بغية السائلين في ترجمة خاتمة المتأخرين
الملا أبو بكر بن الشيخ محمد الحنفي الأحسائي
تأليف ابنه عبد الله بن أبي بكر
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب هو ترجمة وجيزة للشيخ أبي بكر بن محمد الملا الحنفي، كتبها على وجه الاختصار ابنه الشيخ عبد الله، وقد ذكر فيها مؤلفاته، وأدعيته، وملخصاته ومسؤولياته، وذكر فيها اسمه، ونسبه، وولادته، ونشأته، وشيوخه، ومصنفاته الكثيرة، وشيئاً من شعره، ونحن نذكر نبذةً من ذلك، ولعلَّ الله يُقيض لهذه المخطوطة من يُحققها، حتى نُفيد منها أكثر.
اسمه ونسبه:
هو العلامة الشيخ أبو بكر بن الشيخ محمد بن الشيخ عمر بن الشيخ محمد بن الشيخ عمر الملا الاحسائي الحنفي.
مولده:
ولد بمدينة الإحساء (مدينة هجر) بحي الكوت، والتي تقع حالياً في الجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية، في اليوم الثاني من شهر ربيع الثاني، من عام (1198 هـ).
نشأته:
توفي والده وهو صغير، وتربى في حجر والدته، وهو محفوفٌ بعين عناية مولاه، إلى أن بلغ سن التمييز، وأجلس عند المعلم، فأتقن الكتابة والقراءة، وأكمل حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولم يتجاوز عمره عشر سنين، وكان ذا حظ وافر من الفهم والذكاء.
ثم جدَّ واجتهد في تحصيل العلوم النقلية والعقلية على عدة مشايخ ذوي تمكين، من علماء الأحساء، ومن غيرهم ممن يقدم عليها، حيث كانت في ذلك الوقت محط رحال العلماء، ومنارةً للعم، وكلما ظفر بشيخٍ مُتفنن في العلوم مع الاتقان اشتغل عليه حسب الإمكان؛ حتى برع في هذه العلوم وفاق أقرانه، وغدا من أفاضل علماء عصره.
شيوخه:
تتلمذ الشيخ -رحمه الله -على جملة كبيرة من العلماء، وأجازه شيوخه بما تجوز لهم روايته، وتعلم ما لديهم من تفسير وحديث وأصول وفروع من منقول ومعقول، مما تلقوه عن مشايخهم كما هو مذكور في أثباتهم، ومن أبرزهم عماه:
1-الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عمر الملا الحنفي.
2-الشيخ أحمد بن الشيخ عمر الملا الحنفي.
3-الشيخ حسين بن محمد بن أبي بكر الأحسائي الحنفي.
4-الشيخ عبد الله الجعفري الطيار الشافعي.
وأخذ عن علماء الحرمين الشريفين أثناء سفره لأداء مناسك الحج ومن أبرزهم:
1-السيد محمد بن أحمد العطوشي المالكي المغربي، ثم المدني المدرس بالمسجد النبوي الشريف.
2-السيد يس الميرغني الحنفي المكي، المدرس بالمسجد الحرام.
وتلقى علم الآداب والزهد والسلوك على الشيخ حسن بن أحمد الشهير بالدوسري، الشافعي، البصري ثم المكي.
عمله بالتدريس:
.وقد أذن شيوخه له بالتدريس؛ فأفتى ودرس في حياة أشياخه، وظهرت براعته وحسن تقريره، فأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان ينهلون من علمه وينتفعون بتربيته وسلوكه، وانتفع به خلقٌ كثير، وقد ذكر بعض تلاميذه
صفاته:
كان رحمه الله عالماً، مُهاباً، مُطاعاً عند العامة والخاصة وولاة الأمر، وبلغ من الشهرة في عصره وبعد عصره مقداراً لا مزيد عليه، وكان ذا سياسة وعقل كامل، رصين بحيث أنه لا يواجه أحداً بما يكره، بل كلامه بالرفق واللين، وكان صاحب إيثار وإنصاف وإعفاف، ينصح الناس، ويحببهم للائتلاف، وينهاهم عن الأمور التي تؤدي إلى الخلاف، ذا رحمة وشفقة، وحمية دينية، وزاجراً عن الأفعال الدنيَّة، متواضعاً مع الكبير والصغير، والغني والفقير، سمحاً ليناً حتى مع أولئك الذين يأتون لإيذائه.
زهده وقناعته:
كان -رحمه الله -ممن طلق الدنيا البتة، وركب فرس الزهد، يبتعد عن الشبهات فضلاً عن الحرام، متأسياً قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يُحبك الله، وازهد فيما أيدي الناس يُحبك الناس"، فكان من تعففه أنه لا يجعل غذاء جسمه إلا من غلات عقارات ملكه، وأما ما كان تحت يده من غلات عقارات وقف فيعزلها في موضع، وتُباع ثم يصرفها بعد عمارتها في مصارفها.
منهجه اليومي:
وبالجملة فأوقاته كلها معمورة بالطاعات، من تدريسٍ أول النهار إلى الضحوة الكبرى، وبعد صلاة الظهر إلى قرب صلاة العصر، وبعدها إلى قرب المغرب، مستديماً في هذه الثلاثة الأوقات ما عدا يوم الجمعة، ويوم الثلاثاء، فيدرس آخر النهار فيهما كما جرت عادة علماء هذه البلاد -رحمه الله رحمة واسعة.
وكان مواظباً على نوافل الطاعات من صلاة وصيام وذكر، وكان يقوم للتهجد بعد النصف الأول، ثم يدعو بعد فراغه بأدعية نافعة للخاصة والعامة، ومواظباً على إحياء ما بين العشائين، وما بين الطلوعين، وعلى صلاة الاستخارة كل يوم بعد الإشراق ركعتين، والإتيان بدعائها المخصوص.
مؤلفاته:
وله رحمه الله تواليف ومصنفات كثيرة جاوزت التسعين، منها الكتاب الكبير والرسالة الصغيرة في مواضع شتى، تشهد بإمامته ونبوغه، منها:
1- الأزهار النضرة في تلخيص التبصرة= تلخيص تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي - في الأخلاق لابن الجوزي، ثم لخصه تلخيصاً آخر سماه: "قرة العيون المبصرة بتلخيص كتاب التبصرة"، وهو يشتمل على ستة وسبعين مجلساً.
2 - بغية الواعظ في الحكايات والمواعظ.
3 - تحفة الطلاب في الفقه الحنفي
4 - تحفة الحنفاء بمعراج المصطفى صلى الله عليه وسلم.
5 - تلخيص كتاب الرحمة - في الطبّ والحكمة
6 - جواهر المسائل - في الفقه الحنفي
7 - حادي الأنام إلى دار السلام
8 - خلاصة اللطائف فيما لموسم العام من الوظائف
9 - الردّ الفصيح على منكر العمل بالنص الصريح
10 - العقد الثمين في الصلاة على الرسول الأمين.
11 - عدة المنكرة في النهي عن استعمال كل مسكر ومضر.
12 - فتوى في صلاة الجمعة - في الفقه الحنفي
13 - قرّة العيون المبصرة بتلخيص التبصرة لابن الجوزي - في الأخلاق وقصص الأنبياء.
14 - القلائد العسجدية على الفوائد الشنشورية في شرح فرائض الرحبية
15 - القول الجلي الراسخ في الردّ على من أنكر رابطة المشايخ.
16 - مختصر في الفقه الحنفي
17 - مزعج الألباب إلى سبيل الأنجاب - في الموعظة.
18 - مسالك الثقافة في نصوص الصفات - في الكلام.
19 - النشر الوردي لأخبار خالد النقشبندي - في المناقب.
20 - وسيلة الفلاح بأذكار المساء والصباح.
21- إرشاد القاري لصحيح البخاري، لخص فيه شرح الشيخ محمد القسطلاني، ولم يُتمه.
22-هداية المحتذي شرح شمائل الترمذي.
23-منهل الصفا في شمائل المصطفى.
24-خلاصة الاكتفاء في سيرة المصطفى والثلاثة الخلفاء.
25-عقد اللآلي بشرح بدء الأمالي.
26- روضة النواظر والألباب بذكر أعيان الصحابة الأنجاب.
27-زواهر القلائد على مهمات القواعد -في القواعد الفقهية.
28- منهاج الراغب شرح إتحاف الطالب.
29-النواظر مختصر الزواجر.
30-مختصر التذكرة في أحوال الموتى والآخرة.
31-شرح الأربعين النواوية من كلام الحافظ ابن رجب.
32-تلخيص شرح المناوي على الشمائل، سماه "هداية المهتدي شرح شمائل الترمذي"، وزاد فيه من الفوائد من شرح العلامة ملا علي القاري.
33-وله منظومة منهاج السالك، وشرحها شرحاً وافياً سماه إيضاح المسالك، جمع فيه من شرائع الإسلام، ومكارم الأخلاق.
34-حادي الأنام إلى دار السلام، وتشتمل على ذكر الجنة ومنازلها، وما أعد الله فيها لأهلها.
35-وشرع بتلخيص الترغيب والترهيب للحافظ المنذري ولم يتمه.
36- وله تلخيص روض الرياحين في حكايات الصالحين لليافعي.
وفاته:
توفي ليلة الخميس التاسع والعشرين من صفر سنة (1270 هـ) بمكة لمكرمة، بعد قضاء مناسك الحج، وكانت وفاته وقت التذكير في الحرم الشريف، وغسله الشيخ محمود الكردي وهو من خواص أصحابه، ودفن في حوطة الشيخ صالح الريس، وقد دُفن بها جماعةُمن العلماء والصلحاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق