الباعث على شرح الحوادث
تأليف محدث الديار اليمنية:
أبو عبد الرحمن مُقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
مكتبة صنعاء الأثرية –صنعاء، اليمن، ط 2، 2004 م.
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/ إن دعوة أهل السنة هي دعوة خير وبركة، وقد جمعت من البركة ما لم تجمعها الدعوات الأخرى من العلم، والفقه، والعبادة، والورع عن أموال الناس وأعراضهم، وتأليف القلوب، وإصلاح ذات البين، وقوة العزيمة، ورباطة الجأش، والدعوة إلى الله على بصيرة، والجهاد بالمال والنفس والسلاح في سبيل الله سبحانه وتعالى، وتستمد هذه الدعوة بركتها من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وضع الله سبحانه محبة الشيخ الوادعي في قلوب اليمنيين، فكانوا يُحبُّونه حُباً جمَّاً، ويحفظون له مكانته وعلمه، فانتظم الكثيرون في سلك دعوته، وفتح الله على يديه كثيراً من أفئدة شباب بلاد اليمن المباركة، وكثر أتباعه جداً، وقد أقام الدعوة إلى الله في خمس عشرة سنة، فما يسمع الناس بقدوم الشيخ إلى مدينة أو قرية إلا وتجمعوا بالآلاف؛ ليستمعوا توجيهاته ونصائحه، حتى لا يكفيهم أكبر المساجد.
يقول الشيخ الوادعي: "وإني أُبشر أهل السُّنة، بأن أهل السُّنة في اليمن على أحسن ما يرام، والفضل لله وحده. ولقد كانت السُّنة غريبةً في مجتمعنا اليمني؛ فلا تجد إلا صوفياً مبتدعاً، أو شيعيّاً يُنفِّر عن السُّنة وأهلها، أو إخوانيَّاً ليس لهم همٌّ إلا جمع الأموال، والتنفير عن السُّنة وأهلها، وليدعموا بها حزبيتهم...".
وقد أراد الشيخ مُقبل رحمه الله بهذا الكتاب أن يشرح أهم الحوادث التي تعرض لها من قبل المبتدعة والمتحزبين والحكومة الشيوعية في اليمن، مُبيناً مكر الحزبيين، وتدبيرهم لاغتياله، وإطلاقهم الرصاص على مسجده، وتفجيرهم للألغام بالقرب منه، ومحاولاتهم لإيقاف دعوته بكل سبيل، وتحريض النواب عليه، وتعرضه أثناء محاضراته لمحاولات الاغتيال من قبل الشيعة والحزبيين، وفي المقابل يذكر الشيخ الوادعي للقبائل اليمنية موقفها الداعم له، وإقبالها على علمه، وحمايتها له ولأتباعه، والتفات شيوخ تلك القبائل حوله، وانتشار السُّنة بفضل الله ثم بفضل هؤلاء الأكارم.
وبإزاء هذه الأعمال المنكرة التي يقوم بها أعداء الشيخ؛ نجد النفس الحار من الشيخ الوادعي رحمه الله تعالى - على الأحزاب الشيوعية في اليمن، وصحيفتيهم "الأيام" التي تسم دعاة السُّنة بالتشدُّد، والشيعة وصحيفتهم "الشورى" والتي ترمي أهل السُّنة بالنصب ومعاداة أهل البيت، وكذلك ما جرى له من الإخوان المسلمين، وأصحاب الجمعيات الذين وضعوا أهواءهم وشهواتهم ومصالحهم نصب أعينهم، ويجمعون أموال الناس بغير وجه حق، وجماعة "الجهاد" التي تُكفِّر المسلمين وتقتلهم، والسروريين أتباع محمد بن سرور، والذي حدثت بسبب فتنٌ كثيرةٌ في اليمن، ولعل أكثر ذلك بسبب كشف الشيخ الوادعي بعض التناقضات لديهم لا سيما في قضايا السياسة والحكم؛ فاستشاطوا غضباً، وماتوا كمداً.
وقد أدى ذلك إلى تشويش الإخوان والشيوعيون على الشيخ مُقبل والملاحقة من قبل أفراد الجماعة للإخوة السلفيين في اليمن، ومحاولة ترويعهم، والتصفية الجسدية لبعضهم، بسبب إقبال الناس عليهم، بالإضافة إلى موقفهم المعروف من قضايا الحكم والانتخاب والديمقراطيات، وقد كثرت أقلام التحريض، وملاحقة الحكومة اليمنية لأتباع الشيخ مُقبل رحمه الله.
وقد استعمل الإخوان لذلك طرق الترهيب؛ فتارةً يزرعون له عبوةً في مسجده الذي يُحاضر فيه، وتارةً يقوم إليه أحد الحاضرين موجهاً مُسدَّسه نحوه، ومحاولات انتزاع المساجد من أهل السنة ومنعهم من التدريس فيها، حتى بلغت إلى حد الاقتتال، والتشويش المتعمد، واختلاق الفوضى، ولكن الشيخ مُقبل كان جلداً لا تثنيه العواصف، ولا تنال من عزيمته الأتربة والغبار، رحمه الله رحمةً واسعة.
ويحكي الشيخ في هذا الكتاب رحلته الدعوية لإلقاء المحاضرات في "إب"، و"تعز"، و "عدن"، و"صنعاء"، وتحدث عن ترحيل أمراء السعودية له منها، بسبب مواقفه القويَّة في الإنكار على أولياء الأمور هنالك.
وذكر رحمه الله موقفه من "حسن الترابي" وتكفيره له، لإخلاله ببعض القضايا الجوهرية، مثل: قوله في حديث الذباب أنا آخذ بقول النصراني ولا آخذ بقول المسلم، وتجويزه زواج النصراني من المسلمة، وقوله إن المسلم لا يحتاج في هذا الوقت إلى الحج؛ لأن الحاج يذهب لرجم الشيطان، فيرجمه من هنا ولا يذهب لمكة.
وذكر في "القسم الثاني" من الكتاب التراحيب الكثيرة التي تلقي بها عند قدومه إلى بعض تلك المدن، وذلك من بعض تلاميذه ومُحبيه؛ كالشيخ عبد العزيز البرعي، وقائد بن حمود العديني، وفيه ثناءٌ جزيلٌ على الشيخ مُقبل رحمه الله.
وتحت عنوان "قل موتوا بغيظكم" وضع عبد الله بن عيسى الموري أبياته الجميلة التي تُلخص الكتاب كاملاً.
وكذلك أبيات الشيخ تركي بن عبد الله الوادعي، وأحمد بن محمد العباسي، ومحمد بن يحيى الشرجبي، وقائد بن علي الوادعي، وكذلك عبد العزيز بن محمد العبدلي نظم "الثلاثية في أخبار التفجيرات العدنية".
وأما "القسم الثالث"؛ فذكر فيه بعض الرسائل التي تثني على الشيخ ودعوته، وأولها رسالة الشيخ صالح بن عبد الله اللودري، وأبي سليمان القطري (والتي تُعد رسالته مادةً ثمينة تستحقُّ أن تُدمج وتُضمن فيكل كتاب عن سيرة الشيخ رحمه الله)، وختم جامع الكتاب ببعض الأشعار في الثناء على الشيخ مُقبل رحمه الله رحمةً واسعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق