كتاب فيه معرفة أسامي أرداف النبيِّ صلى الله عليه وسلم
جمعه الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده (434 -511 هـ)
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ الإرداف هو أن يُقعد الراكبُ شخصاً معه على الدابة، وغالباً ما يجعله خلفه، ومن يفعل ذلك يُسمى مُردِف، والمفعول مُردَفٌ أو مَرْدوف، وهو جائزٌ، بشرط أن تُطيق الدابة ذلك: بغلاً، أو حماراً، أو ناقةً، أو فرساً، وقد جمع الحافظ ابن منده أسماء الذين أردفهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على دابته، فبلغوا (37) سبعة وثلاثين مُردَفاً، وذكر في ذلك (62) اثنان وستين خبراً مُسنداً، يذكر في كل ذلك اسم الرديف، ونسبه، والخبر الدال على ذلك، ومن رواه من الأئمة، ومن أخرَّجه من المصنفين، وما له من المتابعات والشواهد.
وذكر المؤلف في بداية كتابه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ((كان إذا غزا أو سافر أردف رجلاً من أصحابه)). وهذا الحديث أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده"، عن أنس بن مالك (4239)، وقال حسين سليم أسد: الحديث إسناده ضعيف غير أن الحديث صحيح.
قال الشيخ أبو زكريا ابن منده: "وإني ذاكرٌ في كتابي هذا أسامي من أردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسفار والغزوات، ومورد كل واحدٍ منهم حديثاً أو حديثين في معناه على حسب ما انتهى إلينا، ليُحيط علم من أراد معرفتهم، وعددهم بها". انتهى.
وقد أشار العلامة ابن علان في شرحه لرياض الصالحين أنه وضع مؤلفاً في ذلك، أسماه (تحفة الأشراف بمعرفة الإرداف)، ونظم أسماءهم في أحد عشر بيتاً كما سيأتي، وزاد على ما ذكره ابن منده أربعةً بأسمائهم، وهم: (جبريل، وخولة، وحُذيفة، وعُقبة) رضي الله عنهم، ولا نعرف أين هو كتاب ابن علان -رحمه الله.
ونحن في هذه المقال المختصرة، نذكر أسماءهم سرداً، كما في الكتاب، ثُم نتبع ذلك بما ذكره ابن علان، فمنهم:
أولاً: أبو بكر رضي الله عنه، أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو مُقبلٌ إلى المدينة في حديث الهجرة إليها.
ثانياً: عثمان بن عفان رضي الله عنه، أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عند مقدمه من بدر، وكان عثمان تلقاه وركب معه بالروحاء.
ثالثاً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على بغلةٍ له، وذلك في حجة الوداع بعد نحر الإبل، وخطب النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليٌّ رديفه.
رابعاً: أحد ابني فاطمة مع عبد الله بن جعفرٍ-رضوان الله عليهم -وذلك عند مقدمه من إحدى غزواته.
خامساً: عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وذلك حينما وصَّاه الوصية الجامعة، قائلاً له "يا غلام"، وقد أردف معه مرَّة الحسن والحسين.
سادساً: عبد الله بن جعفر، رضي الله عنه، قال: "وأسرَّ إليَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم -حديثاً لا أُحدِّث به أحداً"، وأردفه أيضاً مع الحسن أو الحسين كما تقدم، وأردفه مع قُثم.
سابعاً: الفضل بن العباس رضي الله عنه، ولك عند ذهابه من عرفات إلى منى لرمي جمرة العقبة.
ثامناً: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ودعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يملأه الله علماً وحلماً.
تاسعاً: معاذ بن جبل رضي الله عنه، وكان رديفُه على حمارٍ يُقال له "عُفير"، وكذلك كان ردفُه عندما سأله "يا معاذ! أتردي ما حقُّ الله على العباد" الحديث الصحيح المشهور.
عاشراً: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وكان رديفه على حمارٍ، وسأله: "يا أبا ذر، هل تدري أين تغرب هذه" يعني الشمس، وذكر الحديث.
حادي عشر: زيد بن حارثة رضي الله عنه، وكان أردفه في يومٍ حار في مكة، ولقي فيه عمرو بن نُفيل.
تنبيه: قوله في الحديث (فذبحنا له) ضَميرُ (له) راجعٌ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم.
ثاني عشر: أسامة بن زيد رضي الله عنه، وكان ردف النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعرفة على حمارٍ.
ثالث عشر: ثابت بن الضحَّاك الأنصاري رضي الله عنه، وكان ردف النبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم الخندق.
رابع عشر: الشَّريد بن سُويد الثقفي رضي الله عنه، ويُروى أنه لما أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنشده من شعر أمية بن الصَّلت.
خامس عشر: سلمة بن عمرو بن الأكوع رضي الله عنه، وقد أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم مراراً، وأردفه على ناقته العضباء ومسح على رأسه، ودعا له واستغفر، وهو عائدٌ إلى المدينة.
سادس عشر: زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري رضي الله عنه، وكان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخيبر، وذكر حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم -مرفوعاً: (إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين).
سابع عشر: سهيل بن بيضاء رضي الله عنه، وكان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفر، وسمع منه قوله: (من شهد أن لا إله إلا الله أوجب الله له الجنة، وحرَّمه بها على النار).
ثامن عشر: علي بن أبي العاص، رضي الله عنه، وأردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة.
تاسع عشر: عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنه، وكان يُمازح عبد الله بن جعفر، ويقول له: (أتذكر يوم تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملنا وتركك).
عشرون: غلامان من بني عبد المطلب، وقد حمل النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدهما من بين يديه والآخر من خلفه.
الحادي والعشرون: أُسامة بن عُمير الهُذلي رضي الله عنه، وقد أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على بعيرٍ له، فعثر البعير، فقال: "تعس الشيطان"، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تقل تعس الشيطان…" الحديث.
الثاني والعشرون: أبو المليح، ويروى أنه كان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم على حمارٍ، فقال "تعس الشيطان"، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تقل" الحديث.
الثالث والعشرون: صفية بنت حُيَي -زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد أردفها مقدمه من خيبر، ومرَّ على أُحدٍ في طريقه إلى المدينة، وقال: (أُحدٌ جبلٌ يُحبنا ونُحبُّه، اللهم بارك لنا في مُدنا وصاعنا)، ويُروى أنه حرَّك بعيره فسقطت صفيََّة.
الرابع والعشرون: رجلٌ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يُسمِّه، أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في عرفة، وجعله يُنادي: (الحج الحج يوم عرفة، ومن جاء قبل صلاة الصُّبح من ليلة جمعٍ فقد تمَّ حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، ثم أردفه رجلاً خلفه).
الخامس والعشرون: جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فجعل فمه على خاتم النبوة، قال: (فجعل ينفخ عليَّ مسكاً).
السادس والعشرون: عُبيد الله بن عباس الهاشمي رضي الله عنه، وأردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع أخويه: قُم وعُبيد الله ابنا العباس، وهم صغارٌ يلعبون، أحدهما بين يديه والآخر خلفه.
السابع والعشرون: صُدي بن عجلان رضي الله عنه، وكان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأخبر عنه أنه قال: (إن الله قد أعطى لكل ذي حقٍّ حقه، ولا وصية لوارث، الولد للفراش، وللعاهر الحجر).
الثامن والعشرون: أبو الدرداء، عويمر بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، وكان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأخبر عنه أنه قال: (يا أبا الدرداء، من شهد أنه لا إله إلا الله مُخلصاً وجبت له الجنة)، قلتُ: "وإن زنى وإن سرق"؟ قال: (وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء).
التاسع والعشرون: آمنة بنت الصلت الغفارية رضي الله عنها، وقد أردفها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى حُنين على راحلته، وكانت جارية حديثة السن، وكانت مع نسوةٍ يُداوين الجرحى. وأردف أيضاً امرأةً من بني غفار في طريقه إلى خيبر، وكانت قد حاضت على رحله أول حيضةٍ لها.
الثلاثون: أبو إياس، رضي الله عنه، وكان رديف النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: "ما أقول"، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "قل هو الله أحد" حتى ختمها. و"قل أعوذ برب الفلق" حتى ختمها، و"قل أعوذ برب الناس" حتى ختمها"، ثم قال: (يا أبا إياس ما قرأ الناس بمثلهن).
واحدٌ وثلاثون: أبو هريرة رضي الله عنه، كان ردف النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأخبره: (يا أبا هريرة، إن الأكثرين هم الأرذلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا) الحديث.
اثنان وثلاثون: قُثم بن العباس رضي الله عنهما، وقد تقدم.
ثلاثةٌ وثلاثون: قيس بن سعد بن عُبادة الأنصاري، رضي الله عنه، وكان أردفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم خلفه.
أربعةٌ وثلاثون: خوّات بن جُبير الأنصاري، وهو الذي كان ردف النبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم أخرج إلى بدر، فردَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الروحاء؛ لأنه اشتكى.
وقال ابن علان الشَّافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (1/ 233): "وقد تتبعت الذين أردفهم النبي -صلى الله عليه وسلم -معه على دابته فبلغت بهم فوق الأربعين، وجمعتهم في جزء سميته (تحفة الأشراف بمعرفة الإرداف). وقد نظمت اسم جماعة منهم وأوردته آخر ذلك الجزء وها هو:
لقد أردف المختار طه جماعة … فسنّ لنا الإرداف إن طاق مركب
أبو بكر، عثمان، عليّ، أسامة … سهيل، سويد، جبرئيل المقرب
صفية، والسبطان، ثم ابن جعفر … معاذ، وقيس، والشريد المهذب
وآمنة، مع خولة، وابن أكوع … وزيدٌ، أبو ذر سما ذاك جُندُبِ
معاوية زِيدَ، وخوّات، ثابت … كذاك أبو الدرداء، في العدّ يكتب
وأبناء عباس، وابن أسامة … صديّ بن عجلان، حذيفة صاحب
كذلك جا فيهم: أبو هرّ من روى … ألوفاً من الأخبار تروي وتكتب
وعُدَ من الإرداف ياذا: أسامة … هو ابن عمير، ثم عقبة يحسبِ
وأردف غلماناً ثلاثاً، كذا أبو … إياس، وأنثى من غفار، تقرب
وأردف شخصاً ثم أردف ثانياً … وما سُميا فيما روى يا مهذب
أولئك أقوام بقرب نبيهم … لقد شرفوا طوبى لهم يا مقرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق