الراجح من أحكام الحج
المؤلف غير معروف
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهبد/ إن الحج فريضة عادلة، وشعيرة ظاهرة، يؤديها المسلم في العمر مرَّة، بأركانه وواجباته وسننه، وهذا الكتاب قبسٌ من كتاب أطول للمؤلف (رحلة الحج من الدار إلى الدار)، رصد فيه الباحث المسائل المختلف فيها في باب الحج، فبيَّن مذاهب العلماء فيها، مقرونةً بأدلتهم، ومشفوعةً ببأقوال السلف، مع الترجيح بينها وفق قواعد أهل العلم المستعملة، وقد بلغت هذه المسائل "أربعةً وأربعين مسألة" نذكرها باختصار، مع بيان ما الراجح عند الباحث:
الرقم | المسألة | الراجح |
1 | حكم تكرار العمرة ؟ | اختلف العلماء في ذلك بين الكراهة والاستحباب. على قولين: القول الأول: أنه يُكره تكرار العمرة في سنة واحدٍ مرتين، وهو قول مالك، والحسن وابن سيرين والنخعي. القول الثاني وهو الراجح أنه يُستحب تكرار العمرة في السنة الواحدة، وهو مذهب جماهير العلماء، منهم: علي، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وأنس، والقاسم بن محمد، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وأبو حنيفة، وأكثر المالكية، والشافعي، وأحمد؛ ولأن تكرار العمرة عمل برٍّ، فلا يُكره إلا بدليل، ولم يقم دليلٌ يكره ذلك؛ فبقي أصل الاستحباب، امتثالاً لقوله تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} (الحج: ٧٧). |
2 | إذا أحرم المسلم في أشهر الحج بالعمرة، متمتعاً إلى الحج، وفور انتهائه من عمرته عاد إلى بلده، ثم عاد ليشهد الحج في السنة نفسها، فهل يبقى متمتعاً أم ينقطع تمتعه ويُصبح مُفرداً ؟ | خلافٌ بين العلماء على قولين: القول الأول وهو الراجح: هو مذهب الجمهور أنه ينقطع تمتعه، وهو قول الشيخين أبي بكر وعمر، ومذهب الأئمة الأربعة أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، لأنه لم يجمع بينهما في سفرٍ واحد، ولأنه بعوده إلى أُفقه يكون قد أنشأ سفراً جديداً، ولا دم عليه، لأن الدم إنما يجب عليه لأجل ترك الميقات، وهذا لم يتركه. القول الثاني: أنه يبقى متمتعاً وهو قول ابن عباس والحسن وابن المنذر وابن حزم الظاهري. |
3 | لو أن الإنسان أهلَّ قارناً؛ فطاف القدوم، وسعى وبقي محرماً، ثم بدا له أن يعود إلى ميقاته الذي أحرم من عنده أو عاد إلى دويرية أهله؛ فما الحكم؟ | ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن القارن لا يبطل قرانه بالعودة إلى بلده أو إلى ميقاته ولا يسقط عنه الدم؛ لأن اسم القران لا يزول بالعود خلاف التمتع. |
4 | حكم من عاد إلى دويرة أهله قبل أن يأتي بطواف الإفاضة؟ | والجواب: أنه من عاد إلى دويرة أهله قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فإنه يلزمه العود إلى المسجد الحرام ليطوف حول البيت، ولو بعد سنين، ذلك لأن الإفاضة من أركان الحج، ولا يلزمه إنشاء إحرامٍ جديد، لأنه ما زال مُحرماً، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد، والشافعي ومالك. |
5 | حكم الوقوف بالمزدلفة هل هو ركنٌ أم واجب؟ | خلافٌ بين العلماء: والراجح أن المبيت بالمزدلفة واجبٌ، ومن تركه بغير عُذرٍ صحَّ مع الإثم، وهو قول أكثر أهل العلم، وبه قال الحنفية، والمالكية والشافعية في الأصخ، والحنابلة. لأثر ابن عمر أن من أدرك عرفة، ولو لم يأتٍ جمعاً فقد أدرك الحج، ولأن زمان المبيت بمزدلفة هو زمان الوقوف بعرفة، فلو كان المبيت بها ركناً؛ لاختصت بزمانٍ مُستثنى، لا يُشارك زمان الوقوف. |
6 | ما هي المدة التي يجب على الناسك مكثها في المزدلفة ؟ | خلافٌ بين الفقهاء. فقيل: الوقوف المجزئ ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وأن من تعجل منها بليل إلى منى بغير عذرٍ عليه الدم، وهو قول الحنفية. وذهب المالكية أن أقل الإقامة قدر حط الرحل قياساً على الصلاة وإن شاء بعد ذلك دفع؛ فإن مرَّ بها ولم ينزل؛ فعليه الدم. وذهب الحنابلة والشافعية أن المبيت المجزئ يحصل بلحظة، ولو بالمرور، شرط أن يكون الدفع بعد نصف الليل، وهو الراجح. |
7 | ترك المبيت بالمزدلفة للعذر؟ | اتفق العلماء على أن من ترك المبيت بمزدلفة لعذر صحَّ حجة، ولا شيء عليه. |
8 | وقت رمي جمرة العقبة ؟ | أجمع العلماء على أن وقت الاختيار في رمي جمرة العقبة يوم النحر من طلوع الشمس إلى زوالها، وأن وقت الضحى هو الوقت الأفضل لرميها، وأن وقتها المجزئ يمتد إلى غروب الشمس يوم النحر. |
9 | حكم من رمى جمرة العقبة قبل طلوع الشمس؟ | ذهب بعض العلماء إلى عدم جواز ذلك مطلقاً. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية، وإسحاق: بجواز رميها بعد طلوع الفجر، وإن رماها قبل الفجر أعاد. وذهب الشافعي، وأحمد في رواية، إلى جواز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس مطلقاً، وهو الذي رجحه الباحث؛ لعموم المشقة والازدحام أيام الحج. وذهب بعض العلماء إلى أن أول وقت الرمي للضعفة من طلوع الفجر، ولغيرهم "الأقوياء" من بعد طلوع الشمس. |
10 | تأخير رمي جمرة العقبة بعد غروب شمس يوم النحر؟ | ذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية إلى أنه يؤخر الرمي إلى زوال الشمس من أول أيام التشريق.؛ فيرمي العقبة وجمار اليوم الأول وذهب الشافعية والمالكية والحنفية إلى جواز رميها ليلاً بعد غروب شمس يوم النحر، وهو الراجح عند الباحث، ورأي علماء الدعوة بالمملكة. |
11 | رمي جمرة العقبة في أيام التشريق؟ | ذهب مالك وغيره من العلماء إلى أن رمي جمرة العقبة ينتهي وقته بغروب شمس يوم النحر، فمن رمى بعد الغروب فعليه دم. وذهب أبو حنيفة إلى أن وقت رمي جمرة العقبة ينتهي بطلوع فجر أول أيام التشريق، فإن أخَّر الرمي إلى ما بعد هذا الوقت؛ كان الرميُ قضاءً بعده، ويمتد القضاء إلى آخر أيام التشريق، وعليه دم للتأخير. وذهب الشافعية والحنابلة ومالك في قول، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية إلى أن من فاته الرمي يوم النحر رمى في أي يومٍ من أيام التشريق، ويكون الرميُ أداءً، ولا شيء عليه، وهو الراجح عند الباحث. |
12 | ترتيب أعمال أيام الحج يوم النحر. | اتفق العلماء على أن الترتيب الأكمل هو: جمرة العقبة، ثم نحر الهدي أو الذبح، ثم الحلق أو التقصير، ثم طواف الإفاضة. |
13 | هل نقضُ الترتيب في المناسك يضرُّ بالحج؟ | اتفق العلماء على أن التقديم والتأخير في المناسك التي تؤدى في أيام النحر لا تُخرج الحجَّ عن الإجزاء للأدلة والآثار. |
14 | هل يلزم من ينقض الترتيب في المناسك شيء؟ | اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أفاد وجود الترتيب في المناسك؛ فإن قدّم الناسك شيئاً ناسياً أو جاهلاً؛ فعليه دم، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية. لكنه قولٌ مدفوع بأثر ابن عباس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر من نقض ترتيبه بشيء. القول الثاني: التفريق بين من نقض ترتيبه ناسياً أو جاهلاً وبين من يفعله عامداً، فالأول لا دم عليه، والثاني يلزمه الدم، وبه قال أحمد في رواية. ولكنه مدفوع بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُفرق بين العامد والجاهل والناسي. القول الثالث: أنه لا يجب الترتيب بين أعمال أيام النحر، فمن قدم شيئاً أو أخره فلا شيء عليه، وهو قول الشافعية، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية، وهو الراجح إن شاء الله. |
15 | حكم المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة؟ | اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: الأول: أن المبيت بمنى سُنة وليس بواجب، وهو مذهب الحنفية والشافعية في وجه، وأحمد في رواية. الثاني: أن المبيت بمنى واجب، وبه قال مالكٌ والشافعية في الأصح، وأحمد في رواية أخرى هي المذهب، وهو القول الذي رجحه الباحث لقوة دليله. |
16 | الأعذار المبيحة لترك المبيت بمنى أيام التشريق؟ | اتفق العلماء على جواز التخلُّف عن المبيت بمنى، لأجل السقاية كما في حديث العباس، ورعاء الإبل كما في حديث أبي البدَّاح عاصم بن عدي عن أبيه. وأهل السقاية: هم الذين يعدون السَّويق والماء للحجيج بمكة. |
17 | حكم قصر الحكم على تلك الأعذار في إباحة ترك المبيت بمنى أو تعميمه على غيرها في رتبتها أو أشد؟ | اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: الأول: أن رخصة ترك البيتوتة بمنى خاص بالعباس، وقيل: يدخل معه بنو هاشم، وقيل: يدخل معهم كل من احتاج إلى السقاية، وهو وجهٌ مرجوح عند الشافعية. الثاني: أن رخصة ترك المبيت بمنى خاصٌّ بالرعاء، وبمن ولي السقاية من آل العباس، وبه قال المالكية والشافعية في وجه، إلا أن المالكية قالوا: من ترك المبيت بمنى لضرورةٍ فعليه دمٌ، ولا إثم عليه. وهو ضعيفٌ أيضاً. القول الثالث: أنه يجوز ترك البيات بمنة لكل من له عُذرٌ يُشابه الأعذار التي رخَّص النبيّ صلى الله عليه وسلم لأهلها، فيدخل في ذلك المريض الذي يشق عليه أو يتأخر برؤه، وهو قول الشافعية في الأصح، والحنابلة. وهو الراجح إن شاء الله؛ لوجاهته، وقوة دليله، وموافقته لقواعد الشرع. |
18 | ماذا يجب على من ترك المبيت بمنى؟ | اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا شيء على من ترك المبيت بمنى ليلتي التشريق إن كان يأتي في النهار لرمي الجمار، لأن المبيت عندهم سنة وليس واجباً، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في رواية، والشافعية في وجه. القول الثاني: أن من ترك المبيت بمنى من غير عذرٍ جل ليلةٍ فأكثر وجب عليه دمٌ، وإذا ترك الثلاث ليالي، فعليه دمٌ واحدٌ لا يتعدد، وإن كان ذا عُذرٍ فيُنظر: فإن كان رِعاءً أو سقايةً فيسقط المبيت ولا دم، وإن كان العذر من غيرهما؛ فعليه دمٌ، ولا إثم، وبه قال المالكية. القول الثالث: أنه لا دم إلا على من ترك المبيت ليالي منى كلها، وكان مجرداً من العذر، ومن ترك مبيت ليلةٍ واحدةٍ فعليه مُدٌّ من طعام، ومن ترك ليلتين، فعليه مُدّان من طعام في الأصح عند الشافعية وأحمد في رواية. وهو الراجح والله أعلم. |
19 | ما هو أول وقت الرمي أيام التشريق؟. | أجمع العلماء على أن أول وقت الرمي في أيام التشريق بعد زوال الشمس، فمن رماها بعد الزوال فقد أصاب السُّنة. واختلفوا في حكم الرمي قبل الزوال على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الرمي أيام التشريق ما كان بعد الزوال، فإن رمى قبله جاز، وبه قال أبو حنيفة، وجمعٌ من الشيوخ المعاصرين. القول الثاني: أن رمي الجمار في يومي التشريق لا يجزئ إلا بعد الزوال، ويجزئ في اليوم الثالث قبل الزوال، وبه قال أبو حنيفة في المشهور عنه، وأحمد في رواية وإسحاق. القول الثالث: أن أول وقت الرمي أيام التشريق بعد الزوال، ولا يجوز الرمي قبل الزوال، ومن رمى قبل الزوال لزمه الإعادة، ما لم تنقضِ أيام التشريق، وإلا فعليه دمٌ لجبر النقص، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية. وهو القول الراجح المرتضى عند الباحث، وأ، الرمي قبل الزوال لا يجزئ وإن كان قال به بعض التابعين وأبو حنيفة. |
20 | ما هو آخر وقت الرمي أيام التشريق الثلاثة؟ | لا خلاف بين العلماء في أن وقت الرمي في أيام التشريق من الزوال إلى الغروب، واختلفوا فيما بعد الغروب على ثلاثة أقوال: القول الأول: أفاد أن آخر وقت رمى كل يوم ينتهي بغروب شمس ذلك اليوم، وما بعده يُعدُّ قضاءً، وهو مذهب المالكية. القول الثاني: أن وقت انتهاء الرمي بطلوع فجر اليوم التالي، وبه قال أبو حنيفة، وغيره من التابعين. القول الثالث: أن الرمي يمتد إلى آخر أيام التشريق أداءً لا قضاءً، لأن أيام النحر وحدةٌ زمانية كاليوم الواحد، فمن فاته الرمي قبل غروب شمس اليوم الأول رماه في اليوم الذي بعده بعد الزوال، وإن أخرها كلها إلى آخر يومٍ رماها بعد الزوال بالترتيب، ولا شيء عليه، وهو قول الشافعية والحنابلة، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية. وهو الراجح عند الباحث. لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقَّت أول وقت الرمي ولم يؤقت آخره. |
21 | حكم تأخير رمي الجمرات يوم الحادي عشر إلى منتصف الليل، وتقديم رمي جمرات يوم الثاني عشر بعد منتصف الليل؟ | خلافٌ بين العلماء: ذهب جمهور العلماء إلى أن رمي الجمار يجوز ليلاً عن اليوم السابق الذي غربت شمسه، واتفق العلماء على أنه لا يجوز رمي جمار اليوم التالي في ليلته مطلقاً، فلا يجوز ما يفعله بعض الحجيج من تأخير رمي الجمار في يوم الحادي عشر إلى قبيل منتصف الليل، وتقديم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر إلى ما بعد منتصف الليل. |
22 | حكم رمي الجمرات بأقل من سبع حصيات؟ | خلافٌ بين العلماء، وفيه قولان: القول الأول: يجوز رمي أقل من السَّبع؛ كخمس أو ست حصيات، وهو قول الحنابلة في راية وإسحاق. القول الثاني: وجوب رمي الجمرة بسبع حصيات وهو مذهب الحنفية، والمالكية والشافعية وأحمد في رواية. وهو الراجح. |
23 | ما هو عدد الحصى الذي يوجب تركه الدم؟ | اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال: مذهب الحنفية: أن من رمى جمرة، وثلاث حصيات، وترك الباقي أن عليه دم؛ لأن هرمى عشر حصيات، وترك إحدى عشر حصاة، فإن ترك أقل من نصف رمي يوم، كأن ترك جمرة واحدة؛ فلا دم عليه، ولكن عليه الصدقة عندهم، فيلزمه لكل حصاة نصف صاع من بُر، أو من تمرٍ، أو من شعير، إلا أن يبلغ قدر الطعام دماً فيُنقص ما شاء، ولا يبلغ دماً. ومذهب المالكية أن من ترك رمي حصاة واحدة لزمه دم، وما فوق الحصاة أخرى بذلك. وذهب الشافعي أن من ترك رمي ثلاث حصيات من جمرة فما فوق إن لم يتداركها في أيام التشريق لزمه دم، وإن ترك حصاة واحدة فثلاثة أقوال عندهم، وهي: أن عليه ثلث دم، وقيل: مُد، وقيل: درهم. وفي قولٍ ثانٍ للشافعية اعتبار كل الجمرات الثلاث كالشعرات الثلاث في وجوب الدم، وما دون ذلك كالتفصيل الذي سبق. وذهب الحنابلة أن نقص الرمي حصاة أو حصاتين لا بأس به، ولا ينقص أكثر من ذلك، ومن ترك الجمرة الواحدة فعليه دمٌ؛ لأن الجمرة نسك كامل، وفي رواية: عليه صدقة، وفي رواية موافقة الشافعية في القول الثاني. |
24 | حكم ترتيب الجمرات أيام التشريق هل هو شرط واجب أم هو شرط كمال؟ | اختلف فيه العلماء على قولين: القول الأول: أن ترتيب رمي الجمرات أيام التشريق ليس بواجب، وهو قول أبي حنيفة وبعض التابعين. القول الثاني: وجوب الترتيب بين الجمرات، فترمى الجمرة الأولى "الصغرى"، ثم الوسطى، ثم الكبرى "جمرة العقبة"، وهو قول المالكية والشافعية، والحنابلة وداود الظاهري. وهو الراجح؛ لأن الرمي عبادةٌ، والعبادة توقيفٌ على الشارع، لا يجوز الإحداث في حقيقتها، ولا في زمانها ومكانها. |
25 | الإنابة في الرمي للضعيف، والمريض، والصغير؟ | والجواب أن ذلك جائزٌ؛ للآثار الواردة عن الصحابة، وللقياس؛ فإذا جاز الاستنابة في أصل الحج، فلأن تجوز الاستنابة في أبعاضه أولى. ولما كان الرمي مُضيّقاً ولم يُشرع قضاؤه، جاز التوكيل فيه، خلاف غيره من المناسك؛ كالطواف، والسعي، فإنهما لا يفوتان فلا تُشرع النيابة فيهما. |
26 | هل تجوز النيابة عن المرأة القوية القادرة؟ | اختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: جواز النيابة عن المرأة القوية في الرمي، إذا كانت تخشى الزحام، وعليه ثُلة من العلماء المعاصرين، وبه أفتت اللجنة الدائمة، وهو قول ابن نُجيم من الحنفية. القول الثاني: أنه لا يجوز الإنابة عن المرأة القوية في الرمي إلا للضرورة، وعليها أن تتحرى الأوقات التي يخفُّ فيها الزحام، وبه أفتى ابن باز وابن عثيمين. وهو الذي رجحه الباحث، لوجاهته وقوة دليله. |
27 | حكم توكيل الحاج من ينوب عنه من الحلال في رمي الجمرات؟ | اختلف العلماء في ذلك: القول الأول: ذهب الشافعية إلى جواز توكيل المحرم العاجز حلالاً في رمي الجمرات. القول الثاني: ذهب الحنابلة إلى عدم جواز استنابة الحلال في رمي الجمرات. وهو مقتضى مذهب المالكية بأن يكون المستناب محرماً، قد رمى عن نفسه. وهو الأحوط. |
28 | حكم رمي الجمرات خارج مجتمع الحصى "المكان المخصص"؟ | اختلفوا على قولين: القول الأول: ذهب الحنفية إلى أنه لا يُشترط إصابة مجتمع الحصى، فلو رماها ووقعت قريباً منه أجزأه. وقدروا القرب بذراع. القول الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم إجزاء الرمي؛ لأن المطلوب رميها في مجتمع حصى الجمرة. والراجح أن مجتمع الحصى لا يُمكن تقدير مساحته، لأنه لم يرد بذلك نصٌّ، وإنما الوارد تحديد المكان الذي يُرمى فيه، والأمر فيه سعة. |
29 | حكم تأخير رمي الجمار إلى آخر يوم من أيام التشريق؟ | اتفق العلماء على أنه إذا مضت أيام التشريق، وذلك بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، فقد فات الرمي، ويُجبر ذلك بدم. |
30 | حكم تأخير الرمي إلى ثالث أيام التشريق، هل يعتبرها كيوم واحد، فالرمي جميعاً أداء، لأنها وقتٌ للرمي كيوم واحد، أو كل يومٍ منها مستقل، فإن فات هو وليلته بعدها فات وقت رميه؛ فيكون قضاءً في اليوم الذي بعده؟ | اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: ذهب الشافعية في المشهور والحنابلة وأبو يوسف ومحمد إلى جواز تأخير رمي كل يومٍ إلى اليوم الثاني، وكذا تأخير الرمي كله إلى آخر أيام التشريق، ولا شيء عليه، ولكنه تاركٌ للأفضل. المذهب الثاني: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في مقابل المشهور إلى أنه يجب رمي كل يومٍٍ في يومه، ومن ترك الرمي كله في سائر الأيام إلى آخر أيام الرمي، وهو اليوم الرابع، فإنه يرميها على الترتيب، ويكون الرمي قضاءً، وعليه دم، إلا أن المالكية ضيَّقوا فيه؛ فإجازوه إلى طلوع فجر اليوم التالي مع كونه مُسيئاً عندهم لتركه السُّنة. المذهب الثالث: وهو رأي بعض المعاصرين أنه لا يجوز تأخير الرمي إلا لعذرٍ وحاجة كالمريض والعاجز، ومن أخره لغير عذر فلا دم عليه. |
31 | هل يجب على من ترك رمي الجمار دمٌ عن كل يوم أو دمٌ واحدٌ عن كل الرمي؟ | فيه مذهبان: الأول: ذهب جمهور الحنفية والمالكية والشافعية في المشهور والحنابلة إلى أنه يلزمه دمٌ واحدٌ، سواءً أترك رمي يومٍ أو يومين أو ثلاثة؛ لأن جنس الجناية واحدٌ. الثاني: ذهب الشافعية في مقابل المشهور أنه يلزمه ثلاثة دماء بناءً على أن كل يوم مؤقتٌ بيومه. |
32 | هل يجب رمي الجمار على الترتيب إن أخرها إلى آخر أيام التشريق؟ | ذهب جمهور الحنفية والمالكية والشافعية في المشهور والحنابلة إلى أن آخر الرمي إلى آخر أيام التشريق، فإنه يرميه مُرتباً: يرمي عن اليوم الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، سواءً اعتبرنا الرمي أداءً أو قضاءً. وذهب الشافعية في الوجه القائل بأن رمي كل يومٍ مؤقت بيومه، ومن آخرها إلى اليوم الذي بعده كان رميه قضاءً: إلى عدم اشتراط الترتيب في رمي الجمار إذا أخر الرمي إلى آخر أيام التشريق؛ لأنه قضاء لا يجب فيه الترتيب كالصلاة الفائتة. |
33 | حكم التشريك بين طواف الإفاضة وطواف الوداع؛ فهل يُجزؤ طوافٌ واحدٌ عنهما؟ | اختلف العلماء في ذلك على مذهبين: الأول: ذهب المالكية، والحنابلة في رواية إلى أن الحاج لو نوى الإفاضة والوداع في طواف واحد أجزأه، وحصل له ثواب ما نواه؛ قياساً على تحية المسجد التي تؤدى بالفرض إن نواهما. المذهب الثاني: ذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة في رواية المذهب إلى عدم الإجزاء عنهما؛ لأن كلاً منهما مقصودٌ في نفسه، ومقصودهما مختلف؛ لأن كلاً منهما واجب الأداء. وهو الراجح عند الباحث. |
34 | حكم السعي بعد طواف الوداع هل يُلغيه أم يُبقيه ؟ | اختلف فيه العلماء على قولين: القول الأول: وهو قول المالكية وابن تيمية أن السعي لا يقطع طواف الوداع، ولا يلزم الحاج طوافٌ آخر بعد سعيه. القول الثاني: وهو ظاهر قول الحنفية والحنابلة والشافعية: أن السعي يقطع طواف الوداع، ويلزم الحاج إعادته. وهو ما رجحه الباحث؛ لقوة دليله. |
35 | حكم سقوط طواف الوداع عن غير الحائض؟ | اتفق الفقهاء على أن طواف الوداع يسقط عن الحائض وفي معناها النفساء. واختلفوا في سقوطه عن غير الحائض، على قولين: القول الأول: يسقط في عُذرٍ غير الحيض والنفاس كذوي الجرح الذي لا يأمن تلويث المسجد منه، وفاقد الطهورين، والمستحاضة في زمن نوبة حيضها، والخائف على نفس] أو بُضعٍ أو مال، وهو قول الشافعية. القول الثاني: أنه لا يجوز لغير الحائض والنفساء ترك طواف الوداع، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة. وهو ما رجحه الباحث لقوة دليله. |
36 | من بقي بعد طواف الوداع بمكة لعملٍ عاديٍّ لا ضرورة فيه؛ كتجارة أو إقامةٍ أو قضاء دين، أو زيارة صديق، أو عيادة مريض، هل يلزمه إعادته؟ | قولان: الأول: أنه يجب إعادته، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور، وبعض الحنفية. الثاني: أنه لا يلزمه إعادته، وإن أقام شهراً أو أكثر =وهو لا ينوي الإقامة ولم يتخذها داراً، وهو قول أبو حنيفة. |
37 | حكم من بقي بعد طواف الوداع ليتجهز لخروجه؛ كشراء الزاد للطريق، وشد الرحل وغيرها من أشغال السفر، أو انتظار رُفقةٍ، أو إغماءٍ، أو إكراهٍ وإن طال زمنه، أو تلبية غوثٍ؟ | اختلف فيه الفقهاء على قولين: الأول: أفاد إجزاء الطواف، ولا يلزمه الإعادة، وهو قول المالكية والشافعية في المذهب، والحنابلة. الثاني: أفاد عدم إجزاء الطواف، وأنه يلزمه إعادته، وهو وجهٌ عند الشافعية، ورواية عند أحمد. لأنه الأحوط للعبادة، وعملاً بظاهر الحديث. والراجح الأول، والله أعلم. |
38 | حكم الاعتمار بعد الحج؟ | اختلف العلماء في مشروعية الاعتمار بعد الحج على قولين؟ الأول: أن ذلك بدعةٌ مكروهة، وبه قال ابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، ومن المعاصرين: ابن عثيمين، والألباني، وغيرهم، وهو مرويٌّ عن طاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير. الثاني: أن ذلك جائزٌ، وهو مرويٌّ عن عمر، وعلي، وعائشة، وأم الدرداء، وجابر، وطاوس، وسعيد بن جبير، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة. وهو الراجح والله أعلم. |
39 | حكم مداعبة الزوجة قبل التحلل الأصغر؟ | اتفق العلماء على تحريم مباشرة النساء فيما دون الجماع للمُحرم مُطلقاً، سواءٌ صاحب المباشرة إنزالٌ أم لا. (أ) فإذا باشر دون الفرج من غير إنزال: لم يفسد حجه، وعليه الفدية "شاة". (ب) وإذا باشر فيما دون الفرج فأنزل: لزمه الدم كفارة، واختلفوا في نوع الدم الواجب: * فذهب الحنفية والشافعية إلى أن الواجب عليه: شاة. * وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الواجب عليه بدنة؛ لأنه كالجماع في الفرج، بجامع وجوب الغُسل، فأوجب بدنة. واختلفوا في حكم حجه (يعني من باشر دون الفرج وأنزل): * فذهب المالكية والحنابلة في رواية مرجوحة أن حجَّه يفسُد. * وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في الصحيح: أن حجه لا يفسد. وهو الراجح |
40 | حكم الجماع أثناء الإحرام بالحج؟ | أجمع الفقهاء على أن الوطء في الفرج للمُحرم حرامٌ، ومُفسدٌ لنُسكه، وأن عليه المضيُّ بالحج مع فساده، وعليه تعجيل القضاء من قابل والكفارة. |
41 | أحوال الجماع في الحج؟ | الجماع في الحج له ثلاثة أحوال: (1) إما أن يكون قبل الوقوف بعرفة: وهذا يُفسد الحج بالإجماع. (2) وإما أن يكون بعد الوقوف بعرفة، ولكن قبل التحلل الأول من الحج (بطواف الإفاضة والسعي)، وفيه خلافٌ على مذهبين: الأول: أنه يبطل حجه، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة. الثاني: أن حجَّه صحيح، وبه قال الحنفيّة. |
42 | ما يترتب على الحجِّ الفاسد من الأحكام؟ | والجواب: أنه يترتب على الحج الفاسد أحكامٌ كما يلي: الأول: وجوب المُضيِّ فيه وإتمامه؛ فلا يقطعه. الثاني: وجوب القضاء على الفور باتفاق أهل العلم. الثالث: وجوب الفدية بالإجماع، ولكنهم اختلفوا في جنسها قبل الوقوف بعرفة، واختلفوا في وجوبها بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول أو بعده. (أ) فإذا كان الجماع قبل الوقوف بعرفة: - فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب في ذلك بدنة، فإن لم تكن فبقرة، فإن لم تكن فسبع شياه. - وذهب الحنفية إلى أن الواجب في ذلك الحج شاة، وهو مذهب الحنفية. (ب) وإن كان الجماع بعد الوقوف وقبل التحلُّل الأصغر: فقد اتفق الفقهاء على وجوب البدنة في حقه. (ج) وإن كان الجماع بعد التحلل الأول؛ فقد اختلف العلماء في مقدار الفدية الواجبة على مذهبين: -الأول: أنه يجب عليه شاة، وبه قال الحنفية، والشافعية في الأصح، والحنابلة في المذهب؛ لخفة الجنة إذ كانت بعد التحلل. -الثاني: وجوب بدنة عليه، لعظيم الجناية على الإحرام، وبه قال المالكية، والشافعية في قول، والحنابلة في رواية. |
43 | حكم المرأة الموطوءة في الإحرام، وهل يلزمها فدية؟ | وتفصيل الحكم فيها كما يلي: أ. اتفق العلماء على فساد حجها إذا كانت مطاوعة، وكذا إذا كانت مُكرهة، إلا الشافعية في الأصح فإنهم لا يقولون بفساد حج المكرهة. ب. أما فديتها وهي مُطاوعة؛ فالعلماء على مذهبين: الأول: وجوب فدية منفردة عن فدية الرجل الواطئ، وهو قول مالك، والشافعية في قول، وأحمد في رواية المذهب. الثاني: وجوب هديٍ واحدٍ عليهما، أي: على الوطئ والموطوءة، وبه قال الشافعي، وأحمد في رواية. ج. أما فديتها وهي مُكرهة، فالعلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب: الأول: لا يجب عليها فدية، وهو قول المالكية، والشافعية في المشهور عندهم، والحنابلة في المنصوص. الثاني: تجب الفدية عليها، وهو قول الحنفية والشافعية في قول، والحنابلة في رواية، واستدلوا بأنه لما فسد حجها بالوطء مطاوعةً، لزمتها وهي مكرهة كما لو كانت مطاوعة. الثالث: أنه تجب الفدية عليها من مال زوجها، لا من مال نفسها، وهو قول الشافعية، والحنابلة في رواية ثالثة؛ لأن الزوج هو المتسبب بالفساد؛ فضمن الفدية قياساً على نفسه. |
44 | أثر الردة على فساد الحج؟ | أولاً: الردة أثناء مناسك الحج، على قولين: الأول: أن حجه يفسد، وبه قال الحنفية، والمالكية والشافعية في الأصح والحنابلة. الثاني: أن حجه لا يفسد ولا يبطل، إلا أن يمتد به الكفر إلى الموت، وهو قول الشافعية في الصحيح. وعلى القول ببطلان حج: هل يمضي فيه أو لا؟ أصحهما: يبطل النسك من أصله؛ فلا يمضي فيه لا في الردة ولا بعد الإسلام. والثاني: أنه كالإفساد بالجماع، فيمضي في فاسده إن أسلم ولكن لا كفارة. ثانياً: الردة بعد أداء مناسك الحج: اتفق العلماء على أن الردة تحبط العمل بمعنى ذهاب الأجر. واختلفوا في حكم من حجَّ أو اعتمر ثم ارتدَّ، ثم أسلم، هل يبطل حجه السابق؟ القول الأول: أن الردة لا تُحبط الحج، إلا إن اتصلت بالموت، ولا تجب عليه الإعادة إذا أسلم، وهو قول الشافعي، والحنابلة في المشهور، والظاهرية. القول الثاني: أن حجه يبطل، وأجرها يحبط، ويلزمه الإعادة، وإذا عاد إلى الإسلام وجب عليه الإعادة، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق