نزول القرآن على سبعة أحرف
مناع القطّان
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب جاء لمناقشة موضوع هام من موضوعات علوم القرآن وهو "نزول القرآن على سبعة أحرف"، وهو موضوع صحَّت أحاديثه، وتعددت طرقه بما يُشبه التواتر، ولكن الإجمال الذي فيه أدى إلى أن تشعبت فيه الآراء، حتى وصل الخلاف فيها إلى خمسةٍ وثلاثين قولاً على ما ذكره الإمام أبو حاتم البستي، وأوصلها الإمام السيوطي إلى أربعين قولاً.
وقد بيَّن المؤلف آراء العلماء في المراد بالأحرف السبعة، ذكر منها ستَّ آراء، وناقشها مناقشة مطولة، وأظهر ما يستند إليه أصحاب كل رأي، وجلَّى المعنى المراد بالحرف، والمعنى المرجَّح فيها، وهو الأول، وهو قول جماهير العلماء: ((أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، نحو: أقبل، وتعال، وعلُمَّ، وعجّل..) وكلها ألفاظٌ مختلفة لمعنى واحد.
والرد على الشُّبه التي أثارها المستشرقون حول هذا الموضوع، وقد اتهموا النص القرآني بالاضطراب -في زعمهم -لاختلاف وجوه القراءة.
وختم المؤلف كتابه ببيان الحكمة الإلهية من نزول القرآن على سبعة أحرف، وهي: تيسير القرآن على الناس ليقرأه الناس كلهم على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم وتباين ألسنتهم، بالإضافة إلى حكم أخرى أوصلها إلى خمسة.
وقد صحَّ حديث نزول القرآن على سبعة أحرف من عدة طرق في الصحاح وفي كتب السنة، فرواه جمعٌ كثيرٌ من الصحابة، منهم:
أبي بن كعب، وأنس، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن أرقم، وسمرة بن جندب، وسليمان بن صرد، وابن عباس، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب، وعمر بن أبي سلمة، وعمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وهشام بن حكيم، وأبو بكرة، وأبو جهم، وأبو سعيد الخدري، وأبو طلحة الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو أيوب، قال السيوطي في "الاتقان" بعد أن عدّهم: "فهؤلاء واحدٌ وعشرون صحابياً"، وعدَّه في "التدريب" من الأحاديث المتواترة.
ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف».
وأخرجا -أيضاً -عن عمر بن الخطاب في قصة إنكاره على هشام بن حكيم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسّر منه».
والمراد بالحروف السبعة -كما سبق -لهجات العرب وتعبيرهم بألفاظ مختلفة عن المعنى الواحد، وقد اختلف العلماء في تعيين اللهجات السبع، ولكن أصلها وقاعدتها لغة ولهجة قريش، وأما بقية اللغات السبعة، فقيل: هُذيل، وتميم، وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر.
وبعض القائلين بأن المراد بالحرف: اللغة واللهجة، يرون أن العدد سبعة لا حقيقة له، والمراد به الكثرة، وبذا يكون المراد إنزال القرآن وفق اللهجات العربية كلها أو جلّها؛ فيشمل ذلك لغة قضاعة، وأسد، وكنانة، وضبة، وغيرها.
* وقلنا: لعل القول باللغات واللهجات العربية هو أقرب الأقوال إلى الصواب، والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق