ديوان ابن دُريد
محمد بن الحسن بن دُريد الأزدي (ت ٣٢١ هـ)
تحقيق ودراسة عمر بن سالم
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا ديوان شعري جميل لشيخ الأدب ولسان العرب محمد بن الحسن ابن دريد، والذي يُعدُّ من أشعر العلماء وأعلم الشعراء في عصره، والناظر إلى شعره يراه حافلاً ذا أغراضٍ شتَّى، ما بين الفخر والمدح والرثاء والتتيُّم والهجاء والتعريض والردود والمراسلات والعصبيَّة والحماس والتحريض والشعر التعليمي، مطوَّقاً بحكايات القُرب والبُعد، يتيه فيه القارئ بين عالمي الهيام والوله وعوالم الجوى والدهشة، وينتشي فيه المحبون بين معاني الغزل وآثار الصبابة، ولم تخل موارده من ماءٍ عذبٍ يرتشف منها القارئ المقاصد الحسنة والأخلاق الكريمة والمعاني الشريفة.
ومن روائع شعره:
رُبَّ صباحٍ لامرئ لم يُمسه … حتفٌ الفتى موكَّلٌ بنفسه
حتى يحلَّ في ضريحِ رِمسه
إني أرى كُلَّ جديدٍ بالِ … وكلَّ شيءٍ فإلى زالِ
فاستشفٍ من جهلكَ بالسُّؤال
وقال:
كم من عاقلٍ أخَّره عقله … وجاهلٌ ضدَّره جهله
وقال:
ما في الأرض أشقى من محب … وَإن وُجد الهَوى حلو المَذاق
تَراهُ باكِياً أَبَداً حَزينا … مَخافَةَ فرقة أَو لاِشتِياق
فَيَبكي إِن نَأوا شَوقاً إِلَيهِم … وَيَبكي إِن دَنوا خَوف الفراق
ومن شعره:
تعيش صبابتي ويموتُ صبري … ونفسي لا تعيشُ ولا تموتُ
تكلَّم ماءُ عيني عن فؤادي … وقلب من سجيَّته السُّكوتُ
ومنه:
زعموا أن من يُحبُّ ذليلُ … فكذا كلُّ من يُحَبُّ عزيزُ
وقال في مدح أحد الوزراء:
الله يعلم والراضي وشيعته … أن الوزارة لفظٌ أنت معناهُ
يُنظر رثاؤه لإمام المفسرين محمد بن جرير الطبري (٤٤/ ص ٧٣)، وفيها يقول:
أودى أبو جدعفرٍ والعلمَ فاصطحبا … أعظمْ بذا صاحباً إذ ذاك مصحوبا
إن المنيَّة لم تُتلف به رجلاً … بل أتلفت عَلماً للدّين منصوبا
ورثاؤه الإمام الشافعي (٤٧/ ص ٧٦)، وفيها:
ألم ترَ آثار ابن إدريس بعده … دلائلها في المُشكلات لوامعُ
معالم يفنى الدَّهر وهي خوالدُ … وتنخفضُ الأعلام وهي فوارعُ
ومن شعره:
أصبحوا بعدَ جميعٍ فِرقاً … وكذا كُلُّ جميعٍ مُفترقُ
ومن شعره:
أهلا وسهلا بالّذين نحبّهم … ونودّهم في الله ذي الآلاء.
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى …غرّ الوجوه وزين كلّ ملاء.
يسعون في طلب الحديث بعفّة … وتوقّر وسكينة وحياء. لهم المهابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق