الأحاديث الموضوعة عند الصوفية وأثرها السيئ على الأمة
د. يوسف علي فرحات
دكتوراه في الحديث الشريف وعلومه، كاتب ومفكر إسلامي.
ومدير الأوقاف والشؤون الدينية بمنطقة -الوسطى
غزَّة -فلسطين
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/ اتفق العلماء من المحدثين وغيرهم على أن الحديث الموضوع وهو (المختلق المصنوع المنسوب كذباً إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، سواءٌ رُكِّب له إسناد، أم جاء بغير إسناد) هو شرُّ أنواع الحديث الضعيف، وأجمعوا على أنه يحرم العمل به، ويحرم روايته، وذلك في كل أبواب الدين، إلا مقروناً ببيان انه موضوعٌ مكذوبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد توعد النبيُّ صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكذبة الفجرة الذين يتعمدون وضع الأحاديث،بالعذاب الشديد في الآخرة؛ فقال: (إن كذباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، من كذب عليَّ مُتعمداً فليتبوأ مقعده من النار)
وقد قيض الله عز وجل لهذا الدين جملة من الأئمة الجهابذة، الذين تصدوا لكشف هذه الأحاديث وبيان أحوال واضعيها، فوضعوا لذلك القواعد والضوابط للحفاظ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصيانته من الدس والكذب.
وقد تنوعت أسباب الوضع في الحديث، وكان من أخطرها: الأحاديث التي وضعها المتصوفة وبعض من ينتسب إلى الزهد والعبادة، وتكمن خطورة ذلك في اغترار المسلمين بظاهر أحوال هؤلاء، وقبولهم لكلامهم مما يرون من فتنتهم.
ومن المعروف أن الغالب على المتصوفة الجهل بعلم الحديث وعدم تمييزهم فيه بين الصحيح والسقيم، ولا غرو في ذلك ولا عجب، فمن تنكب الهدي النبوي وتجاهل الطريق الحق السوي لا محالة سيضل، وسيكون لضلاله آثار كثيرة.
فالصوفيون بضاعتهم في علم الحديث ضعيفة و مزجاة، ولذلك فشت فيهم الأحاديث الموضوعة والمكذوبة وكل باطل لا أصل له، ومن أقولهم إذا سئل الصوفي عن حديث من أين جاء به ولم يسمع من ذي قبل ولا يعرف له أصل في السنة فيردُّ قائلاً: صح كشفًا ٕوان لم يصحَّ سنداً، وأحيانا يجيب قائلهم: حدثني قلبي عن ربي!!.
بل ذهب بهم الأمر إلى السخرية بأهل الحديث من أمثال الإمام عبد الرزاق الصنعاني صاحب المصنف المشهور بمصنف عبد الرزاق فينكرون علينا بقولهم: أنتم تحدثون عن عبد الرزاق، أما نحن فنحدث عن الرزاق مباشرةً؟، وهذا غاية الجهل والضلال -عياذاً بالله تعالى.
ويقولون أيضا: أنتم تأخذون علمكم عمن يموت أما نحن فنأخذ علمنا عن الحي الذي لا يموت. ويقولون: خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله.
وقد قال أحدهم:
إذا طالبوني بعلم الورق… برزت عليهم بعلم الخرق
وسيقوم الباحث (الدكتور يوسف) في هذا البحث بتسليط الضوء على سبب رئيس من أسباب ضلال الصوفية وهو جهلهم بعلم الحديث، والذي حملهم ذلك أن يبنوا أصولاً على أحاديث لا تصح وهي من أوهى الأحاديث، فهذا حالهم عند كل من عرفهم ، فقلما تجد صوفياً - لاسيما من المتأخرين- عالما بهذا الفـــــن المنيف والعلم الشريف.
و لقد أشار كثير من علمائنا - رحمهم الله تعالى- إلى هذه الحقيقة والمتمثلة بجهل الصوفية بعلم الحديث. قال ابن حجر العسقلاني: "ما زال عوام الصوفية يروون الواهيات" أي يأخذون بها ويعملون بها لجهلهم بالحديث.
أما أسباب تعمد وضع الحديث: وهي الأمور الحاملة للكذابين على وضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم:
ويرجع لأسباب عدة، تعود جملتها إلى ما يلي:
السبب الأول: الطعن على الإسلام والتشكيك فيه.
قال حماد بن زيد: "وضعت الزنادقة على رسول االله صلى الله عليه وسلم -اثني عشر ألف حديث" (الضعفاء للعقيلي: 1/ 14).
ومن هؤلاء المفضوحين: محمد بن سعيد المصلوب، الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث المكذوب: (أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله) (أخرجه الجوزقاني في الأباطيل والمناكير، ر: 116).
السبب الثاني: نصرة الأهواء. ومن سلك هذا أصناف بحسب الأهواء:
1- فمنهم من يضع للسلاطين تزلفاً لهم، في فضائلهم أو مثالب خصومهم، كالذي وضع في بني أمية وبني العباس.
2- ومنهم من يضع نُصرة للمذهب العقدي، كالأحاديث التي وضعت لنصرة عقائد المُشبهة أو المُعطلة، أو كالتي وضعت في فضائل أهل البيت وذم غيرهم.
3- ومنهم من يضع للمذهب الفقهي، كمن ّوضع في فضل أبي حنيفة وذم الشافعي.
4- ومنهم من يضع انتصاراً للأوطان، كمن وضع في فضائل بلد مُعين ومثالب بلد آخر.
السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة.
وهذا يوجد في طائفة تبيح الكذب في الحديث لمصلحة الدين ، وربما احتسب الأجر في ذلك ، يرغب في طاعة أو ينفر من معصية.
وهؤلاء زين لهم الشيطان فقالوا نحن نكذب لرسول االله صلى الله عليه وسلم ولا نكذب عليه . ويكثر مثل هذا عند الوعاظ والزهاد والصوفية
السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين، وصرف وجوه الناس إليه .
كشأن القُصَّاص، الذين يضعون القصص الطويلة لجذب الناس، قال ابن الجوزي في تعليل صنيع هؤلاء: "يريدون أحاديث تنفق وتُرقق، والصحاح َيقل فيها هذا، ثم إن الحفظ يشق عليهم، ويتفق عدم الدين، ومن يحضرهم من جهال" (الموضوعات لابن الجوزي: 1/ 29).
السبب الخامس: ظهور الفرق والخلاف بينها:
كالخلاف بين الأمويين والعباسيين، وبين الخوارج والأمويين كل ذلك كان من أسباب الوضع في الحديث، حيث حمل التعصب للجماعة وبعض الأشخاص البعض لوضع الحديث انتصاراً للمذهب .
السبب السادس: التعصب للجنس والمكان:
فوضعت أحاديث في تفضيل بعض القبائل على بعض وبعض الأجناس على بعض، وقد كان للشعوبية أثرها في هذا الباب فوضعوا أحاديث في مدح فارس واللغة الفارسية مثل مرُوي زوراً: (إن االله إذا غضب أنزل الوحي بالعربية، وإذا رضي أنزل الوحي بالفارسية).
كما وضعت الأحاديث في فضل العرب والعربية وذم الفارسية ومن ذلك ما وضع في فضائل بعض المدن وذم بعضها، وقد أسرف الوضاعون في هذا الباب . فلا يغتر أحد بما يوجد في بعض كتب التاريخ من ذكر فضائل الشعوب والبلدان ومثالها فإن معظم ذلك مما لا يثبت.
السبب السابع: الخلافات الكلامية والفقهية:
فقد انقسم علماء الأمة إلى أهل سنة، ومعتزلة، وجبرية، ومرجئة، واختلفوا في كثير من مسائل الكلام وفي الإيمان، وهل هو يزيد وينقص؟ وهل هو قول وعمل؟ وفي القرآن أهو مخلوق أم لا ؟.
وقد استباح بعض هؤلاء لأنفسهم أن يؤيدوا آراءهم بأحاديث يختلقونها تنص على الخلافات الدقيقة والآراء المستحدثة التي ليس من شأن الرسول الكريم التعرض لها، ولا كانت البيئة يومئذ تدعو إليها مما يقطع معه المتأمل أنها كذب لا شك فيه، وذلك مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص)، ومثل ما روي زوراً: (كما لا ينفع مع الشرك شيء كذلك لا يضر مع الإيمان شيء).
وكذلك كانت الخلافات الفقهية من أسباب الوضع فوضعت أحاديث تشهد لبعض الفروع ليس عليها من نور النبوة شيء، وإنما هي أقرب إلى قواعد الفقهاء وكلام العلماء.
كما وضعت أحاديث في فضل بعض الأئمة وذم بعضهم مثل ما روي كذباً: (سيكون من أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي وسيكون من أمتي رجل يقال له ابن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس).
ولا يشك مبتدئ في علم الحديث أن هذا موضوع مختلق فقبح االله واضعه، والإمام الشافعي من أعلام الإسلام علماً وديناً، وعملاً وفقهًا وخلقاً.
هذا وقد قسم الباحث البحث إلى أربعة مباحث على النحو التالي :
المبحث الأول : الصوفية (النشأة والتعريف).
وذكر فيه الباحث نشأة التصوف، وهو مذهبٌ حادثٌ طارئ، ظهر في نهاية القرن الثاني الهجري، وتطور من مذهب يبحث عن الروح وتعلقاتها الدينية إلى غوصه في الاتجاه الفلسفي وصولاً إلى عقيدة (وحدة الوجود)، وكون التصوُّف مشتقٌّ من الصُّوف في اللغة والدلالة (حيث كان الأولون منهم يتمسكون بلباس الصوف)، وينقل في ذلك آراء الشيخ القرضاوي من كتابه "فتاوي معاصرة"، ويرى الشيخ القرضاوي: تعرُّض التصوف إلى مؤثرات أجنبية جعلته يخرج عن "وسطية الإسلام".
وقد بدا الانحراف في التصوف في عدة عناصر أساسية، منها:
1- اتخاذ الذوق معياراً رئيساً في المعرفة .
2- التفرقة بين الشريعة والحقيقة .
3-الغلو في تحقير الدنيا والانسحاب منها .
4-الجبرية والسلبية في أكثر الطرق الصوفية .
5- إلغاء شخصية المريد وعقله في تربيته كقولهم : "اعتقد ولا تنتقد" و"سلم تسلم".
6-القول بالحلول: وهي بدعة كفرية أخذها من أخذها عن كفار الهند، ومعناها عندهم أن االله حال في مخلوقاته فلا انفصال بين الخالق والمخلوق، وليس في الوجود إلا االله، وهذا ما يسمى بوحدة الوجود، وقد اشتهر بهذا القول محي الدين ابن عربي، وتبعه في ذلك عامة الصوفية، وأجمع عليها متأخرو الصوفية وإن لم يُصرحوا بذلك.
7- الغلو في الصالحين وفي مقدمتهم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، حيث يعتقد الغالون من الصوفية أن النبي صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون، وأن الخلق ما خلق إلا لأجله ومن نوره، ويقلُّ منسوب الغلو عند بعضهم؛ فيرى أن النبي صلى الله عليه وسلم بشراً رسولاً، إلا أنهم يستغيثون به طالبين المدد والعون ولا يستغاث إلا باالله جل جلاله كاشف الضر ورافعه.
8- بناؤهم العبادة على المحبة فقط، فلا يعبدون االله خوفًا من ناره ولا طمعا في جنته، وقد قال بعض السلف: "من عبد االله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد االله بالخوف وحده فهو حروري - أي من الخوارج - ومن عبد االله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبد االله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد".
المبحث الثاني : أقوال العلماء في إثبات جهل الصوفية بعلم الحديث.
إن الغالب على المتصوفة الجهل بعلم الحديث وعدم تمييزهم فيه بين الصحيح والسقيم ، ولا غرو في ذلك ولا عجب، فمن تنكب الهدي النبوي وتجاهل الطريق الحق السوي لا محالة سيضل، وسيكون لضلاله أثار كثيرة. وسيقوم الباحث في هذا البحث بتسليط الضوء على سبب رئيس من أسباب ضلال الصوفية وهو جهلهم بعلم الحديث، لذا قلما تجد ً صوفيا - لاسيما من المتأخرين- عالماً بهذا الفن المنيف والعلم الشريف.
ولقد أشار كثير من علمائنا - رحمهم االله تعالى - إلى هذه الحقيقة والمتمثلة بجهل الصوفية بعلم الحديث:
1- قال ابن حجر العسقلاني: "ما زال عوام الصوفية يروون الواهيات" (الإصابة: 2/ 528).
2-وقال الذهبي - رحمه االله تعالى - في ترجمة أحمد بن محمد، أبو سعد الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء: "قد ألف أربعين حديثًا، كل حديث من طريق صوفي معتبر، وجاء في ذلك مناكير لا تنكر للقوم، فإن غالبهم لا اعتناء لهم بالرواية" (سير أعلام النبلاء: 17/ 303).
3- وفي ترجمة أبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي، صاحب كتاب تنبيه الغافلين، وكان من المتصوفة، قال الذهبي: "تروج عليه الأحاديث الموضوعة" (سير أعلام النبلاء: 16/ 323).
4-وقال الإمام جمال الدين القاسمي الدمشقي رحمه االله تعالى: "قد أنكر العلماء على أهل التصوف كثيراً مما ذكروه في كتبهم من الأحاديث التي يعلمون أنها من الموضوعات ومن تفاسير آيات يعلمون أنها مخالفة مع أنهم قوم أحبوا الأعمال" (قواعد التحديث، ص 175).
5-وهذا أبو حامد الغزالي على جلالة قدره عند المتصوفة وعلو مكانه عندهم، عاش طوال حياته لا علم له بالحديث، وقد أورد في كتاب إحياء علوم الدين كل متهافت موضوع وكل باطل مصنوع، مما جعل الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي يقول: "شحن أبو حامد (الإحياء) بالكذب على رسول االله صلى الله عليه وسلم؛ فلا أعلم كتاباً على بسيط الأرض أكثر كذباً منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قوم يرون النبوة مكتسبة، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق" (سير أعلام النبلاء: 19/ 334).
6- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "في (قوت القلوب) أحاديث ضعيفة وموضوعة وأشياء كثيرة مردودة. وأما ما في (الإحياء) من الكلام في "المهلكات" مثل الكلام على الكبر والعجب والرياء والحسد ونحو ذلك فغالبه منقول من كلام الحارث المحاسبي في (الرعاية)، ومنه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود ومنه ما هو متنازع فيه.
و (الإحياء) فيه فوائد كثيرة؛ لكن فيه مواد مذمومة فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد؛ فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين.
وقد أنكر أئمة الدين على "أبي حامد" هذا في كتبه. وقالوا: مرضه "الشفاء" يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة. وفيه أحاديث وآثار ضعيفة؛ بل موضوعة كثيرة. وفيه أشياء من أغاليط الصوفية و ترهاتهم. وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة ما هو أكثر مما يرد منه فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه" (مجموع الفتاوى: 10/ 551- 552).
7- وقال الإمام الذهبي ـ رحمه االله تعالىـ: "أما (الإحياء) ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية" (سير أعلام النبلاء: 19/ 339).
8- وقال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه االله تعالى -عن أبي حامد الغزالي: "ذكر في كتاب الإحياء من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل، وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف، وإنما نقل نقل حاطب ليل" (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 9/ 169).
9- وقد جمع الإمام السبكي في طبقاته الأحاديث الواقعة في كتاب الإحياء التي لم يجد لها إسناداً، وعدتها (٩٤٣) حديثًا ً تقريباً (طبقات الشافعية الكبرى، 6/ 287 -388). فإن كان هذا شيخ المتصوفة ٕوامامهم لا علم له بالحديث فكيف بالبقية الباقية من المشايخ والمريدين؟!
وقد أشار بعض أهل العلم إلى أن مصاحبة الصوفية تنسي طالب العلم الحديث الذي حفظه.
1- ذكر العُقيلي في "الضعفاء الكبير" (2/ 35)، عن يحيى بن معين، قال: داود بن المحبر ليس بكذاب، ولكنه كان رجلاً قد سمع الحديث بالبصرة، ثم صار إلى عبدان فصار مع الصوفية، فعمل الخوص والأسل، فنسي الحديث وجفاه، ثم قدم بغداد، فجاء أصحاب الحديث؛ فجعل يخطئ في الحديث؛ لأنه لم يجالس أصحاب الحديث، ولكنه كان في نفسه ليس يكذب.
2-وذكر الخطيب البغدادي في "تاريخه" (7/ 227) عن جعفر الخلدي، قال: لو تركني الصوفية لجئتكم بإسناد الدنيا، مضيت إلى عباس الدوري وأنا حدث فكتبت عنه مجلساً واحداً، وخرجت من عنده فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية فقال: أيش هذا معك؟ فأريته إياه، فقال: ويحك تدع علم الخرق وتأخذ علم الورق، قال: ثم خرق الأوراق، فدخل كلامه في قلبي؛ فلم أعد إلى عباس.
وقال الذهبي رحمه االله تعالى -معلقًا على هذه القصة: ماذا إلا صوفي جاهل يمزق الأحاديث النبوية، ويحض على أمر مجهول، فما أحوجه إلى العلم. (سير أعلام النبلاء: 15/ 559).
المبحث الثالث : وضع الحديث عند الصوفية
من المذاهب المعروفة عن بعض المتصوفة أنهم يرون جواز الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الأحاديث عليه ونسبتها إليه، وقد نص العلماء والأئمة على ذلك وحكوه مذهباً لبعض المتصوفة، ونصوا على ذلك في سياق كلامهم على أصناف الوضاعين في كتب مصطلح الحديث النبوي، ومن ذلك:
1- ما قال الحافظ ابن حجر -رحمه االله تعالى: "بعض الكرامية وبعض المتصوفة نُقل عنهم إباحةُ الوضع في الترغيب والترهيب، وهو خطأٌ من فاعله، نشأَ عن جهل، لأن الترغيب والترهيب من جملة الأحكام الشرعية" (نزهة النظر؛ لابن حجر، ص 111).
2- وقال الشيخ العلامة الجليل والفهامة النبيل محمد الأثيوبي الولوي: "الصنف الرابع: قوم ينسبون إلى الزهد، حملهم التدين الناشئ عن الجهل على وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب ليحثوا الناس بزعمهم على الخير ويزجروهم عن الشر، وجوز ذلك الكرامية، وكذا بعض المتصوفة كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله" (الجليس الأمين شرح تذكرة الطالبين في بيان الوضع وأصناف الوضاعين، ص 226).
3-وقال الإمام زين الدين العراقي في "ألفيته في الحديث" (1/ 114):
وَالوَاضِعُوْنَ لِلحَدِيْثِ أضْرُبُ ... أَضَرُّهُمْ قَوْمٌ لِزُهْدٍ نُسِبُوا
قَدْ وَضَعُوْهَا حِسْبَةً، فَقُبِلَتْ ... مِنْهُمْ، رُكُوْنَاً لَهُمُ ونُقِلَتْ
فَقَيَّضَ اللهُ لَهَا نُقَّادَهَا ... فَبَيَّنُوا بِنَقْدِهِمْ فَسَادَهَا
وَجَوَّزَ الوَضْعَ عَلَى التَّرْغِيْبِ ... قَوْمُ ابنِ كَرَّامٍ، وَفي التَّرْهِيْبِ
4-وقال الإمام القرطبي -رحمه االله تعالى -في سياق كلامه عن أصناف الوضاعين وهو يقصد الصوفية: "حذار مما وضعه أعداء الدين وزنادقة المسلمين في باب الترغيب والترهيب وغير ذلك، وأعظمهم ضرراً أقوام من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث حسبة فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم، وركوناً إليهم، فضلوا وأضلوا" (الجامع لأحكام القرآن: 1/ 80).
5-وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه االله تعالى: "شر أصناف الوضاعين وأعظمهم ضرراً قوم ينسبون أنفسهم إلى الزهد والتصوف، لم يتحرجوا عن وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب، احتساباً للأجر عند االله، ورغبة في حض الناس على عمل الخير واجتناب المعاصي فيما زعموا، وهم بهذا يفسدون ولا يصلحون، وقد اغتر بهم كثير من العامة وأشباههم، فصدقوهم ووثقوا بهم لما نسبوا إليه من الزهد والصلاح، وليسوا موضعاً للصدق، ولا أهلاً للثقة، وبعضهم دخلت عليه الأكاذيب جهلاً بالسنة، لحسن ظنهم وسلامة صدرهم، فيحملون ما سمعوه على الصدق، ولا يهتدون لتمييز الخطأ من الصواب، وهؤلاء أخف حالاً وأقل إثماً من أولئك" (الباعث الحثيث: 89 -90)
أمثلة على بعض وضَّاعي الحديث من الصُّوفية المتقدمين:
1- أحمد بن عطاء الهُجيمي:
وكان أحد شيوخ الصوفية يدعى أحمد بن عطاء الهجيمي يكذب على رسول االله صلى الله عليه وسلم هو يحدث تلاميذه بحجة أنه يقربهم إلى الله تعالى ويرغبهم في العمل الصالح، ويرى جواز ذلـك ما دامــــت ليست مخالفة للسنة الثابتة مع أنه من أجهل الناس بالسنة ولا عجب في ذلك. قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله تعالى: "شيخ الصوفية، العابد القانت، أحمد بن عطاء الهجيمي، البصري القدري المبتدع، فما أقبح بالزهاد ركوب البدع" (سير أعلام النبلاء، 9/ 408).
قال ابن المديني: "أتيته يوماً فجلست إليه فرأيت معه درجاً يحدث به؛ فلما تفرقوا عنه، قلت له: هذا سمعته، قال: لا، ولكن اشتريته، وفيه أحاديث حسان أحدث بها هؤلاء، ليعلموا بها، وأرغبهم أقربهم إلى االله، ليس فيه حكم ولا تبديل سنة، قلت له: أما تخاف االله تقرب العباد إلى االله بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم" (لسان الميزان؛ لابن حجر، 1/ 221).
قال الذهبي -رحمه االله تعالى -معلقًا على هذه القصة: "ما كان الرجل يدري ما الحديث، ولكنه عبد صالح، وقع في القدر، نعوذ بالله من ترهات الصوفية، فلا خير إلا في الاتباع، ولا يمكن الاتباع إلا بمعرفة السنن" (سير أعلام النبلاء، 9/ 408).
2-أحمد بن محمد بن محمد أبو الفتوح الغزالي الطوسي:
.وفي ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبو الفتوح الغزالي الطوسي أخو أبى حامد. قال عنه ابن الجوزي -رحمه االله تعالى: "كان متصوفاً متزهداً في أول أمره ثم وعظ فكان متفوهاً وقبله العوام". وقال عنه أيضا: "الغالب على كلامه التخليط ورواية الأحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة وقد علق عنه كثير من ذلك" (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 9/ 260 -261).
3- : علي بن عبد االله بن جهضم:
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" (3/ 142): "علي بن عبد االله بن جهضم الزاهد أبو الحسن شيخ الصوفية بحرم مكة ومصنف كتاب بهجة الأسرار متهم بوضع الحديث، وروى عن أبي الحسن علي بن إبراهيم، وأحمد بن عثمان الآدمي والخلدي وطبقتهم قال ابن خيرون : تُكلم فيه، وقيل إنه يكذب. وقال غيره: اتهموه بوضع صلاة الرغائب".
المبحث الرابع : شواهد وأمثلة على جهل الصوفية بعلم الحديث.
الشاهد الأول: حديث: "الدنيا حرام على أهل الآخرة، والآخرة حرام على أهل الدنيا، والدنيا والآخرة حرام على أهل الله".
قال الألباني "موضوع" (سلسلة الأحاديث الضعيفة، 1/ 103 -105)، وقال - رحمه االله تعالى: "والذي أراه أن واضع هذا الحديث هو رجل صوفى جاهل أراد أن يبث في المسلمين بعض عقائد المتصوفة الباطلة التي منها تحريم ما أحل االله بدعوى تهذيب النفس، كأن ما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم".
الشاهد الثاني: حديث "أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم".
قال الشيخ الألباني: "موضوع". رواه ابن عبد البر في جامع العلم (2/ 166)، من طريق سلام بن سليم قال: حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا به قال: "وفيه الحارث بن غصين مجهول".
ورواه ابن حزم في "الإحكام" (6/ 82)، وقال: "هذه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، والحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة وهذا منها بلا شك".
وقال الألباني في "الضعيفة" (1/ 145): "وأما قول الشعراني في (الميزان) (1/ 28): "وهذا الحديث ٕوان كان فيه مقال عند المحدثين، فهو صحيح عند أهل الكشف، فباطل وهراء لا يلتفت إليه! ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة، والاعتماد عليها يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها، كهذا الحديث؛ لأن الكشف أحسن أحواله - إن صح - أن يكون كالرأي، وهو يخطئ ويصيب، وهذا إن لم يداخله الهوى، نسأل االله السلامة منه، ومن كل ما لا يرضيه".
الشاهد الثالث: عن عبد الله بن عمرو قال: أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من بعض حجره فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما: يقرءون القرآن ويدعون الله، والأخرى: يتعلمون ويعلمون؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: كُلٌّ على خير، هؤلاء يقرأون القرآن، ويدعون الله؛ فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون، وإنما بُعثتُ معلماً؛ فجلس معهم.
ضعفه الألباني في "السلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (1/ 66 -67). وقال رحمه االله: "وقد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر والتمايل يمنة ويسرة وأماماً وخلفاً مما هو غير مشروع باتفاق المتقدمين، ومع أن الحديث لا يصح كما علمت، فليس فيه هذا الذي زعموه، بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر االله تعالى، وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث، وهي لا تفيد أيضا إلا مطلق الاجتماع، أما ما يضاف إليه من التحلق وما قرن معه من الرقص فكله بدع وضلالات يتنزه الشرع عنها".
الشاهد الرابع: حديث: "أذيبوا طعامكم بذكر االله والصلاة، ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم".
قال الألباني في "السلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (6/ 297): "موضوع":
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 19 -20) والعقيلي في "الضعفاء" (ص 57)، وابن عدي في "الكامل" (2/ 40)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 96)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة (ص 156، رقم" 482)، والبيهقي في " الشعب " (1/ 211/ 2): من طريق بزيع أبي الخليل: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً.
وقال رحمه الله: "واعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الرقصة الذين يملؤون بطونهم بمختلف الطعام والشراب، ثم يقومون آخذا بعضهم بيد بعض يذكرون االله تعالى، زعموا - يميلون يمنة ويسرة ً وأماما وخلفًا، وينشدون الأشعار الجميلة بالأصوات المطربة حتى يذوب ما في بطونهم؟ ومع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً".
الشاهد الخامس: حديث: "أشد الناس عذابا يوم القيامة من يرى الناس أن فيه خيراً ولا خير فيه".
قال الألباني في "السلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (6/ 297): "موضوع":
رواه أبو عبد الرحمن السلمي في (الأربعين في أخلاق الصوفية، 2/ 4)، وعنه الديلمي (1/ 1/ 116): أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن أحمد الرازي حدثنا علي بن سعيد العسكري حدثنا عباد بن الوليد حدثنا أبو شيبان كثير بن شيبان حدثنا الربيع بن بدر عن راشد بن محمد قال قال ابن عمر ... فذكره مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، بل موضوعٌ؛ لأن السلمي نفسه متهم بوضع الأحاديث للصوفية، والربيع بن بدر متروك والراوي عنه لم أعرفه
الشاهد السادس: حديث: "من زهد في الدنيا؛ علمه االله تعالى بلا تعلم، وهداه االله بلا هداية، وجعله بصيراً وكشف عنه العمى".
قال الألباني في "السلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (10/ 114): "موضوع":
أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 72)، عن علي بن حفص العبسي: حدثنا نصير بن حمزة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن محمد بن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعاً
قلت: وهذا إسناد مظلم ؛ من دون أهل البيت رضي االله عنهم لم أعرف أحداً منهم. وقال المناوي: ورواه أيضاً الديلمي، وفيه ضعيف! قلت : ولم أعرف الضعيف الذي أشار إليه ! فلعل في سند " الحلية" تحريفاً .
والحديث عندي موضوع؛ لوائح الوضع عليه بادية، وظني أنه من وضع بعض الصوفية؛ الذين يظنون أن لطلب العلم طريقاً غير طريق التلقي والطلب له من أهله الذين تلقوه خلفاً عن سلف، وهو طريق الخلوة والتقوى فقط بزعمهم ! وربما استدل بعض جهالهم بمثل قوله تعالى : {واتقوا االله ويعلمكم الله} ! ولم يدر المسكين أن الآية لا تعني ترك الأخذ بأسباب التعلم.
قال الإمام القرطبي في تفسيره (3/ 406): "وعد من االله تعالى بأن من اتقاه علمه، أي: يجعل في قلبه نوراً يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل االله في قلبه ابتداء فرقاناً، أي : فيصلاً يفصل به بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا االله يجعل لكم فرقاناً}".
الشاهد السابع: حديث نوم على علم؛ خير من صلاة على جهل.
قال الألباني في "السلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (10/ 231): "ضعيف":
أخرجه أبو نعيم في "الحلية (4/ 385)، وعنه الديلمي (4/ 93) عن عبدالرحمن بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: أخبرنا محمد بن يحيى الضرير، (وفي الديلمي: ابن الضريس)، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، عن إسماعيل عن الأعمش عن أبي البختري عن سلمان مرفوعاً . قلتُ : وهذا إسناد مظلم ؛ من دون الأعمش لم أعرفهم .
وأحمد بن يحيى الصوفي؛ الظاهر أنه أبو عبداالله المعروف بابن الجلاء، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (5/ 213) بما يدل على أنه من كبار مشايخ الصوفية، وأصحاب الشطحات منهم . واسماعيل؛ يحتمل أنه ابن أبان الغنوي الخياط الكوفي؛ فإنه يروي عن الأعمش، فإن يكن هو؛ فهو متروك كذاب . وهناك راو آخر يدعى إسماعيل الكندي، روى عن الأعمش، قال في "اللسان": "منكر الحديث. قاله الأزدي". فيحتمل أن يكون هو هذا، كما يحتمل أن يكون هو الخياط نفسه. وأما المناوي؛ فأعله بقوله: "وفيه أبو البختري، قال الذهبي في "الضعفاء": قال دحيم: كذاب.
قلت : وهذا وهم فاحش؛ فإن أبا البختري الكذاب - واسمه وهب بن وهب - متأخر عن هذا، يروي عن هشام بن عروة وطبقته. وأما هذا؛ فتابعي روى عن سلمان وغيره، واسمه سعيد بن فيروز، وقد أورده الذهبي في كنى "الميزان" - عقب الأول، وقال : "صدوق. قال شعبة: لم يدرك علياً".
قلت: اسمه سعيد بن فيروز، وقد أشار أبو أحمد الحاكم في "الكنى" إلى تليين رواياته ، وما ذاك إلا لكونه يرسل عن علي والكبار .. فما كان من حديثه سماعاً فهو حسن، وما كان "عن" فهو ضعيف.
الشاهد الثامن: حديث "من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمسة عشر عقوبة : ستة منها في الدنيا، وثلاثة عند الموت، وثلاثة في القبر، وثلاثة عند خروجه من القبر .."
قال ابن عراق الكناني في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" (2/ 114): "من حديث أبي هريرة، قال في الميزان: حديث باطل، ركَّبه محمد بن علي بن العباس على أبي بكر بن زياد النيسابوري، وقال في اللسان: هو ظاهر البطلان من أحاديث الطُّرقية".
وقال أبو إسحاق الحويني في "الفتاوي الحديثية" (1/ 317): "يعني: من أحاديث الصوفية أصحاب الطرق الصوفية".
الشاهد التاسع: حديث: "إذا ألف القلب الإعراض عن االله تعالى ابتلاه االله بالوقيعة في الصالحين".
قال ابن عراق الكناني في (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، 2/ 114): "من حديث علي من طريق الأشج أبي الدنيا قال المؤتمن الساجي هذا باطل وقد كتبناه من طريق عن بعض مشايخ الصوفية، وأما عن رسول االله فلا أصل له".
الآثار المترتبة على وضع الصوفية للحديث.
1-إشاعة ثقافة التواكل والقعود عن العمل.
وقد ذكروا في ذلك جملة من الأحاديث الموضوع مثل: (من زهد في الدنيا؛ علمه االله تعالى بلا تعلم، وهداه االله بلا هداية، وجعله بصيراً وكشف عنه العمى).
2-الترويج لبعض العقائد الفاسدة:
مثل قولهم: (إن محمداً عليه الصلاة والسلام خلق من نور). و (أن الخضر عليه السلام ما زال على قيد الحياة). و (أن محمداً هو أول المخلوقات).
3- إشغال الناس بالأوراد والأذكار المبتدعة:
من أكبر الأخطاء التي ارتكبها الصوفية وغيرهم ممن لا يدري: أنهم وضعوا أدعية، وأوراداً وأذكاراً في كتيبات، أو في أوراق، ونشروها بين الناس، ويقال: من قرأها فإن له كذا وكذا، مما لا أصل له في الدين، حتى اشتغل الناس بها عن القرآن والأدعية المأثورة.
4-إشاعة ثقافة الاستخذاء والقعود عن الجهاد:
وذلك من خلال ما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)، والمقصود بالجهاد الأكبر عندهم: جهاد النفس.
5- نشر بعض البدع، والشركيات:
مثل الرقص في الذكر والاستغاثة بالمقبورين والغائبين، ممن يوصفون بأنهم من أولياء الله.
النتائج والتوصيات:
أولاً : النتائج :
1-أن الغالب على المتصوفة الجهل بعلم الحديث وعدم تمييزهم فيه بين الصحيح والسقيم، فالصوفيون بضاعتهم في علم الحديث ضعيفة و مزجاة، ولذلك فشت فيهم الأحاديث الموضوعة والمكذوبة وكل باطل لا أصل له.
2-من المذاهب المعروفة عن المتصوفة أنهم يرون جواز الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ووضع الأحاديث عليه ونسبتها إليه، بحجة أنهم يكذبون له. وقد نص العلماء والأئمة على ذلك وحكوه مذهباً لبعض المتصوفة ونصوا على ذلك في سياق كلامهم على أصناف الوضاعين في كتب مصطلح الحديث النبوي.
3-تحفل كتب التصوف والزهد والرقائق، بالمئات من الأحاديث الواهية، والتي قام جهابذة علماء الحديث في الماضي والحاضر بكشفها
ثانياً : التوصيات :
1- دعوة طلاب العلم لدراسة كتب الزهد والرقائق والكشف عن الضعيف والموضوع فيها .
2- إصدار نشرة دورية تعنى بكشف الأحاديث الواهية وتعريف الجمهور بها ولاسيما من يتصدى للوعظ والخطابة .
3- عقد الدورات العلمية في علم مصطلح الحديث .
4- التعاون مع وزارة الأوقاف لتدريب الخطباء على استخدام البرامج الحديثية المحوسبة .
5-العناية بنشر الأحاديث الصحيحة من خلال تشجيع الكتب التي تعنى بذلك والعمل على توزيعها على طلاب العلم .
6- عقد المسابقات في حفظ الأحاديث الصحيحة .
7- تدشين مركز خاص بالسنة النبوية على غرار مركز القرآن الكريم .
8- إصدار مجلة فصلية خاصة بالسنة النبوية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق