أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 أكتوبر 2024

أيام من حياتي زينب الغزالي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أيام من حياتي

زينب الغزالي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: ليس هذا الكتاب رواية أدبية تستدر العواطف، ولا قصة خيالية من وحي التفكير، وليست ذكريات عابرة عن ماضٍ حزين، لكنه تأريخٌ للمأساة، ورسمٌ دقيق لما جرى لجماعة الإخوان إبان حكم الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر –رحمه الله تعالى –وقد روت فيه الحاجة زينب الغزالي الجبيلي رحلة الألم، وقصة المعاناة، والعذابات التي ذاقها أبناء الجماعة في سبيل الغايات التي رسمتها جماعتهم، وذلك في السجن الحربي الذي أمضت فيه ما يربو على العام، وهي تتنقل بين أزقة الغرف وممرات الزنازين.

ولعل هذه الحملة الكبيرة التي شنها عبد الناصر –رحمه الله –على الجماعة؛ لأنه نمت إليه أخبار تُفيد بنية الجماعة الانقلاب على نظام الحكم، وتداول أفراد الجماعة لهذا الأمر في اجتماعاتهم السرية، التي ربما كانت تخطط لاغتيال عبد الناصر –رحمه الله –وربما يكون ذلك حقيقة، وبما يكون مجرد وشاية وصلت لأجهزة المخابرات المصرية آنذاك.

وليس بمستغرب أن تفكر الجماعة المصرية في تلك الحقبة هذا التفكير، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يحوز على أغلبية أصوات الشعب المصري، وكونه رمزاً للفداء والتضحية والبسالة، فقد كانت الجماعة حديثة النشأة، وتريد أن تجد مكانها في بيوت وشوارع المجتمع المصري، فكان لا بُد من فرقعة صادمة تشقُّ الصفوف، وتثر الانتباه.

لقد كفرت الجماعة المصرية الحزب الحاكم صراحةً ودون مواربة، بل وكل العاملين في السلك الحكومي، معتبرةً أن الشيوعية التي تُظلهم منبراً كفرياً لا ينجو منه أحد، هذا مع أن الإسلام أو شعائره العامة والخاصة لم يحاربها أحد، وكان اقتباس النظام للشيوعية يسري في جوانب معينة لا علاقة لها بالدين، فكان يسري في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لإدارة الدولة، الأمر الذي اعتبره الإخوان كفراً بمبادئ الإسلام وبمبادئه وقيمه!

لقد كانت زينب الغزالي تؤمن بكفر عبد الناصر شخصياً، وتعلنها بصراحة تامة، وبعبارات خطابية قوية، ولعلك تقرأ ذلك بوضوح في الصحيفة (183) من كتابها حيث تنفي أن يكون عبد الناصر من أهل القبلة، وتعليلها لذلك بأنه يُعطل الحكم بكتاب الله تعالى! ولا شك أن مثل هذه الإطلاقات هو جناية من الجماعة المصرية على المجتمع بأسره، الأمر الذي يفسر كل تلك الأحداث التي قد يفهمها البعض أنها بطولة وتحدي ورفع لراية القرآن.

لقد حصدت الجماعة ثمار كلماتها وشعاراتها المغلوطة في تلك السجون، وإذا كان هدفهم هو التغيير فدونهم أساليب شرعية شتى، وسيما وأن الناس لم ينسلخوا عن دينهم، وهي جماعة تنتمي إلى حاضنة الإسلام، وأما الوصول إلى سدة الحكم بخلع الغير بعد تكفيره وتخوينه واستحلال دمه، ووضع قائمة طويلة تعجُّ بسيئاته، سعياً إلى الانقلاب باسم الدين، فهذه جريمة كُبرى لا تضاهيها جريمة.

سطرت زينب الغزالي موقفها بكل جرأة إزاء الرئيس عبد الناصر –رحمه الله- وإزاء عادات وأخلاقيات المجتمع المصري الطيب، والتي كانت الجماعة المصرية تصفه بالمجتمع الجاهلي! وأسجل هنا أن هذه المحنة كان يمكنها أن تنقضي وتتبدد لو غلّب الإخوان داعية العقل، لكنه الانجرار وراء العواطف، والفهم المغلوط للدين والحياة، رأيناه بصورة عملية في بدايات التأسيس، ولا يزال مستمراً حتى اليوم.

لم نجد في حسابات الخلايا الأولى للجماعة التدرج في فقه التغيير، لكنهم نصبوا أنفسهم أعداءً للأنظمة، في إصرار عجيب، وعناد منقطع النظير، وتضحيات أظنها في غير محلها، وقد جمدت عقولهم في قوالب المعارضة، وصاروا نُسخاً ملتهبة تسير وسط الناس، كل من لا يروقهم أو يخالف فكرتهم فهو كافر، الأمر الذي رسخته الجماعة في ندواتها وكتاباتها واجتماعتها،

ومن يقرأ هذا الكتاب يأسف لأمرين: الأول فقدان عنصر الحكمة في دعوة الإخوان، والثاني: تحمل كل هذا العذاب دون نتيجة تُذكر، لقد كانت حقبة سوداء بالنسبة لهم، امتزجت فيها الأهواء بالمطامع، والدين بالدنيا، وأصبح العناد هو منتهى الرغبة وأسمى الأهداف، وأُغلقت العبون وصُمت الآذان وسُدت المنافذ أمام هذا التيبُّس والمشاققة.

ومع ذلك ترى الكاتبة وهي ترسم صوراً عن الافتخار بتضحياتها وصمودها مستغلة في ذلك العواطف الدينية، ومن العجيب أن تقرر زينب كتابة هذه المذكرات باعتبارها حقُّ التاريخ، وحقُّ أبناء الجماعة الذين يسرون في نفس الطريق.

بدأت الكاتبة رحلتها في الكتاب من قصة الحادث المُدبر من قبل أجهزة أمن عبد الناصر التي حاولت اغتيالها في أوائل فبراير عام 1964 م، وجعلت ذلك تحت عنوان (عبد الناصر يكرهني شخصياً)! ثم دعوة الخزب الاشتراكي العربي لها للانضمام إليه والعمل تحت مظلته (مع الاحتفاظ بعمل جمعية الشابات المسلمات التي تديرها) ورفضها لذلك، ثم تروي قصة بيعتها للجماعة وانضمامها إليها على يد حسن البنا في العام 1937م، واتصالها بكبار شخصيات الإخوان كالهضيبي، وعبد الفتاح عبده إسماعيل وغيرهم.

ثم مرور ما يُسمى بنكبة الإخوان في العام 1954م، وصدور الإعدام بحق عدد من قيادات الإخوان منهم: عبد القادر عودة، ومحمد فرغلي، وحسن الهضيبي، لكنه لم يُنفذ في الأخير، نظراً لحالته الصحية، ثم صدور قرار بحل الجماعة ورفض الإخوان لهذا القرار، تحت عنوان: عبد الناصر ليس له أي ولاء علينا، ولا تجب له طاعة على المسلمين! لأنه بزعمهم يُحارب المسلمين، ولا يحكم بكتاب الله تعالى! (ص 238).

ثم تطرقت إلى جانب من حياتها الشخصية، وعلاقتها بزوجها الذي يبدو أنه كان لا يملك من أمره شيئاً، كونها اشترطت عليه في بداية زواجها ألا يتدخل في حياتها الدعوية، وأنه لا علاقة له بمن تلفتيه وتستضيفه في بيته الذي سمته (بدار الأرقم) فيما تزعم! مع ما نلمسه من تفضيلها عمل الإخوان على إدارة شؤون بيتها (ص 40) ثم عرّجت إلى صلتها بالشهيد سيد قطب، ودفاعها المستميت عنه؛ حتى قالت: (اقرأوا المعالم لتعرفوا لماذا حُكم عليه بالإعدام) (ص 215)، فماذا كتب سيد في المعالم يا ترى!

وضع سيد قطب ملامح المنهج الأولي لجماعة الإخوان والذي يتمثل ببعض كتب التفسير والحديث، وأجزاء من كتاب (المعالم)، بالإضافة إلى المنهج الخفي الذي يتلقونه في تكفير الأنظمة والحكام، باعتباره الجزء الأهم في مشروع الإخوان للوصول إلى الحكم، فيلقنون ذلك لشبابهم مع كل سورة يحفظها، وكل حديث يدرسه، فيمتزج هذا التكفير والمنابذة بلحمه ودمه، حتى يظن ذلك آية في المصحف، أو حديثاً في الصحيح.

ومن يحمل هذا الفكر لا بد وأن يصطدم بالمجتمع بكل ثقافاته وعاداته وتقاليده وطرائقه؛ فيظن المسكين أنه قطب الحق، وعليه يدور دين الإسلام، وغيره على الباطل الصرف، ولعل الله يقذف في قلب هذا المسكين قبسة من نوره فيستفيق من هذه الأحلام، إذا تيسر له الخوض في تاريخ الجماعة، وفهم حقيقة الإسلام.

ولعلك تتساءل: كيف سيحكم الإخوان مصر؟ تجيب على ذلك الحاجة زينب في كتابها في موضعين، تقول: نعتمد تدريس مناهج الإخوان مدة ثلاثة عشر عاماً (مدة الدعوة المكية)، ثم يقومون بحص شامل في الدولة على مستوى الجمهورية، فإذا وجدوا أن الحصاد من أتباعهم والمقتنعين بفكرتهم تبلغ 75 % رجالاً ونساءاً، نادوا حينها بقيام الدولة الإسلامية، وطالبوا بقيام حكم إسلامي. وإذا وجدوا الحصاد 25% جددوا تربيتهم ودراستهم ثلاثة عشر عاماً أخرى! وهلم جرا، حتى يجدوا الناس مقتنعين بفكرتهم.

ولكن يبقى تساؤل هنا: لماذا لا يلجأ الإخوان إلى نظام الاقتراع، والمشاركة النيابية في تلك الحقبة؟ والجواب أنهم يرون هذا من الكفر، والحكم بغير كتاب الله! لكن سبحان الله تغير كل هذا مع مجيء محمد مرسي –رحمه الله –ليثبت أن الإخوان فكرة صحيحة يحملها مُنظّرٌ فاشل، لم يفهموا مبادئ الإسلام بعد، ولم يستفيقوا من أحلامهم الوردية التي لم تتعامل مع الواقع، ولم يتخلصوا من فهمهم المغلوط للدين، وطريقتهم المعهودة: نُجرب فإذا فشلنا نُغير. ما يسمح لهم بتكرار الفشل دون اعتبار، أو الاعتبار بعد فوات الأوان.

ثم انتقلت الكاتبة لتحدثنا عن المؤامرة في القضاء على الجماعة، بوصاية من المخابرات لعالمية على حد زعمها، حيث صدر أمر باعتقالها في 20/ 8 /1965 م. وبدأت تسرد تنقلاتها في السجن الحربي بين الغرف والزنازين الضيقة والقاتمة، وتعرضها لشتى أنواع التعذيب، بالإضافة إلى المساومات للتخلي عن الجماعة، ثم الرؤى التي رأتها في السجن والتي تربو على السبعة في هذا الكتاب (انظر الصفحات: 59، 115، 200، 216، 217، 219، 220).

وسجلت زينب الغزالي ما جرى لها على يد ضباط السجن الحربي، ذاكرة أسماءهم، مثل: شمس بدران، وصفوت الروبي، وحمزة بسيوني وغيرهم، ثم عرضها على المحكمة بعد عام كامل قضته في السجن، وذلك بتاريخ 17 /5 /1966م وحكم عليها بالسجن 25 سنة مع الأشغال الشاقة، نقلت على إثرها إلى سجن "القناطر"، حتى أفرج عنها بعد موت عبد الناصر بقرار رئاسي من أنور السادات في 9/ 8/ 1971م.

 وفي الكتاب أعاجيب تكشف عوار هذا الفكر المغلف بالعناد، وهو قولها في جاسوسة يهودية تعمل لصالح الكيان، وقد سًجنت إبان حرب النكسة، وقد رافقتها في السجن وسمحت لها باستخدام المرحاض الخاص بها: " رأينا من ألد أعداء الإسلام إنسانية" وتقول أيضاً: "وليس لنا حيلة إلا أن نتعايش مع الإنسانية أينما وجدت، طالما ذلك في دائرة الإسلام، قهي الخلاصة التي لم يسنح للإخوان العمل بها".

وقالت تصف مسيحية كانت معها في السجن –بع أن قدمت لها بعض الطعام: "وعجبنا لهذا الطبع الإنساني النادر وجوده في مثل هذه الظروف"! 



الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الدرر النقية في فضائل ذرية خير البرية العلامة الشيخ محمد سعيد بن محمد بابصيل الحضرمي المكي الشافعي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الدرر النقية في فضائل ذرية خير البرية

العلامة الشيخ محمد سعيد بن محمد بابصيل الحضرمي المكي الشافعي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: هذه رسالة لطيفة في فضل آل البيت الكرام، اختصرها المؤلف من كتاب شيخ العلامة أحمد زيني دحلان (مشارق الأنوار السنية بفضائل ذرية خير البرية)، وقد بين المؤلف أن المراد بآل البيت على الخصوص، هم: علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين عليهم السلام، ونساء النبي رضوان الله عليهن، بالإضافة إلى آل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وهم الذين تحرم عليهم الصدقة.

ثم ذكر الآيات الدالة على فضلهم وبلغت (4) أربع آيات، ثم ما يعضدها من السنن التي بلغت بمجملها (77) سبعة وسبعين حديثاً مرفوعاً، وأتبع ذلك بفصلٍ في بيان إكرام الصحابة ومن بعدهم من التابعين لأهل البيت عليهم السلام، فذكر (13) ثلاثة عشر أثراً موقوفاً ومقطوعاً، ثم (4) أربع قصائد شعرية في الدلالة على حب آل البيت عليهم السلام.

ثم ختم رسالته بما جمعه الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى باعلوي المشهور بصاحب البقرة، من الأحاديث الواردة في فضائل أهل البيت، مما ذكره الشيخ شهاب ابن حجر الهيثمي في كتابه "الصواعق المحرقة"، وقد اشتمل ما جمعه على (24) أربعة وعشرين حديثاً، وسبعة وثلاثين فائدة في محبة أهل البيت النبوي الكريم ختم بها رسالته.





أمام العرش نجيب محفوظ بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أمام العرش

نجيب محفوظ

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد: هذا الكتاب، رواية جميلة تحاكي عقائد المصريين في الحقبة الفرعونية، وجملة من مآثرهم القديمة، ويعرض الكاتب صورة لمحكمة عليا، يُعرض عليها الملوك والحكام والوزراء والحكماء المصريين، وذلك بعد انتقالهم إلى الحياة الأخروية، ويرأس هذه المحكمة "أوزوريس" ملك الآلهة الفرعونية، وزوجه "إيزيس"، اللذان يقرران مصير كل واحد من هؤلاء ومكانته.

ويدخل الملوك الأموات، الواحد تلو الآخر إلى هذه المحكمة، لتتم محاسبته، وينال جزاءه في هذه المحكمة، حيث يستأذن الحاجب "حورس" لمن يأتي دوره بالدخول، فإذا دخل قرأ على الملك سماته الشخصية، ومآثره العلمية والعملية، وتنظيمه للحياة الاجتماعية والاقتصادية، وحمايته لأرض مصر ودفاعه عن شعبها، ضد الأخطار الخارجية والفوضى الداخلية، ومدى محافظته على التقاليد الفرعونية، وإخلاص الناس في طاعته.

وينال بعدها نصيبه من الخلود والحياة الأبدية، فإما أن يكون مع الخالدين بجوار الملك "أوزوريس"، أو من المهملين الذين لا جزاء لهم أو ثواب، أو مع المعذبين في النار.

ومن جملة هؤلاء الملوك والحكماء، الذين ينبغي الاعتناء بمعرفة شيء من سيرتهم:

1-أوزوريس الروماني (40).

2-دميانة السويفية "أم ولد وفلاحة" (44)

3-أحمد الميناوي (45).

4-سمعان الجرجاوي الحدادي (46).

5-حليم الأسواني (47).

6-سليمان تادرس النقاش (45)

7-موسى كاتب أحمد بن طولون (49).

8-ابن قلاقس (51).

9-الوزير قراقوش (52).

10-الشهاب الخفاجي (53).

11- علي بن بك الكبير (54).

12-السيد عمر مكرم (55).

13-محمد علي باشا (56).

14-أحمد عُرابي (57).

15- مصطفى كامل (58).

16-سعد زغلول (60).

17-مصطفى النحاس (61).

18-جمال عبد الناصر (62).

19- محمد أنور السادات (63).

يقول المؤلف في خاتمة روايته:

قلّب أندريوس عينيه في الخالدين، وقال: ها هي مصر قد عرضت عليكم بكل أفراحها وأحزانها، مذ وحّدا "مينا" وحتى استردت استقلالها على يد السادات، فلعل لبعضكم رؤية يريد أن ينوّه بها؟ 

وطلب من الملك أخناتون الكلمة، ثم قال: ادعوا للاستمساك بعبادة الإله الواحد، باعتباره المعنى والخلود، والتحرر من أي عبودية أرضية.

وقال الملك مينا: والحرص على وحدة الأرض والشعب، فالكلمة لا تجيء إلا نتيجة لخلل يصيب هذه الوحدة.

وقال الملك خوفو: على مصر أن تؤمن بالعمل، به شيدت الهرم، وبه تواصل البناء.

وقال أمحوتب وزير الملك زوسر: وأن تؤمن بالعلم، وهو القوة وراء خلودها.

وقال الحكيم بتاح حوتب: وأن تؤمن بالحكمة والأدب، لتنعم بنضارة الحياة، وتنهل من رحيقها.

وقال أبنوم: وأن تؤمن بالشعب والثورة لتطرد مسيرتها نحو الكمال.

 وقال الملك تحتمس الثالث: وأن تؤمن بالقوة التي لا تتحقق حتى تلتحم بجيرانها.

وقال سعد زغلول: وأن يكون الحكم فيها من الشعب من أجل الشعب.

وقال جمال عبد الناصر: وأن تقوم العلاقات بين الناس على أساس من العلاقات الاجتماعية المطلقة.

وقال أنور السادات: وأن يكون هدفها الحضارة والسلام.

وهنا قالت إيزيس: ليضرع كل منكم إلى إلهه أن يهب أهل مصر الحكمة والقوة؛ لتبقى على الزمان منارة للهدى والجمال. فبسط الجميع أكفهم واستغرقوا في الدعاء!




الفتنة بين الصحابة محمد حسان بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الفتنة بين الصحابة

محمد حسان

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: لا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أرباب النفوس والمجاهدات، وأصحاب المعاملات والمكابدات، وما نالوا هذا الشرف العظيم، والمنزلة العالية الرفيعة، إلا بإيمانهم بالله تعالى، ومجاهدتهم مع رسوله صلى الله عليه وسلم، وحبهم الشديد لهذا الدين، وقد تزينت كتب السنة الصحيحة بعبير فضائلهم، وزهر مناقبهم، فتواترت الأخبار في بيان أنهم كانوا خيرة الناس، وصفوة الناس، ولذا فإن محبتهم واجبة، وهي من فرائض الدين، فلا يبغضهم إلا منافق، ولا ينقصهم إلا شقيٌّ هالك.

ولما وقعت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية، وبين علي وعائشة، وبين علي وابن الزبير وطلحة، كثر الطاعنون في الصحابة ودينهم، وخاض في هذه الفتنة من لا يحسن السباحة، ونازل فيها من لا يجيد النزال، واستعمل المشاققون لذلك آثاراً واهية، وردت في كتب أئمة السلف؛ كابن عساكر، والطبري، وابن كثير وغيرهم، فنقلوا هذه الآثار دونما علم ألبتة بأقوال أهل الجرح والتعديل في أسانيد هذه الآثار، وقد كان علماؤنا السابقون يدونون هذه الآثار، ويروونها بأسانيدهم، ليسهل على كل ناقل أن يستخرج الحق من ركام الباطل، وليس لأنهم احتجوا بها، أو أنزلوها منزل النص القطعي.

ومع كثرة الأخذ والرد، كان لا بد من تجلية الحديث عن هذه الفتنة الحالكة، التي بدأت بقتل عثمان بن عفان رضي الله عنهن وانتهت بمقتل علي والحسن والحسين، وجمع كبير من الصحابة رضوان الله عليهم.

وقد بين المؤلف في هذا الكتاب: المقصود بالصحابي، وفضل الصحبة وكرامتها، من القرآن الكريم، وكتب أهل التفسير؛ كابن كثير والطبري، ومن السنة المطهرة، وشروحها، وأقوال التابعين، ثم بين فضائل بعضهم كأبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، والحسن، والحسين، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسامة بن زيد، وسعد بن معاذ رضي الله عنهم.

ثم عقد باباً في الفتن، بين فيه: معنى الفتنة في اللغة، ثم بيان مصدر هذه الفتن ومنبعها، ثم بداية الفتنة، وكيفية خروجها، م نبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم بمقتل عثمان بن عفان على يد الغافقي والتجيبي، ودور ابن سبأ في إشعال هذه الفتنة.

ثم تحدث عن مبايعة المسلمين لعلي رضي الله عن، وما جرى في موقعة الجمل سنة 36 هـ، ثم موقعة صفين سنة 37 هـ، ثم أتم الكلام على قضية التحكيم، وتكلم على رواية "مخنف لن لوط"، ودافع عن الصحابة، وعلى رأسهم: أبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.

وتحدث أيضاً عن اتفاق الصحيفة، ثم ظهور الخوارج في جيش علي، ثم مقتل علي رضي الله عنه، ثم بعض مناقب الحسن رضوان الله عليه، والصلح الذي تم بينه وبين معاوية سنة 41 هـ. 

ولعل كلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوي" يُلخص ذلك، حيث يقول:

"ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم. ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح منه: هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون " أ. هـ.

ويلخصه كلام ابن كثير رحمه الله في "الباعث الحثيث": 

"وأما ما شجر بينهم بعده عليه الصلاة والسلام، فمنه ما وقع عن غير قصد، كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد، كيوم صفين. والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ، ومأجور أيضاً، وأما المصيب فله أجران اثنان، وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين" أهـ.

ويقول العلامة ابن حجر العسقلاني في "الفتح":

"واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين".

وختم المؤلف ببابٍ أوضح فيه واجبنا نحو الصحابة رضي الله عنهم، ذكر فيه فصلين:

الفصل الأول: واجب المسلم نحو الصحابة، ونوجزه فيما يلي:

أولاً: اعتقاد أنهم خير الناس وأفضلهم على الإطلاق بعد الأنبياء والرسل؛ وهذا صريح في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)

ثانياً: اعتقاد أن الصحابة ليسوا على درجة واحدة في القدر والفضل، بل هم على درجات في الفضل والقدر وهذا حق، والمنزلة، فالنصوص الشرعية دلت على أن الصحابة –رضي الله تعالى عنهم- يتفاضلون فيما بينهم، فأفضلهم الخلفاء الراشدون، وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أصحاب الشجرة، ثم من أسلم قبل الفتح، ثم من أسلم بعده، وهكذا.

ثالثاً: أنهم لا يذكرون إلا بأحَسن وبأفضل ما تنطق به الألسنة من الثناء عليهم، ومن الكلام الجميل فيهم –رضي الله عنهم، ويدخل في ذكرهم بأحسن ذكر: نشر محاسنهم، والدفاع عن أعراضهم، ووصفهم بما ثبتت به النصوص الشرعية –رضي الله تعالى عنهم-.

رابعاً: الكف عما شجر بينهم من خلاف، وعدم الخوض فيما وقع بينهم من حروب ومن نزاعات، مع التماس المخارج لهم يعني الأعذار، والمسالك الصحيحة المستقيمة تجاههم –رضي الله عنهم.

خامساً: الاقتداء بهم، والسير على منهاجهم، والأخذ ِ بهديهم، على أنه ينبغي التنبه لأمرٍ هام، وهو أنه ليس في تفضيل الصحابة بعضهم على بعض عندنا ثمرة علمية، بل هي دراسة تاريخية.

سادساً: الدعاء لهم، وذلك بالترضي عنهم والترحم عليهم، والاستغفار لهم، وذكرهم بخير، والتأسي بهم، ومعرفة فضلهم وسبقهم ومنزلتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبار فهمهم للدين، وتقديمه على فهم غيرهم، وسؤال الله اللحاق بهم.

الفصل الثاني: منهج المسلم في الفتن:

أولاً: الاعتصام بالله جل وعلا، والصدق في طلب العون منه؛ ليُعينك الله ويثبتك في هذه الفتن المتلاطمة الأمواج، فالمعصوم من عصمه الله تبارك وتعالى، والمخذول من خذله؛ إذ لا حول ولا قوة إلا بالله.

ثانياً: تجديد الإيمان، لأن الإيمان يزيد وينقص، يضعف ويقوى، يضعف في بيئة الفتن والمعاصي، ويقوى في بيئة الطاعات، فعرّض قلبك قدر الاستطاعة لبيئة الطاعة، واجعل لنفسك ساعة تسمع عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولتجلس في مجلس علم لعالمٍ رباني أو داعية صادق؛ ليزداد إيمانك، فملازمة مجالس العلم بية خالصة توفق في الخروج من البدعة إلى السنة، ومن الحرام إلى الحلال، ومن الباطل والشر إلى الحق والخير، ومن الضلال إلى الهدى.

ثالثاً: التمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما؛ فيجب علينا أن نحوّل القرآن والسنة في بيوتنا ووظائفنا ومصانعنا وشوارعنا إلى واقع عملي ومنهج حياة، قال تعالى: {طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرةً لمن يخشى}.

رابعاً: الثقة في وعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفهم السنة الربانية؛ لأن شبابنا إن لم يفهموا السنن وقعوا في محنة حالكة، ألا وهي محنة القنوط واليأس من التغيير، بل ربما وقعوا في محنة الشك في الله وفي وعده ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن نفهم السنن الربانية؛ لأن لله تعالى سنناً في الكون لا تتبدل ولا تتغير، ولا تحابي أحداً من الخلق مهما ادعى لنفسه من مقومات الحياة، فالله لا ينصر ولا يمكن ولا يستخلف ولا يُعز إلا من حقق الإيمان، وهنا تزول هذه الفتنة، التي تعصف بكثير من القلوب.

خامساً: التحصن بالعبادة في وقت الفتن، لأنها أقوى سلاح يستعين به المسلم في مواجهتها، بأن يبذل قلبه وقالبه في عبادة سيده ومولاه في الوقت الذي تعصف تلك الأمور العظام بالقلب وتغشاه.

سادساً: الاستعاذة بالله من الفتن؛ فعلى العبد أن يستعيذ بالله من الفتن عند ورودها، بل وقبل ورودها، روى مسلم من حديث زيد بن ثابت مرفوعاً: (تعوذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن).

سابعاً: المحافظة على الصلوات في جماعة، لقوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}.

ثامناً: ذكر الله عز وجل؛ فالذكر من أعظم وسائل الثبات في الفتن؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45].

تاسعاً: الصحبة الطيبة الصالحة؛ فالصحبة قد تؤثر في الإنسان تأثيراً يتضاعف على تأثير البيت نفسه؛ فالصاحب ساحب؛ ما للثرى وإما للثريا.

عاشراً: الفرار من الفتن، والابتعاد عن أماكنها، وعدم الوقوف في وجهها، لأن ليس في ذلك شجاعة ولا ثبات، مهما ظننت أنك بلغت من الإيمان مبلغاً عظيماً، وإلا فقد حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على اعتزال مواطن الفتن، والفرار منها.

تتمة: سبُّ الصحابة رضوان الله عليهم عند الروافض:

ولي أن أضيف شيئاً آخر، وهو أن سب الصحابة مذهب قديم عند الروافض:

وقد بين العلامة علي القاري موقفهم، وعباراتهم الدارجة في شتم الصحابة عامة، والشيخين خاصة في كتابه "شم العوارض"، كما بين الشيخ محمد بهجة البيطار في آخر رسالته "الإسلام والصحابة الكرام بين السنة والشيعة" (ص 65 -66) موقف الرافضة المعاصرين من الصحابة، فقال: "وهذا كاتب من أوثق الكُتّاب قد زار بلادهم، ورأى فيها أشياء تُصمُّ السميع، وتُعمي البصير، ويُسأل على مثلها العافية؛ فقد كتب تحت عنوان (في بلاد الشيعة):

"جُلتُ في بلاد الشيعة -طولاً وعرضاً -سبعة أشهر وزيادة، وكنتُ أمكث في كل عواصمها أياماً أو أسابيع...". إلى أن قال: "وأول شيء سمعته، وأنكر شيءٍ أنكرته في بلاد الشيعة هو لعن الصديق والفاروق، وأمهات المؤمنين السيدة عائشة، والسيدة حفصة، ولعن العصر الأول كافة، وفي كل خطبة، وفي كل حفلة ومجلس، في البدء والنهاية، وفي ديابيج الكتب والرسائل، وفي أدعية الزيارات كلها، حتى في الأسقية، ما كان يسقي من ساقٍ إلا ويلعن، وما كان يشرب من شارب إلا ويلعن. وأول كل حركة وعمل هو الصلاة على محمد وآل البيت، واللعن على الصديق والفاروق وعثمان، والذين غصبوا حقّ أهل البيت وظلموهم، وهو عندهم أعرف معروف، يلتذُّ به الخطيب، ويفرح عنده السامع، وترتاح إليه الجماعة، ولا ترى في مجلسٍ أثر ارتياح إلا إذا أخذ الخطيب فيه، كأنّ الجماعة لا تسمع إلا إياه، أو لا تفهم غيره" انتهى.

قلتُ (الشيخ البيطار): وما هذا إلا امتداد لبغض قديم من أسلافهم للصحابة رضوان الله عليهم، حتى وصل حالهم إلى كتابة لعن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم على أبواب المساجد؛ كما في "البداية والنهاية" (11/ 240)، و"الكامل" (8/ 549). 

بل كان بعض فرقهم يأخذ البغل أو الحمار ويضربه ويُعطشه ويُجيعه على أن روح أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه، إيماناً منهم بتناسخ الأرواح، وكذلك يفعلون، بالعنزة على أن روح عائشة فيها؛ كما قال ابن حزم في "الفصل" (4/ 182). 

بل صنف الكركي صاحب الحظوة عند الشاه طهماسب رسالة بعنوان "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت" وكان لا يركب ولا يمضي؛ إلا والسَّبابُ يمشي في ركابه؛ مجاهراً يلعن الشيخين، ولا يزال المتشيعون يذكرون مقتل عمر رضي الله عنه إلى يومنا هذا، فيحتفلون بمقتله كل عام.

فبالله؛ كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يُشاهد فيه إلا غالياً في الحُبّ، مفرطاً في البغض، ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال؟!

فنحمد الله على العافية، الذي أوجدنا في زمانٍ قد انمحص فيه الحق، واتضح من الطرفين، وعرفنا مآخذ كل واحد م الطائفتين، وتبصرنا فعذرنا واستغفرنا، وأحببنا باقتصاد، وترحمنا على البُغاة بتأويل سائغ في الجملة، أو بخطأ إن شاء الله مغفور، وقلنا كما عملنا الله، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 10).






الخميس، 17 أكتوبر 2024

ماهية القلب محيي الدين بن عربي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

ماهية القلب

محيي الدين بن عربي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: طالما ارتبط الذوق عند المتصوفة بنوع من الحكمة الإشراقية، التي تعتمد على الإدراك الفطري للأمور، والمستقر في عمق القلب الإنساني، وبعبارة أخرى: فإن كل إنسان بتضمن بداخله نوعاً من المعرفة الإلهية، ووظيفته هي إزالة الحجب عن هذه المعرفة بواسطة الذوق، الذي يعد الوسيلة الوحيدة للحصول على هذه المعرفة، وهو ما يعبرون عنه بالشهود المباشر للحقائق، وبمقدار ما يترقى الإنسان في التعرف إلى ذاته يمكنه رؤية النور الذي بداخله، وبالتالي يتجلى الحق ويظهر بشكل أكبر.

ولا شك أن القلوب أوعية، بعضها أوعى من بعض، بحسب ما يتصل به من أنوار المعرفة الواردة إليه من نور العقل المتصل به، لقوله (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب)، والمراد بالقلب هنا: بؤرة الوجدان والمعرفة، ومحل الكشف والإلهام في الإنسان، وهو العين التي يبصر بها خلالها بواطن الأمور، وما وراء الفكر، وقل بالعارف في تحرر مستمر من قيود ظلمة النفس والطباع البشرية، وباكتمال هذا التحرر يمكن القلب الاتصال مباشرة بالتجلي التام للحقيقة الإلهية.

ولذا فإن تركيز العارف يكون في الانتقال من الأسباب إلى المسبب، ومن السوى إليه هو، ومن الأشياء إلى رب الأشياء، وعلة ذلك أن العمل بحركات القلوب في مطالعة الغيوب أشرف من غيره.

وتشير نظرية ابن عربي إلى أن القلب هو الأداة التي هيأها الله للتأمل، وبه يتحقق اكتساب المعارف الباطنية، وقد أوضح ههنا ماهية المعرفة، وكيفية تحصيلها، وما هي مضامينها، ومجال عملها، وأقسامها المتمثلة في علم العقل، وعلم الأحوال، وعلم الأسرار.

وذكر ابن عربي في كتابه هذا عشرة فصول، كلها تدور على هذا المعنى، جلاها في تسعة وثلاثين حُلّة، كل حُلّةٍ منها تمثل لطيفة روحانية ومعراجاً قلبي، يترقى بها الإنسان معرفياً في مراتب الكمال والولاية، مع بيان تفصيل ذلك، وإشارات الشرع الشريف لذلك في بعض نصوصه، وتأييد ذلك بالبرهان العقلي والمثال الحسي.

ويمكن تلخيص نظرية ابن عربي فيما يلي:

1-أن القلب معنى زائد عن حقيقة المادية، يتمثل هذا المعنى فيما استودع فيه من القوة الجاذبة والنور العقلي المعبر عنه بعين البصيرة، فإذا اتصلت الأنوار كان ذلك (نور على نور)، فإذا فاضت الأنوار على النفس، واستوعبها القلب، ألقى بها إلى القوة المخيلة في الدماغ، ثم إلى القوة المفكرة التي تميز ما يصلح أن يعول عليه، ثم إلى القوة الحافظة التي تحفظه في الغيب، وانبنت عليها تصرفاته الظاهرة والباطنة.

2-اتصال الأنوار العقلية بأنوار اليقين، يفضي إلى رؤية ملكوت السماوات والأرض، فيحصل للقلب الطمأنينة في عالم الغيب كما حصل ذلك بالعيان في عالم الشهادة.

3-النفس الأمارة بالسوء تقع بين أنوار العقل وظلمات الطبع، واتصالها بأنوار العقل يرقيها في معراج القلب إلى ساحة البصيرة، التي ينكشف فيها طبيعة التكليف.

4-إذا اتصل فيض النفس بمرآة القلب، أشرق ضوؤه حتى يلتحق بعين البصيرة حال صفائها، ثم يرتقي إلى عالم العقل المتصل بالدماغ.

5-أن حسم مادة الهوى عن القلب، يكون بالاستهتار بذكر الله تعالى، والتمسك بالعروة الوثقى، والاعتصام بالحبل المتين، وتلاوة الكتاب المبين، وترك الترخص فيما يُفضي إلى الندم في الحال والمآل، وحفظ النطق من مطاعم الشبهات، والاحتراز من مظان التهم ومواقع الغرور، والتصرف بالورع الصادق، ومجانبة قرناء التخليط، وحفظ الحواس الظاهرة من مداخل الفتن، والاعتماد على الله تعالى في استقامة الظاهر والباطن، والإخلاد إليه في جميع المقاصد.

6-أن الاعتبار هو وظيفة من وظائف النفس، يعني العبور من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، أما التدبر فهو وظيفة القلب، وذلك بالاستدلال بالشاهد على الغائب، بواسطة القياس العقلي.

7-أن النفس إذا اتصفت بالأخلاق الحميدة عوضاً عن الذميمة، وتخلصت من التعلق بالحركات البدنية وما اتصل بها من الهمم القلبية، ارتقى من سعادة إلى سعادة، ومن مقام إلى مقام، يعبر عن هذه السعادات، أولاً: بالفناء عن عالم الصور، ثم الفناء عن عالم المعاني، وهو الفناء الأوسط، الذي ليس بعده إلا النهاية، وهو الفناء عن الفناء، وهو مقام الحرية؛ فإذا اتصف القلب بهذه الأخلاق الطاهرة، وتجرد عن الأخلاق النفسية، شارك الملائكة في خصوص العبودية.



خمرة الحان ورنة ألحان شرح رسالة الشيخ أرسلان عبد الغني العمري النابلسي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

خمرة الحان ورنة ألحان شرح رسالة الشيخ أرسلان

عبد الغني العمري النابلسي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: هذا الكتاب النافع هو شرح لرسالة الشيخ أرسلان الدمشقي التي دون فيها بعض الحقائق العرفانية التي تلزم كل سالك فهمها والتعرف عليها، يبين من خلالها مقام الواصلين، ومدار علم العارفين، وجعل مدارها على التوحيد الفطري الروحي من خلال نفي جميع أنواع الشرك، سيما شرك النفس الذي يتلبس به أكثر الخلق، وقد بين في رسالته طريق الخلاص من هذا الشرك، يبأن يرى السالك أنه فيما يُقدم عليه من الأمور مسلوب الاختيار بالنسبة لحضرة الحق سبحانه وتعالى، وقد مدح النابلسي هذه الرسالة، بأبيات، يقول فيها:

عن أرسلان جاء علم الحقائق ... حيث أهدى رسالةً للخلائق

كل حرفٍ منها يُشير لمعنى ... سائق نحو ذوق سائق

وختم النابلسي هذا الشرح بأبيات فيها مدح هذه الرسالة، مؤرخاً لتاريخ تأليف الشرح، يقول في مطلعها:

زدتَ نوراً يا أرسلان... وعليك من لله منان

خمرة في ألحان صافية ... أشرقت من نورها ألحان

وجميع الكون من طري... عند أهل السمع ألحان

وقد ارتأيتُ أن أذكر بعض المصلطحات الورادة في الشرح وتفسيرها بحسب النابلسي:

العبادة: قول وعمل، وهي اسم لكل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من أنواع العبادات الظاهرة؛ كأفعال الجوارح، والباطنة؛ كالإيمان والمعرفة والتوحيد. أو هي ما يفعله المتقي في مجاهدة نفسه طالباً لمرضاة ربه، امتثالاً واجتناباً.

العقل: هو نور خلقه الله تعالى للروح، بمنزلة اللسان للجسد، يقبل الزيادة والنقصان.

الشرك الخفي: هو خفاء شيء من الشرك الجلي عن العبد، بسبب استيلاء الغفلة عن القلب.

الشرك الجلي: هو اعتقاد أن مع الله رباً آخر يستحق العبادة من الخلق، أو أن مع الله غيره موصوفاً بصفة مثل صفاته تعالى، أو فعل له كأفعاله، أو اسم له كأسمائه، أو حكم كأحكامه.

الإيمان بالغيب: هو الاستسلام لما غاب عن العقل والحس، ظاهراً وباطناً، حتى لا يبقى في العبد خاطرٌ ينازعه.

السجود: هو لحوق نفسك بأرضها التي خُلقت منها.

التوحيد: ظهور صفة الوحدانية للعبد؛ حتى يتحقق كله فيها، ولا يبقى له أثر إلا مجرد التصديق القلبي بأن ذلك حق.

الوحدانية: هو بلا أنت معه، وبالإشارة: أن يكون ولا تكون، ولذلك قيل: انفصل عنك تشهده.

الإيمان: هو التصديق الكامل بالله تعالى والإذعان والانقياد إليه على أتم الوجوه.

الخروج عن الأغيار: هو أن تجد نفسك خارجة عن قصدهم وإرادتهم، لتحققها بمعرفة من خرجت عنه؛ لأنه عدم صرف لابس ثوب الوجود المستعار.

المقام: هو أعمال السالك المستمرة التي يدركها السالك، ويجد بسببها في نفسه نشاطاً إلى تلقي المدد من الجانب الأقدس لم يجده قبل ذلك.

الحال: هو ما لا استقرار له من مشاهد القرب إلى الله تعالى.

المكاشفة: هو بلوغ ما وراء حجاب العلم من المشاهدة الإلهية.

الكشف: هو رفع الحجاب عن عين القلب، ورؤية الأشياء على ما هي عليه.

مقام الجمع: هو أن تكون مع الله تعالى، ناظراً إليه، مشتغلاً به عن نفسك، حينها يحجبك عن نفسك، فلا تجد نفسك معه تعالى، ويبقى هو تعالى ولا أنت.

مقام الفرق: هو أن تكون مع نفسك، مشتغلاً بها عن الاشتغال بالله تعالى.

العلم اللدني: هو العلم بالله تعالى، ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً وأسماءًا وأحكاماً على وجه الكشف والشهود.

اليقين: هو سكون القلب إلى الله تعالى، والطمأنينة به، حتى لا يبقى في القلب حركة إلى سواه.

التوكل: هو ترك الاعتماد على غير الله من جميع الأسباب الشرعية كالطاعات للثواب والمخالفات للعقاب، أو العادية كالأكل للشبع، وشرب الماء للري، ولبس الثوب لستر العورة، أو دفع ألم البرد والحر، ونحو ذلك، أو العقلية كاستعماله الحواس لإدراك الجزئيات أو الفكر لإدراك الكليات، وما أشبه ذلك.

الشريعة: هي البيان الإلهي المستفاد من الوسائط الناطقين عنه تعالى، المقتضي لامتثال أمره تعالى فعلاً أو تركاً، قطعاً أو ظناً أو تخييراً، والمخاطب بذلك كل مكلف.

الحقيقة: هي البيان الإلهي على ما هو عليه لا على حسب فهمهم القاصرين له، فلا فرق بينها وبين الشريعة إلا بحسب كمال الفهم وقصوره، وكمال الفهم إنما يحصل للعبد من ربه بلا واسطة، وقصور الفهم يحصل للعبد من ربه بواسطة اعتماد العبد على نفسه، واتكاله عليها بتقدير الله تعالى عليه.

سرد موضوعات الكتاب جملة:

التوحيد والشرك – الإيمان واليقين -الشريعة والحقيقة -تعلقات الإيمان والتوكل والتوحيد -العقل والهوى -المؤمن والعارف -مقام الأمر والولاية -المريد والمُراد -أول مقامات وأوسطها وآخرها -العلم والعمل والمعرفة والكشف -كمال اليقين وكمال والتوحيد -أهل الباطن والظاهر -أهل اليقين والإيمان -المتقي والعارف والمحب -المحبة واليقين -المحب الصادق -المحب والمحبوب -العبادة والمحبة -المحبة والمحبوب -العبادات والمحبة -العبودية والوحدانية -الشريعة والعلم والمعرفة -العابد والمحب -العابد والزاهد والصديق والعارف -البصير والأعمى -القرب والتكليف والقبول -العوام والخواص وخواص الخواص.



الأنوار في آداب صحبة الأخيار. عبد الوهاب الشعراني بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الأنوار في آداب صحبة الأخيار.

عبد الوهاب الشعراني

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

       تمهيد: هذه الرسالة اللطيفة، اشتملت على أخلاق الصفوة، وآداب الكُمّل من العلماء والعارفين، وهي باقة عطرة من زهور الأخلاق والآداب يُقدمها للمسلمين عامة، لينتفعوا بها، ويتروحوا بأريجها، وجعلها في ثلاثة فصول وخاتمة، حبك فيها ضوابط الصحبة بشكل عام، وضوابطا عند الصوفية بشكل خاص، كما نوه إلى أهمية العمل بالعلم، سيما وأنه كتب هذه الرسالة لأهل عصره، الذين أصابتهم البطالة.

ومن يقرأ هذه الرسالة يدرك بوضوح أهمية هذه الرسالة وأمثالها، سيما وأن الحديث فيها يدور على الصحبة ولوازمها، وشروط الصاحب، وما ينبغي للصاحب والمصاحب أن يكونا عليه، ومن الذي يُصحب، وأن الصاحب على الحقيقة هو الذي يصحبك في سفرك وحضرك، ويخلفك في أهلك، ويقدر على نصرك وظفرك، وغير ذلك مما هو مسطور فيها.

وقد أجمل المؤلف الصحبة في كونها الطريق العملي الموصل إلى تزكية النفس، والتخلي عن رعوناتها وآفاتها، والتحلي بكمالات الأخلاق والأعمال والآداب، وبين أنه يتقوى بها قلب المؤمن، وتزداد ثقته في منهج الله تعالى.

       وما سُمي الصحابة بذلك إلا لصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعون هم أصحاب الصحابة، وهكذا دواليك، ما انفك أهل الإيمان عنها، فهي أصل عظيم من أصولهم، ولذلك استمر شأنها قديماً وحديثاً، وقد علموا أن الصحبة التي لا توصل إلى الغايات النبيلة ليس لها معنى بين أهل الإيمان؛ لأنها لا تحقق الثمرة المرجوة، وهذه الصحبة أصبحت نادرة الوجود، فلم تعد صحبة اليوم إلا شكلاً من وسائل الترفيه والمتعة، وضرباً من أساليب جمع المال، أو لعلها عابرة معلولة تنتهي عندما يقضي الأطراف الوطر منها.

ومعلوم قصة ذلك التائب الذي قتل مائة نفس، فأمره العال أن يهجر الأرض الت يكان فيها، ويذهب إلى أرض كذا وكذا، ومعلوم أن المراد ليس هو هجر الأرض حقيقة، بل هجر من فيها من أصحاب السوء، والتوجه إلى البيئة الطيبة التي فيها أهل الفضل والصلاح.

       ويذكر المؤلف في الفصل الأول: ما ورد في شأن الصحبة، وفضل المتحابين في الله من حديث مرفوع وأثر مسموع وحكاية صالحة، وعلل ذلك بقوله: "لأن القلب يقوى بالاطلاع على الدليل". ثم عقد مقارنة بين الصحبة والعزلة: أيهما أفضل؟ وأنواع الصحبة والغاية منها.

وفي الفصل الثاني: ذكر جملة من حقوق الصحبة. وفي الفصل الثالث: ذكر جملة من آداب القوم (الصوفية)، ثم خاتمة في ذكر آداب الذكر المتفق عليها، فذكر ستة وعشرين أدباً، منها ما هو سابق على الذكر، ومنها ما هو أثنائه، ومنها ما يأتي بعده، ثم آداب الذكر الغير متفق عليها، وقد أوصلوها إلى المائة.

وقد تميزت رسالته هذه بسهولة أسلوبها، مع قرب عبارتها، وكثرة نفعها، يعلم ذلك كل منا اطلع عليها، أو على فصول منها.

نبذة عن الإمام الشعراني

وينبغي التنبه إلى أن الإمام الشعراني له كتاب سماه "لطائف المنن والأخلاق في وجوب التحدث بنعمة الله على الإطلاق"، والذي ترجم فيه لنفسه وبيئته، بل دون فيه أحاسيسه ومواجيده، لذلك فإن هذا الكتاب هو أصدق ما كتب في ترجمته، كيف لا وقد كتبه بخط يده، وهو أعلم بنفسه من غيره.

اسمه ونسبه:

هو أبو محمد، عبد الوهاب بن أحمد الشعراوي، الشافعي، الشاذلي، المصري، المولد والوفاة، نزل بعض أجداده بالمغرب، بمدينة تلمسان، واجتمع جده الشيخ موسى بن السلطان أحمد بالشيخ أبي مدين المغربي، فرباه وأدبه، ثم وجهه إلى صعيد مصر، وكان ذلك في نهايات القرن السادس تقريباً.

والشعرواي والشعراني نسبة صحيحة إلى ساقية أبي شعرة، بلد المؤلف، قرية من قرى المنوفة في صعيد مصر.

والشعراني قرشي، هاشمي، نسبه يعود إلى محمد بن الحنفية، ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهو شاذلي المشرب، شافعي المذهب، كما ذكر في "طبقاته"، و"مننه"، وغيرهما من تآليفه.

مولده ونشأته:

ولد في بلدة قلقشندة بمصر، قرية جده لأمه، سنة (898 هـ)، ثم نقل إلى قرية أبيه ساقية أبي شعرة، بعد أربعين يومً من مولده، وهذه السنة هي الأرجح في مولده، فهو قد انتقل إلى مصر وعمره إذ ذاك اثنتا عشرة سنة، عام (911 هـ)، كما ذكر في "مننه" رحمه الله.

 توفي والده سنة (907 هـ)، وكذلك توفيت والدته قبل قدومه إلى القاهرة، فنشأ يتيماً، قد تولاه الله بعين عنايته، ويُعد المؤلف هذه النشأة من فضل الله تعالى عليه.

وقبل أن يُناهز الحُلم منَّ الله عليه بحفظ كتابه العزيز، وأضاف إليه حفظ العديد من أمهات المتون، كمتن أبي شجاع، والآجرومية، وكان قد قرأ ما حفظ تحليلاً على يد أخيه الشيخ عبد القادر بعد وفاة أبيه.

وفي سنة (911 هـ) دخل الشعراني القاهرة العامرة بالعلم والعلماء يومئذٍ، وكان دخوله هذا مرحلة مفصلية في حياته، فالشعراني نشأ في الريف، ويعد نقلته إلى المدينة من أعظم المنن.

ودرس الشعراني في الأزهر على الأرجح، فهو قبل أن يذكر نزوله في مسجد الغمري، ذكر أنه قرأ وحفظ "المنهاج" للنووي، و"ألفية ابن مالك"، و"التوضيح" لابن هشام و"جمع الجوامع"، و"ألفية العراقي"، و"تلخيص المفتاح"، و"الشاطبية"، و"قواعد ابن هشام"، وغير ذلك مما سماه بالمختصرات، إلى أن ارتفعت همته لحفظ "الروض" مختصر "الروضة"، لكونه أجمع كتاب في مذهب الإمام الشافعي.

وفاته: فاضت روح الإمام الشعراني في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة (973 هـ، 1565 م)، وكانت آخر كلماته: أنا ذاهب إلى ربي الكريم، رحمه الله تعالى.

ثم أقام بجامع الغمري، وقرأ الشروح والمطولات فيه، وكان إمامه الشيخ أمين الدي محدثاً، قرأ عليه من علوم لحديث الشيء الكثير، واتخذ من هذا المسجد خلوة يتعبد الله عز وجل ويبتهل فيها، يتعلم ويعمل بما تعلم، حتى غدا شاباً ناشئاً في طاعة الله عز وجل.

مكانته العلمية:

إن هذه الكتب التي نعتها المؤلف بالمختصرات، وحفظها، وقرأها في مطلع حياته، لو أحاط بها رجل من أهل زماننا؛ لنُعت بنعوت العلماء والفضلاء، بل إن من قرأ دونها بكثير، يتبوأ ويتصدر المجالس، ويُشار إليه بالبنان.

وكان الشعراني قرأ وتعلم على كوكبة من علماء عصره، غير أنه قدم منهم ثلاثة، وهم: علي الخواص، وعلي المرصفي، ومحمد الشناوي، كما درس على غيرهم.