عروس فرغانة
جرجي زيدان
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذه الرواية الرائعة، تتضمن وصف الدولة العباسية، وعاصمتها "سامراء" في عهد المعتصم بالله، وطمع الفرس في إرجاع دولتهم وأمجادهم القديمة، تحت شعار الدولة العلوية، من أجل اكتساح المملكة الإسلامية، والقضاء على العرب. وقد اختار الكاتب اسم فرغانة للدلالة على تلك المدينة الواقعة على حدود تركستان، وكانت عاصمة البلاد المسماة باسمها، وقد وصل المسلمون إليها سنة 94 هـ، وفتحوها على يد القائد قتيبة بن مسلم الخراساني، وهي من أنزه وأحمل بلاد ما وراء النهر، وحينما فتحها العرب كان يحكمها أمراء وملوك بُلقب كل منهم بلقب خاص، وهو "الاخشيد"، وأكثرهم كان من العنصر الفارسي.
والرواية وإن كانت عاطفية درامية، إلا أنها توصل الفكرة بشكل متكامل وصحيح، بحيث تعلق في الذهن أحداثه، سيما ما يقع بين ضرغام وعروسه جهان (التي أطلق عليها اسم عروس فرغانة)، ووردان وعروسه ياقوتة، ومما يمكن الخروج به من الحكمة الخالصة، ما أورده في الرواية من قوله:
(والعقائد إذا تقادم عهدها، وتولاها أهل المطامع، دبَّ إليها الفساد، وأصبحت شراً على الناس من الكفر)، وقوله: (وسلطان الحب يُعمي ويُصم، فمهما أوتي صاحبه من الحكمة والتعقل؛ فإنه يفقدها إذا وقع في شراكه، وقد يبقى حكيماً في كل شيء، وقد يُعد من كبار أهل الدهاء والسياسة، أو من كبار العلماء أو الشعراء أو الفلاسفة، ولكنه إزاء الحب يكون كالطفل يُقاد بخيط، وقد يغلب عليه الوهم في بعض الأحيان، حتى يُصدق المستحيل، ويعتقد الخرافات، إذا كان ذلك مما يُسهل عليه أمنيته، أو يطمئن لها قلباً، ومن هنا نرى أن الأب الحنون مهما يبلغ من إنكاره الخرافات، إذا مرض ابنه أو فشلت في علاجه حيل الأطباء، قادته رغبته في شفائه إلى تصديق ما يصفه الدجالون). انتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق