أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 فبراير 2022

بحر الدموع لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

بحر الدموع 

لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لكل عينٍ قدر معلوم من العبرات والدموع، إن لم تذرفه على أمور الآخرة، ذرفته على أمور الدنيا، وكان عبد الله بن عمر يقول: (لأن أدمع من خشية الله أحبُّ إليَّ من أن أتصدق بألف دينار)، وكيف لا يكون ذلك والباكي من خشية الله في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، وفي مأمنٍ من عذاب الله تعالى، وفي كنف المحبة الإلهية، وينال مغفرةً من الله ورحمة، فلكل قلبٍ حظَّه من الحزن إن استنفدته في دنياك انمحى من ذاكرتك معنى الحزن في أخراك، فادفع الثمن اليوم كاملاً، لأنه لا مجال للمساومة هناك.

وهذا كتاب وعظي جميل، جمع فيه ابن الجوزي بين الترغيب والترهيب، مع تغليبه جانب الترهيب فيه، وقد صنَّفه تحذيراً من بعض الكبائر والسيئات التي كانت شائعةً بين الناس في عصره، كترك الصلاة، والتعامل بالربا، ومعاقرة الخمر، والظلم، والكذب والغيبة والنميمة والخيانة، وغير ذلك من الذنوب، التي كانت سبباً لسوء خاتمة أصحابها -عياذاً بالله تعالى.

ويمزج ابن الجوزي مواعظه بالعبرات والدموع للذين عرفوا قدرة الله وعظمته، واستحضروا وقوفهم بين يدي الله؛ فذرفوا الدموع أنهاراً حتى التقت في هذا الكتاب؛ لتبلغ من فيضانها وسيالنها ما بلغته البحار خوفاً من الله، ولم يخل من حكايات العاصين وتوبتهم، ومن قصص تدل على رحمة الله وعفوه عن المسيئين.

وقد جعل ابن الجوزي كتابه في مقدمة واثنين وثلاثين (٣٢) فصلاً، وبيانها فيما يلي:

أما الفصل الأول: 

فدعا المسلم إلى الانتباه من الغفلة عن العمل ليوم الحساب، موجهاً اللوم له على إيثاره الفاني على الباقي، وذكر بعض الأحاديث التي تحث على البكاء من خشية الله، وتبين فضله، ثم تحذره من خداع الدنيا وغرورها، وحذر من الغفلة داعياً العبد إلى العودة إلى الله تعالى.

وفي الفصل الثاني: 

استهل هذا الفصل بالحديث عن التسويف، والمماطلة، محذراً من هجوم الأجل، وأعقبه بذكر أثر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -عن عاقبة المعاصي، ثم ساق حكاية لذي النون المصري مع عابدٍ وابنه ليُبين من خلالها بعض الكرامات للصالحين، ولكن والله أعلم نجد أن فيها كثيراً من المخالفات الشرعية، والتي علق المحقق عليها في حينها، كما في هامش (62).

وفي الفصل الثالث:

بدأ بالتحذير من الإصرار على الخطايا والعصيان، داعياً العبد إلى أن ينتفع بالمواعظ، وأن يرفض الدنيا؛ لأن رزقه لا بدأن يأتيه كما قدره الله له، فينبغي أن يثق برزق الله له، ويُبادر إلى التوبة، وختم الفصل بذكر قصة إسلام معروف الكرخي وأسرته.

وفي الفصل الرابع: 

حذر فيه الإنسان من الموت قائلاً له: إن الموت لبالمرصاد، وجعل ذلك مدخلاً ليتكلم بعد ذلك عن تواضع العابدين، وبيّن للإنسان عاقبة غفلته، موضحاً أن هناك يوماً للحساب قريب، وسوف يكون الحساب فيه شديد، إلا على الصالحين.

وفي الفصل الخامس: 

تحدث فيه عن عاقبة حب الدنيا والاغترار بها، وحث العبد على محاولة كبح جماح نفسه وأن يتعظ بالمصائب التي تحدث من حوله، وأن يُسارع بالاستغفار؛ لأن العمر محدود والدنيا دار تكليف لا دار جزاء، ثم دعاه إلى كثرة سكب الدموع لعلها تغسل الخطايا وتمحوها.

وفي الفصل السادس: 

حث في بدايته على الاستعداد للآخرة بالتوبة والأعمال الصالحة موضحاً فيها من هو المفلس في الآخرة، كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختم الفصل بذكر قصة للحسن البصري عن البكاء من خشية الله، ذكر فيها الحسن قصة عابدة وابنتها، ماتا من شدة الخوف من الله.

وفي الفصل السابع:

تحدث فيه عن النظر إلى المحرمات محذراً ابن آدم من عاقبته وختمها بذكر قصة عبدٍ تائبٍ وما حدث له بعد موته من كرامات.

وفي الفصل الثامن:

حذر فيه من قلة الزاد وبعد السفر، وحذر فيه من الغرور أعقبها بذكر أبيات رائعة عن الموت وما يحدث للإنسان فيه، ثم ذكر حديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم يتحدث فيه عمّا يحدث للإنسان بعد خروج روحه.

وفي الفصل التاسع:

بدأه بذكر مراحل السفر في الدنيا، وقسمها إلى ستة أسفار في عمر الإنسان محذراً له من الدنيا وتقلبها.

وفي الفصل العاشر:

ذكر فيه قصة لذي النون تحث على تكرار التوبة ثم دعا العبد إلى مرافقة التائبين وملازمتهم في عبادتهم وبكائهم وخشيتهم لله عز وجل.

وفي الفصل الحادي عشر:

بدأه بتوضيح أن العمر أمانة يجب المحافظة عليه، وعدم شغله إلا بما يرضي الله سبحانه، وحث فيه على ملازمة بابه، لعله يتفضل بالرحمة، ثم ذكر قصةً لعبد يحث فيها على العفة عن أكل الحرام، ولو كان يسيراً ثم انتقل إلى بيان أثر الطاعة في وجوه الصالحين، ثم تكلم عن أقسام الرجاء ومجاهدة المحبين.

ثم انتقل مباشرةً إلى الفصل الرابع عشر دون ذكر للفصل الثاني عشر والثالث عشر فلعله سقط من الناسخ والله أعلم.

الفصل الخامس عشر:

نبه الإنسان إلى أ، الشيب نذير باقتراب الأجل، وأن عليه أن يخرج من ضلاله وحيرته إلى نور الإيمان والصلاح والهدى، فعليك أخي القارئ أن تنتهز فرصة الشباب قبل أن يأتي نذير الشيب.

الفصل السادس عشر: 

حثَّ فيه على التزود قبل الرحيل بالطاعات، وحذر فيه من التجارة الخاسرة وهي تجارة المعاصي كما نبه على تقلب الأيام، وحذر من الفتنة في الدين.

الفصل السابع عشر:

حثَّ فيه على التوبة من الذنوب، وحذر من يكثر الذنوب ولا يتوب من عاقبة العصيان، ثم ذكر قصة عن زهد سلمان الفارسي -رضي الله عنه -في الدنيا.

الفصل الثامن عشر:

عاد للحديث مرة أخرى عن الغفلة وعن إنذار الشيب، ودعا العبد إلى محاسبة نفسه قبل أن يُحاسب وحذّر من إيثار الدنيا على الآخرة، وذكر أمثلة لإيثار الآخرة والزهد في الدنيا، ثم ذكر قصة توضح علامة محبة الله تعالى.

الفصل التاسع عشر:

حثَّ فيه على التقوى وحذر فيه من العصيان، وأوضح أن مهر الآخرة يسير، وهو عبارة عن قلب مخلص ولسان ذاكر، ثم تحدث عن محبة الله عند الأنبياء والصالحين، وبقية الفصل تكلم فيه عن المحبة وعن حقيقتها وفضلها.

الفصل العشرون:

عاد مرة أخرى إلى الحديث عن الغفلة، وحذر فيه من تناقص العمر وقلة العمل وكفران النعمة، ومالك الملك لا يغيب عنه شيءٌ في الأرض ولا في السماء.

الفصل الحادي والعشرون:

اشتمل على عدة موضوعات، منها: حسن الظن بالله، والمراقبة والمحاسبة، وعن أهل المحبة، وعلامات الأولياء.

الفصل الثاني والعشرون:

أجاب فيه عن سؤال كيف يتطهر الإنسان من ذنوبه، وبيّن فيه أيضاً فضيلة الاعتذار إلى الله من خلال قصة ذكرها.. خلص من ذلك إلى دعوة الناس إلى المبادرة إلى الصلح مع الله، وحثهم على أن يجدُّوا ويجتهدوا قبل الرحيل.

الفصل الثالث والعشرون:

استهله بالحديث عن عاقبة التسويف، وحذر فيه من هجوم الأجل، وقيام الساعة طالباً من الإنسان أن يأخذ تقوى الله سبيلاً إلى رضوان الله سبحانه، ثم أوضح عاقبة ترك الشهوة، وتحدث عن الأنس بالله وبحبه.

الفصل الرابع والعشرون:

تحدث عن أهل العزائم ومسارعتهم إلى التزود قبل الرحيل بالاجتهاد في الطاعة والإخلاص والبكاء من خشيته وسرعة التوبة إليه، ثم ذكر بعض الكرامات لبعض الصالحين وأعقبها بالحديث عن إفلاس الطاعة، ثم ذكر بعض كرامات الصالحين أيضاً.

الفصل الخامس والعشرون:

عاتب فيه الإنسان على تفريطه بتضييعه عمره في اللهو واللعب، وإتيان الشهوات، ثم ذكر قصة شيقة لحذيفة عندما سأله عمر كيف أصبحت يا حُذيفة؟ ورد عليه رداً تعجّب منه عمر، وغضب وهمَّ أن يبطش به ففسره له علي بن أبي طالب، وختم الفصل بالحديث عن الخوف من الله تعالى، وشدة الخشية له، والهروب من الدنيا وهجران البشر.

الفصل السادس والعشرون:

تحدث في بدايته عن التائبين، ثم وجه حديثه إلى الفقراء والفتيان ناصحاً إياهم، ومحبباً إليهم سلوك طريق التائبين الذين يقومون الليل لا يفترون، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن فضيلة الصف الأول في صلاة الجماعة، وفضل حصور تكبيرة الإحرام، من خلال قصة ذكرها ابن عباس لعلي بن أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر قصةً أخرى من دلائل نبوته  صلى الله عليه وسلم.

الفصل السابع والعشرون:

أفرده بالحديث عن كبيرة من الكبائر، ألا وهي كبيرة الزنا، وقد بيّن فيه عواقبه، محذراً من مقدماته مُبيناً أن النساء من حبائل الشيطان، ثم رغب في الزواج الذي هو السبيل الوحيد لكبح ماح الشهوة، والوقاية من الزنا، وحذر أيضاً من الأسباب التي تؤدي إليه، وخاصةً النظر.

الفصل الثامن والعشرون:

أفرده بالحديث عن فضيلة الصمت وحفظ اللسان، محذراً من تتبع عورات الناس، ومرغباً في كثرة الصمت، ذاكراً بعض القصص لبعض الصحابة والصالحين ترغب في الصمت.

الفصل التاسع والعشرون:

بدأه بالحديث عن الغيبة وذمها، والتحذير منها، ثم تلاها بالحديث عن النميمة وعواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة، ثم أعقبها بذكر وصية من أعرابية لابنها تعتبر من أعظم الوصايا، فعليك أخي المسلم بتدبرها، وتدبر معانيها لعلّ الله ينفعك بها، ثم أخذ ينتقل من الحديث عن الغيبة إلى النميمة محذراً منها ومن عواقبها.

الفصل الثلاثون: 

حذر فيه أيضاً من الغيبة؛ حتى ولو كانت بالقلب مُبيناً معنى الغيبة، ومعنى النميمة، والفرق بينهما، ثم ختم الفصل بوصيةٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم -لمعاذ -رضي الله عنه.

الفصل الحادي والثلاثون: 

حذر فيه من ظلم المسلم لأخيه المسلم، ثم عاد مرة أخرى للحديث عن الصمت وفضائله، وخطورة اللسان على الإنسان، حاثاً فيه المسلم ألا يقول إلا خيراً، وانتقل بعد ذلك للحديث عن إعجاب المرء بنفسه محذراً من ذلك، وحذر أيضاً من القنوط واليأس من رحمة الله، ثم أتبع ذلك بذكر حوار جميل بين بعض النحاة وواعظ عن (فضل فصاحة الأفعال على فصاحة الأقوال)، وتبع ذلك بالحديث عن فضل التواضع وفضل العفو وكظم الغيظ.

  الفصل الثاني والثلاثون:

بدأ فيه بالحديث عن الربا، ورهب من التعامل به، وحذر كذلك من أكل الحرام بكل صوره وأشكاله مُبيناً أن طلب الحلال فرض على كل مسلم، مُبيناً عاقبة أكل الحرام، وعاقبة التورع كذلك عن أكل الحرام، مُبيناً أن الحرم يُعمي البصيرة، ثم حذر من الخيانة في الميزان بتطفيفه، وحذر أيضاً من السرقة والخيانة والغش، وشرب الخمر مُبيناً آثار شرب الخمر على الإنسان، ثم انتقل إلى الحديث عن تارك الصلاة، ذاكراً أثراً بين يدي عواقب ترك الصلاة في الدنيا، وفي القبر، وفي الآخرة، ثم ختم الكتاب بالحديث عن حكم تارك الصلاة ذاكراً كثيراً من الآثار والأخبار 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق