دراسـات في التصوف والفلسفة الإسلامية
تأليف
الدكتور صالح حسين الرقب و الأستاذ الدكتور محمود الشوبكي
كلية أصول الدين -الجامعة الإسلامية، غزة -فلسطين
ط2، 2009 م
تمهيد/ هذا كتابٌ نفيسٌ في بابه، جمع فيه الباحثان أصول الكلام فيما يتعلق بالحديث عن التصُّوف والصوفية، من حيث تعريفه، ونشأته، وحقيقته، وأهدافه، والعوامل التي ساهمت في انتشاره، وطبقات الصُّوفية، وبداية الانحراف لديهم، وعقيدتهم في وحدة الوجود، والحقيقة المحمدية، ونشأة الطرق الصوفية، وعلاقة التصوف بالتشيع، والأثر السييء للتصوف على الأمة، وكذلك ما يتعلق بالفلسفة الإسلامية من حيث موضوعها، ونشأتها، وأبرز أعلامها، وتناقضاتها، ومناقشة أدلتهم في إثبات وجود الباري سبحانه، ونفي صفاته، وعقيدتهم في البعث، وقولهم بقدم العالم، وغيرهما من العقائد الفاسدة والمنحرفة.
وقد تناول الباحثان كل تلك المواضيع من خلال النظرة العلمية والموضوعية المركزة والعميقة، وذلك يُفيد القارئ في التعرُّف على خطر التصوُّف وأهداف مروجيه، وكذلك خطر الفلسفة المشائية المتجذرة في الطُّرقية، والتعرف إلى الخطط التي تُحبك في مراكز الدراسات الغربية لدعم التصوف الفلسفي ونشره، وبخاصة التصوف الغارق في السلبية والخرافات، وهو الأمر الذي استفاد منه المستشرقون والغربيون بصورة عامة في الغزو الاستعماري للبلاد الإسلامية.
وأذكر لذلك الكلمة التي قالها أحد القادة العسكريين الفرنسيين وهو في طريق غزوه لبلاد الشرق الإسلامي: "أعطني طريقةً صوفية أحتلُّ بلداً".
إن لفظ التَّصوف والصوفية لم يكن معروفاً في صدر الإسلام وإنما هو محدث بعـد ذلك أو دخيل على الإسلام من أمم أخرى. ذلك أن الإسلام نسقٌ مُتكامل يقوم على قاعدة التوحيد، وهو منظومة متكاملة من العقائد والقيم والأخلاق الحاكمة، والتي تتجاوز حدود الزمان والمكان والظروف، فلذلك لم يكن نشأة التصوف إلا عن إرادة الطعن في الدين، وبثِّ السموم الذي تُفتت أوصاله وتقضي على أتباعه.
وقد ذكر "ابن تيمية" وسبقه "ابن الجوزي" و"ابن خلدون" في هذا أن لفظ الصوفية لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة الأولى، وقد توصل بعض الكتاب العصريين أن التَّصوف تسرب إلى بلاد المسلمين من الديانات الأخرى كالديانة الهندية والرهبانية النصرانية.
وقد يستأنس له بما نقل عن ابن سيرين أنه قال:"إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح بن مريم، وهدي نبينا أحب إلينا" فهذا يعطي أن التَّصوف له علاقة بالديانة النصرانية.
وقد درس بعض المسلمين مع نهاية القرن الثاني الهجري كتب الفلاسفة اليونان بعد أن نقلت إلى العربية زمــن الخليفة العباسي المأمون. واندفع نفر منهم إلى الخوض في طريق الفلسفة، فتأثّر هؤلاء بنظريات اليونانية في الإلهيات والنبوات التي تتعارض تمامـاً مـع أصـول عقيدتهم الإسلامية، بل اعتنقوها، وأخذوا يدلِّلون عليها بالظنون والأوهام التي زعموا أنّها نتـائج المعقولات، واشتغلوا في محاولة الجمع والتوفيق بين آراء أسلافهم الفلاسفة اليونان مـن جهة وبين العقيدة الإسلامية من جهة أخرى، وجاءت جهودهم الفكريـة تظهـر قبوله للفلسفة اليونانية، واعتقادهم بكثير من قضاياها.
إن التصوف بالمعنى الفلسفي جاء بعقائد وشطحات خاصة به، والفكر الصوفي خليط كامل من كل الفلسفات، والخرافات التي انتشرت في العالم قديماً وحديثاً. فليس هناك من كفر وزندقة وإلحاد إلا دخل إلى الفكر الصوفي وتلبس بالعقيدة الصوفية.
فمن القـول "بوحدة الوجود"، إلى القول "بحلول ذات االله أو صفاته في المخلوقين"، ومن القول "بالعصمة للأولياء"، إلى القول بأن "الأولياء يديرون العالم"، ويتحكمون في الكون "والزعم بالتلقي من الغيب".
ومن القول بأن محمداً صلى االله عليه وسلم هو قبة العالم، إلى القـول بأنـه هـو المستوي على عرش االله تعالى عما يقولون علواً كبيراً.
وشطحات الصوفية متنوعة:سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء، وإنارتها وزيارتها، والتمسح بها، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل االله بها من سلطان، وأقوال بعضهم بارتفاع التكاليف وإسقاطها عن الولي...الخ.
إن التصوف الفلسفي لم تستفد منه البشرية، ولم تقدمها خطوة واحدة إلى الأمام، ولم يستفد المشتغل به نور اليقين والثبات، قد بل أفضت بهم إلى الشكوك والحيرة والضلال، وأوقعت الكثيرين منهم في الكفر والزندقة والإلحاد.
والكتـاب الذي نقدمه لطلبة العلم يبين حقيقة مذهب المتصوفة والفلاسفة، ويكشف فساد وضلالات عقيدة الصوفية والفلاسفة المنتسبة للإسلام، وقد ذكر المؤلفان في هذا الكتاب فصولاً تتعلق بالتصوف:
الفصل الأول: التعريف بالتصوف وأصله ، وفيه (مبحثان):
المبحث الأول: الصوفية لغة واصطلاحاً.
المبحث الثاني: نِشأة التَّصوف
المبحث الثالث: طبقات الصوفية
المبحث الرابع: مصادر التلقي عند الصوفية.
الفصل الثاني: العقائد الصوفية:
أولاً: عقيدة وحدة الوجود.
ثانياً: عقيدة الحقيقة المحمدية.
ثالثاً: عقيدة وحدة الأديان.
رابعاً: وموقف الإسلام من مذهب وحدة الوجود
خامساً: موقف الإسلام من عقيدة الحلول.
الفصل الثالث: موقف الصوفية من الشعائر الدينية
أولا -: الشريعة والحقيقة.
ثانيا: العبادات عند المتصوفة.
ثالثا : أحكام الحلال والحرام.
خامسا: الغناء والرقص وضرب الدفوف والتصفيق.
سادسا : درجات السلوك الصوفية.
سابعا : الصوفية وطلب العلوم الشرعية.
ثامناً -: وصف ولايتهم الصوفية.
تاسعاً: مراتب الولاية عند الصوفية
عاشراً: القطب الغوث واحد في الزمان فقط، ووظيفة القطب.
حادي عشر: الأبدال السبعة ووظائفهم
ثاني عشر: مدة حكم القطب ووظيفته.
ثالث عشر: ابن عربي القطب الأعظم.
رابع عشر: عقيدة ختم الولاية (ابن عربي وختم الولاية).
خامس عشر: ذكر االله تعالى باسمه المفرد.
سادس عشر: الشَّطح الصوفي.
سابع عشر: قواعد التربية في المنهج الصوفي.
ثامن عشر: الفناء الصوفي.
الفصل الرابع: الطرق الصوفية:
أولاً نشأة الطرق الصوفية.
ثانياً: معنى الطريقة الصوفية
البـاب الثـانـي: الـفـلـسـفـة الإسلاميـة.
أولاً: الفصل التمهيدي:
المبحث الأول: التباين بين الفلسفة والعقيدة الإسلامية.
المبحث الثاني: الفائدة من دراسة الفلسفة الإسلامية.
المبحث الثالث: التوفيق بين الفلسفة والدين عند بعض فلاسفة الإسلام.
المبحث الرابع: دخول الفلسفة اليونانية بلاد المسلمين.
المبحث الخامس: أسباب رفض المسلمين الفلسفة اليونانية.
ثانيا:الأسباب العقلية لرفض الفلسفة اليونانية.
الفصل الأول: منهج الفلاسفة في إثبات وجود االله تعالى
المبحث الأول: تصور الفلاسفة للوجود، ومناقشته.
المبحث الثاني: أدلتهم في إثبات وجود االله تعالى .
الفصل الثاني: قـدم العالـم عند الفلاسفة.
المبحث الأول: قول الفلاسفة بقدم العالم.
المبحث الثاني: أدلة الفلاسفة على قدم العالم.
الدليل الأول:العلّة التامة، ومناقشته.
الدليل الثاني: قدم الزمان، ومناقشته.
المبحث الثالث: أدلة السلف على حدوث العالم
الفصل الثالث: موقف الفلاسفة من الصفات الإلهية.
أولاً: القول بنفي الصفات.
ثانياً: موقفهم من الصفات الواردة في الكتاب والسنة.
ومناقشة دعوى المجاز في صفات االله التي جاءت في القرآن والسنة.
ثالثاً: إثباتهم صفات لم يرد بها الشرع ولم يدل عليها العقل.
الفصل الرابع: مسلكهم في إثبات التوحيد
المطلب الأول: معنى الوحي عند الفلاسفة.
المطلب الثاني: النبوة ضرورية وواجبة.
المطلب الثالث: خصائص النبوة.
الفصل الخامس: عقيدة البعث عند الفلاسفة:
المطلب الأول: الإيمان بالبعث.
المطلب الثاني: إنكار الفلاسفة الإسلاميين للبعث الجسماني.
1- ابن سينا وعقيدة البعث.
2-معتمد الفلاسفة في إثباتهم للبعث الروحاني دون الجسماني.
3- أدلة المنكرين البعث الجسماني.
4- نقض مزاعم المنكرين للبعث الجسماني.
4- حكم الإسلام في منكر البعث الجسماني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق