أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 7 نوفمبر 2020

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضلها وكيفيتها -الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضلها وكيفيتها

الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ لقد أمر الله عباده أن يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم في كتابه؛ فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: ٥٦).

وقد أمر النبيُّ أمته أن تصلي عليه؛ فقال صلى الله عليه وسلم "صلوا علي وسلموا، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" (صحيح الجامع:٢/ ٣٧٨٥).

وأفضل ما تكون الصلاة عليه يوم الجمعة؛ فعن صفوان بن سليم، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي" (صحيح الجامع١/ ٧٧٦).

ولا شكَّ أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي علامةٌ صحيحةٌ على حُبِّه: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" (البخاري:١٥، مسلم:٤٤).

وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما …" (رواه البخاري١/ ٥٦، ومسلم: ٤٣).

● أما فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكثيرة، منها:

١- أن الله عز وجل يصلي على من قالها عشراً:

فعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشرًا" (رواه مسلم: ٣٨٤).

٢- أنها سبب لكتابة الحسنات، ومحو السيئات، ورفع الدرجات، واستحقاق مثلها:

فعن عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قال: قال صلى الله عليه وسلم: أتاني آت من عند ربي عز وجل؛  فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة، كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها" (صحيح الجامع: ١/ ٥٧).

٣- القرب منه صلى الله عليه وسلم:

 وروى الترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة"، قال الترمذيُ: حديثٌ حسن غريب، (ضعيف، رواه الترمذي: 484).. 

٤ - توجب شفاعته:

وعن أنس بن مالك، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة" (صحيح الجامع:٢/ ٦٣٥٧).

٥ - سبب لاستجابة الدعاء:

وعن أنس، قال: قال - صلى الله عليه وسلم: "كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي" (صحيح الجامع:٤٥٢٣).

٧ - تفرج الهموم وتغفر الذنوب:

عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "يا رسول الله إني أكثر من الصلاة عليك، كم أجعل لك من صلاتي -أي دعائي؟ قال: ما شئت. قلت: الربع. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالنصف. قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت: فالثلثين. ،قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك .. قلت: أجعل لك صلاتي كلها. قال: "إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك" (السلسلة الصحيحة:٩٥٤).

٨ - تذهب الحسرة يوم القيامة:

قال صلى الله عليه وسلم: "ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة – أي حسرة – فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" (صحيح الجامع:٢/ ٥٦٠٧).

● ذكر عقوبة من لم يُصلِّ عليه صلى الله عليه وسلم:

١- أنه يكون بخيلاً، بل هو من أبخل الناس:

روى الترمذي وغيره، عن علي بن أبي طالب، مرفوعا: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي"(صحيح الجامع٢/ ٢٨٧٨).

٢- أنه أخطأ الطريق إلى  الجنة:

عن ابن عباس مرفوعا: "من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة" (صحيح الجامع: 6568).

٣- أنه بعيدٌ عن رحمة الله ورضوانه:

عن أبي هريرة مرفوعا: "من ذكرت عنده فلم يصل علي فمات فدخل النار فأبعده الله "، (صحيح، رواه ابن حبان: 907)، 

◀ معنى الصلاة والسلام على النبي "صلى الله عليه وسلم":

● ومعنى صلاة الله والملائكة عليه "صلى الله عليه وسلم": هو الثناء عليه وإظهار شرفه وفضله، وزيادة تكريمه وإرادة تقريبه.

ومعنى صلاتنا عليه: هو طلبنا من الله تعالى أن يثني عليه في الملأ الأعلى. 

والمراد بقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ}، أي: ادعوا ربكم بالصلاة عليه.

● ومعنى تسليمنا عليه: أي دعاؤنا له بالسلامة من المكاره، والآفات، وأن تجتمع فيه معاني الخير والبركة.

◀ صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

وهي كيفيات كثيرة؛ اقتصر الشيخ "البدر" على ذكر ما في الصحيحين أو أحدهما، وهي عن أربعة من الصحابة: كعب بن عجرة، وأبي سعيد الخدري، وأبي حميد الساعدي، وأبي مسعود الأنصاري.

وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديث: كعب، وأبي حميد.

وانفرد البخاري بإخراج حديث: أبي سعيد.

وانفرد مسلم بإخراج حديث: أبي مسعود الأنصاري.

وهذه الكيفيات الأربع التي علمها  النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هي أفضل كيفيات الصلاة عليه .

وأكملها هي الصيغة التي فيها الجمع بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله والصلاة على إبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله

(١) في حديث كعب بن عجرة، قال: قال صلى الله عليه وسلم:  "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" (صحيح البخاري:4797).

(٢) وعن كعب بن عجرة، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".(رواه البخاري: 3370، ومسلم: 406).

(٣) وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" (رواه البخاري:3369، ومسلم: 407).

(٤) وعن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله هذا التسليم فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم" (رواه البخاري: 4798).

(٥) وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم" (رواه مسلم: 405).

وروى حديث كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة غير هؤلاء الأربعة منهم: طلحة بن عبيد الله، وأبو هريرة، وبريدة بن الحصيب، وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.

◀ طريقة العلماء والمحدثين في الصلاة والسلام عليه:
وقد درج السلف الصالح ومنهم المحدثون بذكر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره بصيغتين مختصرتين:

إحداهما: (صلى الله عليه وسلم).

والثانية: (عليه الصلاة والسلام).

وهاتان الصيغتان قد امتلأت بهما ولله الحمد كتب الحديث بل إنهم يوصون في مؤلفاتهم بالمحافظة على ذلك على الوجه الأكمل من الجمع بين الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم. 

● تأليف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
١- وأول من ألف في ذلك الإمام إسماعيل ابن إسحاق القاضي، (ت ٢٨٢هـ) واسم كتابه "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، ويشتمل على مائة وسبعة أحاديث كلها مسندة.

٢- الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام"، وهو أحسنها وأكثرها فوائد.

٣- والفيروزبادي صاحب القاموس في كتابه "الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر". 

٤- والحافظ السخاوي (ت ٩٠٢هـ) في كتابه "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع"، 

وقد ختم كتابه هذا ببيان الكتب المصنفة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر جملة كبيرة من هذه الكتب مرتبة على حروف المعجم.

● من الكتب المؤلفة في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم  وجاءت على غير علم ولا هدى:
- كتاب أبي عبد الله محمد بن سليمان بن أبي بكر الجزولي (ت ٨٥٤هـ) في كتابه "دلائل الخيرات"،  و"شوارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار"، وهو مشتمل على فضائل وكيفيات للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما أنزل بها من سلطان، وفيه من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة، التي يحرم الاعتماد عليها، أو اعتقاد أنها كيفية مشروعة في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.

ملاحظة/ الصفحة رقم: 58  مفقودة، ولذا فإن في هذا الكتاب نقصاً.

----------------------------------

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة/ السنة السابعة - العدد الأول/  1974م.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق