أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أكتوبر 2022

الحلة السيرا في مدح خير الورى محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي المتوفى سنة ٧٨٠ هـ بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الحلة السيرا في مدح خير الورى

محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي

المتوفى سنة ٧٨٠ هـ

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الكتاب يتضمن ثاني بديعية برزت في الشعر العربي للشاعر ابن جابر الأندلسي، وتقع بديعيته في (١٧٧) بيتاً، وقد تضمنت أكثر أنواع البديع التي ذكرها علماء البلاغة، ويمتاز هذا النظم بجودته وسهولة ألفاظه ووضوح معناه، بالإضافة إلى رقة العاطفة وصدقها، وهو يندرج في ضمن البديعيات، والبديعية هي قصيدة طويلة من البحر البسيط، على رويّ الميم المكسورة، وموضوعها مدح النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

والبديع هو تزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعية من الجمال اللفظي أو المعنوي، ويسمى العلم الجامع لطرق التزيين بعلم البديع وهو أحد العلوم الثلاثة في البلاغة العربية (المعاني، والبيان، والبديع)، والبديعيات هي قصائد شعرية مُحَلَّاةٌ بألوان البديع التي تبلغ أربعين ومائة لونًا أو يزيد.

والفرق بين البديعيات والمدائح النبوية يكمن في أن البديعيات مدائح منظومةعلى بحرٍ شعريٍّ مُعيّن، وعلى روى مُعيّن، أضاف أصحابها إلى شعرهم ألوان بديعية صراحة أو ضمناً، لكن المدائح النبوية هي قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن تضاف لها ألوان البديع.

كما أن هناك فرقاً بين البديعيات والمنظومات التعليمية، حيث إن البديعات هي البرزخ بين المدائح النبوية ذات الحسّ الوجداني، وبين المنظومات التعليمة التي انعدمت فيها العاطفة أو تكاد.

ويعدُّ بعض الشعراء نظم ابن جابر هذه أول بديعية في الشعر العربي، لكن الصواب أن صاحب أول بديعية هو صفي الدين الحلّي (ت ٧٥٠ هـ) والمعروفة باسم (الكافية البديعية في المدائح النبوية)، وهي أول بديعية تظهر في النصف الأول من القرن الثامن الهجري، وله شرحٌ عليها سماه (النتائج الإلهية في شرح الكافية البديعية)، أما بديعية ابن جابر الأندلسي فهي الثانية في هذا الفن.

وقد شرح ابن جابر بديعيته شرحاً موجزاً وحلاها بشيءٍ من الشواهد والتوضيحات الكاشفة لمعناها، ثم شرحها شرحاً مطولاً صديقه الرُّعيني في كتابه (طراز الحلّة وشفاء الغلّة)، ثم اختصر هذا الشرح وانتقى منه محمد بن إبراهيم البشتكي (ت ٨٣٠ هـ)، في مختصر سماه (منتقى شرح بديعية ابن جابر)، وشرحها أيضاً محمود بن خليل بياضي زاده (ت ١٠٩٩ هـ).

ترجمة ابن جابر الأندلسي

اسمه ونسبه: هو محمد بن أحمد بن علي بن جابر شمس الدين أبو عبد الله الهواري الأندلسي المالكي الضرير الشاعر المعروف بابن جابر.

ولد بالمريَّة من اعمال الأندلس سنة (٦٩٨ هـ)، ونشأ فيها طالباًَ للعلم، فتتلمذ على يد عددٍ من علماء عصره ووطنه في القرآن والنحو والحديث؛ فقرأ القراءات والنحو على ابن يعيش، والفقه على الزّبيدي.

وفي سنة (٧٣٨ هـ) رحل إلى مصر، ثم خرج من الأندلس حاجاً، واتخذ لنفسه صاحباً في رحلته وهو أبو جعفر أحمد بن يوسف الرُّعَيني، الذي لازمه في حله وترحاله إلى آخر حياته، وهذان هما المشهوران بالأعمى والبصير، لأن ابن جابر يؤلف فيه وينظم وأحمد يكتب، ولم يزالا هكذا على طول عمرهما،  إلى أن اتفق أن ابن جابر تزوّج بالميرة، فتهاجرا، وسمع منهما البُرهان الحلبي.

ومرَّ ابن جابر في رحلته إلى المشرق بمصر، وأخذ عن أبي حيان النحوي محمد بن يوسف (ت ٧٤٥ هـ)، وتوجه بعدها إلى الشام بعد حجه، ودخل دمشق، فمكث فيها حتى سنة (٧٤٣ هـ)، وسمع الحديث من يوسف بن عبد الرحمن المِزِّي (ت ٧٤٢ هـ)، والجزري وابن كاميار، وقصد أثناء ذلك "بعلبك" وسمع الشاطبية من فاطمة بنت اليونيني.

ثم قطن حلب وحدَّثا بها عن المِزِّي بصحيح البخاري، ثم البيرة التي أمضى فيها بقية حياته، ورثى ابن جابر صديقه الرُّعيني الذي مات قبله بسنة (٧٧٩ هـ) في منتصف شهر رمضان، ثم توفي ابن جابر بعده بسنة (٧٨٠  هـ/ ١٣٧٨ م)ـ، عن اثنتين وثمانين سنة.

من تصانيفه:

١ - تشطير قصيدة "قفا نبك" لامرئ القيس (خ).

٢ - الحلّة السيراء في مدح خير الورى = البديعية في مدح خير الورى (ط)

٣ - حلية الفصيح (النصيح) في نظم الكتاب المسمى بالفصيح - في اللغة

٤ - ديوان الهوّاري = ديوان ابن جابر = نظم العقدين في مدح سيد الكونين =مجموعة من المدائح مرتبة على حروف الهجاء

٥ - شرح ألفية ابن مالك = شرح الخلاصة

٦ - شرح بديعية ابن جابر الأندلسي = شرح الحلّة السيرا في مدح خير الورى

٧ - نفائس الملح وعرائس المِدَح =قصيدة في مدح النَّبيّ صلي الله عليه وسلم، ، نشرت في القاهرة مع "سبيل الرشاد إلي نفع العباد" للدمنهوري (ط).

٨ - قصيدة في الفرق بين الضاد والظاء - في القرائة (ط).

٩ - المنحة في إختصار الملحة = شرح ملحة الإعراب للحريري (منظوم)

١٠- نفائس المنح وعرائس المدح = ديوان شعر

١١-عمدة المتلفظ نظم كفاية المتحفظ في اللغة، لمحمد بن أحمد الخُويّي (ت ٦٩٣ هـ).

١٢-وله شرح على "ألفية ابن معطٍ" في ثمان مجلدات. ذكره السيوطي في "النحاة".

١٣-قصيدة نحوية في الفرق بين المقصور والممدود، ذكرها جرجي زيدان.

ومن رقيق شعره:

رحمةً أرسله الله لنا وشفيعاً قد غدا فينا غدا

وَهبَ المالَ لمن مالَ له .. وفدى من ذَنبُه مَن وفدا

ليس يُحصي فضلُه إلا الذي .. هو أحصى كل شيءٍ عددا

وله قصيدة ورّى فيها بأسماء القرآن الكريم، مادحاً فيها النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ذكرها ابلن المقري في (نفح الطيب) يقول ابن جابر في مطلعها:

في كلّ فاتحة للقول معتبرة ... حق الثناء على المبعوث بالبقرة

في آل عمران قدماً شاع مبعثه ... رجالهم والنساء استوضحوا خبره

من مدّ للناس من نعماه مائدة ... عمّت فليست على النعام مقتصره

أعراف نعماه ما حلّ الرجاء بها ... إلاّ وأنفال ذاك الجود مبتدره

وله قصيدة أخرى مطولة في فضائل الصحابة العشرة وأهل البيت رضوان الله عليهم، وقد أورد ابن المقري قسماً كبيراً منها في (نفحه) يقول في مطلعها:

فمنهم أبو بكر خليفته الذي ... له الفضل والتقديم في كلّ مشهد

وصدّيق هادي الخلق والمؤثر الذي ... لإنفاقه للمال في الله قد هدي

وصهر رسول الله، وانته التي ... يبرئها نصّ الكتاب الممجّد

وصاحبه في الغار إذ قال لا تخف ... فثالثنا ذو العرش أوثق منجد

وقد اكتست هذه القصيدة بألوان من البديع، منه (التجنيس بأنواعه ١- ٣٤، وردّ الأعجاز على الصدور ٣٥ -٤٢، والتوازن ٤٣ -٤٤، والسَّجع ٤٥ -٤٩، وذكر لزوم ما لا يلزم ٥٠، وذكر حُسن المخلص ٥١ -٥٢، وذكر التشريع ٥٣ -٥٤، وذكر الاقتباس ٥٥ -٥٧، وذكر العقد ٥٨ -٦١، وذكر التلميح ٦٢ -٦٦، وذكر التضمين ٦٧ -٧٣).

ثم ذكر ما اكتسب به القصيدة من المعاني كما يلي (ذكر المطابقة ٧٤ -٨٣، وذكر مراعاة النظير ٨٣ -٨٨، وذكر الإرصاد ٨٩، وذكر المشاكلة ٩٠، وذكر الاستطراد ٩١ -٩٣، وذكر الازدواج ٩٤، وذكر الرجوع ٩٥، وذكر العكس ٩٦ -١٠٠، وذكر التورية ١٠١ -١٠٩، وذكر الاستخدام ١١٠ -١١١، وذكر الف والنشر ١١٢ -١١٦، وذكر الجمع ١١٧، وذكر التفريق ١١٨، وذكر التقسيم ١١٩ -١٢١، وذكر الجمع والتفريق ١٢٢، وذكر الجمع والتقسيم ١٢٣، وذكر الجمع والتقسيم والتفريق ١٢٤، وذكر التجريد ١٢٥ -١٢٦، وذكر المبالغة ١٢٧ -١٣١، وذكر المذهب الكلامي ١٣٢، وذكر حسن التعليل ١٣٣ -١٣٦، وذكر التفريع ١٣٧، وذكر المدح بما يشبه الذم ١٣٨ -١٤٠، وذكر تأكيد الذم بما يشبه المدح ١٤١ -١٤٣، وذكر الاستتباع ١٤٤، وذكر الإدماج ١٤٥، وذكر التوجيه ١٤٦، وذكر إجراء الهزل مجرى الجد ١٤٧، وذكر تجاهل العارف ١٤٨، وذكر القول الموجب ١٤٩ -١٥٠، وذكر الإطراد ١٥١).

ثم ذكر تتمة القصيدة (١٥٢ -١٧٧).

قصيدة ابن جابر الأندلسي

١-بِــطَــيــبَــةَ انــزِل وَيَــمِّم سَـيِّدَ الأُمَـمِ        وَانـشُـر لَهُ المَـدحَ وَاِنـثُر أَطيَبَ الكَلِمِ

٢-وَابــذُل دُمــوعَــكَ واعــذُل كُــلَّ مُـصـطَـبِـرٍ     وَالحَـق بِـمَن سارَ وَالحَظ ما عَلى العَلَمِ

٣-سَـــنـــا نَـــبـــيٍّ أَبـــيٍّ أَن يُـــضَــيِّعــَنــا        سَــليــلِ مَــجــدٍ سَــليــمِ العِـرضِ مُـحـتَـرَمِ

٤-جَــمــيــلِ خَــلقٍ عَــلى حَــقٍّ جَــزيــلِ نَــدىً       هَـــدى وَفـــاضَ نَـــدى كَـــفَّيــهِ كــالدِّيَــمِ

٥-كَــفَّ العُــداةَ وَكَــدَّ الحــادِثــاتِ كَــفــى        فَــكَــم جَــرى مِــن جَـدا كَـفَّيـهِ مِـن نِـعَـمِ

٦-وَكَـم حَـبـا وَعَـلى المُـسـتَـضـعَـفـيـنَ حَـنا        وَكَــم صَــفــا وَضَــفــا جــوداً لِجَــبــرِهِــمِ

٧-مـا فـاهَ فـي فَـضـحِهِ مَـن فـاءَ لَيـسَ سِوى        عَـــذلٍ بِـــعَـــدلٍ وَنُـــصــحٍ غَــيــرِ مُــتَّهــَمِ

٨-حــانٍ عَــلى كُــلِّ جــانٍ حــابٍ إن قَـصَـدوا     حــامٍ شَــفــى مِــن شَــقـا جَهـلٍ وَمِـن عَـدَمِ

٩-لَيــثُ الشَّرى إِذ سَــرى مَــولاهُ صــارَ لَهُ        جــاراً فَــجــازَ وَنَــيــلاً مِــنـهُ لَم يَـرُمِ

١٠-كــافــي الأَرامِـلِ وَالأَيـتـامِ كـافِـلُهُـم        وافـــي النَـــدى لِمُــوافــي ذَلِكَ الحَــرَمِ

١١-أَجــارَ مِـن كُـلِّ مَـن قَـد جـارَ حِـيـنَ أَتـى       حَـــتّـــى أَتــاحَ لَنــا عِــزّاً فَــلَم نُــضَــمِ

١٢-وَعــامَ بَــدرٍ أَعــامَ الخَــيــلَ فـي دَمِهِـم        حَـــتّـــى أَبـــاتَ أَبـــا جَهــلٍ عَــلى نَــدَمِ

١٣-وَحــاقَ إِذ جَــحَــدوا حَــقَّ الرَّســولِ بِهِــم        كَـــبـــيـــرُ هَـــمٍّ أَراهُــم نَــزعَ هــامِهِــمِ

١٤-فَهــدَّ آطــامَ مَــن قَــد هـادَ إِذ طَـمِـعـوا        فــي شَــتِّه فَــرَمــاهُــم فــي شَــتــاتِهِــمِ

١٥-وَجَــلَّ عَــن فَــضـحِ مَـن أَخـفـى فَـجـامَـلَهُـم        مـــا رَدَّ رائِدَ رِفـــدٍ مِـــن جُـــنـــاتِهِـــمِ

١٦-مَـــــــن زارَهُ يَـــــــقِهِ أَوزَارَهُ وَنَــــــوى        لَهُ نَـــوافِـــلَ بَـــذلٍ غَـــيـــرِ مُـــنــصَــرِمِ

١٧-كـالغَـيـثِ فـاضَ إِذ المَـحـلُ اِستَفاضَ تَلا      أَنــفــالَ جــودٍ تَــلافــى تــالِفَ النَّســَمِ

١٨-سَــــل مِـــنـــهُـــمُ صِـــلَةً لِلصَّبر واصِـــلَةً        والثَـــم أَنـــامِـــلَ أَقـــوامٍ أَنــا بِهِــمِ

١٩-أَقِــم إِلى قَــصــدِهِـم سـوقَ السُـرى وَأَقِـم       بِـــدارِ عِـــزٍّ وَســوقَ الأَيــنُــقِ التَــثِــمِ

٢٠-وَالحَـق بِـمَـن كـاسَ واحـتُـث كاسَ كُلِّ سُرى   فــالدَّهــرُ إِن جـارَ راعـى جـارَ بَـيـتِهِـمِ

٢١-عُـج بـي عَـلَيـهِـم فَـعُـجـبي مِن جَفاءِ فَتىً        جــازَ الدِّيــارَ وَلَم يُــلمِــم بِــرَبــعِهِــمِ

٢٢-دَع عَـنـكَ سَـلمـى وَسَـل مـا بِالعَقيق جَرى      وَأُمَّ سَـــلعـــاً وَسَــل عَــن أَهــلِهِ القُــدُمِ

٢٣-مَــن لي بِــدارِ كِـرامٍ فـي البِـدارِ لَهـا        عِــزٌّ فَــمَــن قَــد لَهــا عَـن ذاكَ يُهـتَـضَـمِ

٢٤-بــانــوا فَهـانَ دَمـي وَجـداً فَهـا نَـدَمـي       فَــقَــد أَراقَ دَمــي فــيــمــا أَرى قَـدَمـي

٢٥-يُــولونَ مــا لَهُــمُ مَــن قَــد لَجــا لَهُــمُ        فــاِشــدُد يَــداً بِهِــمِ وانــزِل بِــبـابِهِـمِ

٢٦-يـا بَـردَ قَـلبـي إِذا بُـردُ الوِصـالِ ضَفا       وَيــا لَهــيــبَ فُــؤادي بَــعــدَ بُــعــدِهِــمِ

٢٧-مــا كــانَ مَــنــعُ دَمــي بُــخـلاً بِهِ لَهُـمُ        لَكِــن تَــخَــوَّفــتُ قَــبـلَ القُـربِ مِـن عَـدَمِ

٢٨-أَهــلاً بِهــا مِــن دِمــاءٍ فــيــهِـم بُـذِلَت        وَحَــــبَّذا وِردُ مــــاءٍ مِـــن مـــيـــاهِهِـــمِ

٢٩-مَـــن نـــالَهُ جــاهُهُــم مِــنّــا لَهُ ثِــقَــةٌ        أَن لا يُــصــابَ بِــضَــيــمٍ تَــحــتَ جـاهِهِـمِ

٣٠-بــدارِ وَالحَــق بِــدارِ الهــاشِـمـيِّ بِـنـا        قَـبـلَ المَـمـاتِ وَمَهـمـا اِسـطَـعتَ فاِغتَنِمِ

٣١-جَـــزمـــي لَئِن ســـارَ رَكـــبٌ لا أُرافِــقُهُ        فَــلا أُفــارِقُ مَــزجــي أَدمُــعــي بِــدَمــي

٣٢-فَـــأيُّ كَـــربٍ لِرَكـــبٍ يُـــبــصِــرونَ سَــنــا        بَــرقٍ لِقَــبــرٍ مَــتــى تَــبــلُغـهُ تُـحـتَـرَم

٣٣-مَـــتـــى أَحُـــلُّ حِـــمـــى قَـــومٍ يُــحِــبُّهــُمُ        قَــلبــي وَكَــم هــائِمٍ قَــبــلي بِــحُــبِّهــِمِ

٣٤-جــارَ الزَمــانُ فَــكَــفّـوا جَـورَهُ وَكَـفـوا        وَهَــــل أُضــــامُ لَدى عُــــربٍ عَـــلى إِضَـــمِ

٣٥-وَحَــقِّهــِم مــا نَــســيــنــا عَهــدَ حُــبِّهــِمِ        وَلا طَـــلَبـــنـــا سِـــواهُــم لا وَحَــقِّهــِمِ

٣٦-لا يَــنــقَــضــي أَلَمــي حَــتّـى أَرى بَـلَداً        فــيــهِ الَّذي ريــقُهُ يَــشــفـي مِـنَ الأَلَمِ

٣٧-وَقَــد تَــشَــمَّرَ ثَــوبُ النَــقــعِ عَــن أُمَــمٍ        شَــــتّــــى يَـــؤمُّونَ طُـــرّاً سَـــيِّدَ الأُمَـــمِ

٣٨-مَـــتـــى أُرى جـــارَ قَـــومٍ عَــزَّ جــارُهُــم        عَهــدٌ عَــلَيَّ السُــرى حِــفــظــاً لِعَهــدِهِــمِ

٣٩-صَــبُّ الدُمــوعِ كــأَمـثـالِ العَـقـيـقِ عَـلى        وادي العَــقــيـقِ اشـتـيـاقـاً حَـقُّ صَـبِّهـِمِ

٤٠-أَبَــحــتُ فــيــهِــم دَمــي لِلشَــوقِ يَـمـزُجُهُ        بِـــمـــاءِ دَمــعــي عَــلى خَــدّي وَقُــلتُ دُمِ

٤١-وَلَيــسَ يَــكــثُــرُ إِن آثَــرتُ نَــضــخَ دَمِــي      حَــيــثُ المُــلوكُ تَــغُــضُّ الطَّرفَ كـالخَـدمِ

٤٢-مِــن ســائِلِ الدَّمــعِ ســالٍ عَـن مَـعـاهِـدِهِ        نَــعــيــمُهُ أَن يُــرى يَــسـري مَـعَ النّـعَـمِ

٤٣-لِلسَّيــرِ مُــبــتَــدِرٍ كــالسَّيــلِ مُــحــتَـفِـرٍ        كــالطَّيــرِ مُــشــتَــمِــلٍ بـالليـلِ مُـلتَـئِمِ

٤٤-قَـــصـــداً لِمُـــرتَـــقِـــبٍ لِلَّهِ مُـــنــتَــصِــرٍ        فــي الحَــقِّ مُــجــتَهِــدٍ لِلرُّســلِ مُـخـتَـتِـمِ

٤٥-مَــن لي بِــمُــســتَـسـلِمٍ لِلبـيـدِ مُـعـتَـصِـمٍ        بِــالعــيــسِ لا مُــسـئِمٍ يَـومـاً وَلا سَـئِمِ

٤٦-لِلبَـــرِّ مُـــقـــتَـــحِـــمٍ لِلبـــرِّ مُـــلتَـــزِمٍ        لِلقُـــربِ مُـــغـــتَـــنِــمٍ لِلتُّربِ مُــلتَــثِــمِ

٤٧-يَــســري إِلى بَــلَدٍ مــا ضــاقَ عَــن أَحَــدٍ       كَـــم حَـــلَّ مِـــن كَـــرَمٍ فــي ذَلِكَ الحَــرَمِ

٤٨-دارٌ شَــفــيــعُ الوَرى فــيـهـا لِمُـعـتَـصِـمٍ        جـــارٌ رَفـــيــعُ الذّرا نــاهٍ لِمُــجــتَــرِمِ

٤٩-فَهَــجــرُ رَبـعـي لِذاكَ الرَّبـعِ مُـغـتَـنَـمـي        وَنَـثـرُ جَـمـعـي لِذاكَ الجَـمـعِ مُـعـتَـصَـمـي

٥٠-وَمَـيـلُ سَـمـعـي لِنَـيـلِ القُـربِ مِـن شِـيَمي      وَسَــيــلُ دَمــعــي بِـذَيـلِ التُّربِ كـالدِّيَـمِ

٥١-يَــقــولُ صَــحـبـي وَسُـفـنُ العـيـسِ خـائِضَـةٌ       بَــحــرَ السَّرابِ وَعَـيـنُ القَـيـظِ لَم تَـنَـمِ

٥٢-يَـمِّم بِـنـا البَـحـرَ إِنَّ الرَكـبَ فـي ظَمأٍ        فَــقُـلتُ سـيـروا فَهَـذا البَـحـرُ مِـن أمَـمِ

٥٣-وافٍ كَـــريـــمٌ رَحــيــمٌ قَــد وَفــى وَوَقــى    وَعَــمَّ نَــفــعــاً فَــكَــم ضُــرٍّ شَــفــى وَكَــمِ

٥٤-فَــقُــم بِــنــا فَـلَكَـم فَـقـرٍ كَـفـى كَـرَمـاً    وَجــودُ تِــلكَ الأَيــادي قَــد ضَـفـا فَـقُـمِ

٥٥-ذو مِــرَّةٍ فــاِســتَــوى حَــتّــى دَنـا فَـرأى    وَقــيــلَ سَــل تُـعـطَ قَـد خُـيِّرتَ فـاِحـتَـكِـمِ

٥٦-وَكـــــانَ آدَمُ إِذ كـــــانَــــت نُــــبَــــوَّتُه    مــا بَــيــنَ مــاءٍ وَطــيــنٍ غَـيـرِ مُـلتَـئِمِ

٥٧-صــافــح ثَــراهُ وَقُـل إِن جِـئتَ مُـسـتَـلِمـاً    إِنّـــا مُـــحَــيّــوكَ مِــن رَبــعٍ لِمُــســتَــلِمِ

٥٨-قَـد أَقـسَـمَ اللَّهُ فـي الذِّكرِ الحَكيمِ بِهِ    فَــقــالَ وَالنَــجــمِ هَــذا أَوفَــرُ القَـسَـمِ

٥٩-مــا بَــيــنَ مِــنـبَـرِهِ السّـامـي وَحُـجـرَتِهِ    رَوضٌ مِــنَ الخُــلدِ نَــقــلٌ غَــيــرُ مُــتَّهــَمِ

٦٠-مُهَـــنَّدٌ مِـــن سُـــيـــوفِ اللَّهِ سُـــلَّ عَـــلى    عِــــداه نــــورٌ بِهِ إِرشــــادُ كُــــلِّ عَــــمِ

٦١-إِنَّ الَّذي قــالَ يُــسـتَـسـقـى الغَـمـامُ بِهِ    لَو عــاشَ أَبــصَــرَ مـا قَـد عَـدَّ مِـن شِـيَـمِ

٦٢-تَــــلوحُ تَــــحــــتَ رِداءِ النَّقـــعِ غُـــرَّتُهُ    كَـــأَنَّ يُـــوشَــعَ رَدَّ الشَّمــسَ فــي الظُّلــَمِ

٦٣-وَتَـــقـــرَعُ السَّمـــعَ عَـــن حَـــقٍّ زَواجِـــرُهُ    قَــرعَ الرِّمــاحِ بِــبَــدرٍ ظَهــرَ مُــنــهَــزِمِ

٦٤-قــالَت عِــداهُ لَنــا ذِكــرٌ فَــقُــلتُ عَــلى    لِســـانِ داودَ ذِكـــرٌ غـــيـــرُ مُـــنـــصَــرِمِ

٦٥-إِنّــي لأَرجــو بِــنَــظــمــي فــي مَــدائِحِهِ    رَجــاءَ كَــعــبٍ وَمَــن يَــمــدَحــهُ لَم يُـضَـمِ

٦٦-وَإِنَّ لَيـــــــــــلِيَ إِلّا أَن أُوافِـــــــــــيَهُ    لَيـلُ امـرئِ القَـيـسِ مِـن طـولٍ وَمِـن سـأَمِ

٦٧-نــــامَ الخَــــليُّ وَلَم أَرقُـــد وَلي زَجَـــلٌ    بِـــذِكـــرِهِ فـــي ذرا الوَخّـــادَةِ الرُّسُــمِ

٦٨-أَقـــولُ يـــا لَكَ مِـــن لَيـــل وَأُنـــشِـــدُهُ    بَـيـتَ ابـنِ حُـجـرٍ وَفَـجـري غَـيـرُ مُـبـتَـسِمِ

٦٩-فَـــقُـــلتُ لِلرَّكـــبِ لَمّـــا أَن عَــلا بِهِــمُ    تَــلَفُّت الطَّرفِ بَــيــنَ الضّــالِ وَالسَّلــَمِ

٧٠-أَلَمـــحَـــةٌ مِــن سَــنــا بَــرقٍ عَــلى عَــلَمٍ    أَم نُـورُ خَـيـرِ الوَرى مِـن جـانِـبِ الخِيَمِ

٧١-أَغَــرُّ أَكــمَــلُ مَــن يَــمــشِــي عَــلَى قَــدَمٍ    حُــســنــاً وَأَمــلَحُ مَــن حــاوَرت فـي كَـلِمِ

٧٢-يــا حــادِيَ الرَّكــبِ إِن لاحَــت مَـنـازِلُهُ    فـاِهـتِـف أَلا عِـم صَـبـاحاً وادنُ واِستَلِمِ

٧٣-واســمَــح بِــنَـفـسِـكَ وابـذُل فـي زيـارَتِهِ    كَــرائِمَ المــالِ مِــن خَــيــلٍ وَمِــن نَـعَـمِ

٧٤-واسـهَـر إِذا نـامَ سـارٍ وامـضِ حَـيثُ وَنى    وَاسـمَـح إِذا شَـحَّ نَـفـسـاً واسـرِ إِن يَـقُمِ

٧٥-بِــواطــئٍ فَــوقَ خَــدِّ الصُــبــحِ مُــشــتَهِــرٍ    وَطــائِرٍ تَــحــتَ ذَيــلِ اللَّيــلِ مُــكــتَـتِـمِ

٧٦-إِلى نَــــبــــيٍّ رأى مــــا لا رأى مَــــلِكٌ    وَقــامَ حَــيــثُ أَمــيــنُ الوَحــي لَم يَـقُـمِ

٧٧-جَــــدّوا فَـــأَقـــدَمَ ذو عِـــزٍّ وَرامَ سُـــرى    فَـــلَم تَـــجِـــدَّ وَلَم تُـــقـــدِم وَلَم تَـــرُمِ

٧٨-فَــسَــوَّدَ العَــجــزُ مُـبـيَـضَّ المُـنـى وَغَـدا    مُــخــضَــرُّ عَــيــشِــكَ مُــغــبَــرّاً لِفَــقـدِهِـمِ

٧٩-فـي قَـصـدِهِـم رافِـقِ الإِلفَـيـنِ أَبـيَضَ ذا    بِــشــرٍ وَأَســوَدَ مَهــمــا شــابَ يَــبــتَـسِـمِ

٨٠-قَــد أَغــرَقَ الدَّمـعُ أَجـفـانِـي وَأَدخَـلَنـي    نـارَ الأَسـى عَـزمِـيَ الوانِـي فَـوانَـدَمِـي

٨١-مـا ابـيَـضَّ وَجـهُ المُـنـى إِلّا لأَغبَرَ مِن    خَـوضِ الغُـبـارِ أَمـامَ الكُـومِ فـي الأَكَمِ

٨٢-فَـــلُذ بِـــبَـــرٍّ رَحـــيــمٍ بــالبَــريَّة إِن    عَـــقَّتـــكَ شِـــدَّةُ دَهـــرٍ عــاقَ واِعــتَــصِــمِ

٨٣-يُــروى حَـديـثُ النَّدى وَالبِـشـر عَـن يَـدِهِ    وَوَجـــهُهُ بَـــيـــنَ مُـــنــهَــلٍّ وَمُــبــتَــسِــمِ

٨٤-تَــبــكــي ظُـبـاهُ دَمـاً وَالسَّيـفُ مُـبـتَـسِـمٌ    يَــخُــطُّ كــالنــونِ بَــيـنَ اللامِ وَاللِّمَـمِ

٨٥-دَمــعٌ بِــلا مُــقَــلٍ ضِــحــكٌ بِــغَــيــرِ فَــمٍ    كَـــتـــبٌ بِـــغَـــيــرِ يَــدٍ خَــطٌّ بِــلا قَــلَمِ

٨٦-جــاوِرهُ يَـمـنَـع وَلُذ يَـشـفَـع وَسَـلهُ يَهَـب    وَعُــد يَــعُــد واِسـتَـزِد يَـفـعَـل وَدُم يَـدُمِ

٨٧-لَم يَـخـشَ قِـرنـاً وَيَـخـشـى القِـرنُ صَولَتَهُ    فَهـوَ المَـنـيـعُ المُـبـيـحُ الأُسـدَ لِلرَّخَمِ

٨٨-وَالشَّمـــسُ رُدَّت وَبَـــدرُ الأُفـــقِ شُـــقَّ لَهُ    والنَّجــمُ أَيــنَــعَ مِــنــهُ كُــلُّ مُــنــحَـطِـمِ

٨٩-وَإِذ دَعـا السُّحـبَ حـالَ الصَّحـو فاِنسَجَمَت    وَمِــن يَــدَيــهِ ادعُهـا إِن شِـئتَ تَـنـسَـجِـمِ

٩٠-سَــقــاهُـمُ الغَـيـثُ مـاءً إِذ سَـقـى ذَهَـبـاً    فَــغَــيــرُ كَــفَّيــهِ إِن أَمــحَــلتَ لا تَـشِـمِ

٩١-قَــد أَفــصَــحَ الضَّبـُّ تَـصـديـقـاً لِبـعـثَـتِهِ    إِفــصــاحَ قُــسٍّ وَسَــمــعُ القَــومِ لَم يَهِــمِ

٩٢-الهــاشِــمُ الأُســدَ هَـشـمَ الزّادِ تَـبـذُلُهُ    بَــــنــــانُ هــــاشِــــمٍ الوَهّـــاب لِلطُّعـــمِ

٩٣-كَــأَنَّمــا الشَّمــسُ تَــحــتَ الغَــيـمِ غُـرَّتُهُ    فـي النَّقـعِ حَـيـثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ

٩٤-إِذا تَـــبَـــسَّمـــَ فـــي حَــربٍ وَصــاحَ بِهِــم    يُـبـكـي الأُسـودَ وَيَـرمـي اللُّسنَ بِالبَكَمِ

٩٥-قَــلّوا بِــبَــدرٍ فَــفَــلُّوا غَـربَ شـانِـئهِـم    بِهِ وَمــا قَــلَّ جَــمــعٌ بِــالرَّســولِ حــمِــي

٩٦-فــابــيَــضَّ بَــعــدَ سَــوادٍ قَــلبُ مُـنـتَـصِـرٍ    واســوَدَّ بَــعــدَ بَــيــاضٍ وَجــهُ مُــنــهَــزِمِ

٩٧-فاِتبَع رِجالَ السُّرى في البيدِ واسرِ لَهُ    سُــرى الرِّجــالِ ذَوي الأَلبــابِ وَالهِـمَـمِ

٩٨-خَـيـرُ اللَّيـالي لَيـالي الخَـيـرِ في إِضَمٍ    وَالقَــومُ قَــد بَــلَغــوا أَقـصـى مُـرادِهِـمِ

٩٩-بِــعَــزمِهِـم بَـلَغـوا خَـيـرَ الأَنـامِ فَـقَـد    فــازوا وَمــا بَــلَغــوا إِلّا بِــعَــزمِهِــمِ

١٠٠-يَــقــومُ بــالأَلفِ صــاعٌ حـيـنَ يُـطـعِـمُهُـم    وَالصّـاعُ مِـن غَـيـرِهِ بِـاثـنَـيـنِ لَم يَـقُـمِ

١٠١-مَــــنِ الغَــــزالَةُ قَــــد رُدَّت لِطـــاعَـــتِهِ    لَو رامَ أَن لا تَــزورَ الجَــديَ لَم تَــرُمِ

١٠٢-دانـي القُـطـوفِ جَـمـيـلُ العَـفـوِ مُـقـتَدِرٌ    مــا ضــاقَ مِــنــهُ لِجــانٍ واسِــعُ الكَــرَمِ

١٠٣-لا يَـرفَـعُ العَـيـنَ لِلرّاجـيـنَ يَـمـنَـحُهُـم    بَـل يَـخـفِـضُ الرّاسَ قَـولاً هـاكَ فـاِحـتَكِمِ

١٠٤-يـا قـاطِـعَ البـيـدِ يَـسـريـهـا عَـلى قَدَمٍ    شَــوقــاً إِلَيــهِ لَقَــد أَصــبَــحـتَ ذا قَـدَم

١٠٥-قَــدِ اِعــتَــصَــمــتَ بِــأَقــوامٍ جُــفــونُهُــمُ    لا تَــعـرِفُ السَّيـفَ خِـلواً مِـن خِـضـابِ دَمِ

١٠٦-جَـوازِمُ الصَّبـرِ عَـن فِـعـلِ الجَـوى مُـنِـعَت    وَرَفــــعُهُ حــــالَ إِلّا حــــالَ قُــــربِهِــــمِ

١٠٧-فـي القَـلبِ وَالطَّرفِ مِن أَهلِ الحِمى قَمَرٌ   مَــن يَــعـتَـصِـم بِـحـمـاهُ الرَّحـبِ يُـحـتَـرمِ

١٠٨-يـا مُـتـهِـمـيـنَ عَـسـى أَن تُـنـجِدوا رَجُلاً    لَم يَــســلُ عَــنـكُـم وَلَم يُـصـبِـح بِـمُـتَّهـَمِ

١٠٩-أَغــارَ دَهــرٌ رَمــى بِــالبُــعـدِ نـازِحَـنـا    فــأَنــجِــدوا يـا كِـرامَ الذَّاتِ وَالشِـيَـمِ

١١٠-إِنَّ الغَــضــى لَســتُ أَنــســى أَهــلَهُ فَهُــمُ    شَــبُّوهُ بَــيــنَ ضُــلوعِــي يَــومَ بَــيــنِهِــمِ

١١١-جَـرى العَـقـيـقُ بِـقَـلبـي بَـعـدَمـا رَحَلوا    وَلَو جَــرى مِــن دُمــوعِ العَــيــنِ لَم أُلَمِ

١١٢-حَــيــثُ الَّذي إِن بَــدا فـي قَـومِهِ وَحَـبـا    عُـــفـــاتَهُ وَرَمــى الأَعــداءَ بِــالنّــقَــمِ

١١٣-فــالبَـدرُ فـي شُهـبِهِ وَالغَـيـثُ جـادَ لِذي  مَـحـلٍ وَلَيـثُ الشَّرى قَـد صـالَ فـي الغَنَمِ

١١٤-وَإِن عَـلا النَّقـعُ فـي يَـومِ الوَغى فَدَعا    أَنــصــارَهُ وَأَجــالَ الخَــيــلَ فـي اللُّجـمِ

١١٥-تَــرى الثُّرَيــا تَـقـودُ الشُّهـبَ يُـرسِـلُهـا    لَيـثٌ هَـدى الأُسدَ خَوضَ البَحرِ في الظُّلَمِ

١١٦-أَخـفـوا فـي الإنـجيلِ وَالتَّوراةِ بِعثَتَهُ    فــأَظــهَــرَ اللَّهُ مــا أَخــفَـوا بِـرَغـمِهِـمِ

١١٧-قَـد أَحـرَزَ البـأسَ وَالإِحـسـانَ فـي نَـسَـقٍ    وَالعِــلمَ وَالحِــلمَ قَــبـلَ الدَّركِ لِلحُـلُمِ

١١٨-لا يَـسـتَـوي الغَـيـثُ مَـع كَفَّيهِ نائِلُ ذا    مــــاء وَنــــائِلُ ذا مــــال فَـــلا تَهِـــمِ

١١٩-غَــيــثــانِ أَمّـا الَّذِي مِـن فَـيـضِ أَنـمُـلِهِ    فَــــــدائِمٌ وَالَّذي لِلمُــــــزنِ لَم يَــــــدُمِ

١٢٠-جَــلا قُــلوبــاً وَأَحــيــا أَنـفُـسـاً وَهَـدى    عُـــمـــيــاً وَأَســمَــعَ آذانــاً ذَوي صَــمَــمِ

١٢١-يُــرِيـكَ بِـاليَـومِ مِـثـلَ الأَمـسِ مِـن كَـرَمٍ    وَلَيـــسَ فـــي غَـــدِهِ هَـــذا بِـــمُـــنــعَــدِمِ

١٢٢-فَـلُذ بِـمَـن كَـفُّهـُ وَالبَـحـرُ مـا اِفـتَـرَقا    إِلّا بِــــكَـــفٍّ وَبَـــحـــرٍ فـــي كَـــلامِهِـــمِ

١٢٣-وَالمـالُ وَالمـاءُ مِـن كَـفَّيـهِ قَـد جَـرَيـا    هَــذا لِراجٍ وَذا لِلجَــيــشِ حــيــنَ ظــمِــي

١٢٤-فــازَ المُــجِــدّانِ دانٍ أَو مُــديــمُ سُــرىً    فَـــــذاكَ نـــــاجٍ وَذا راجٍ لجـــــودِهـــــم

١٢٥-مِــن وَجــهِ أَحــمَــدَ لي بَــدرٌ وَمِــن يَــدِهِ    بَـــحـــرٌ وَمِـــن فَـــمِهِ دُرٌّ لِمُـــنـــتَـــظِـــمِ

١٢٦-كَـم قُـلتُ يـا نَـفس ما أَنصَفتِ أَن رَحَلوا    وَمـــا رَحَـــلتِ وَقــامــوا ثُــمَّ لَم تَــقُــم

١٢٧-يَــمِّمــ نَــبــيّـاً تُـبـاري الرِّيـحَ أَنـمُـلُهُ    وَالمُـزنَ مِـن كُـلِّ هـامِـي الوَدقِ مُـرتَـكِـمِ

١٢٨-لَو قـابَـلَ الشُّهـبَ لَيـلاً فـي مـطـالِعِهـا    خَـــرَّت حَـــيـــاءً وَأَبـــدَت بِــرَّ مُــحــتَــرِمِ

١٢٩- تَــــكــــادُ تَـــشـــهَـــدُ أَنَّ اللَّهَ أَرسَـــلَهُ    إِلى الوَرى نُـطَـفُ الأَبـنـاءِ فـي الرَّحِـمِ

١٣٠-لَو عـامَـتِ الفُـلكُ فـيـمـا فـاضَ مِـن يَدِهِ    لَم تَــلقَ أَعــظَــمَ بَـحـراً مِـنـهُ إِن تَـعُـمِ

١٣١-تُـحـيـطُ كَـفّـاهُ بِـالبَـحـرِ المُـحـيـطِ فَـلُذ    بِهِ وَدَع كُــلَّ طــامــي المَــوجِ مُــلتَــطِــمِ

١٣٢-لَو لَم تُـحِـط كَـفُّهـُ بـالبَـحـرِ مـا شَـمِـلَت    كُـــلَّ الأَنـــامِ وَأَروَت قَــلبَ كُــلِّ ظَــمِــي

١٣٣-لَم تَــبــرُقِ السُّحــبُ إِلّا أَنَّهــا فَــرِحَــت    إِذ ظَــلَّلَتــهُ فَــأَبــدَت وَجــهَ مُــبــتَــسِــمِ

١٣٤-وَالمـاءُ لَو لَم يَـفِـض مِـن بَـيـنِ أَنـمُـلِهِ    مــا كــانَ رِيُّ الظَّمــا فـي وردِهِ الشَّبـِمِ

١٣٥-يَـسـتَـحـسِـنُ الفَـقـرَ ذو الدُّنـيا لِيَسأَلَهُ    فَــيــأمَــنَ الفَـقـرَ مِـمّـا نـالَ مِـن نِـعَـمِ

١٣٦-وَالبَــدرُ أَبــقــى بِــمَــرآهُ لِيُــعــلِمَـنـا    بـــالانـــشِـــقـــاقِ لَهُ آثــار مُــنــثَــلِمِ

١٣٧-أَزالَ ضُــرَّ البَـعـيـرِ المُـسـتَـجـيـرِ كَـمـا    بِهِ الغَـــزالَةُ قَـــد لاذَت فَـــلَم تُـــضَــمِ

١٣٨-مِـــن أَعـــرَبِ العُــربِ إِلّا أَنَّ نِــســبَــتَهُ    إِلى قُــرَيــشٍ حُــمــاةِ البَــيــتِ وَالحَــرَمِ

١٣٩-لا عَـيـبَ فـيـهِـم سِـوى أَن لا تَـرى لَهُـمُ    ضَــيــفــاً يَــجــوعُ وَلا جــاراً بِـمُهـتَـضَـمِ

١٤٠-مــا عــابَ مِــنــهُــم عَــدُوٌّ غَــيــرَ أَنَّهــُمُ    لَم يَـصـرِفـوا السَّيـفَ يَـومـاً عَـن عَـدُوِّهِمِ

١٤١-مَـن غَـضَّ مِـن مَـجـدِهِـم فـالمَـجدُ عَنهُ نأى    لَكِـــنَّهـــُ غُــصَّ إِذ ســادوا عَــلَى الأُمَــمِ

١٤٢-لا خَـيـرَ فـي المَـرءِ لَم يَـعـرِف حُقوقَهُمُ    لَكِـــنَّهـــُ مِـــن ذَوي الأَهـــواءِ وَالتُّهــَمِ

١٤٣-عِـيـبَـت عِـداهُـم فَـزانـوهُـم بِـأَن تَـرَكوا    سُـــيـــوفَهُــم وَهــيَ تِــيــجــانٌ لِهــامِهِــمِ

١٤٤-تَــجــرِي دِمــاءُ الأَعــادِي مِـن سُـيـوفِهِـم    مِــثــلَ المَــواهِــبِ تَــجــري مِــن أَكُـفِّهـِمِ

١٤٥-لَهُــم أَحــاديــثُ مَــجــدٍ كــالرِيــاضِ إِذا    أَهــدَت نَــواسِــمَ تُــحــيـي بـالِيَ النّـسَـمِ

١٤٦-تَــرى الغَــنِــيَّ لَدَيـهِـم وَالفَـقـيـرَ وَقَـد    عـــادا سَـــواءً فَــلازِم بــابَ قَــصــدِهِــمِ

١٤٧-قُـــل لِلصَّبـــاحِ إِذا مـــا لاحَ نُـــورُهُــمُ    إِن كــانَ عِـنـدَكَ هَـذا النـورُ فَـابـتَـسِـمِ

١٤٨-إِذا بَـدا البَـدرُ تَـحـتَ اللَّيـلِ قُـلتُ لَهُ    أَأَنـــتَ يـــا بَــدرُ أَم مَــرأى وُجــوهِهِــمِ

١٤٩-كــانــوا غُـيـوثـاً وَلَكِـن لِلعُـفـاةِ كَـمـا    كــانــوا لُيــوثــاً وَلَكِــن فــي عُـداتِهِـمِ

١٥٠-كَــمــا قــائِلٍ قـالَ حـازَ المَـجـدَ وارِثُهُ    فَـــقُـــلتُ هُـــم وارِثـــوهُ عَــن جُــدودِهِــمِ

١٥١-قَـد أَورَثَ المَـجـدَ عَـبـدَ اللَّهِ شَـيبَةُ عَن    عَــمــروِ بــنِ عَــبــدِ مَـنـافٍ عَـن قُـصَـيِّهـِمِ

١٥٢-فَـجـاءَ فـيـهِـم بِـمَـن جـالَ السَّمـاءَ وَمَـن    سَـمـا عَـلى النَّجـمِ فـي سـامـي بُـيـوتِهِـمِ

١٥٣-فــالعُــربُ خَــيــرُ أُنــاسٍ ثُــمَّ خَــيــرُهُــمُ    فُــرَيــشُهُــم وَهــوَ فـيـهِـم خَـيـرُ خَـيـرِهِـمِ

١٥٤-قَــومٌ إِذا قــيــلَ مَــن قــالوا نَــبـيُّكـُمُ    مِـــنّـــا فَهَــل هَــذِهِ تُــلفــى لِغَــيــرِهِــمِ

١٥٥-إِن تَـقـرأِ النَّحـلَ تُـنـحِـل جِـسـمَ حاسِدِهِم    وَفـــي بَـــراءةَ يَـــبـــدو وَجــهُ جــاهِهِــمِ

١٥٦-قَــومُ النَّبــِيِّ فــإن تَــحــفِــل بِـغَـيـرِهِـمِ    بَــيـنَ الوَرى فَـقَـدِ اسـتَـسـمَـنـتَ ذا وَرَمِ

١٥٧-إِن تَـجـحَـدِ العُـجمُ فَضلَ العُربِ قُل لَهُمُ    خَـيـرُ الوَرى مِـنـكُـمُ أَم مِـن صَـمـيـمِهِـمِ

١٥٨-مَــن فَــضَّل العُـجـمُ فَـضَّ اللَّهُ فـاهُ وَلَو    فــاهــوا لَغــصّــوا وَغَـضّـوا مِـن نَـبـيِّهـِمِ

١٥٩-بَــدءاً وَخَــتـمـاً وَفـيـمـا بَـيـنَ ذَلِكَ قَـد    دانَــت لَهُ الرُّســلُ مِــن عُـربٍ وَمِـن عَـجَـمِ

١٦٠-لَئِن خَــدَمــتُ بِــحُــســنِ المَــدحِ حَــضــرَتَهُ    فَــذاكَ فــي حَــقِّه مِــن أَيــسَــرِ الخِــدَمِ

١٦١-وَإِن أَقَــمــتُ أَفــانِــيــنَ البَــديـعِ حُـلىً    لِمَـــدحِهِ فَـــبِــبَــعــضِ البَــعــضِ لَم أَقُــمِ

١٦٢-وَمــا مَــحَــلُّ فَــمــي وَالشِّعـرِ حَـيـثُ أَتـى    مَـــدحٌ مِـــنَ اللَّهِ مَـــتـــلوٌّ بِـــكُـــلِّ فَــمِ

١٦٣-لَكِــنَّنـي حُـمـتُ مـا حَـولَ الحِـمـى طَـمَـعـاً    مَـن ذا الَّذي حَـولَ ذاكَ الجـودِ لَم يَـحُمِ

١٦٤-يـا أَعـظَـمَ الرُّسـلِ حـاشـا أَن أَخيبَ وَإِن    صَــغُــرتُ قَــدراً فَــقَــد أَمَّلــتُ ذا عِــظَــمَ

١٦٥-لَعَـــلَّنِـــي مَــعَ عِــلّاتــي سَــتُــغــفَــرُ لي    كُــبــرُ الكَــبــائِرِ وَالإِلمــامُ بِـاللَّمَـمِ

١٦٦-أَنـتَ الشَّفـيـعُ الرَّفـيـعُ المُـستَجيبُ إِذا    مــا قــالَ نَــفــسِـيَ نَـفـسِـي كُـلُّ مُـحـتَـرَمِ

١٦٧-مــــالي سِـــواكَ فـــآمـــالي مُـــحَـــقَّقـــَةٌ    وَرأسُ مــالِي سُــؤالي خَــيــرَ مُــعــتَــصَــمِ

١٦٨-فَــاشــفَــع لِعَــبـدِكَ وادفَـع ضُـرَّ ذي أَمَـلٍ    يَــرجــو رِضــاكَ عَـسـى يَـنـجُـو مِـنَ الأَلَمِ

١٦٩-حَــســبــي صِــلاتُ صَــلاةٍ سُــحـبُهـا شَـمِـلَت    آلاً وَصَــحــبــاً هُــمُ رُكــنِــي وَمُــلتَـزَمِـي

١٧٠-بِــصِــدقِ حُــبّــيَ فــي الصِّديــقِ فُــزتُ وَلا    أُفــــارِقُ الحُــــبَّ لِلفــــاروقِ لَيـــثِهِـــمِ

١٧١-وَقَــد أَنــارَ بِــذي النُـورَيـنِ صَـدرِيَ هَـل    نَـــخـــافُ نـــاراً وَإِنّـــا أَهـــلُ حُـــبِّهــِمِ

١٧٢-بِــغَــيــثِهِــم يَــومَ إِحــســانٍ أَبــي حَـسَـنٍ    غَـوثِـي وسِـبـطَـيـهِ سِـمـطـي جـيـدِ مَـجـدِهِـمِ

١٧٣-أُطــفِــي بِــحَــمــزَةَ وَالعَـبّـاسِ جَـمـرَةَ ذي    بــأسٍ وَأَطــوي زَمــانِــي فــي ضَــمــانِهِــمِ

١٧٤-صَـــحـــبُ الرَّســولِ هُــمُ سُــولِي وَجــودَهُــمُ    أَرجــو وَأَنــجــو مِــنَ البَـلوى بِـبـالِهِـمِ

١٧٥-أُحِــبُّ مَــن حَـبَّهـُم مِـن أَجـلِ مَـن صَـحِـبـوا   أَجَــل وَأُبــغِــضُ مَــن يُــعــزَى لِبُــغــضِهِــمِ

١٧٦-هُــــمُ مَــــآلي وَآمَـــالِي أَمِـــيـــلُ لَهُـــم    وَلا يَـــمَـــلُّ لِســـانِـــي مِــن حَــدِيــثِهِــمِ

١٧٧-لَكِــن وَإِن طَــالَ مَــدحِــي لا أَفِـي أَبَـداً    فــأَجــعَـلُ العُـذرَ وَالإِقـرارَ مُـخـتَـتَـمِـي








الجمعة، 30 سبتمبر 2022

الخصائص العامة للاقتصاد الإسلامي وأهم المبادئ التي تحكمه تأليف الباحث: توفيق أزرق Tawfik Azrak

الخصائص العامة للاقتصاد الإسلامي وأهم المبادئ التي تحكمه

تأليف الباحث: توفيق أزرق Tawfik Azrak

اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


خلصَ هذا البحث إلى أن:

* الاقتصاد الإسلامي: هو عبارة عن مجموعة من القواعد الاقتصادية التي تؤطرها قواعد الشريعة الإسلامية ليتم تطبيقها داخل المجتمع الإسلامي.

* ويتم استنباط كافة الأحكام المتعلقة بالنظام الاقتصادي الإسلامي من مصادر التشريع وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

* وقد بين الباحث في هذا البحث أن عقيدة الاقتصاد الإسلامي تقوم على مبدأ (أن المال مال الله والإنسان مستخلَفُ فيه)، وبذلك فالإنسان مسؤول عن هذا المال كسباً وإنفاقاً أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا، وبالتالي لا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو أن ينفق في حرام أو فيما يضر الناس.

* بين البحث أيضاً أن من أهم المبادئ العامة للاقتصاد الإسلامي:

١-مبدأ الملكية المزدوجة.

٢- ومبدأ الحرية الاقتصادية.

٣- ومبدأ العدالة الاجتماعية.

* وأن أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي:

١-مبدأ التكامل والشمول.

٢- ومبدأ الارتباط بالقيم الأخلاقية.

٣- ومبدأ الربانية.

٤-ومبدأ الرقابة المزدوجة.

٥- ومبدأ التوازن بين الروح والمادة.

٦ + ٧ + ٨- بالإضافة إلى مبادئ العالمية والواقعية والعدالة. التي تشكل الركن الأساس للاقتصاد الإسلامي.

* وبناء على ما تقدم، خلصت الدراسة إلى النتائج والتوصيات التالية:

١-الإسلام دين رباني مميز عن غيره من الأنظمة الإنسانية يستقي قوانينه وأحكامه من القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى المنزل وسنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

٢-الاقتصاد الإسلامي قائم على الواقعية يصلح لكل زمان ومكان يمكنه معالجة الأزمات الماليةَ والاقتصادية في دول العالم كافة.

٣-ينبغي على المسلمين تحري تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء في العبادات والمعاملات المالية وتجنب الغش والاحتكار المنبوذ وغيرها من المحرمات الشرعية حتى تزدهر اقتصاداتنا الإسلامية ويفتح الله لنا بركات السماوات والأرض.

٤-ينبغي على الدول الإسلامية التوحد في تطبيق أحكام الاقتصاد الإسلامي وإيجاد فرق من المختصين الخبراء لدراسة مواطن الضعف والقوة فيه بغية الاستفادة العظمى من أحكامه وبما يحقق الغاية المرجوة لمصلحة الدول الاسلامية.

٥-ينبغي زيادة الاهتمام ببرامج الاقتصاد والتمويل الإسلامي للدراسات العليا في الجامعات الحكومية والخاصة في الدول الإسلامية مما يعزز هذه الصناعة ويدفعها نحو النمو بوتيرة أسرع.

٦-ينبغي زيادة البحث العلمي في علوم الاقتصاد الإسلامي للحد من الأزمات المالية العالمية وتخفيف تبعاتها والمساهمة في حلها، مع التأكيد على أن الاقتصاد الإسلامي أفضل النظم للوقاية من ظهور مثل هذه الأزمات.

٧-ينبغي حث المؤسسات المالية الإسلامية بكافة أشكالها على وضع سياسات خاصة بها لزيادة المساهمة بالمسؤولية الاجتماعية التي أوصانا بها رسولنا الكريم مراعية في ذلك رسالتها النابعة من روح التعاون الإسلامي.

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين




مقاصد السور القرآنية عرض ودراسة د. شافي سلطان العجمي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

مقاصد السور القرآنية عرض ودراسة

د. شافي سلطان العجمي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لا شك أن البُلغاء يُشيرون في مقدماتهم إلى مقصدهم من النظم والتأليف، فيأتي كلامهم تاماً من حيث الدلالة والمدلول، ولقد جاء القرآن على أكمل وجه من أوجه البلاغة والبيان، {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الزمر: ٢٨)، والمقاصد جمع مقصد، وهو الغاية والأساس والغرض، وعلم مقاصد السور هو علم يعرف به غرض كل سورة، والموضوع الأساس الذي تقرره وتدور حوله. وفائدة هذا العلم هو أن معرفة مقصود السورة وتبين المراد منها يجعلها قريبة للفهم، مُعينة على العمل بها.

وقد كان المفسرون المتقدمون مقلين في بيان مقاصد السور لظهورها وعدم خفائها، كذلك لم تكن الحاجة داعية للبحث في هذا الموضوع في زمانهم، وأن توجه همة المفسرين كانت إلى الأسانيد والقراءات والأقوال من الإشكالات وحلها، وقد ظهرت العناية بشكل واضح في مقاصد السور في منتصف القرن الثامن الهجري، وكثر عندهم هذا اللون المقاصدي لسببين:

السبب الأول: أن العلوم في هذا العصر قد بلغت حد النضج والنهاية في حين أن علم التفسير لم يحظ بما حظي به غيره من العلوم من التأصيل والتقعيد والترتيب، فصارت همة المفسرين مقبلةً نحو هذا الفن لتكمليه وتتويجه بذكر المقاصد.

السبب الثاني: أن الحديث عن مقاصد الشريعة صار له شأن، ولا سيما عند العز ابن عبد السلام والشاطبي، فألفت القواعد والموافقات وغيرها، ولا شك أن الفهم المقاصدي للشريعة أصلٌ لمقاصد السور.

وأما في زماننا فقد اعتنى العلماء بهذا الفن اعتناءً كبيراً، من حيث التأصيل، والترتيب، وبيان طرقه، ونحو ذلك.

وهذا البحث يتناول مقاصد السور من حيث بينا أهمية هذا العلم، وأهمية تدبر كلام الله تعالى، وتعريف مقاصد السور وعلاقة المقاصد بالأهداف والمواضيع والتفسير الموضوعي، وبيان تاريخ علم مقاصد السور.

وذكر أن أول ظهور لهذا العلم كان في عهد الصحابة، ثم التابعين، ثم ظهر ذلك جلياً في كتب المفسرين لكن تبعاً لأسباب النزول، وبيان الإعجاز في الآيات، ولعل أول مصنفٍ وصلنا في هذا العلم هو لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي (البرهان في تناسب سور القرآن)، ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية وبعده ابن القيم في مؤلفاتهما، وبعده الفيروز آبادي في (بصائر ذوي التمييز)، وبعده البقاعي في (نظم الدرر في بيان تناسب الآيات والسور)،وسيد قطب في كتابه (في ظلال القرآن) وذكر أمثلةً لكل واحدٍ منهم.

ثم ذكر المصنف الأدلة النقلية والعقلية على وجود علم المقاصد، فذكر الأدلة التي تحث على تدبر آيات الكتاب، وإثبات الحكمة واسم الحكيم لله عز وجل، وذكر طرق الكشف عنها: 

أما الطريقة الأولى، فهي الاستقراء، وذلك بمعرفة المعنى العام الذي تدور حوله السورة، من خلال الأمر أو النهي أو الوعد أو الوعيد، وضرب لذلك مثالاً على معرفة مقاصد السور بطريق الاستقراء في سورتي البقرة وآل عمران.

الطريقة الثانية: بمعرفة أسباب النزول، وذكر معنى سبب النزول، وعلاقة سبب النزول بمقاصد السور، وضرب أمثلة على مقاصد السور التي تُعرف بطريق سبب النزول: العنكبوت، والحشر، والمطففين.

الطريقة الثالثة: الإيماء أو الإشارة، وذلك من خلال الربط والتناسق الموضوعي بين المقدمات والأواسط ونهاية السورة، وضرب لذلك مثلاً بسورة هود، وسورة النحل، وسورة النجم.

الطريقة الرابعة: التكرار، وذلك من خلال تكرار الكلمة، أو الآية، أو الموضوع، وضرب لذلك مثلاً بسورة التوبة، وسورة البقرة، وسورة الشعراء والرحمن والمرسلات، وتكرار المال في سورة النساء والأطعمة في سورة المائدة، وتكرار الغنائم في سورة الأنفال.

الطريقة الخامسة: معرفة أسماء السور، لأن الاسم يدل على مسماه، ويمكن به تمييزه عن غيره، واسم السورة يدل على معانيها المتضمنة فيها، فهو كالعنوان لها، سواء كانت هذه الأسماء توقيفية أم اجتهادية، وضرب لذلك مثلاً بسورة الفاتحة، والإخلاص، والفيل، والزلزلة، والواقعة، والبينة، ويشمل السور التي اشتهرت باسم حادث فيها، كسورة البقرة، وآل عمران، والمائدة،ـ والأعراف، والأنفال، والتوبة، وهود، ورعد، وإبراهيم، والحجر، والنحل، والكهف، والإسراء، وغير ذلك، وأكثر سور القرآن من هذا النوع.

الطريقة السادسة: تنقيح المناط: ويُقصد به الاعتناء بصلب الموضوع دون النظر في الاستطرادات والتعليقات الواردة في السورة، وهذه الاستطرادات في القرآن تكون ذات أهمية بالغة، وأحياناً يسهب القرآن في ذكر بعض المواعظ والهدايات والقصص وأحياناً يوجز في ذلك، ويبرز وظيفة المفسر في تمييز المقصد الأصلي للسورة والمقاصد الفرعية الأخرى وهو مقصودنا بتنقيح المناط، وضرب لذلك مثلاً بسورة البقرة، وآل عمران، والنساء.

الطريقة السابعة: السبر والتقسيم: والمقصود بها هو حصر المعاني المذكورة في كل سورة ، ثم النظر في صلاحيتها لتكون مقصداً للسورة، ويمكن دمج المعاني الكثيرة في مقصد واحد ظاهر، ومثّل لذلك بسورة آل عمران، وسورة الأنعام، وسورة المجادلة.

ثم ذكر تقسيمات العلماء لمقاصد السور عموماً، وبين أنها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: يتعلق بتقرير التوحيد، وإخلاص العبادة، وإثبات البعث، والرد على منكريه، وقد اشتهر هذا القسم في النصف الثاني من سور القرآن الكريم، لا سيما في سور المفصل.

والقسم الثاني: يتعلق بالرسالة والنبوة والوحي، والرد على شبه المشركين حولها، وقد استغرق هذا القسم ثلث القرآن تقريباً، وأكثره في الثلث الأوسط للقرآن الكريم.

والقسم الثالث: يتعلق بالعبادات والمعاملات، وهو حاضر في النصف الأول من سور القرآن الكريم المدنية، وسواء تعلقت بالعقود من نكاح وطلاق وخلع ظهار وإيلاء أم البيوع بشروطها وأحكامها أم النهي عن القذف، والربا وأكل مال اليتيم، والأطعمة المحرمة، أم بالصلاة والزكاة والصوم والحج، وحكم السارق والزاني والمرتد وقاطع الطريق.






الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

التبيان لما يحل ويحرم من الحيوان أحمد بن عماد بن يوسف الأفقهسي الشافعي (ت ٨٠٨ هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

التبيان لما يحل ويحرم من الحيوان

أحمد بن عماد بن يوسف الأفقهسي الشافعي (ت ٨٠٨ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ هذا كتاب "التبيان" ذكر فيه الشيخ أحمد بن العماد الأقفهسي الحيوانات التي ذكرها الشيخ الرافعي في "فتح العزيز شرح الوجيز" في كتابي "الأطعمة والحج"، وبين حقيقة كل حيوان، وخواصه، وهل يحل أو يحرم أو يُكره؟ وزاد بعض الحيوانات التي لم يذكرها الرافعي في كتابه.

ورتب ذلك على حروف المعجم، وتكلم على اسمه واشتقاقه ومعناه، وما يُقال للذكر منه وللأنثى، وكنيته، والأشعار التي قيلت فيه، والآيات والأحاديث التي ذُكر فيها إن ورد فيه ذلك، وطرفاً من كلام الفلاسفة وعلماء الحيوان فيه.

 والغرض من هذا البيان هو أن الوصف يقوم مقام الرؤية والعلم، فمن استحضر الخواص والصفات، تعقل حقائق المسميات.

وقد ذكر ابن العماد هذه الحيوانات مجملةً مرتبةً على حروف المعجم، كما يلي:

فمن حرف (الهمزة)

الإبل، ومنها الأرجية، والإبل الوعل وهو كبش الجمل أيضاً، والأرنب وأم حبين، والأرام، وابن آوى، وابن داية وهو الأعور، والأرضة، والأساريع، والأقعوان، والأسود، وأكيلة السبع، وابن مُقرض وهو الدبق، واللّقاط.

ومن (الباء الموحدة)

البخاتي، والبقر، والبرذون، والببر، والبغل، وبنات وردان، وبنات الثفاء، وبنات عرس، والبعوض، والبرغوث، والبُرام، والبط، واللبل، والبرقش، والبغبغاء، والبغاثة، والبومة، والبوه وهي البُوهة أيضاً، والبنص والبلصوص.

ومن (التاء المثناة)

التنوط، والتمر، والتفاء، والتبشر.

ومن (الثاء المثلثة)

الثعلب، والثعلبان ذكرها، والثعبان.

ومن (الجيم)

الجاموس، والجنين، والجلالة، والجرذان، وجنان البيوت، والجرارة، والجراد ومنه الجندب، والجعلان، والجدجد، والجخدب، والجريث.

ومن (الحاء المهملة)

الحمير، وحبينة، والحرذون، والحامي، وحرباء الظهيره، والحية والحفافيت نوع منها، وحمار تبان، والخلمة، والحرقوص، والحمنان، والحلم، والحمام، والحجل، والحباري، والحوصل، والحمرة، وحاتم، والحدأة.

ومن (الخاء المعجمة)

الخرارة، والخيل، والخنزير، والخراطين، والخنفساء، والخرق، والخفاش، والخلد، والخطفة.

ومن (الدال المهملة)

الدلدل، والدجاج، والدلق، والدب، والديسم، والدفانة، والدباسي، والدبر، والدعاميص، والدريانة.

ومن (الذال المعجمة)

الذباب، والذئب، وذات النظاق، وذوات.

ومن (الراء)

الرخم.

ومن حرف (الزاي)

الزرزور، والزبانة، والزاغ، والزرافة.

ومن حرف (السين المهملة)

السمع، والسماني، والسلوى، والسمور، والسنجاب، والسائبة، والسنور، والسبع، والسرقة، وسام أبرص، والسحلية، وساق حر، والسرطان، والسلحفاة، والسمك ومنه السقنقور.

ومن حرف (الشين المعجمة)

الإبل الشدقية، والشدنية، والشبئان، وشحمة الأرض، والشعراء،و الشفين، والشقراق، والشاهين.

ومن (الصاد المهملة)

الصقر، والصرد، والصافر، والصرارة، والصدى، والصعوة، والصناجة، والصديح.

ومن (الضاد المعجمة)

الضوع، والضبع، والضب، والضفدع.

ومن (الطاء المهملة)

الطوراني نوع من الحمام، والطيطوي، والطاووس.

ومن (الظاء المعجمة)

الظبي، والظليم، والظربان.

ومن (العين المهملة)

العسال، والعت، والعصفور بأنواعه، والعضارى، والعقعق، والعيدية، والعفر، والعين، والعتفار، وعنتر، والعقرب، والعنكبوت.

ومن (الغين المعجمة)

الغراب بأنواعه وهي ثمانية أنواع: كالغداف والغريرية، والغواص من طير الماء.

ومن (الفاء):

الفيل، والفنك، والفأرة، والفهد، وفهد الذباب، والفراش، وفسقة الطير، والفياد.

ومن (القاف)

القرش، والقنفذ، والقاقم، والقرنبي، والقارية، والقذان، والقرد، والقمل، والقمع، والقراد ومنه القمقامة، والقرشام، والقماري، والقطاء، والقيح، والقمبر، والقبعة.

ومن (الكاف)

الكركي، والكلب، والكروان، وكبش الجبل.

ومن (اللام)

اللبادي، واللقلق، واللجكا وفيها سبع لغات، واللقاط، واللجا.

ومن (الميم)

المجيدية، والمعز، والمنخنقة، والمتردية، والموفورة، والمصبورة، والمجثمة، والمرعة، والمكّا، وملاعب ظله، ومالك الحزين، والمكلفة.

ومن (النون)

النسر، والنمر، والنمس، والناموس، والنبر، والنسناس، والنعام، والنطيحة.

ومن (الهاء)

الهدهد، والهجين، وهنديات الخرابات، والهامة، والهزبر، والهرهر.

ومن (الواو)

الوحرة، والواق، والورشان، والورل، والوبر.

ومن (اللام ألف)

اللاؤ.

ومن (الياء) 

اليربوع.

ترجمة ابن العماد الأقفهسي

هو محمد بن أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي أبو الفتح بن شهاب أبي العباس الأقفهسي القاهري الشافعي الماضي أبوه، ويُعرف كأبيه بابن العماد.

ولد في ليلة مستهل رمضان قبل سنة خمسين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها، فقرأ القرآن، والعمدة، والشاطبية، والمتهاجين الفرعي والأصلي، وألفية ابن مالك، وعرض على البلقيني وغيره، وسمع على التنوخي، والسراج الكومي، وأبي عبد الله الدفاء، وناصر الدين بن الملتبي، والحلاوي، والسويداوي، وآخرين.

وأجاز له أبو الخير بن العلائي. وأبو هريرة بن الذهبي، وناصر الدين بن حمزة ويوسف بن السلاد وجماعة، وأخذ الفقه عن أبيه وغيره. 

وبحث عليه في الأصول والعربية، وعلى الفخر الضرير إمام الأزهر الشاطبية، وكتب عن الولي العراقي كثيراً من أماليه، وحضر دروسه ودروس جماعة، وبرع في الفقه، وشارك في العربية وغيرها، وتكسب بالشهادة فاستغلفوه وتنذل بسعيد السعداء، وكان ساكتاً ظاهر الجمود، حريصاً على الاشتغال بالجمع والمطالعة والكتابة، وكانعجباً في ذلك مع كبر سنه، وكان تام الفضيلة لكن لا يعلم ذلك منه إلا بالمخالطة.

 وقد أقرأ الفقه في القاهرة ومكة حين جاور بها، وولي بعد أبيه التدريس ببعض مدارس منية بن الخصيب، وكان يتوجه إليها أحياناً، ويقيم بها شهراً، وسمع منه الفضلاء. قال الشيخ السخاوي: وكت أول من أفاد سماعه لأصحابنا قرأتُ عليه أشياء.

وحج مرتين: الأولى مع أبيه في سنة ثمانمائة، والثانية: في موسم سنة أربع وخمسين وجاور التي بعدها، وفيها قرأ على المحب بن أبي السعادات بن ظهيرة (تنور الدياجير بأحكام المحاجير)، و (الإعلام بما يتعلق بالتقاء الختانين من الأحكام) كلاهما من تأليفه. 

وله أيضاً (الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة)، و(الشرح النبيل الحاوي لكلام ابن المصنف وابن عقيل)، و(إيقاظ الوسنان بالآيات الواردة في ذم الإنسان)، و(الألفاظ العطرات في شرح جامع المختصرات) كثب من أوله إلى آخر اللقيط ومن اثناء الجنايات إلى السلاد وجماعة الكتاب.

قال الشيخ السخاوي: وقد طالع شيخنا تصنيفه للذريعة، وسمعته يقول لعله من تصانيف أبيه ظفر به في مودته، وكان ممن يحضر عند في مجلسه، ويقال: إنه كان تكلم عنده بما ناسبه من أجله لعدم البراعة.  

مات فجأة وهو متوجه لمكان له يصلحه تجاه باب الخرق في يوم السبت، خامس ربيع الأول، سنة ٨٠٨ هـ.