أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 فبراير 2022

إرشاد الطالبين إلى المنهج القويم في بيان مناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه (مـنـاقـب الإمـام الشَّـافـعـيّ (150- 204 هـ)) تأليف الإمام فخر الدين أبو عبد الله "محمد بن عمر بن الحسين" الرازي

إرشاد الطالبين إلى المنهج القويم في بيان مناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه

(مـنـاقـب الإمـام الشَّـافـعـيّ (150- 204 هـ))

تأليف الإمام فخر الدين أبو عبد الله "محمد بن عمر بن الحسين" الرازي

(544 - 606 هـ)

تحقيق الدكتور: أحمد حجازي السقا


تمهيد/ إن سيرة الإمام الشافعيِّ المطلبي من أجل السِّير، فهو الفاضل في نفسه، المتمسك بكتاب ربه، والمقتدي بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو الماحي لآثار أهل البدع، الذاهب بخبرهم، الطامس لسيرهم، وهو الإمام الذي سارت بفقهه الركبان، وقد قهر خصومه بقوة أدلته، وباينهم بإنصافه وشجاعته، وظهر عليهم بورعه وديانته.

ومن عظيم فضل الله علينا: أن أوقفنا على هذا السِّفر الجليل والكبير كماً وكيفاً؛ لأحد أعلام المائة السادسة للهجرة، وهو الإمام المُفسِّر الفقيه: أبي عبد الله: محمد بن عمر الرازي، نسبةً إلى الري التي ولد فيها سنة (544 هـ)، 

وقد رأينا في هذا الكتاب كيف أنَّ الإمام الرازي انتصر لمذهب الشافعيَّة وفضَّله على مذهب الحنفيَّة، وكأنه ما وضعه إلا لأجل ذلك، وكان وضعه له أثناء سفره، لذا نراه يقول في الفصل الخامس/ من الباب الرابع/ من القسم الثالث: "واعلم أنا كنا على عزمٍ أن نذكر في كل كتابٍ من كتب الفقه مسائل نُشير إلى تقرير دلائلها، ليُعرف أن مذهب الشافعي في غاية القوة، إلا أنا كنا في السَّفر، وكانت كتبنا الفقهية منقطعةً عنا، فلهذا السبب اكتفينا بهذا القدر، وبالله التوفيق، والله أعلم".

ومعلوم أن الصراع المذهبي كانت له آثاره السيئة في تاريخ أمتنا القديم، لا سيما الصراع المقيت بين الحنفية والشافعية، والذي كان أول ظهوره على رأس المائة الرابعة، وذلك في عهد الخلافة العباسية، حيث استطاع الإمام الشافعي الكبير: أبو حامد الإسفراييني أن يؤثر في الخليفة القادر بالله العباسي، فأقنعه بتحول القضاء من الحنفية إلى الشافعية وذلك في حدود سنة (393 هـ).

 وكذلك أعلن القاضي الفقيه منصور بن محمد السمعاني تغيير مذهبه من الحنفية إلى الشافعية في دار الإمارة بمرو، وذلك بعد اعتناق المذهب الحنفي طوال ثلاثين سنة، وكان ذلك في حدود المائة الخامسة، سنة (489 هـ)، ولا شكَّ أن ذلك له كبيرُ الأثر على عامَّة الناس والفقهاء لا سيما الحنفية منهم، الذين احتجُّوا لذلك، وكان لهذا الأمر تداعياته، ما اضطر السمعاني إلى الخروج من مدينة مرو.

ووقعت فتنٌ كثيرة في القرن السادس الهجري، والذي أصبح القتال فيه ظاهراً بين أئمة المذاهب، ولم يكن الرازي يعيش بمعزلٍ عن كل هذه الفتن، سيما بين الحنفية والشافعية، والتي كان آخرها بأصفهان سنة (582 هـ)، والتي وقع فيها الكثير من القتل والنهب والدمار، حتى نق ياقوت الحموي (المتوفى سنة: 626 هـ) أن مدينة أصفهان عمها الخراب بسبب الفتن والتعصب بين الحنفية والشافعية، فكانت الحروب بينهما متصلة.

ونحن نذكر هذا الأمر لأنه مهمٌّ في فهم نفسية الإمام الرازي ونفسه الحاد جداً في نقد مذهب الحنفية، وكان قد فرغ من تأليف هذا الكتاب في ليلة الأربعاء، ا27/ صفر/ 599 هـ) أي بعد بضعة سنوات من فتنة "أصفهان".

أما عن محتوى هذا الكتاب، فهو مؤلف من أربعة أقسام، ويتألف كل قسم من مجموعة من الأبواب، وكل باب من مجموعة من الفصول.

أما القسم الأول: فهو في شرح أحواله على سبيل التأريخ، وهو يتكون من ثلاثة أبواب.

الباب الأول: في نسبه وما يتعلق به، وفيه (ثلاث فصول: 18- 37).

الباب الثاني: في أساتذته، وأسانيده وتلاميذه، وفيه: (ستة فصول: 41- 68).

الباب الثالث: في محنة الإمام الشافعي، وفيه: (أربعة فصول: 69- 92).

أما القسم الثاني، فهو في فضائل الشافعي وعلومه ومناقبه، ويتألف من عشرة أبواب:

الباب الأول: معرفته بعلم الأصول، وفيه (فصلان: 93- 140).

الباب الثاني: في معرفته بأصول الفقه، وفيه (أحد عشر مسألة: 151- 187).

الباب الثالث: في علم الشافعي بكتاب الله تعالى، وفيه (ثلاث فصول: 189- 216).

الباب الرابع: في علم الشافعي بالحديث، وفيه (ثلاث فصول: 217- 232).

الباب الخامس: في معرفة الشافعي باللغة، وفيه (ثلاث فصول: 237- 265).

الباب السادس: في مناظرات الشافعي، وفيه (ثلاث وعشرون مسألة: 269- 295).

الباب السابع: في أشعاره والحكايات المنقولة عنه، وفيه (مقدمتان: 297- 321).

الباب الثامن: في معرفة الشافعي بالطب والفراسة، وفيه (أربعة فصول: 223- 234).

الباب التاسع: في النكت اللطيفة المنسوبة إلى الشافعي، وفيه (فصلان: 235- 248).

الباب العاشر: في شرح خصاله الحميدة، وفيه ( أحد عشر فصلاً: 249- 268).

القسم الثالث: في ذكر ما يدل على أن مذهبه راجحٌ على سائر المذاهب، وفيه بابان.

الباب الأول: ترجيح مذهبه من حيث الإجمال، وفيه (سبعة فصول: 373- 230).

الباب الثاني ترجيح مذهبه من حيث التفصيل، وفيه (خمس فصول: 334- 517).

القسم الرابع: في حكاية الوجوه التي يطعن بها الحنفية على الشافعي، وفيه (سبع حجج: 533- 535).

  ومما لفت انتباهي "ويؤخذ على الكاتب" أن المُحقِّق أشار إلى نفسه عندما أتى بأخبار المجددين على رأس المائة الثالثة، فقرن نفسه بالإمام الشافعي مجدد المائة الثالثة، وكذلك نسب التجديد للإمام الرازي مع أن الرازي نفسه لم يزعم ذلك، وذلك في الفصل الثاني- من القسم الثالث، وذكر سنة ميلاده (1940 م)، انظر: (هامش، ص: 387).

  • تعريفٌ موجز بالمؤلف (الفخر الرازي):

هو محمد بن عمر بن الحسين القرشيِّ البكري الطبرستاني، الملقب بـ"فخر الدين"، المعروف بـ"ابن الخطيب"، من أشهر متكلمي الأشاعرة، ومن غلاة المؤولة المسرفين في الطعن على السلف، ومن المؤلفين في كل فن حتى في السحر والتنجيم.

قال عنه ابن حجر: "صاحب التصانيف، رأسٌ في الذكاء والعقليات، لكنه عُري عن الآثار، وله تشكيكاتٌ على مسائل من دعائم الدين، تورث حيرة، نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا، وله كتاب (السر المكتوم في مخاطبة النجوم) سحرٌ صريحٌ، فلعله تاب من تأليفه، إن شاء الله تعالى".

مات سنة (606 هـ) بهراة. 

انظر: سير أعلام النبلاء (21/ 500)، ولسان الميزان (7/ 426).

  • سبب تأليف هذا الكتاب:

قال الفخر الرازي في مقدمته (ص 16): وقد سألني جماعةٌ من أفاضل الأصحاب، وأكابر الأحباب أن أُصنِّفَ كلاماً مُختصراً، مُلخصاً في فضائل الإمام الشافعي المطلبي، وفي ترجيح مذهبه، فصنفتُ هذا المختصر، إرشاداً للطالبين، إلى المنهج القويم، وهدايةً لهم إلى الصراط المستقيم، وسألت ربي أن يجعله سبباً للنفع في الدارين، والسعادة في المنزلتين، إنه خيرُ موِّفقٍ ومُعين، وبالإسعاف جديرٌ وقمين".

  • اسم الكتاب:

هو "إرشاد الطالبين إلى المنهج القويم في بيان مناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه"، وقد اعتمد فيه مؤلفه على كتاب "مناقب البيهقي" بشكل واضح.

وقد أفاد المحقِّق بأن هذا الكتاب مُحقَّقٌ على أربعة مخطوطات من معهد المخطوطات العربية بالكويت، وهو غير كتاب "آداب الشافعي ومناقبه" لابن أبي حاتم الرازي، المتوفى سنة (327 هـ)، وغير كتاب مناقب الشافعي، للبيهقي، المتوفى سنة (458 هـ)".

  • أهميَّة هذا الكتاب:

1- أنه من الكتب الموسوعية في التراجم ؛ فذكر نسب الإمام، وذكر كل ما يتعلق به، وقد تضمن آثار وأحداث وفوائد لم تُذكر في غيره.

2- أن المؤلف هو أحد أئمة الشافعية المدافعين عن المذهب، وأنه ذكر فيه روايته عن أبيه.

3- بيان النفس الحاد بين الشافعية والحنفية في تلك الفترة التي احتدم فيها الصراع المذهبي.

4- بيان نقاط الخلاف وما جرى من الردود والاعتراضات، سواء من الحنفية أو الشافعية، ووجوه تفضيل بعضم على بعض، وطريقة المناقشات بينهم.

        * ملاحظاتي على الكتاب:

1.أشار في المقدمة (ص 15) إلى ضمير الغائب (هو)، للدلالة على الله سبحانه، ورأينا في بعض العبارات مبالغة، كقوله: "إن قلتَ: هل هو هو ؟، قلت: لا هو إلا هو!!"، وهذا الكلام لا يُفيد توحيداً، ولا ثناءً على الله، وبقية كلامه جيد.

2. يؤخذ عليه تحامله الشديد على الجرجاني (ص 20- 22)، وعدُّه النسبة إلى الموالي نقيصة، وهي ليست نقيصةً في نفس الأمر، فكثيرٌ من علماء التابعين المبرزين من الموالي، وكذلك المحدثين، والفقهاء، كأبي حنيفة، والبخاري، وابن المبارك وغيرهم من الفضلاء.

3) نقله قول حرملة (ص 35): أنه قال: كان الشافعيُّ يُخرجُ لسانه، فيبلغ أنفه !. ويُعلق على ذلك بقوله: فلا جرم، فقد كان في غاية القدرة على الكلام ونهاية الفصاحة !!!.

4) زعمه (ص 106) أن أهل السُّنة حشويَّة، وأن إنكارهم لعلم الكلام يُشبه تمسُّك آزر بدينه الباطل، قال: وكذلك كل من أنكر علم الأصول وأصر على تقليد الأسلاف!!.

5) نسبة الرازي (ص 114) نفي الجسمية والجوهرية ونفي المكان إلى الشافعي بمجرد قول الإمام في خطبة كتابه الرسالة: "أنه لا يبلغ الواصفون كنه عظمته، وأنه كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه". فقال الرازي: وهذا الكلام يدل على أنه كان يعتقد أنه تعالى ليس بجسم، ولا في جهة. وإلا لبلغ الواصفون كنه عظمته. قال: وهذا القدر، وإن كان كلاماً قليلاً إلا أنه كافٍ في الغرض.

6 (زعم الرازي (ص 167) أن الإجماع منعقد على أن أخبار الآحاد ضعيفة.

7) تحامله الشديد على الإمام أبي حنيفة وأتباعه (ص 173)، وكذلك تحامله على أبي المعين النسفي، ووصفه له بالحشو والسفاهة! (ص: 175)، ومن العجيب أن الرازي يقول في نفس الموضع: "وههنا ننبه في هذا الموضع بأنه يجب أن يُستعاذ بالله من التعصب الشديد، والحب المفرط، فالحب المفرط يُعمي ويُصم، فإنه كما قيل: حُبُّك الشيء يُعمي ويُصم، فهذا المسكين! لشدة شغفه بدفع حجة الشافعي، وقع في هذه الكلمات المتناقضة".

8) إبعاده النجعة في الانتصار للإمام الشَّافعي في القسم الثالث من الكتاب، وخوضه في أمور وأشياء كان ينبغي ألا يخوض فيها، من تفضيل الشافعيِّ على أبي حنيفة بطريقةٍ توحي للقارئ بالانتقاص من قدر الإمام أبي حنيفة، وليته لم يتكلم منه بكلمة، وقد أحسن المُحقِّقُ إيراد أشياءٍ عليه في ذلك، لو قُدِّر الرازي ما استطاع دفعها، ولا أتصور أن أهل ذلك الزمان قبلوا ذلك منه.

            ملحق، وفيه أمران: 

أولاً: قبسٌ من حكم الشافعي ومواعظه.

ثانياً: ما قيل في الإمام الشَّافعي.

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى: ما رأيت رجلا قط أعقل من الشافعي رحمه الله.  

وقال الإمام يونس بن عبد الأعلى رحمه الله تعالى: لو أن عقول الناس كلهم جعلت في عقل الشافعي لغرقت عقولهم في عقله.  

كيف لا وقد جمع الله له إلى رفعة النسب التنشئة الصالحة من أم عاقلة، وشيوخ ناصحين، وما اجتمع له من مجالسة كبار الرجال في عصره من أهل العلم والسياسة، وعصره من أزهى عصور الحضارة الإسلامية قاطبة وأجمعها لأفذاذ الرجال على مدى الدهر.  

كما يسر سبحانه له مشافهة العرب في بواديهم، فجمع إلى كمال العقل فصاحة اللسان.  

ناهيك بسفره ورحلته، وما في السفر من حكم وعبر تعلم الفدم العيي، فكيف برجل من طراز الشافعي!.  

وأحببت ألا أخلي هذا الكتاب من طرف من حكم هذا الإمام ومواعظه، عسى الله ينفعني بها وقارئها؛ إنه سميع فمن ذلك ما رواه السبكي في الطبقات؛ قال الإمام المزني رحمه الله تعالى: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

وقال بحر بن نصر بن سابق الخولاني: كنا إذا أردنا نبكي قلنا بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حى نتساقط بين يديه، ويكثر عجيجنا بالبكاء فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة من حسن صوته .  

وقال الربيع: سمعت الشافعي يقول؛ وسأله رجل عن مسألة، فقال: يروى  عن النبي فو أنه قال: كذا وكذا. فقال له السائل: يا أبا عبدالله، أتقول بهذا؟ فارتعد الشافعي، واصفر وحال لونه وقال: ويحك، أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول اللهجة شيئا لم أقل به. نعم على الرأس والعين.  

وفي لفظ: متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.  

قال الربيع: سمعته يقول: من صدق في أخوة أخيه، قبل علله وسد خلله، وعفا عن زلله. قال: وسمعته يقول: الكيس العاقل هو الفطن المتغافل.  

وقال الربيع: وسمعته يقول: الكلام يقظة العقل، والسكوت نومه، فانظر كيف مراعاتك له في نومه ويقظته.  

وعن الربيع أيضا: المروءة أربعة أركان: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك.  

وعنه أيضاً؛ قال الشافعي: جوهر المرء في ثلاث: كتمان الفقر حتى يظن الناس من عفتك أنك غني، وكتمان الغضب حتى يظن الناس أنك راض، وكتمان الشدة حتى يظن الناس أنك متنعم.  

وعن البويطي رحمه الله: قال الشافعي: لا يكمل الرجل في الدنيا إلا بأربع: بالديانة، والأمانة، والصيانة، والرزانة.  

  وقال الشافعي يوما لا بنه لما رأى من عجلته: يا بني رفقا رفقا، فإن العجلة تنقص الأعمال، وبالرفق تدرك الآمال.  

وقال رحمه الله : الانبساط إلى الناس مجلبة لقرناء السوء، والانقباض مكسبة للعداوة، فكن بين المنقبض والمنبسط.  

وقال أيضا: لا وفاء لعبد، ولا شكر للكيم، ولا صنيعة عند نذل.  

وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: عاشر كرام الناس تعش كريما، ولا تعاشر اللثام فتنسب إلى اللؤم.  

وقال الربيع: سمعت الشافعي يقول: ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته.  

وقال المزني رحمه الله: سمعت الشافعي يقول: من أحسن ظنه بلكيم كان أدنى عقوبته الحرمان.  

وقال يونس بن عبد الأعلى:  سمعت الشافعي يقول: لا تقصر في حق أخيك اعتمادا على مودته.  

وقال رجل للشافعي رحمه الله تعالى: أوصني، فقال: إن الله خلقك حرا فكن كما خلقك.  

وعن البويطي، أن الشافعي قال: من نم لك نم بك، ومن نقل إليك نقل عنك، ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيك؛ إذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك.

وقال الربيع: كنت مع الشافعي إذ جاءه رجل فسأله عن مسألة فقال الشافعي: من سام نفسه فوق ما يساوي رده الله تعالى إلى قيمته.  

وقال رحمه الله تعالى: الحرية هي الكرم والتقوى، فإذا اجتمعا في شخص فهو حر .  

وقال يونس: سمعت الشافعي يقول: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللثام، وأرفع الناس قدراً من لا يرى قدره، وأكثر الناس فضلاً من لا يرى فضله.  

وقال أيضاً: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض  فهو شيطان .  

وقال محمد بن عبد الله بن الحكم: سمعتُ الشافعي يقول: من كتم سره  كانت الخيرة في يده  

قالوا في الإمام الشافعي رحمه الله:  

قال الإمام أبو ثور:  ما رأيت مثل الشافعي، يه، ولا رأى الشافعي مثل نفسه.

وقال الإمام أبو يعقوب البويطي: ما عرفنا نحن مقدار الشافعي حتى رأيت أهل العراق يذكرون الشافعي، ويصفونه بوصف ما نحسن نحن نصفه، فقد كان حذاق العراق بالفقه والنظر، وكل صنف من أهل الحديث وأهل العربية والنظار، يقولون إنهم لم يروا مثل الشافعي رحمه الله تعالى.

وقال الإمام المزني رحمه الله تعالى: قدم علينا الشافعي، وكان بمصر عبد الملك بن هشام، صاحب المغازي، وكان علامة أهل مصر في العربية والشعر، فقيل له في المصير إلى الشافعي، فتثاقل ثم ذهب إليه فقال: ما ظننت أن الله خلق مثل الشافعي، وكان ابن هشام بعد ذلك قد اتخذ قول الشافعي حجة في اللغة.  

وكان الإمام قتيبة بن سعيد رحمه الله يقول: مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد وتظهر البدع. ثم قال: الشافعي إمام.

وقال محمد بن عبد الله بن الحكم المصري رحمه الله تعالى: ليس أبو عبيد عندنا بفقيه. قيل: لم؟ قال: لأنه يجمع أقاويل الناس ويختار لنفسه منها قولا.  

قيل: فمن الفقيه؟ قال: الذي يستنبط أصلا من كتاب أو سنة لم يسبق إليه، ثم يشعب من ذلك الأصل مائة شعبة. قيل: ومن يقوى على هذا؟ قال: محمد بن  إدريس الشافعي رحمه الله تعالى.

ويقول عنه الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كان الفقه قفلا على أهله حتى فتحه الله بالشافعي.

ويقول أيضا ما رأيت أفصح منه ولا أفهم للعلوم منه.  

وقال الإمام الماوردي رحمه الله تعالى: لما كان محمد بن إدريس الشافعي قد توسط بحجتي النصوص المنقولة والمعاني المعقولة، حتى لم يصر بالميل إلى أحدهما مقصرا عن الأخرى منهما، كان أرضى طريقة، وأحمد مذهبا تخصص بأحد النوعين، وانحاز إلى أحد الجهتين، فصار باتباعه أحق وبطريقته أوثق.

وقال الإمام البيهقي: فإن حسن التصنيف يكون بثلاثة أشياء: حسن النظم والترتيب، وذكر الحجج في المسائل مع مراعاة الأصول، الثالث: تحري الإيجاز والاختصار فيما يؤلفه، وكان الشافعي خص بجميع ذلك.

ويذكر عن أبي عبد الله البوشنجي: تصفحنا أخبار الناس، فلم نجد بعد الصدر الأول من هذه الأمة، أوضح شأنا، ولا أبين بيانا، ولا أفصح لسانا من الشافعي ، مع قرابته من رسول الله  صلى الله عليه وسلم.

وقال الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله: ونحن نحمد الله الذي جعلنا مقلدين لإمام، إذا طمحت نفوسنا في وقت إلى النظر في دليل مسألة من يشرح الصدر، مسائله، أدانا النظر إلى ما كنا مقلدين له فيه، فإن ذلك مما ويطمن القلب على ما هو عليه من تقليده لهذا الإمام .  

وقال الإمام داود بن علي الأصفهاني: اجتمع للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره:  

فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه، وأنه من رهط النبي ة، ومنها: صحة الدين، وسلامة المعتقد من الأهواء والبدع، ومنها سخاوة النفس، ومنها معرفته الحديث وسقيمه وناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها حفظه لكتاب الله تعالى، ولأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بسير النبي عليه الصلاة والسلام وسير خلفائه، ومنها كشفه لتمويه مخالفيه وتأليفه الكتب.  

ومنها ما اتفق له من الأصحاب مثل أبي عبد الله أحمد في زهده وعلمه وإقامته على السنة، ومثل سليمان بن داود الهاشمي والحميدي و الكرابيسي والربيع والحارث وحرملة والمزني، ولم يتفق لأحد من العلماء والفقهاء ما اتفق له من ذلك.  

وقال أيضا بعد ذكر مسألة: وهذا قول مطلبينا الشافعي الذي علاهم بنكته، وقهرهم بأدلته، وباينهم بشهامته، وظهر عليهم بحمازته، التقي في دينه، النقي حسبه، الفاضل في نفسه، المتمسك كتاب ربه، المقتدي بقدوة رسوله صلى الله عليه وسلم، الماحي لآثار البدع، الذاهب بجمرتهم، الطامس ألسنتهم، فأصبحوا كما قال الله تعالى: {فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيءٍ مقتدراً} (الكهف).  

وقال أيضاً رحمه الله: الراد على الشافعي متعوب.  

وروى البيهقي بسنده إلى الإمام الزعفراني قال: كنت مع يحيى بن معين في جنازة؛ فقلت له: يا أبا زكريا ما تقول في الشافعي؟ قال: دعنا لو كان الكذب له مطلقا لكانت مروءته تمنعه أن يكذب.  

قال البيهقي رحمه الله تعالى: وإنما كانوا يسألون يحيى عنه لما كان قد اشتهر من حسد يحيى إياه، وإفراط أحمد بن حنبل في توقيره وتعظيمه وتقديمه والاعتراف بفضله وعقله وعلمه والأخذ عنه!.

وقال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: فاجتمع له علم أهل الرأي وعلم أهل الحديث، فتصرف في ذلك حتى أصل الأصول، وقعد القواعد، وأذعن له الموافق والمخالف، واشتهر أمره، وعلا ذكره وارتفع قدره، حتى صار منه ما صارا.  

وقال العلامة الشيخ أحمد شاكر في مقدمة تحقيق "الرسالة": فإني أعتقد غير غال ولا مسرف؛ أن هذا رجل لم يظهر مثله في علماء الإسلام في فقه الكتاب والسنة، ونفوذ البصر، ودقة الاستنباط، مع قوة العارضة ونفوذ البصيرة، والإبداع في إقامة الحجة وإفحام مناظره، فصيح اللسان، ناصع البيان، في الذروة العليا من البلاغة، تأدب بأدب البادية وأخذ العلوم والمعارف عن أهل الحضر، حتى سما عن كل عالم قبله أو بعده.

وقال العلامة الشيخ علي الخفيف: وقد امتاز مذهب الشافعي بأصوله التي ذكرها صاحبه، ففصلها وناضل عنها في كتابيه «الأم»: و«الرسالة» التي وضعها في هذا الغرض، فكانت أصولاً لمذهبه مقطوعا بها غير مظنونة مروية عن الشافعي نفسه غير مستنبطة من النظر في مذهبه.




الأحد، 27 فبراير 2022

مناقب الإمام الشَّافعيِّ لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (٣٨٤- ٤٥٨هـ)

مناقب الإمام الشَّافعيِّ
لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (٣٨٤- ٤٥٨هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ يُعدُّ الإمام الشَّافعيُّ رحمه الله من أكثر الأئمة اتباعاً، وأقواهم احتجاجاً، وأصحُّهم قياساً، ولذا لقبوه بـ(ناصر السُّنَّة)، لأنه مؤسس فقهها، وفاتح أقفالها، ومستنبط فنونها، ومُجلِّي دقائقها، ببيانه الحسن، وأسلوبه الرصين.
وكان للبيهقي دورٌ بارزٌ في ترتيب كتب الشافعي وتصنيفها، وتخريج أحاديثها، فله (السُّنن) الذي خرَّجه على كتاب "المبسوط"، وله (معرفة السنن والآثار)، الذي خرَّج فيه كلام الشافعي على الأخبار بالجرح والتعديل، وله (المدخل) المُخرَّج على أصول الإمام، فيستدل بالآثار على صحة أصوله، وحسن بنائه الفروع عليها.
وقد رأى الإمام البيهقيُّ أن يخصَّ الإمام بترجمةٍ في كتاب مستقل أطلق عليه اسم (مناقب الشافعي)، وكان ذلك باقتراحٍ من أصحابه، ولم يتعرَّض البيهقي في هذه الترجمة لأصول الشَّافعيِّ وفروعه وقياساته، ذلك أن هذه المواضيع لها مُصنَّفات خاصَّةٌ بها، ويحصل العلم بها بالنظر في تلك المصنفات..
وللبيهقي ذيل على كتاب (المناقب)، ذكر فيه مناقب وحكايات أخر للشافعي، لم يخرجها هنا، وإنما أخرجها في ذلك الذيل المسمى (نوادر الحكايات).
ومن لطيف ما يذكر أن إمام الحرمين بالغ في الثناء على البيهقي؛ فقال: "ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة، إلا البيهقي؛ فإن له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرة مذهبه وأقاويله" .
والحق أن كتاب المناقب للبيهقي يعد عمدة في بابه؛ فكل من ترجم للشافعي بعده، اعتد عليه، وأكثر من النقل عنه، سواء ترجم له ترجمة مفردة أو غير مفردة.
وممن اعتمد عليه في نقله: ياقوت الحموي في (معجم الادباء)، وابن عساكر في (تاريخه)، وابن كثير (في طبقاته وتاريخه)، والسبكي، والرازي في (مناقبه)، وغيرهم..
وقد لخص ابن حجر أكثر فصوله في كتابه (توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس)، مع تعقبه بعض الأخبار، وردها، ومناقشة بعضها..

نظرةٌ عامة على الكتاب:
● بدأ البيهقيُّ كتابه ببيان فضل أهل الحديث، وأنهم الطائفة المنصورة، ثُمَّ تحدث عن فضل قريشٍ، وما جاء في تقديمها، وأنَّها أحقُّ بالإتباع، وأن الشافعيَّ هو المقصود بحديث (عالم قريش) الذي يملأ طباق الأرض علماً.
● ثُمَّ تحدث عمَّا جاء في تخصيص بن هاشم، وبني المطلب بالاصطفاء، وبيان انتماء الشافعيِّ لهم، وأنه رضع لبان الحكمة من أُمِّه الأزدية اليمانية، وأهل اليمن هم أهل الفقه والحكمة، وفصَّل القول في حديث (المجدد على رأس كل مائة)، وتأويل بعض العلماء أن الشافعيَّ هو الذي جاء على رأس المائة الثانية.
● وتحدَّث بعد ذلك عن مولد الشافعي، وولادته بغزَّة (عسقلان)، وانتقاله بعد ذلك إلى مكَّة، وطلبه العلم، ثم ذهابه إلى المدينة، ودراسته على مالك، ثُمَّ عودته إلى مكة، وتوليته بعض أعمال اليمن، وما جرى له من اتهامه بالخروج مع العلويين ضد الرشيد، واقتياده من اليمن إلى بغداد، والتقائه بمحمد بن الحسن، ثُمَّ عودته إلى مكة، وجلوسه للتدريس في الحرم، وتأليفه (للرسالة) بإشارة من عبد الرحمن بن مهدي الذي بعث إليه ذلك، وهو بالبصرة، ثُمَّ عودته إلى بغداد وجلوسه للدرس فيها، ووضع مذهبه القديم، وتأليف كتابه (الحجة)، وردِّه على أصحاب الرأي، ونصرته لأصحاب الحديث، ثُمَّ انتقاله إلى مصر، ووضعه لمذهبه الجديد، وتأليفه كتاب (الأم)، وقد وضع فيه فروعه، وبقائه فيها إلى أن مات سنة ٢٠٤هـ.

●  ثُمَّ عقد باباً في إقبال العلماء على الشَّافعيِّ، للاقتباس من علمه، وحسن ثنائهم عليه، وما تميَّزت به كتبه من: حسن النظم والترتيب، وذكر الحجج في المسائل مع مراعاة الأصول، وتحري الإيجاز والاختصار فيما يؤلفه.

● كذلك ذكر ما يُستدلُّ به على حفظ الشَّافعيِّ لكتاب الله، ومعرفته بالقراءات، وحسن صوته بالقرآن، ومعرفته بتفسيره، وألفاظه، وحروفه، وقوله في الإيمان قولٌ وعمل، وإثباته الصفات، والمشيئة، والقضاء، والرؤية، وأنَّ القرآن كلامُ الله غير مخلوق، وإثباته عذاب القبر والشفاعة، وذكر اعتقاده في فضل الصحابة وعدالتهم، وذمُّ من ينتقصهم، أو يسبُّهم.. 

● وذكر معرفته بمعاني أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسامي الرواة، وأنسابهم، وأحوالهم، ومعرفته بعلل الحديث، وأسباب وروده، وجرح الرواة وتعديلهم، وما برع فيه الشافعيُّ من فقه الحديث، وأصول الفقه، وأصول الحديث، مع قوة استنباطه، وقدرته على التقعيد والتأصيل.

● ثُمَّ عقد باباً فيما يستدل به على فصاحة الشافعيِّ، وبلاغته، ومعرفته باللغة والشعر، ومعرفته بالطب، والنجوم، والفراسة، وما جاء في سخائه وجوده، وحسن مبارزته، وشجاعته، وركوبه الخيل، ورميه السَّهمَ، وذكر ثناء أئمة اللغة عليه؛ كالأصمعي الذي صحَّح أشعار هُذيل عليه، والجاحظ الذي وصف كتبه بأنَّها الدُّر المنظوم، وكذلك ثناء أبو العباس بن ثعلب، والمُبرَّد، ومصعب الزبيري، وأبي عثمان المازنيّ النحوي .

● وأفرد باباً في بيان زهد الشَّافعي، وتمام عقله، وورعه، وجملةٍ من حكمته، وثناء العلماء عليه من أمثال الإمام أحمد، وابن مهدي، وأبو ثور، والحميدي، والمُزني، ومن ثَمَّ ذكر وصيَّة الشافعيِّ، ومرضه ووفاته بمصر، ومن روى عنه من علماء الحجاز، واليمن، ومصر، والعراق، وخراسان، ومن جلس في حلقته بعد وفاته، وخبر تنازع طلبته عليها، وما ظلم به المُزني شيخه الشافعيّ لوهمٍ وقع فيه المُزني، وجواب أبي زرعة الرازي عليه.

👈 الخلاصة:
لم نقصد من هذا العرض نريد أن نستقصي كُلَّ ما أورده البيهقي أو غيره في مناقب الشَّافعي وآثاره، وألوان عظمته، ولكن حسبنا ما رواه البيهقي عن داود بن علي الظاهري (٢٧٠هـ)، أنَّه قال في الشَّافعي:
اجتمع للشافعي- رحمه الله- من الفضائل ما لم تجتمع لغيره:
فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه،
وأنه من رهط النبي، صلى الله عليه وسلم.
ومنها: صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع.
ومنها: سخاوة النفس.
ومنها: معرفته بصحة الحديث وسقمه.
ومنها: معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه.
ومنها: حفظه لكتاب الله، وحفظه لأخبار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعرفته بسير النبي، صلى الله عليه وسلم، وسير خلفائه.
ومنها: كشفه لتمويه مخالفيه.
ومنها: تأليفه الكتب القديمة والجديدة.
ومنها: ما اتفق له من الأصحاب والتلامذة، مثل أبي عبد الله: أحمد بن حنبل وغيره . ٢/ ٣٢٤- ٣٢٥.

وقد تكفَّل كتاب المناقب -هذا- ببيان وتفصيل هذه الأوصاف الجليلة المستطابة، التي تدلُّ على إدراك حقيقي لفضائل الشافعي، وبصر دقيق بجوانبها الدقيقة.

ترجمة موجزة للإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه

الإمام الشافعي؛ هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.  

فهو قرشي مطلبي، وجده السائب بن عبيد أسر يوم بدر مشركا، وكان حامل لواء المشركين، ثم أسلم ن، وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله في (مناقب الشافعي): واعلم أن السائب بن عبيد أسر يوم بدر وأسلم، وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصورة والخلقة، وروي أنه عليه السلام لما أتى بالسائب وبعمه العباس قال للسائب: (هذا أخي وأنا أخوه)، فالسائب صحابي، وعبد الله بن السائب أخو شافع بن السائب أيضاً صحابي. 

وحكى الخطيب في تاريخ بغداد عن القاضي أبي الطيب الطبري أنه قال: شافع بن السائب الذي ينسب إليه الشافعي -رضي الله عنه -لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع، وأما السائب فكان صاحب راية الهاشميين، ولما فدى نفسه ثم أسلم، فقيل له: لم لم تسلم قبل إعطاء الفداء؟ قال: ما كنت أحرم المؤمنين ما طمعوا فيه مني. 

أما أمه فالمشهور أنها من الأزد، وفي رواية ضعيفة أنها مطلبية.  

ولد رحمه الله تعالى في مدينة غزة من أرض فلسطين سنة مثة وخمسين للهجرة، وهي السنة التي مات فيها الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، وهكذا سنة الله في خلقه لا يقبض علماً من أعلام العلم والهداية حتى يغيث خلقه بعلم آخر ولله الحمد.  

فلم يلبث إلا قليلاً حتى توفي والده، فحملته أمه إلى أرض آبائه في الحجاز؛ لثلا يضيع نسبه القرشي، وحدبت عليه تنشئته النشأة الصالحة التي تليق بأمثاله من أولاد النسب الشريف.  

وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: لا خلاف علمته بين أهل العلم والمعرفة بأيام الناس، من أهل السير، والعلم بالخبر، والمعرفة بأنساب قريش وغيرها من العرب، وأهل الحديث والفقه : أن الفقيه الشافعي -رضي الله عنه -هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.  

ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم -في عبد مناف بن قصي.  

والنبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.  

والشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، وإلى شافع وعلق الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله تعالى: ومن زعم أن شافعاً كان مولى لأبي لهب، فطلب من عمر أن يجعله من موالي قريش فامتنع، فطلب من عثمان ذلك ففعل، فقد بعد عن الصواب، وشذ عن الجماعة. والتعويل عليه من بعض الحنفية والمالكية تعصب بارد، ولهم أن يناقشوه في علمه لا في نسبه!.

وحفظ القرآن العظيم لسبع سنين، وكان لفقر أهله لا يملك ما يعطيه لشيخ المكتب، فرضي منه أن يلقن الصغار القرآن إذا غاب عنه.  

أما سنده في قراءة القرآن فيقول الشافعي: قرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وكان شيخ أهل مكة في زمانه، قال: قرأت على شبل بن عباد ومعروف بن مشكان، قال: قرأت على يحيى بن عبد الله بن كثير قال قرأت على مجاهد، قال: قرأت على ابن عباس قال: قرأت على أبي بن كعب قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

وحبب إليه علم الأدب واللغة حتى بلغ فيه شأواً، لكن الله تعالى أراد له خير الدنيا والآخرة، فأرشده شيخه مسلم بن خالد الزنجي رحمه الله لدراسة الفقه والآثار، فعن الحميدي قال: قال الشافعي: خرجت أطلب النحو والأدب، فلقيني مسلم بن خالد الزنجي، فقال: يا فتى من أين أنت؟ قال: من أهل مكة. قال: أين منزلك؟ قلت: بشعب الخيف. قال: من أي قبيلة أنت؟  قلت: من عبد مناف، فقال: بخ بخ؛ لقد شرفك الله في الدنيا والآخرة، ألا جعلت فهمك هذا في الفقه فكان أحسن بك".  

وطفق يقرأ على علماء مكة؛ كمسلم بن خالد الزنجي ويكتب ما علق على أكتاف الإبل ورقاق الجلود، حتى ملا منها حبا كبيرا (والحب: الجرة الكبيرة، وكانوا يضعون فيها الورق)، مع التردد إلى بوادي هذيل وأخذ اللغة شفاها عنهم، وهم من أفصح العرب، فجمع الله تعالى له أساس علوم الأمة، فلا اجتهاد بلا نص وبلا فهم للنص، ولا يكون ذلك إلا بإحكام اللغة، وفهم مواضعات أهلها.  

ثم طمحت نفسه إلى لقاء مالك إمام دار الهجرة والأخذ عنه، فحفظ الموطأ ورحل إليه فتوسم مالك فيه مخايل النجابة والصلاح، فأدناه منه وجعل يحدب عليه، روى ابن عبد البر رحمه الله في الانتقاء أن الشافعي جاء إلى مالك بن أنس، فقال له: إني أريد أن أسمع منك الموطأ، فقال مالك: تمضي إلى حبيب كاتبي، فإنه الذي يتولى قراءته، فقال له الشافعي: تسمع مني رضي الله عنك صفحاً، فإن استحسنت قراءتي قرأته عليك، وإلا تركت، فقال له: اقرأ، فقرأ صفحاً ثم وقف، فقال له مالك: هيه، فقرأ صفحاً، سكت، فقال له: هيه، فقرأ. فاستحسن مالك قراءته، فقرأه عليه أجمع.  

قال المزني وابن عبد الحكم: فلذلك يقول الشافعي: أخبرنا مالك.  

وروى الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى عن الإمام الجليل أحمد بن حنبل رحمه الله : قال الشافعي: أنا قرأت على مالك، وكان يعجبه قراءتي. قال أحمد: لأنه كان فصيحا!.

وفي حلقة مالك طابت له الإقامة فحط الرحال هناك، وبقي فيها ست عشرة سنة تخللتها أسفار وذهاب إلى البادية ليشافه الأعراب ويأخذ عنهم اللغة، حتى وفاة مالك رحمه الله تعالى.  

ثم سعى له بعض أقربائه من بني هاشم فولي عملا للسلطان في نجران من أرض اليمن، لما رآه من رقة حاله؛ فانتقل إليها طالبا للعلم قبل كل شيء، فهو شغفه ومطمحه، فتلقى الشعر عن أهل البوادي، والفراسة عن أهلها، كما لقي من أهل العلم: مطرف بن مازن الصنعاني، وعمرو بن أبي سلمة صاحب الأوزاعي رحمهم الله تعالى، ومضى في عمله سائرا فيه سيرة من لا يخشى في الله لومة لائم، مما أثار عليه حفيظة المنتفعين فدبروا له تهمة كفيلة بقتله؛ فادعوا أنه يدعو للقائم من آل محمد، وقال فيه حاسده: يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل بسيفه ! .

فحمل في الحديد مع من اتهموا معه إلى بغداد، ليمثل أمام أمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله تعالى، وهناك رأى الرؤوس تتدحرج أمامه فكل تهمة  أمام هذه التهمة جلل، فلما قدم للكلام مالت الرؤوس إليه واستيقن أمير المؤمنين بطلان ما افتري عليه.  

وكان الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى حاضر المجلس، وشفع في الشافعي لما رأى من وفور علمه وسعة عقله، فعفا عنه الرشيد ووصله بخمسين ألف دينار فرقها الشافعي على فقراء أهله. و

هكذا يكون العلم رحماً بين أهله، وكما حصل الشافعي علم مالك رحمه الله في المدينة، وعلم الأوزاعي رحمه الله في اليمن حصل علم أبي حنيفة رحمه الله وفقه أهل العراق وحديثهم، فكان في بداية أمره حجازي الهوى مالكي المنزع، فاطلع على مدرسة كبرى في الفهم والاجتهاد، وجلس في مجالس الإمام محمد بن الحسن وهو من هو علماً وفقهاً، حتى قال: حملت عن محمد بن الحسن حمل بختي، ومرة قال: وقر بعير، ليس عليه إلا سماعي منه .

لكنه في دراسته على الإمام محمد رحمه الله كان ناقداً بصيراً شأن من بلغ في العلم شأواً كبيراً.  

فهو يناقش ويناظر مناظرة الواعي الفاهم، ولعلي لا أعدو الصواب إذا قلت: إن هذه المناظرات كانت من أهم ما فتق العقلية الاجتهادية الرائعة التي تميز بها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.  

كما كتب فقه الليث بن سعد.  

وجالس أهل العلم في بغداد، كالإمام وكيع بن الجراح، والحافظ حماد بن أبي أسامة الكوفي، والحافظ الثقة عبد الوهاب بن عبد المجيد المصري.  

وفي جو بغداد العلمي وجد هذا الطالب المجد أفقاً لتلاقح علمه الذي حصله في الحجاز واليمن، مع جو بغداد في فترة من أبهى فترات الحضارة الإسلامية.  

وعاد إلى مكة ولكن على غير ما خرج منها، وبدأ بعقد أول مجالسه وله من العمر خمس وأربعون سنة.  

و في هذه الأثناء التقى بالإمام أحمد وعرف كل منهما فضل الآخر، وقديماً قالوا: لا يعرف الفضل إلا أهله.  

وقال أحمد رحمه الله لما سئل عنه : لقد من الله به علينا، لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا الشافعي، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كل خير. رحمة الله عليه.  

وكان شديد التعظيم له؛ حتى قال ابنه صالح: ركب الشافعي حماره فسار أبي يمشي إلى جانبه وهو يذاكره، فبلغ ذلك يحيى بن معين، فبعث إلى أبي في ذلك، فبعث إليه أبي : لو كنت في الجانب الآخر من الحمار لكان خيرا لك.  

ثم عن له السفر مرة أخرى إلى بغداد، فحمل أهله ومضى إليها، ولبث فيها يسيرا ونشر هناك مذهبه القديم في كتاب «الحجة»، وصنف «رسالته القديمة»، ومن أشهر الرواة عنه: الإمام الكرابيسي وهو راوي كتبه القديمة، والإمام أبو ثور، والإمام الزعفراني، والإمام المبجل أحمد بن حنبل -رضي الله عنه.  

فالشافعي رحمه الله تعالى قدم العراق مراراً ثلاثة، المرة الأولى حين حمل في الحديد إلى الرشيد رحمه الله، وفي هذه القدمة قرأ على الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى وحمل عنه وقر بختي من العلم.  

ثم يحدثنا تلميذه الإمام الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني رحمه الله تعالى: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومثة، فأقام عندنا أشهراً، ثم خرج إلى مصر، وبها مات.

ففي قدمته سنة خمس وتسعين ومثة ألف «الرسالة» بطلب من الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى، وصنف «الحجة»، واتصل به أبو ثور والزعفراني وأحمد وأبو عبد الرحمن، وأخذوا عنه.  

وفي القدمة الأخيرة لزمه الكرابيسي شهرين، وسأله أن يعرض عليه الكتب فأبى، وقال: خذ كتب الزعفراني فانسخها، فقد أجزتها لك، فأخذها إجازة كما أخرجه الرامهرمزي عن الزعفراني وداود، وهاتان القدمتان وقعتا في عهد إمامته في الفقه.  

وبعدها قرر الهجرة إلى أرض مصر، فارتحل إليها لما دعاه أميرها العباسي ليلحق به هناك، مع ما تلبد به جو العراق في تلك الأيام، بما تحول بعدها إلى فتنة الاعتزال، وكان الشافعي رحمه الله تعالى بطبعه كارها للكلام وأهله.  

فلما أتته الدعوة من والي مصر، لبى سريعا ومضى إليها هاربا بنفسه من فتنة عصفت بالمسلمين وأخرت تطورهم الحضاري سنوات طويلة، وروى  

الإمام الزعفراني أن الشافعي رحمه الله تعالى، لما أراد الخروج من العراق إلى مصر، أنشده لنفسه:  

أخي أرى نفسي تتوق إلى مصر .. ومن دونها قطع المفاوز والقفر  

فو الله ما أدري للفوز والغنى .. أساق إليها أم أساق إلى قبري  

قال الزعفراني: فو الله لقد سيق إليهما جميعاً.

وحط رحاله في مصر، وهناك رأى تعصب أهلها لأقوال مالك رحمه الله تعالى، ولمس تغير الأعراف، كما روى فيها من الآثار ما لم يكن بلغه، فأكب على تصنيف كتبه الجديدة التي حواها كتاب «الأم».

وناظر أصحاب مالك، كما ألف في نقد علماء عصره وبيان الحق فيما ارتآه، والتف حوله ثلة من أهل الفضل والعلم أحبهم وأحبوه؛ كالإمام المزني، الإمام البويطي، وحرملة التجيبي، ومحمد بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادي؛ راوي كتبه وأثبت الناس في النقل عنه، والربيع بن سليمان الجيزي.  

وفي مصر عاوده داء قديم أثقل عليه وأنهك قواه، وهو البواسير، حتى كان الدم يسيل من عقبه إذا ركب، ويوضع تحته طست إذا جلس أو صلى.  

وبعد مكابدة للمرض لقي ربه في آخر ليلة من رجب سنة أربع ومئتين للهجرة وله من العمر أربعة وخمسون عاما رحمه الله تعالى.

قال الإمام المزني: دخلت على الشافعي ين وهو عليل فقلت: كيف أصبحت يا أستاذ؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولسوء أفعالي وعلى الله واردا، ولكأس المنية شاربا، ولا والله لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها، ثم أنشأ يقول:  

إليك إله الخلق أرفع رغبتي  … وإن كنت يا ذا المن والجود مجرما .. 

ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي … جعلت الرجا مني لعفوك سلما  

تعاظمني ذنبي فلما قرنته  … بعفوك ربي كان عفوك أعظما  

ولولاك ما يقوى بإبليس عابد  … وكيف وقد أغوى صفـيـك آدما  

فإن تعف عني تعف عن متمرد  … ظلوم غشوم لا يزايل مأثما  

وإن تنتقم مني فلست بآيس  … ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما  

فجرمي عظيم من قديم وحادث … وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما  

أما أهله وعقبه فقد تزوج من امرأة من آل عثمان بن عفان -رضي الله عنه؛ وهي حمدة بنت نافع بن عمرو بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان. 

وأولدها محمداً وزينب وفاطمة.  

وصار محمد قاضي حلب، ولم يعقب رحمه الله تعالى.  

كما تسرى بجارية ورزق منها طفلا يقال له : الحسن، مات صغيراً.  

أما حليته: فقد كان يخضب بالحناء وتارة بالصفرة اتباعا للسنة، وكان طويلا سابل الخدين، قليل لحم الوجه، خفيف العارضين، طويل العنق طويل القصب، آدم، يخضب لحيته بالحناء قانئة، وفي وقت بصفرة، حسن الصوت، حسن السمت، عظيم العقل، حسن الوجه حسن الخلق، مهيبا فصيحا، إذا أخرج لسانه بلغ أنفه.  

وكان كثير الأسقام، حتى قال يونس بن عبد الأعلى: (ما رأيت أحدا لقي من السقم ما لقي الشافعي). 

قال الإمام النووي: وسبب هذا والله أعلم لطف الله تعالى به، ومعاملته بمعاملة الأولياء، لقوله تؤذ في الحديث الصحيح: (نحن معاشر الأنبياء أشد بلاء، ثم الأمثل فالأمثل).

وقال الربيع: كان الشافعي -رحمه الله -الوجه، حسن الخلق، محببا إلى كل من  

بمصر من الفقهاء والنبلاء والأمراء، كلهم يجل الشافعي ويعظمه، وكان مقتصداً في لباسه، ويتختم في يساره، نقش خاتمه: «كفى بالله ثقة لمحمد بن إدريس».  

وكان مجلسه مصوناً، وكان ذا معرفة تامة بالطب والرمي، حتى كان يصيب عشرة من عشرة.  

وهذه عجالة في سيرة هذا الإمام الجليل، والله ولي الهداية والتوفيق.  

ذكر جملة شيوخ الشافعي ممن روى عنهم، وتلاميذه ومن روى عنه:  

سمع رحمه الله من مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وعطاف بن خالد المخزومي، وعبد الله بن نافع الصائغ المدنيين، وسفيان بن عيينة، وداود بن عبد الرحمن العطار، ومسلم بن خالد الزنجي، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعمه محمد بن علي بن شافع، وعبد الله بن المؤمن المليكي التيمي المخزومي، وإبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة القرشي، وعبد الله بن الحارث المخزومي، ومحمد بن عثمان بن صفوان الجمحي، وسعيد بن سالم القداح، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد المكيين، ومطرف بن مازن، وهشام بن يوسف، ومحمد بن خالد الجندي اليمنيين، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وإسماعيل بن علية، ويوسف بن خالد السمتي البصريين.  

ومحمد بن الحسن الشيباني الفقيه، ويحيى بن حسان، وعمرو بن أبي سلمة التنيسيين. وأيوب بن سويد الرملي وغيرهم.  

روى عنه: سيلمان بن داود الهاشمي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بن خالد، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وسعيد بن تليد الرعيني، وعمرو بن سواد السرحي، وأحمد بن يحيى بن وزير، والحسين بن علي الكرابيسي، وأبو يحيى محمد بن سعيد بن العطار البغداديون.

وأبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، ومحمد بن عبد الله بن الحكم، وحرملة بن يحيى، والربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي، ويونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر المصريون.

وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي، وإبراهيم بن المنذر الخزامي، كما روى عنه موسى بن أبي الجارود المكي، وعبد العزيز المكي صاحب «الحيدة»، وأحمد بن محمد الأزرقي، وأحمد بن سعيد الهمداني، وأحمد بن أبي شريح الرازي، وأحمد بن عبد الرحمن الوهبي، وابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعي، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن بهلول، وأبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم، والحارث بن سريج النقال، وحامد بن يحيى البلخي، وسليمان بن داود المهري، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وعلي بن معبد الرقي، وعلي بن سلمة اللبقي، وعمرو بن سواد، وأبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسواني، ومحمد بن يحيى العدني، ومسعود بن سهل المصري، وهارون بن أسعد الأيلي، وأحمد بن سنان القطان، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح.  

وقد أفرد الدار قطني كتاب من له رواية عن الشافعي في جزأين، وصنف الكبار في مناقبه قديما وحديثاً.