أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 أكتوبر 2020

مذابح البوسنة والهرسك -تأليف: لواء فوزي محمد طايل

مذابح البوسنة والهرسك

أندلس جديد في أوروبا

تأليف: لواء فوزي محمد طايل


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ لقد مرَّ حوالى ربع قرن على مجزرة من أبشع المجازر في تاريخ أوروبا الحديث، وكانت أحد فصول الإبادة الجماعية لإخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، راح ضحيتها (300) ألف مسلمٍ بوسني، واغتصبت حوالى (60) ألف امرأة مسلمة عفيفة، وهاجر أكثر من مليون ونصف بوسني، ودُمِّر أكثر من (800) مسجد، وارتكبت خلال هذه الحرب ثلاث مجازر لم يعرف التاريخ مثلها، وكانت في ثلاثة مدن: سربرنيتسا، وسراييفو (العاصمة البوسنية)، وبانيا لوكا، وكانت هذه المذابح شاهدةً على الحقد الصليبي على الإسلام، وأريقت دماء المسلمين بغير وجه حق، إلا أن يقولوا ربنا الله! وكل ذلك أمام الصمت الأممي، والخذلان العربي والإسلامي.


وفي البداية كانت البوسنة والهرسك مع غيرها من مجموعة دول البلقان، تخضع لجمهورية يوغسلافيا الشعبية، والتي كانت ضمن دول الاتحاد السوفييتي، وعند انهياره مع مطلع القرن العشرين، أعلنت الكثير من القوميات استقلالها، وقد ساند المجتمع الدولي الكثير من تلك الدول في نيل استقلالها، مثل: كرواتيا، وفويفودينا، وغيرها، وعندما طالب مسلمو البوسنة والهرسك باستقلالهم؛رفضت يوغسلافيا ذلك، وحرضت أوروبا المجرمة صربيا على اجتياح المسلمين ومنعهم من حق تقرير المصير، أو إنشاء كيان مسلم داخل القارة الأوروبية، وفي العام (1992م) فوجئ البوسنيون بالقوات الصربية تحاصرهم، وتقصفهم من فوق التلال والجبال، ودخل الصرب في معركة دامية مع البوسنيين، واستباحوها عن بكرة أبيها، وكانوا إذا دخلوا بلدةً بدأوا بهدم مساجدها، وقتلوا العلماء وأئمة الدين فيها، واغتصبوا، وحرقوا، ودفنوا الناس وهم أحياء، وقد فعلوا ذلك في أهم مدن البوسنة والهرسك (بانيا لوكا، وتسينيكا، وسكوفانسكي، وتولوزا، زينتسيا، ومسطار (عاصمة الهرسك)، وسراييفو (عاصمة البوسنة)، وتوتسلا…) وغيرها.


وشارك في هذه الحرب المجرمة (صرب البوسنة =الأرثوذكس)، و(كروات البوسنة = الكاثوليك)، الذين كانوا يعيشون جنباً إلى جنب مع المسلمين، فاستعرت الحرب من كل مكان على مسلمي البوسنة =(البوشناق)، وحوصرت العاصمة (سراييفو) والذي استمر (1400) يوم متواصلة، وقطعوا عنهم الماء والغذاء والكهرباء والدواء، وحفر مجاهدو البوسنة أثناء ذلك الأنفاق الأرضية؛ ليكون شريان الحياة الذي يدخل منه الغذاء والسلاح.


ومن ثمَّ اجتاح الصرب مدينة "سربنيتسا" وحصلت مذبحة عظيمة للمسلمين قتل خلالها أكثر من عشرة آلاف مسلم، ونزح عشرات الآلاف من مسلمي تلك المنطقة، وارتكبت وحدات الجيش الصربي بقيادة السفاح المجرم (دانكو ملاديتش) الجنرال في الجيش الصربي، ومعه الزعيم السياسي لصرب البوسنة (رادوفان كاراديتش) تلك المجزرة الرهيبة التي أودت بأرواح ودماء وأعراض المسلمين والمسلمات في تلك المنطقة، وقد حوصرت "سربنيتسا" عامين كاملين، لم يتوقف خلالها القصف..


وبعد انتشار صور هذه المجازر تدخلت الأمم المتحدة، وأعلنت "سربنيتسا" منطقة آمنة، وتآمرت قوات التحالف الدولي مع الصرب للضغط على المسلمين البوسنيين بتسليم أسلحتهم، فرضخ المسلمون بعد إنهاك وعذاب دام لعامين متواصلين، وبعد أن اطمأن الصرب لعدم وجود أسلحة بأيدي المسلمين، بدأت عمليات التطهير العرقي ضد مسلمي البوسنة، والمعروفين باسم (البوشناق) في 11/ يوليو/ 1995 م، وقد حدث كل ذلك أمام مرأى قوات الأمم المتحدة؛ فلم تُحرك ساكناً بعد أن وعدتهم بضمان أمن البلدة، فلم يفوا بوعدهم، وكانت هذه نقطةً سوداء في تاريخ الأمم المتحدة إلى الأبد بمنظماتها الحقوقية المزعومة.


وقامت القوات الصربية بعزل الرجال ما بين سن (14 إلى 50 سنة)، وقامت بدفنهم أحياء في مقابر جماعية، وتمت عمليات اغتصاب ممنهجة ضد الحرائر والعفيفات، وكانت تُحبس فيها المرأة تسعة أشهر حتى تلد أولاداً صرب!! والتي تُعاني الأمهات وأولادهم إلى الآن من جراء ذلك.


وانتهت هذه الحرب بتدخل الأمم المتحدة وعُين القائد المسلم (علي عزت بيجوفيتش) زعيماً للاستقلال، والذي اضطر إلى الرضوخ لخطة السلام التي أعطتها له "يوغسلافيا"، وقال عبارته المشهورة: إن اتفاقاً غير منصف خيرٌ من استمرار الحرب…


إن هذه المذابح هي جرس إنذارٍ للمسلمين أن هذه الأمة لا يُمكن أن يحميها إلا المسلمون، وأن العزَّة لا تُكتب إلا بسواعد الأحرار من هذه الأمة، ممن اصطفاه الله عز وجل للجهاد في سبيله، ونشر الدعوة، والذوذ عن بيضة الإسلام.


وفي هذا الكتاب عرض اللواء فوزي طايل مذابح الصرب ضد المسلمين في البوسنة والهرسك، وراعة فيها الأبعاد الاستراتيجية لهذه المذابح، وتتبع جذورها التاريخية، وأسبابها الظاهرة والباطنة في إطارالفكر العميق، والعبارة المشرقة والوجعة أيضاً.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق