اللفظ الموطا في بيان الصلاة الوسطى
تأليف الشيخ العلامة الفلسطينيّ
مرعي بن يوسف الحنبلي الكرمي المقدسي (ت 1033 هـ)
تحقيق وتعليق: أ. د. عبد العزيز مبروك الأحمدي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا كتابٌ مُختصرٌ لطيف، بعنوان "اللفظ الموطأ في بيان الصلاة الوسطى" من مؤلفات العلامة الفلسطيني (زين الدين) مرعي بن يوسف الحنبلي الكرمي نسبة إلى طور كرم، بيَّن فيه المراد بـ(الصلاة الوسطى)، وهو من المؤلفات التي أبدع فيها أيما إبداع، وسلك فيه منهج الاعتدال عند ذكر الخلاف، مع اعتماده على أهم المصادر العلمية المختلفة في الحديث، والفقه، والتفسير، وجمعها المُحقق فبلغ عددها تسعة وعشرين مرجعاً.
وقد قسم الشيخ المُحقق هذا الكتاب إلى قسمين، حيث ذكر في القسم الأول: ترجمة لصاحب لكتاب، وطلبه للعلم، وأهم مؤلفاته. أما في القسم الثاني: فقد تحدث عن الكتاب ونسبته لصاحبه، وذكر فيه نماذج من المخطوطات التي وجدها.
وقد بدأ المؤلف رحمه الله -في المقدمة بذكر الآية والحديث التي تدلُّ على الصلاة الوسطى، ثم ذكر أقوال العلماء فيها، بدءاً من قول الجمهور، بأنها صلاة العصر، وقد استرسل فيه، وأشار إلى أنه الحق، فقال: "وهذا هو القول الصحيح، وهو الحق إن شاء الله تعالى؛ لأن صاحب البيت أدرى بالذي فيه، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم ذلك".
ثم ذكر القول الثاني بأنها صلاة الفجر، واسترسل فيه كالأول، لأن هذين القولين هما أقوى قولين في هذه المسألة، ولم يخرج عنهما أئمة المذاهب الأربعة.
ثم ذكر الأقوال المتبقية منسوبةً إلى قائليها، وأدلتهم عليها في الغالب، وختم بأن أصحَّ الأقوال فيها قولان، وهما: صلاة الصُّبح، والعصر.
وللمُحقق جهدٌ مشكور في التعليق على عبارات الكتاب بالشرح المختصر، وتوضيح مشكل الألفاظ، والترجمة للأعلام، وتبيين بعض المعاني، وإسناد الأقوال إلى مظانها، وبينا أصحِّ الروايات عن الصحابة والأئمة، وأظهرها وأشهرها، وهو مُفيد جداً، وقد ختم المحقق الكتاب ببيان أرجح الأقوال (وأنها العصر).
وقد تعقَّب الدكتور عبد الحكيم الأنيس الإمام مرعي الحنبلي في تعليقه على "اليدُ البُسطى" للسيوطي (ص 11)؛ فقال: "ومن المستغرب قوله -أي قول الشيخ مرعي الحنبلي -في آخر كتابه -اللفظ الموطا -(ص 108) هذا آخر ما تيسر لنا جمعه ...ولم أقف على مصنف فيها بخصوصها"!!.
وقد يُجاب عليه: بأن الشيخ مرعي كتب مؤلفه هذا قبل وقوفه على رسالة السيوطي! وهذا بعيدٌ جداً، سيما وأن اعتراض الدكتور الأنيس هو على إفادة الشيخ مرعي من رسالة السيوطي في بعض مواضع من رسالته.
وقد أجاب المُحقق عن هذا الإشكال؛ فقال: لعل المؤلف يقصد أنه لم يقف على مُصنف في الصلاة الوسطى بالمنهج الذي ذكره، من ذكر أقوال العلماء فيها، وأدلتهم، والقول الراجح، وأما من ناحية التأليف فقد سبقه الدمياطي (ت 705 هـ) في كتابه "كشف المُغطى"، والسيوطي (ت 911 هـ)، في كتابه "اليدُ البُسطى"، وغيرهم من العلماء؛ فقد أفردها علم الدين السَّخاوي (ت 643 هـ) في "جزء"، وأفرد أبو الفضل العراقي (ت 806 هـ) باباً في الصلاة الوسطى في كتابه "طرح التثريب".
ويؤيد ما ذهب إليه المُحقق أن الإمام مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي صرَّح بالنقل عن الإمام شرف الدين الدمياطي في مواضع متعددة أذكر على سبيل المثال: القول 14، 16، 17، فلا يُقال إنه غفل عنها ؟! وهذا واردٌ، والله أعلم بحقيقة الحال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق