كان يعقدها- رحمه الله تعالى- في الجامع الكبير بمدينة عنيزة.

وقد طبع هذا الشرح في كتاب مستقل في العام (1415هـ) أي بعد شرحه بسبع سنوات، واعتني بطبعته الأولي- مشكوراً - فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار فجزاه الله خيراً.

وأكثر ما يُميز هذا الشرح هو الفصل الأخير الذي أضافه الشيخ إلى الشرح، وهو بمثابة التلخيص لكل ما جاء في الكتاب من قواعد، ومهمات، وتنبيهات، وعنون له باسم (تلخيص قواعد التفسير التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في (مقدمة في أصول التفسير)، ومن هذه القواعد ما يتعلق بالتفسير، ومنها ما يتعلق بالأسماء والصفات،ومنها ما يتعلق بالحديث، ومنها ما يتعلق باللغة ودلالتها، ونحن نختصر القواعد المتعلقة بالتفسير هنا، والتي بلغت سبع عشرة قاعدة فنثبت منها عشر قواعد فقط، وهي كما يلي:

القاعدة الأولى: والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، إما قول عليه دليل معلوم، وما سوى ذلك فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود.

القاعدة الثانية: يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل: 44) ، يتناول هذا وهذا.

القاعدة الثالثة: وقولهم: (نزلت هذه الآية في كذا) يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول عني بهذه الآية كذا. 

القاعدة الرابعة: [تعدد أسباب النزول] وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً، فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أو تكون نزلت مرتين: مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب

القاعدة الخامسة: ومن التنازع الموجود عن الصحابة والتابعين ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين، إما لكونه مشتركاً في اللغة كلفظ: (قسورة) الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد، ولفظ: (عسعس) الذي يراد به إقبال الليل وإدباره، وإما لكونه متواطئاً في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (لنجم: 8 /9)

القاعدة السادسة: فمتى اختلف التابعون لم تكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحاً فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين.

القاعدة السابعة: وأما النوع الثاني من سببي الاختلاف (اختلاف التضاد) وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان.

إحداهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.

والثانية: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلي المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به.

القاعدة الثامنة: وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤة.

القاعدة التاسعة: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة؛ فإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلي أقوال التابعين.

القاعدة العاشرة: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام؛ فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم به، وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه