مسالة الذبائح على القبور وغيرها
للإمام الصنعاني
تحقيق عقيل بن محمد بن زيد المقطري
راجعها فضيلة العلامة مقبل بن هادي الوادعي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب هو عبارة عن فتوى جاءت في غرة جمادى سنة ١١٧٥ هـ للأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، ونصُّ السؤال هو ما رأي مولانا في قوله سبحانه: {وما اهل لغير الله به}؟، وفيه السؤال عما يذبح لغير الله عز وجل لعظيم أو كبير أو رئيس، أو لاعتقاد تأثير ذلك في الصُّلح والرضا بين الناس. وقد بيّن رحمه الله أن هذه الأمور مُحرَّمة، كالذي يذبح علي العمران وتلطخ به الجدران. كذلك الذبح للرضا في السوق.
أما لو ذبح لقبرٍ، واعتقد فيه أنه يضر وينفع ويعطي ويمنع ويشفي المرضى؛ فان هذا شرك أكبر مخرج من الملة. انظر ص ٤٥. وهذا هو بعينه ما كان عليه عباد الأوثان وأتباع الشيطان، فانهم كانوا ينحرون لها ويهتفون باسمها، ويخافونها ويرجونها. كما يفعله الآن عباد القبور والقباب والمشاهد التي يجب هدمها.
وقد جاء جواب الإمام الصنعاني من وجهين:
الأول: أن ذبح الأنعام قربة وعبادة.
الثاني: أن العبادة لا يجوز أن تصرف إلا لله وحده.
وقد قال الإمام النووي رحمه الله: وأما الذبح لغير الله؛ فالمراد أن يذبح باسم غير الله تعالى، كمن يذبح للصنم أو للصليب أو لموسى أو لعيسى عليهما الصلاة والسلام، أو للكعبة ونحو ذلك؛ فكلُّ هذا حرام، ولا تحلُّ هذه الذبيحة، سواءٌ كان الذابح مسلماً أو نصرانياً، أو يهودياً، ومن ثمَّ المسلمُ بفعله هذا يخرجُ من الملَّةٍ. انتهى.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" (2/ 64): "قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] إن الظاهر أن ما ذبح لغير الله … سواء لفظ به أو لم يلفظ. وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه وقال فيه: باسم المسيح ونحوه، كما أن ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله سبحانه كان أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم، وقلنا عليه: باسم الله، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة له والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور… فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله، وعلى هذا: فلو ذبح لغير الله متقربا به إليه لحرم، وإن قال فيه: بسم الله، كما يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين يتقربون إلى الكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان، ومن هذا الباب: ما قد يفعله الجاهلون بمكة -شرفها الله -من الذبح للجان.
ومما يأسى له أكثر المسلمين ما وصلت إليه حال بعض القبوريين من طوافهم حول القبور ودعاء أصحابها والنذر لهم والتقرُّب إليهم والاستغاثة بهم من الأمور المخرجة عن الملة، وهذا على مسمع من أهل العلم وعلى مسمع من ولاة الأمر ولكن ليس هنالك مبالاه بعقيدة المسلمين فهم هؤلاء الوحيد هو بقاء والكرسي والجاه.
بل إن بعض الدول التي قد تشارك في تنظيم حركة السير الى القبر الذي يزار ويطاف حوله وترسل الأطباء وسيارات الإسعاف وغير ذلك كما يفعل عند قبر البدوي بمصر وهذا مما يساعد على انتشار الشرك نسأل الله السلامة.
فبدلاً من أن تغير هذا المنكر وتمنعه؛ فإنها تساعد على انتشاره وساعد على ذلك أيضاً: الفتاوي الزائغة التي تصدر من بعض علماء السوء؛ فصار العوام يطوفون حولها وينذرون لها ويجرون لها حفلاً سنويا يقع في هذا الحفل منكرات كثيرة، فالله المستعان.
وقال النووي -رحمه الله -في المجموع ٨/ ٣٨٤: "لا يجوز أن يقول الذابح : باسم محمد، ولا باسم الله واسم محمد، بل من حق الله تعالى أن يجعل الذبح باسمه واليمين باسمه، والسجود له لا يشاركه في ذلك مخلوق. وذكر الغزالي في الوسيط أنه لا يجوز أن يقول: باسم الله ومحمد رسول الله ، لأنه تشريك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق