إتحاف الإخوة بأحكام الصلاة إلى السترة
تأليف: فريح بن صالح البهلال
تمهيد/ إن اتخاذ السُّترة في الصلاة أخذ قسطاً كبيراً من بحث العلماء والفقهاء في: حكمها، وصفتها، وفي معنى قطع الصلاة لمن لم يتخذها، ويبدو أن حديث ابن عباس في الصحيحين (أن النبيَّ صلى إلى غير جدار) كان محوراً لهذا البحث، وهو العمدة في هذا الباب، وعليه اختلفت آراء الفقهاء.
ولا شكَّ أن اتخاذ السُّترة خيرٌ للمرء من عدم اتخاذها، لأن الخروج من الخلاف مُستحب، ولكن الخلاف في هذه المسائل -إن قلنا به - فهو قويٌّ ومعتبر.
وبين أيدينا كتاب (إتحاف الإخوة بأحكام الصلاة إلى السُّترة)؛ وهذا عنوانٌ جميل، يُشير به مؤلفه إلى أنَّ هذه المسألة لا ينبغي أن تكون من مسائل النزاع بين طلبة العلم أو العلماء؛ لأنهم في الأخير إخوة في العقيدة السلفيَّة الصافية؛ وقد اختلف في هذه المسائل من هو أكثر منا علماً، وأوسع إدراكاً، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد.
ومعلومٌ أن من صلَّى إلى سترة فلن يختلف أحدٌ في تصحيح صلاته ولو مرَّ من أمامه كل شيء.
ونحن وإن قلنا بسُنيَّة السُّترة، وصحة صلاة من صلى إلى غير سُترة إلا أن العمل بالسُّنة أولى وأفضل وأحسن؛ وقد قال الله عز وجل: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتاً)؛ وكما قلتُ سابقاً: لو بادر المسلمون بالاستجابة لأمر الله ونهيه، وتحاكموا إلى سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ واتبعوا ولم يبتدعوا، وامتثلوا ولم يعترضوا أو يتذمروا؛ لكان ذلك أقوى لإيمانهم، وأرضى لربهم، وأصلح لحالهم، ولحازوا من العيش أطيبه، ومن النعيم أعلاه، ولفازوا بالجنان العالية، مع من أنعم الله عليهم: من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
وقد بدأ الباحث كتابه بفصلٍ في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتخاذ السترة أمامه، وذكر فيه ثبوت أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم باتخاذ السُّترة من قوله وفعله، ونقله عنه سبعةٍ من الصَّحابة الكرام رضي الله عنهم، وهم:
أبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وسهل بن أبي حثمة، وطلحة بن عُبيد الله، وسبرة بن معبد الجهني، وعائشة، وبُريدة، وسهل بن سعد الساعدي.
وبين ملازمة النبيِّ صلى الله عليه وسلم للسُّترة في الحضر والسفر، ثم ذكر حديث (الخط)، وبيَّن درجته عند أهل العلم؛ وبيَّن من صحَّحه من العلماء، ومن ضعَّفه، وبيَّن علة التضعيف، وجواب الحُفاظ على ذلك.
ثم عقد فصلاً بعده: في بيان أنه لا يضرُّ المُصلي الذي اتخذ سترةً مرور شيء من أمامه.
ثم تحدث عن أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالدنوِّ من السُّترة، وذكر أحاديث ستةٍ من الصحابة؛ وهم:
أبو سعيد الخدري، وسهل بن أبي حثمة، وسهل بن سعد، وجُبير بن مُطعم، وبُريدة، وعائشة رضي الله عنهم.
ثم فصلٌ في بيان مقدار القرب من السُّترة، وأن أكثره ثلاثة أذرع من عقبي المُصلي، وأدناه ممر شاة، ويقترب منها بقدر إمكان السجود.
ثم عقد فصلاً فيما نُقل عن الصحابة والتابعين في أمرهم بالسُّترة واتخاذهم لها،وفصلاً في الجواب على بعض الأحاديث التي تُوهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى إلى غير سترة، ثم فصلاً في اختلاف الرواة في حديث ابن عباس في مرور أتانه بين يدي المأمومين.
ثُمَّ بيّن بعد ذلك: ضعف حديث المطلب بن أبي وداعة أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى وليس بينه وبين المطاف سترة. وأعقبه بفصلٍ في حكم اتخاذ الصلاة سترةً عند أهل العلم، وأن سترة الإمام سترةُ للمأموم .
ثم عقد فصلاً لما تحصل به السُّترة والحكمة من التستر، وهل يصمد المُصلي إلى سترته أم يجعلها على أحد حاجبيه، ثم حكم السترة بمكة شرفها الله، والمقصود بالأمر بدفع المارِّ بين يدي المُصلي.
ثم فصلاً فيما يقطع الصلاة بمروره من الكلب والمرأة والحمار، ثم أن الصلاة لا يقطعها شيء وبيَّن بعدها الآثار الموقوفة على الصحابة في عدم قطع تلك الثلاثة، ثم عقد فصلاً في حكاية الخلاف بين العلماء في قطع الصلاة بمرور الكلب والحمار والمرأة، ثُمَّ عقد فصلاً في: هل يقطع الصلاة مرور المذكورات في المسجد الحرام (مسجد الكعبة)؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق