أجداد النبيّ صلى الله عليه
وسلم
د. محمد عبده يماني
بقلم: أ. محمد ناهض عبد
السلام حنونة
تمهيد:
اصطفى الله محمداً صلى الله عليه وسلم من صُلب آدم عليه السلام، ولم يزل يتنقل به
من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزاكيات، حتى وُلد من آمنة وعبد الله، فآباؤه خير
الآباء، وأمهاته خير الأمهات، وجدُّه إسماعيل فهو عربي، وجدُّه من قُريش فهو
قُرشي، وهو خير فروع العرب، ثم اصطفاه الله من بني هاشم وهم خيرة الخيرة، وصفوة
الصفوة، وخيار الخيار.
وهذا
الكتاب يتناول النسب النبوي الشريف، وبيان ما فيه من أصالة أصيلة، وعراقة نبيلة،
وصفاء معدن، وسلامة نشأة، ونقاء فطرة، وطيب عشرة، فهو صلى الله عليه وسلم الحسيب
النسيب الطاهر، جاء من تلك الأصلاب الطاهرة والأرحام الحرة الكريمة.
وقد
أبدع مؤلفه أيما إبداع في مقدمات كتابه وفصوله وخواتيمه، فذكر أهمية النسب عند
العرب، وأنهم كانوا يعتنون بها أشد العناية، ذلك أنها مبعث افتخارهم، ومظهراً من
مظاهر اعتزازهم، وكانوا يرون أن شرف النسب يؤثر في مكارم الأخلاق وجلائل الأعمال.
ثم
سرد جملة من الأخبار التي وردت عن أجداده صلى الله عليه وسلم -الذين هيأهم الله
تعالى لميلاد هذا النبي العظيم، فذكر من شهامتهم، ومروءتهم، وجودهم، وكريم خصالهم
ما تعجز الحروف عن وصفه، ابتداءً من أبيه الكريم (عبد الله) وحتى جدّه عدنان. ثم
من أحوال أجداده الأربعين من لدن (آدم) عليه السلام، إلى (إسماعيل وإبراهيم)
عليهما السلام.
وبين
المؤلف أنه ليس بين النبيّ صلى الله عليه وسلم وجدّه إسماعيل نبيٌّ آخر، وأن خالد
بن سنان هذا الذي يزعم ناقلوا الأخبار عنه أنه نبيٌّ هو أو سواه؛ فهذه الأخبار
واهية ومتناقضة، وليس لها ما يؤيدها من أعمال وأقوال، ولا من أشعار يُعتدُّ بها،
ولا ينكر مُنكر أهمية الشعر ودوره في هذا المجال.
وبين
المؤلف -رحمه الله -أن أبوي النبيّ صلى الله عليه وسلم -وأجداده على هم من أهل
الفترة الذين غاب عنهم وحي السماء فترة طويلة من الزمن، فما أُنذر آباؤهم فهم
غافلون، فقد طالت الفترة من لدن إسماعيل عليه السلام إلى بعثة النبيّ صلى الله
عليه وسلم، صاحب الرسالة العامة الشاملة لكل زمان ومكان، وردَّ الحديثين الثابتين
في الصحيحين بأن دلالتهما ظنيّة وأن دلالة القرآن قطعية على نجاة أهل الفترة، وهو
رأيٌ ارتأه وله فيه سلف.
1-عبد
الله بن عبد المطلب:
هو
عاشر إخوته، ولد نحو 71 سنة قبل الهجرة، ويُعرف بالذبيح، وقد فداه أبوه بمائة من
الإبل بعد أن نذر ذبحه، وتزوج من آمنة بنت وهب في منى، وهو ابن 18 سنة، وبعد أن
حملت منه آمنة توجه في تجارة لقريش إلى الشام، وفي طريق عودته إلى مكة مرض، فذهب
ليتمرض عند أخواله من نبي النجار، ثم توفي ودفن في المدينة على الأصح، وذلك قبل
الهجرة بـ 53 سنة، وقبل وقعة الفيل بنحو 8 أشهر. وقد ورّث ولده: 5 جمال، وقطيعاً
من الغنم، وعبداً وجارية هي أم أيمن بركة الحبشية، ويكفيه فخراً أن يكون والد سيد
الأولين والآخرين. وكان طاهراً عفيفاً وسيماً ذا مروءةٍ وشجاعة وبرٍّ بوالديه،
وتوفيت بعده زوجه آمنة وهي ابنة 20 سنة وكان عمر النبيّ صلى الله عليه وسلم حينها
6 سنين.
2-عبد
المطلب بن هاشم:
هو
جدُّه الأول، واسمه شيبة الحمد، وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد النجارية، تزوجها هاشم
وهو في طريق تجارته إلى الشام؛ فمات بغزة ودفن بها، ونشأ عبد المطلب عند أخواله من
بني النجار حتى أيفع، واسترده عمُّه المطلب فعاد به إلى مكة، فلما رآه الناس،
قالوا: عبد المطلب، وكان المطلب قد انتهت إليه الرياسة والرفادة والسقاية بمكة،
وتولى عبد المطلب ذلك بعد وفاة عمه.
3-هاشم
بن عبد مناف:
واسمه
عمرو العُلا، وسُمي هاشماً؛ لأنه أول من هشم الثريد بمكة لأهلها وللحاج، وهو أول
من سنّ رحلتي الشتاء والصيف، وكان هاشم وعبد المطلب انبا عبد مناف أمهم: عاتكة بنت
مرة السُّلميّة، وكان هاشم يخطب في قريش إذا حضر الحج، ويستحث أهل مكة على الإنفاق
والبذل، وهو الذي عقد الحلف لقريش من هرقل، بأن يدخلوا بلاده ويتجروا فيها دون أن
يتعرض لهم أحد، فأجابه.
4-عبد
مناف بن قُصي:
اسمع
المغيرة، سماه أبوه بذلك تفاؤلاً بأن يكون محارباً لأعدائه، وكان يُقال له
"القمر" لشدة جماله، وأمه: حُبّى بنت حليل الخزاعية، وهو الذي قسّم
الأرض بمكة بين الناس إلى أرباع، وكان مُطاعاً في قريش، ولُقب "بالفياض"
لكرمه الشديد، وكان أشرف أولاد أبيه قُصي، وأعلاهم شهرة، وأقواهم شوكة، وفي يده
لواء جده نزار، وقوس جده إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام.
5-قُصي
بن كلاب:
اسمه
زيد، وسُمي قُصياً لأن أباه كلاب توفي، فتزوجت أمه فاطمة بنت سعد بن سيل -تزوجت من
ربيعة بن حرام من بني قضاعة، فاصطحبها معه إلى الشام، فأخذها وابنها، فسُمي قُصياً
لبعده عن الحرم ونشأته في حجر ربيعة بالشام، ولما ناضل قصيٌّ رجلاً من بني قضاعة
وغلبه، غضب القضاعي وأمره مفارقة مضارب قومه، فلحق قصيٌّ بمكة. وكان جلداً أشعراً،
وقد تزوج بحُبّى الخزاعية ابنة حليل، وكان يلي أمر مكة وحكمها، فلما توفي تولاها
قُصي وقاتل بني خزاعة وبني بكر عند العقبة، وأخرجهم من مكة. وهو أول ولد كعب بن
لؤي أصاب ملكاً، وكان شريف مكة، وابتنى دار الندوة وكانت مجمع قريش، وفيها أمرها
كله من مشورة ونكاح وحرب، وسُمي "مُجمعاً" لأنه الذي جمع قريش. وبقُصي
سُميت قريشُ قريشاً، والقريش الجمع، وكانوا قبل ذلك يُقال لهم بنو النضر.
6-كلاب
بن مُرّة:
وكنيته
أبا زُهرة، واسمه حكيم، وقيل: عروة، ثم غلب عليه اسمم كلاب لمحبته الصيد، وقيل سمي
بذلك لمكالبته الأعداء وصبره عليهم، وكان أعظم أولاد أبيه قدراً وشرفاً، وأمه هند
بنت سرير بن ثعلبة الكنانية، وقيل: إنه حفر البئر التي يُقال لها "خُم"
وكان العرب في الجاهلية يستقون منها، وإلى كلاب بن مُرة ينتهي نسب آمنة بنت وهب أم
النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو جدُّ النبيّ صلى الله عليه وسلم من قبل أبيه،
وكلاب هو جدُّ عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما.
7-مُرّة
بن كعب:
ويُكنى
أبا يقظة، وهو أشهر أولاد أبيه كعب بن لؤي، وأمه وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر
بن مالك، وكان سيداً هُماماً، ذا شرف ونسب وشجاعة.
8-كعب
بن لؤي:
ويُكنى
أبا هُصَيص، وأمه ماوية بنت كعب بن القين بن جسر القضاعية، وكان أجلُّ أولاد أبيه
وأعلاهم قدراً، وأرفعهم شرفاً، وهو أول من سمى يوم الجمعة بالجمعة، وكانت العرب
تسمية "بالعروبة"، فجمع كعب فيه قومه وكان يخطب فيهم، ويذكر لهم أن من
ذريته نبيٌّ كريم. ويُقال إن بين موته ومبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم 500 عام.
9-
لؤي بن غالب:
يُكنى
أبا كعب، أمه عاتكة بنت يخلد بن النضر بن كنانة، وهي أولى العواتك من قريش الاتي
هُنّ جدات النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقيل: سُمي لؤياً لحلمه، وقيل: تصغير لأي
وتعني البطء والأناة، لأنه كان متأنياً بطيئاً، ومن حفيداته سودة بنت زمعة زوج
النبيّ صلى الله عليه وسلم. وكان سيداً شريفاً فاضلاً في قومه.
10-غالب
بن فهمر:
يُكنى
أبا تيم، وأمه ليلى بنت سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهو أفضل أولاد
أبيه، وأفضلهم مجداً، وأحبهم إلى أبيه، وصار إليه الشرف والسؤدد بعد أبيه، حتى علا
أمره.
11-
فهر بن مالك:
يُكنى أبا غالب، أمه جندلة بنت الحارث بن جندل بن عامر،
وقيل سُمي فهراً؛ لأنه كان ظاهر الطول حين وُلد، وسمته أمه قريشاً؛ لأنه كان يقرش
الناس، ويفتش عن حاجاتهم، ويسعى لقضائها، وكان أولاده يسعون في نفس الأمر. وهو
الجد الجامع لقريش، فما فوقه لا يسمى قرشياً بل كناني، وكان سيد الناس في مكة
والحرم. وهو الذي حارب حسان بن عبد كلال الحميري الذي أراد نقل أحجار الكعبة إلى
اليمن ليحج الناس إليها، وقد أسره فهر بن مالك ثلاث سنين، ثم فدى نفسه فأطلقه
ليعود إلى اليمن فمات بالطريق.
12-مالك بن النضر:
يُكنى أبا الحارث، وأمه عاتكة بنت عدوان. وكان ملكاً
مُطاعاً في قريش، وهو سيدها وإليه انتهى ملك العرب.
13-النضر بن كنانة:
اسمه قيس، وأمه برّة بنت مُر بن أدّ بن طابخة بن إلياس
بن مُضر. سُمي نضراً لنضارته وحُسنه وجماله. وكان سيداً عالي الهمة، مع يساره
ووفور تجارته وكثرة أمواله، وقيل: هو أول من جعل الدية مائة، وقيل: بل عبد المطلب
بن هاشم.
14-كنانة بن خُزيمة:
يُكنى أبا النّضر، وأمه عون بنت سعد بن قيس عيلان، وكان
ذا فضائل كثيرة، وقد عظّمته العرب، وآبت إلى رأيه وعلمه، ويروى عنه أنه قال: إنه
قد آن خروج نبيٍّ من مكة، يُدعى أحمد، يدعو إلى الله، وإلى البر والإحسان ومكارم
الأخلاق، فاتبعوه تزدادوا شرفاً وعزاً إلى عزكم. ولعل هذا قد سمعه العرب مما جاء
في التوراة والإنجيل أنه سيبعث نبيٌّ في آخر الزمان في مكة من ولد إسماعيل عليه
السلام.
14-خزيمة بن مُدركة:
أمه سلمى بنت أسد بن ربيعة بن نزار، وكان أحد حكماء
العرب، ومن أهل الفضل والسؤدد، وكان خزيمة على ما بقي من ملة إبراهيم عليه السلام،
وقد فيل فيه:
أما
خزيمة فالمكارم جمَّةٌ... سبقت إليه وليس ثمَّ عتيدُ
وروى ابن حبيب بسند جيد -عن ابن عباس، أنه قال: مات
خزيمة على ملة إبراهيم عليه السلام.
15-مُدركة بن إلياس:
واسمه عمرو، وقيل عامر، وأمه ليلى بنت حلوان بن عمران بن
الحاف بن قضاعة. وقيل سُمي مُدركة؛ لأنه لحق جمعاً من الإبل في الصيد فأدركها،
فسُمي مُدركة، أما أخوه (عمرو) فطبخها فسُمّي طابخة.
16- إلياس بن مُضر:
واسمه عامر، أمه جرهمة بنت حيدة بن معد بن عدنان -على
خلاف فيها. وكان قوياً حازماً قريباً من
جده إسماعيل، فشرف وبان فضله، وروي أنه كان مؤمناً، وقد أنكر على بني إسماعيل ما
غيروا من سنن آبائهم وسيرهم حتى رجعت سننهم تامة على ما كانت عليه، وبان فضله
عليهم، ولان جانبه لهم، واجتمعوا على رأيه ورضوا به، وهو أول من أهدى البُدن إلى
البيت، وقيل: هو أو من وضع ركن البيت (الحجر الأسود) في مكانه بعد أن غرق البيت
وانهدم بعد زمان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.
17-مُضر بن نزار:
يُكنى أبا عمرو، وأمه سودة بنت عبد عك بن عدنان بن أد.
وسُمي مُضراً لبياضه، وقيل: إنه كان يمضر قلب من رآه لحسنه وجماله. ويُقال: إنه
أول من حدا الإبل، وكان حسن الصوت جداً، وكان سيد ولد أبيه، ويروى أنه كان مؤمناً،
وكان كريماً حكيماً، وله فراسة جليلة، ومن كلامه: من يزرع شراً يحصد ندامة، وخير
الخير أعجله، فاحملوا أنفسكم على مكروهها، فيما أصلحكم، واصرفوها عن هواها فيما
أفسدكم، فليس بين الصلاح والفساد إلا صبر ووقاية.
18-نزار بن معدّ:
يُكنى أبا قضاعة، وأمه مُعانة بنت جوشم بن جلهمة بن
عمرو، وهي من جرهم، وله أربعة عشر أخاً شقياً وأختاً شقيقةً كلهم لأمه. وقيل: كان
فريد عصره في جماله، وإن النور كان بادياً بين عينيه، وإن أباه فرح بولادته فرحاً
عظيماً، ونحر الإبل وأطعم الطعام، وقال: هذا نزر في حق هذا الغلام، فسُمّي نزاراً.
وكان أجلُّ أولاد أبيه.
19- معدّ بن عدنان:
يكنى أبا نزار، وأمه تيمية بنت يشجب بن يعرب بن قحطان،
وكان أول من وضع رحلاً على جمل وناقة، وقد لحق أكثر ولده باليمن، وتكاثروا هنالك
وصارت لهم قبائل وعشائر كثيرة. وكان معدّ بن عدنان أشرف أولاد أبيه، وأشهر ولد
إسماعيل في عصره.
20-عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام:
اتفق النسابة على هذا الأمر، ولكن اختلفوا في نظم ذلك،
فبعضهم جعل بين عدنان وإسماعيل سبعة أجداد، وبعضهم يجعلهم ثمانية، وهؤلاء لا نعرف
من أخبارهم إلا النزر اليسير، وقد قيل في نسب عدنان: هو عدنان بن أدّ بن مُقرّم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن
نابت بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
أما
آدم عليه السلام، فخلق الله له من ضلعه الأعلى حواء زوجته، وأسكنها معه الجنة، ثم
لما أصابا الخطيئة أُهبطا إلى الأرض، وتزاوجا حتى أنجبا أربعين ولداً في عشرين
بطناً، كل بطن يتزوج من الذي يليه، ويُقال: إن آدم عليه السلام عاش ألف سنة، ولم
يمت سيدنا آدم عليه السلام حتى ولد من ذريته 40 ألفاً، وكان سيدنا آدم رسول الله
إليهم، ثم قام بهذا الأمر من بعده سيدنا شيث عليه السلام.
ولما
قتل قابيل هابيل تزوج شيث عليه السلام أخت هابيل، وكان هو المبعوث إلى إخوته
وذرياتهم، وهو وصي أبيه وولي عهده، وشيث يعني هبة الله، ولما كثر الناس وتباعدت
الذريات في أنحاء الأرض نسي أحفاد آدم عهود أبيهم ومواريثه، وتغيرت ألسنة كل قبيلة
بما استمسكت به من لغات آدم التي علمه الله إياها، وآثرت كل بيئة فيمن عاشوا فيها،
فاختلفت الألسن والطباع والعادات.
ثم
بعث الله تعالى نبيّه إدريس عليه السلام وهو ابن اليارد (يعني الضابط) بن مهلائيل
(يعني الممدوح عاش 915 عام) بن قينان (يعني المستوي عاش 720 عام) بن أنوش (عاش 966
عام) بن شيث عليه السلام.
وقد
جاء إدريس عليه السلام (وهو ثالث الأنبياء) ليُجدد عهود آدم عليه السلام، ويبعث
عقيدة التوحيد والإيمان الخالص، ويُقال إنه أدرك من حياة آدم عليه السلام ثلاثمائة
وثمانين سنة، وهو أول من خطّ بالقلم، وبعد وفاته قامت عقائد باطلة وعبادات فاسدة،
وظهرت عبادة الأصنام، وكان أولها تماثيل على صورة رجال صالحين كانوا فيهم وهم: ود
وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، ماتوا فصنعوا لهم تلك التماثيل ثم عبدوها.
فأرسل
الله تعالى نبيّه نوح عليه السلام؛ فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى
عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، فلم يستجب منهم إلا القليل، وجمع نوح من آمن
معه وثلاثة من أبنائه في السفينة، وحدث الوفان العظيم الذي أغرق كل من كان على ظهر
الأرض حينها.
ونوح
عليه السلام هو ابن لامك (عاش 800 عام) بن متوشلخ (عاش 982 عام) بن أخنوخ (إدريس
عليه السلام)، وكان مولده بعد وفاة آدم بعشرة قرون، وكان أطول الأنبياء عمراً، أما
أولاد نوح الثلاثة الذين رفعهم معه إلى السفينة؛ فهم: سام أبو العرق الأبيض، وحام
أبو الزنوج، ويافت أبو العرق الأصفر.
ومن
أولاد سام بن نوح عليه السلام، جاء إبراهيم عليه السلام، وكان أوسط أولاد أبيه ولد
قبل الطوفان ب(98 عام)، وإليه ينتهي نسب العرب والفرس والروم، أما أخوه حام فإليه
ينتهي نسب السودان والبربر والقبط، وأما يافث فإليه ينتهي نسب يأجوج ومأجوج
والترك.
أما
إبراهيم عليه السلام؛ فهو أبو الأنبياء بعد آدم عليه السلام، وقد ناظر أهل بابل في
العراق، وحجّهم وبيّن ضلالهم، ثم انتقل إلى مكة بعد عبور بيت المقدس بزوجه سارة،
ولقائه مع النمروذ الذي كان ملك الهكسوس العماليق حينها، وناظره وغلبه، ثم زواجه
من هاجر أم إسماعيل عليه السلام بمصر، وإلقائها بمكة حيث لا زرع ولا ماء، بوحي من
الله عز وجل، ثم مجيء قبائل جرهم وإقامتها عندها عندما أكرم الله هاجر بنبع زمزم
الذي تفجر من تحت قدمها.
وإبراهيم
عليه السلام هو ابن تارح (آزر) بن ناحور بن ساروخ (عاش 270 عام) بن أرعواء (عاش
360 عام) بن فالخ بن هود عليه السلام (واسمه عابر، وهو أشبه أولاد أبيه بآدم عليه
السلام، وكان تاجراً من صميم قومه وأشرافهم، بعثه الله إلى قوم عاد بن عوص بن إرم
بن سام بن نوح، وهو أول من ملك في العرب، وطال عمره، وقيل عاش 1100 عام) بن شالخ
(يعني الوكيل عاش 430 عام) بن أرفخشذ (يعني المصباح المضيء) بن سام بن نوح عليه
السلام.
ثم
ولادة إسماعيل عليه السلام -وهو الذبيح الأول، وكيف فداه الله سبحانه من الذبح
بكبش عظيم، ثم بره بوالديه، وإكرام الله له بالنبوة، ومشاركة أبيه إبراهيم في بناء
البيت وتطهيره، ودعوة الناس إلى الحج إليه وقصده بالنسك.