الذخيرة الماحية للآثام في الصلاة والسلام على خير الأنام
للأستاذ مصطفى البكري الصديقي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذا مجموع لطيف، دوَّن فيه الشيخ البكري رحمه الله جملة طيبة من الصلوات على سيد السادات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، على ترتيب الأيام، ابتدأه بحزب يوم الجمعة، وأنهاه بحزب يوم الخميس، وهو في ذلك مُقتفٍ آثار الشيخ أحمد بن زين بن أحمد الحبشي باعلوي، الذي وضع صلوات له بنفس الطريقة، وكان تأليفه هذا بإيعاز من أحد شيوخ البصرة وهو محمد بن جمعة النعماني، سنة (1139 هـ)، والذي طلب منه التأليف على ذات المنوال.
وتميزت صلوات البكري بتضمنها أولاً: آيات من كتاب الله تعالى، ثم جملة من الأحاديث النبوية الشريفة في فضائل الأيام وخصائصها وما يتعلق برتبتها، ثم في بيان السُّنن وآداب اللباس والزينة، والنهي عن ذميم الأخلاق والآداب والعادات، والتحلي بمحاسنها، وكذلك بيان فضائل النبيّ صلى الله عليه وسلم وخصاله وأخلاقه وخصائصه الشريفة.
ويدمج البكري في صلواته فضائل الصحابة عموماً وخصوصاً مقرونة بالترحم والترضي، وجملة آل البيت الأطهار، والأولياء الأخيار، بل ويذكر عيسى عليه السلام، وأهل الكهف، والخضر عليهم السلام، ويُعد الشيخ البكري أحد الملازمين للشيخ عبد الغني النابلسي وكان قرأ عليه التدبيرات الإلهية والفصوص وغيرها وطرفاً من الفقه. وأخذ الطريقة الخلوتية عن الشيخ عبد اللطيف الخلوتي.
وبالجملة فالكتاب تربوي إيماني علمي وعملي، جدير بأن يُعتنى به شرحاً وتعليقاً وحفظاً، وصدق القائل فيه:
إن رمت تفريج الكروب الداجية ... فعليك ذي الصلوات فهي الماحية
لله مظهرها ومُظهرها وما ... أحلى وأجلى ذي الدراري السامية
شرقت لنا كالشمس رابية الضحى... وبدت لنا تزري البدور العاليه
لا غرو إن فخرت على التأليف فهي ... لمن به صور البلاغة حاليه
قطب الزمان وأطلس العرفان إذ ... بسنائه ضاءت عصور خاليه
اختاره مولى المآثر مصطفى ... وحبا محياه قصوراً عاليه
وجاء في آخره:
أخا النوم نبه في الدجى عيك الوسنى ... وقم وادعُ للمولى بأسمائه الحُسنى
وناديه يا مسكين واقصد ضارعاً... تجده كريماً يستجيب الدعا منّا
ووحد ومجد ذاته وارج فضله ... وقل يا إله العالمين ارحم المضنا
إلهي أنا العبد الذليل أعزني ... وهب لي وإخواني رضاك وسامحنا
إلهي ذنوبي أثقلتني بحملها ... فرقّ لها جسمي وزدت بها حُزنا
مددتُ يدي بالذل أرجوك غفرها ... أقلبها ظهراً وأرفعها بطناً
إلهي استجب مني دائي بذلتي ... فأنت الذي بالجود والعفو ما ضنَّا
إلهي بأوصاف المحبين حلِّني ... وأصلح لعبد رام منك الهُدى شأنا
إلهي بأنوار المعارف خُصني ... لتشرق روحي عند موردها الأهنا
إلهي أزل داءات قلبي وداوني ... لكي اشتفي منها فقلي قد أنَّا
إلهي على من دلَّ خلقك دُلني ... ووصل إلهي لي بكل فتى مُدني
تعطَّف على العبد الكئيب بلمحةٍ ...ليشرب من صافي شراب الوفا دنا
إلهي أزل عني حجاب كثافةٍ ...لأشهد ما بي من لطائفك الحُسنى
إلهي اكسني جلباب فتحٍ وهيبة...وحفظ من الأعداء اجعلها حصنا
إلهي بنور العلم نور بصيرتي ... لأعرف أسرار الكتاب مع المعنى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق