شرح مقدمة في أصول التفسير
للشيخ محمد بن صالح عثيمين
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/ في الحقيقة أن هذا الشرح هو عبارة عن تعليقات للشيخ ابن عثيمين على عبارات المُقدمة لابن تيمية، والتي قد تطول في مواضع، وتقصر في مواضع أخرى، وهي أدنى مرتبةً من شرح الشيخ مُساعد الطيار حفظه الله، في كتابه الذي شرحها فيه، ومع ذلك لم تخلُ تعليقات الشيخ ابن عثيمين من التنبيهات نفيسة، والعبارات مفيدة، والتوضيحات الجيدة، وقد شرحها رحمه الله عام (1408هـ) ضمن الدروس العلمية التي كان يعقدها- رحمه الله تعالى- في الجامع الكبير بمدينة عنيزة.
وقد طبع هذا الشرح في كتاب مستقل في العام (1415هـ) أي بعد شرحه بسبع سنوات، واعتني بطبعته الأولي- مشكوراً - فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار فجزاه الله خيراً.
وأكثر ما يُميز هذا الشرح هو الفصل الأخير الذي أضافه الشيخ إلى الشرح، وهو بمثابة التلخيص لكل ما جاء في الكتاب من قواعد، ومهمات، وتنبيهات، وعنون له باسم (تلخيص قواعد التفسير التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في (مقدمة في أصول التفسير)، ومن هذه القواعد ما يتعلق بالتفسير، ومنها ما يتعلق بالأسماء والصفات،ومنها ما يتعلق بالحديث، ومنها ما يتعلق باللغة ودلالتها، ونحن نختصر القواعد المتعلقة بالتفسير هنا، والتي بلغت سبع عشرة قاعدة فنثبت منها عشر قواعد فقط، وهي كما يلي:
القاعدة الأولى: والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، إما قول عليه دليل معلوم، وما سوى ذلك فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود.
القاعدة الثانية: يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل: 44) ، يتناول هذا وهذا.
القاعدة الثالثة: وقولهم: (نزلت هذه الآية في كذا) يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول عني بهذه الآية كذا.
القاعدة الرابعة: [تعدد أسباب النزول] وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله، وذكر الآخر سبباً، فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب، أو تكون نزلت مرتين: مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب
القاعدة الخامسة: ومن التنازع الموجود عن الصحابة والتابعين ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين، إما لكونه مشتركاً في اللغة كلفظ: (قسورة) الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد، ولفظ: (عسعس) الذي يراد به إقبال الليل وإدباره، وإما لكونه متواطئاً في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (لنجم: 8 /9)
القاعدة السادسة: فمتى اختلف التابعون لم تكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحاً فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين.
القاعدة السابعة: وأما النوع الثاني من سببي الاختلاف (اختلاف التضاد) وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان.
إحداهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
والثانية: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلي المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به.
القاعدة الثامنة: وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤة.
القاعدة التاسعة: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن. فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة؛ فإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلي أقوال التابعين.
القاعدة العاشرة: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام؛ فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم به، وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق