أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 أغسطس 2022

نجاة الخلف في اعتقاد السلف تصنيف الشيخ عثمان بن عفان بن أحمد النجدي المتوفى سنة (١٠٩٧ هـ) رحمه الله تعالى بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

نجاة الخلف في اعتقاد السلف

تصنيف الشيخ عثمان بن عفان بن أحمد النجدي

المتوفى سنة (١٠٩٧ هـ) رحمه الله تعالى

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن أكثر ما يتطرق إليه العلماء والمصنفون في باب الاعتقاد، هي مسألة الأسماء والصفات، والحديث عن هذه القضية ليس بالأمر الهين، بل إنها أمرٌ جدُّ خطير، والحديث عنها ذو شجون، لا سيما مع اتساع رقعة الخلاف، وارتباط ذلك بالطائفة والعشيرة والمذهب والعصبية العمياء، ولا يتسع المقام لذكر جميع مفرادات هذه المسألة، لأن الأمر يطول، ولكن النظر دوماً إلى الأصول والقواعد والضوابط وتحريرات السلف التي بنيت عليه.

وعموماً، فإنه ينبغي أن يعتقد المسلم أن طريقة السلف هي أقوم الطرق وأسلمها وأصوبها، لأنهم اتبعوا في هذا الباب ولم يبتدعوا، وساروا خلف المعصوم ولم يسيروا وراء المناهج الفلسفية، ولم يتجاوزوا حدود الغيب بالطرق العقلية، مع ما كانوا عليه من سعة علمهم، وكمال نصحهم، وعلو رتبتهم.

أما المذاهب الكلامية في الأسماء والصفات فهي من حيث الجملة تتردد بين الإفراط والتفريط، فجماعة غلت في الإثبات حتى شبهت الخالق بالمخلوق، وجماعةٌ أخرى فرطت فسلبته هذه الصفات، على اختلاف بينها في مقدار هذا السلب والتعطيل، فإما أن يكون لجميع الصفات، أو لبعضها دون البعض الآخر، وقد كان هذا الاتجاه الثاني بمثابة ردّ فعلٍ للاتجاه الأول؛ لأنهم لم يفهموا من الإثبات إلا ما يؤدي إلى التشبيه، وأشهر الفرق التي تمثل هذه الاتجاهين أربع:

١-الجهمية: أتباع الجهم بن صفوان الترمذي، وهذه الطائفة نفت جميع الصفات، إذ يرون أن كل صفةٍ وصف بها المخلوق، لا يجوز إطلاقها على الله عز وجل، فعمدوا إلى جميع النصوص الواردة في الصفات، فأولوها، وقد وصف الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه (تاريخ الجهمية والمعتزلة، ص ١٩) مذهب الجهمية، بقوله: مرجع فلسفته وخلاصة مذهبه هو تأويل آيات الصفات كلها، والجنوح إلى التنزيه البحت، وبه نفي أن يكون لله تعالى صفاتٌ غير ذاته.

إلا أن البغدادي -من مؤرخي الفرق - (في كتابه الفرق بين الفرق، ص ٢١٢) ذكر أن الجهم قد وصف الله تعالى ببعض صفات، بحجة أنها مختصة به وحده، فوصفه بأنه قادر، وموجد، وفاعل، وخالق، ومحيي، ومميت، والإنسان عند الجهم مجبور على فعله، فهو كالريشة المعلقة في مهب الريح، ولذلك جعل القدرة والفعل من الصفات الخاصة بالله تعالى. 

أما شبهتهم في ذلك فيذكرها الشيخ جمال الدين القاسمي في (كتابه تاريخ الجهمية والمعتزلة، ص ١٩)، بقوله: "كانت من أعظم شبههم في باب الصفات اعتقاد أن ظاهرها يُفيد التشبيه بالمخلوق، أي أن ما يُفهم من نصوصها يُماثل صفات المخلوق، فظاهر معناها التمثيل وهو مستحيل، فيجب التأويل".

وقد تصدى السلف لهؤلاء الجهمية، بتفنيد مذهبهم فألفت الكتب الكثيرة في الرد عليهم، مثل "الرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي"، و"الرد على الجهمية للإمام أحمد"، و"الرد على الجهمية لابن منده" وغيرها.

كما أن السلف أوضحوا بجلاء خطورة هذه الفرقة، ومن أبرز ما قيل في مقالاتها، قول الإمام عبد الله بن المبارك: "لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحبَّ إليَّ من أن أحكي كلام الجهمية" (الرد على المريسي، للدارمي، ص ٤). وذلك لم يتردد السلف في تكفير هذه الفرقة الضالة في الصفات، ولمقالات أخرى لا تقل عنها معارضة ومصادمة لتعاليم الإسلام.

٢-المعتزلة: وحقيقة مذهب هؤلاء لا يبعد عن مذهب الجهمية في القول بنفي جميع الصفات، لأنهم وإن ادّعوا أنهم يثبتون لله تعالى بعض الصفات، العقلية، فإنهم لا يقولون بزيادة هذه الصفات على الذات، واختلفوا في طريقتهم لإثباتها، فأبو علي الجبائي وأبو الهذيل العلاف من رؤساء القوم، يقولان: يستحق هذه الصفات لذاته، فهو عالمٌ لذاته، قادرٌ لذاته، مُريدٌ لذاته. أما أبو هاشم -رئيس فئة أخرى -فيقول: إن هذه الصفات أحوال وراء الذات، فالله تعالى أعلم بعالمية، قادرٌ بقادرية، وفسر هذه الأحوال بأنها لا موجودة ولا معدومة. فالصفات عندهم غير زائدة على الذات، لأن في إثبات صفات زائدة على الذات ما يؤدي إلى القول بتعدد القدماء ومشاركة الله سبحانه في أخص أوصاف ذاته وهو القدم، وبذلك تتعدد الآلهة بزعمهم.

وهذه شبهة واهية لا قرار لها؛ لأن الله بذاته وصفاته واحد، وهذه سفسطة ظاهرة الفساد.

أما الصفات الخبرية فعمدوا إلى نفس طريقة الجهمية؛ إذ اختاروا جانب التأويل لنصوصها، بحجة أن النصوص أدلة ظنية، وهي -كما يدَّعون -مُعارضة بالدليل القطعي، وهو دليل العقل القائم على أن الله ليس جسماً، وإثباتها -في نظرهم -يؤدي إلى التجسيم، وهذه الفرقة عدها السلف من فئة الجهمية في هذه المقالة، وكل ردٍّ على أولئك هو بعينه ردٌّ على هؤلاء، لأن الجميع اتفقوا على نفي الصفات وتأويل نصوصها، والشبهة واحدة خاصة فيما يتعلق بالصفات الخبرية.

٣-الأشاعرة:

أما بقية الصفات، وهي الصفات الخبرية فإن الأشاعرة -وإن اتفقوا على إثبات الصفات السبع المذكورة، فإنهم لم يتفقوا على تعاملهم مع بقية الصفات، إذ أن المتأخرين من أئمتهم لا يثبتونها، بل عمدوا إلى أدلتها الواردة في الكتاب والسنة، فاعملوا فيها معاول التأويل، ومن هؤلاء الإمام أبو المعالي الجويني، وأبو حامد الغزالي، والفخر الرازي، وأبو بكر بن فورك وغيرهم.

وشبهة التأويل عندهم هي بعينها شبهة المعتزلة والجهمية قبلهم، وفئة أخرى من الأشاعرة سلكوا مسلك التفويض لنصوص الصفات؛ لأنهم رأوا ذلك أسلم من منهج التأويل. ومنهم من انتهى في آخر أمره إلى الرجوع للقول بمذهب السلف، وهو الإثبات، كما ذكر ابن القيم (في المدارج) وابن تيمية (في الحموية) عن إمام الحرمين الجويني.

وهكذا كان تذبذب الأشاعرة وعدم اتفاقهم، وهو من أبرز الأدلة وأوضحها على بطلان مذهبهم، سواء التأويل منه أو التفويض، وهذه الفئة متأخرة عن المعتزلة والجهمية، لأنها حدثت بعدهم، وفارقوهم في بعض قولهم، ووافقوهم في بعضه الآخر.

ولذلك قال الإمام ابن القيم (في كتابه الصواعق المرسلة، ص ٢٢٦): "فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية فحدثت الطائفة السبعية واشتقت قولا بين القولين فلا للسلف اتبعوا ولا مع الجهمية بقوا".

ويعني بالطائفة السبعية الأشاعرة الذين أثبتوا سبع صفات فقط، وتفننوا في نفي ما تبقى من الصفات، بالتأويل تارة، وبالتفويض تارة أخرى، أو بالتأويل وحده، أو بالتفويض، والنتيجة واحدة، وهي النفي.

ورغم أن الحية والاختلاف من أبرز سمات المذهب الأشعري، الذي تاه كثيرٌ من أئمته في دوامة الفساد العقلي، والمقولات الباطلة، إلا أنه جاء من تجرّأ ودحض كل هذه المقولات الباطلة.

وإذا علمنا أن المذهب الأشعري بكل هذه المقولات الباطلة، لا زال في عصرنا الحاضر يدرس في بعض الجامعات في بعض أنحاء العالم الإسلامي، وله علماؤه الذين يتبنوه، ويقومون بتدريسه ورعايته على أنه المذهب الحق، فعلى الإنسان السلم أن يُمعن النظر، ويختار لنفسه الطريق الأقوم، الذي يصل به إلى بر النجاة، وهو اتباع كتاب الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلفنا الصالح.

٤-المشبهة: وتمثل الاتجاه الأول، وهؤلاء يجرون صفات الله تعالى على ظاهرها، لكن دون تمييز بينها وبين صفات المخلوق، وأول من أظهر هذه العقيدة الباطلة طائفة من الرافضة تُسمى "السبئية"، وهم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي اعتنق الاسلام ظاهراً من أجل الكيد لأهله، ومحاولة إفساد عقائد المسلمين.

والمشبهة أصنافٌ شتى، ذكر مؤرخو المقالات آراءهم؛ كالأشعري في "مقالات الإسلاميين"، و البغدادي عبد القاهر بن طاهر في "الفرق بين الفرق"، والشهرستاني في "الملل والنحل" وغيرهم. 

وقد تصدى السلف لمقالة التشبيه، وبينوا فسادها وبطلانها، ومخالفتها للعقيدة الصحيحة، بل وقالوا بتكفير أصحابها.

وهذه رسالة مختصرة مفيدة في بيان مهمات العقيدة الإسلامية، لمصنفها الإمام العالم عثمان بن عفان النجدي، تطرق فيها إلى بعض مسائل الاعتقاد التي اختلف فيها المصلون، وهي مسألة الأسماء والصفات، ويخلص إلى أن الأصل في هذا الباب أن كل ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله وجب التصديق به مثل علو الرب واستوائه على عرشه ونحو ذلك، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها. 

يقول الإمام الألوسي في "تفسيره" (١/ ١٨): الذي انتهى إليه كلام أئمة الدين كالماتريدي والأشعري وغيرهما من المحققين أن موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت كما تدل عليه النصوص التي بلغت في الكثرة مبلغا لا ينبغي معه تأويل، ولا يناسب في مقابلته قال وقيل. انتهى، وقد حشد الأدلة المؤيدة لذلك من الكتاب والسنة.

ولا يخفى على القارئ أن بعض مباحث هذا الكتاب ملخصة من "التدمرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت ٧٢٨ هـ)، وهو ما أشار إليه المحقق، وقد استفاد المؤلف من بعض العلماء الذين صرح بأسمائهم في كتابه أمثال: الإمام أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ) في كتابه "الرد على الجهمية"، وإسحاق بن بشر (ت ٢٠٦ هـ) في كتابه المبتدأ"، وشيخ الإسلام الموفق ابن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) في كتابه "البرهان"، وابن مفلح (ت ٨٠٣ هـ)، في "أصوله"، وابن قاضي الجبل (ت ٧٧١ هـ)، وأبو نصر السجزي (ت ٤٤٤ هـ)، وابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) في "الفتح"، وعضد الدين الإيجي (ت ٧٥٦ هـ) في "المواقف"، والشريف الجرجاني (ت ٨١٦ هـ) في شرحه على المواقف، والتاج السبكي (ت) في "طبقاته".

أهمية هذا الكتاب:

١-بيان موافقة الإمام الأشعري للإمام أحمد في مسألة إثبات الحرف والصوت في كلام الباري سبحانه، وأ، ما روي عنه مخالفاً لذلك فهو مردود.

٢-بيان أن الألفاظ المبتدعة (كالجهة والتحيز)، لا تثبت مطلقاً ولا تنفى مطلقاً، وإنما تثبت وتنفى بحسب ما تُفسَّر به.

٣-بيان بعض القواعد العامة في الأسماء والصفات، وهي (أن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر) من حيث النفي والإثبات، و(وأن النفي المحض لا كمال فيه) لأن الكمال فيه يستلزم إثبات كمال ضده، و(أن الاشتراك في الأسماء، لا يعني المماثلة في الصفات).

٤-بيان حقوق الله تعالى التي لا يشركه فيها مخلوق، كالعبادة والخوف والرجاء والتوكل، وحقوق النبيِّ صلى الله عليه وسلم كالتعزيروالتوقير والاتباع، والحقوق المشتركة بين الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم، كالحب والإيمان والتصديق والطاعة.

 ترجمة الإمام عثمان بن عفان النجدي

* هو الشيخ العلامة عثمان بن عفان بن أحمد بن سعيد بن قائد النجدي الحنبلي.

* ولد في مدينة العُيينة، ونشأ بها، وقرأ على علمائها ومشايخها.

* رحل إلى الشام، ثم إلى مصر، فأخذ عن علمائها، وأفاد الطلبة، وناظر الفقهاء.

* شيوخه كثيرون، من أهمهم:

  • الشيخ محمد بن موسى البُوصيري النجدي.

  • الشيخ عبد الحي بن العماد الحنبلي، صاحب الشذرات.

  • الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان.

  • الشيخ عبد القادر التغلبي الشيباني الدمشقي.

  • الشيخ محمد البلباني الشامي. وغيرهم.

* وتلاميذه لا يحصون كثرة؛ إذ انتفع به خلقٌ كثيرٌ في نجد والشام، ومصر، أشهرهم:

  • الشيخ أحمد بن عوض المِردواي الحنبلي.

  • الشيخ محمد بن الحاج مصطفى الجنيني.

  • الشيخ حسن بن نصّار بن منصور البيتاوي، وغيرهم كثير.

* له مصنفات متعددة المواضيع، وهي:

  • هداية الراغب شرح عدة الطالب، مطبوع.

  • رسالة (أيّ) المشددة، مطبوع.

  • حاشية على المنتهى، مخطوطة.

  • مختصرة درة الغواص.

  • الإسعاف في إجازة الأوقاف.

  • رسالة في القهوة.

  • تلخيص نونية ابن القيم.

  • كشف الضَّو عن معنى (لو)، مطبوع.

  • وهناك بعض الرسالة الفقهية المخطوطة.

* وفاته:

توفي رحمه الله مساء الاثنين، ١٤ جمادي الأولى، سنة ١٠٩٧ هـ، رحمه الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي

الحمد لله العلي العظيم، واجب الوجود، الحي القيوم، الدائم الباقي، الملك المعبود.

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد الرسول المطاع الأمين، المبلغ عن الله دينه القويم بقواطع الآيات والبراهين، فلم يترك باباً من أبواب الخير إلا أمر به، ودلّ عليه، ولا باباً من أبواب الشر إلا نهى عنه وحذر أن ينتمي إليه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الكرام الذين لم يزالوا على المحجة البيضاء فالسعيد من تبعهم من الامام، وبعد:

فهذه تعليقة لطيفة تشتمل على مسائل من أصول الدين ينتفع بها إن شاء الله كثير من المبتدئين والمتوسطين.

وهي على مذهب الإمام المبجل، والحبر المفضل، الإمام الرباني، والصِّديق الثاني، أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنّة منقلبه ومثواه، ورتبتها على: مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة، اسال الله حسنها وقبولها، وبالله استعين.

المقدمة

المقدمة: في معرفة الله تعالى، فنقول وبالله التوفيق: 

تجبُ معرفة الله تعالى شرعاً بالنظر في الوجود والموجود، على كلِّ مُكلَّف قادرٍ، وهو أول واجبٍ له تعالى.

وأول نعم الله الدينية وأعظمها أن أقدره على معرفته.

وأول نعم الله الدنيوية الحياة العريَّة عن الضرر.

 وشكر المنعم واجبٌ شرعاً، وهو اعترافه بنعمته على جهة الخضوع والإذعان، وصرف كل نعمةٍ في طاعته. 

ويجب الجزم بأنه تعالى واحدٌ أحدٌ، فردٌ صمد، عالم بعلم، قادرٌ بقدرة، مريد بإرادة، حي بحياة، سميع بسمع، بصيرٌ ببصر، متكلم بكلام.

 وبأنه سبحانه ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا تحلُّه الحوادث، ولا يحل في حادث، ولا ينحصر فيه؛ فمن اعتقد أو قال بأن الله تعالى بذاته في كل مكان أو في مكان فكافرٌ. 

بل يجبُ الجزم بأنه سبحانه بائنٌ من خلقه؛ فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما كان عليه قبل خلق المكان، وكل شيء سوى الله تعالى وصفاته حادث.

وكلُّ شيءٍ سوى الله وتعالى وصفاته حادثٌ، والله سبحانه وتعالى خلقه وأوجده وابتدأه من العدم.

وجميع أعمال العباد كسبٌ لهم، وهي مخلوقةٌ لله تعالى خيرها وشرها، والعبدٌ مختارٌ مُيَسَّر في كسب الطاعه واكتساب المعصيه.

ومشيئته وإرادته تعالى ليست بمعنى محبته ورضاه وسخطه وبغضه؛ فيحب ويرضى ما أمر به فقط، وخلق كل شيء بمشيئته.

تتمة في حدَّي الاسلام والكفر 

والإسلام والإتيان بالشهادتين مع اعتقادهما والتزام بقية الأركان الخمسة إذا تعينت، وتصديق الرسول فيما جاء به. 

والكفر جحد ما لا يتم الإسلام بدونه، أو جحد حكمٍ ظاهرٍ أجمع على تحريمه أو حله إجماعا قطعياً، أو ثبت حزماً؛ كتحريم لحم الخنزير أو حلِّ خبز ونحوهما كفر.

أو فعل كبيرة: وهي ما فيه حد في الدنيا أو عيد في الارخرة أو داوم على صغيرة، وهي ما عدا ذلك فسق.

والإيمان: عقد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص هو وثوابه بالعصيان، ويقوى بالعلم ويضعف بالجهل والغفلة والنسيان.

ويجوز الاستثناء فيه، وقال ابن عقيل: يُسنُّ. والمراد لا على الشك في الحل، بل في المآل أو في قبول بعض الاعمال ونحو ذلك.

الفصل الأول في مسألة العلو

 فنقول، وبالله التوفيق: مذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفون الله تعالى بما وصفه به نفسه، وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم -من الأسماء والصفات، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون لنفسه ما أثبته من الأسماء والصفات، وينزهونه عما نزه عنه نفسه من مماثلة المخلوقات، إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تعطيل، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: ١١).

وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ردٌّ على الممثلة. وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ردٌ على المعطلة.

قال بعض العلماء: المعطل يعبد عدماً، والممثل يعبد صنماً، والموحد يعبد إلهاً واحداً صمداً. 

وهو سبحانه قد قال في كتابه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (الملك: ١٦).

 وثبت في "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: (اعتقها فإنها مؤمنة). 

وهذا الحديث رواه مالك والشافعي وأحمد بن حنبل ومسلم في صحيحه وغيره.

لكن ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء، وأن السماوات تحصره وتحويه، فإن هذا لم يقله أحدٌ من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته، على عرشه، بائنٌ من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. 

وقد قال مالك بن أنس: أن الله في السماء وعلمه في كل مكان.

وقالوا لعبد الله بن المبارك: بماذا نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سماواته على عرشه بائنٌ من خلقه. 

وقال أحمد بن حنبل: كما قال هذا وهذا. 

وقال الأوزاعي: كنا والتابعون متوافرين نقرُّ بأن الله فوق عرشه، وبما وردت به السنة من صفاته.

فمن اعتقد أن الله في جوف السماء، أو أنه محصور مُحاط به، أو أنه مفتقر الى العرش أو غير العرش من المخلوقات، أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه؛ فهو ضالٌ مبتدعٌ جاهلٌ. 

ومن اعتقد أنه ليس فوق السماوات إلهٌ يُعبد، ولا على العرش ربٌّ يُصلى له وُيسجد، وأن محمداً لم يُعرج به إلى ربه، ولا نزل القرآن من عنده، فهو معطلٌ فرعونيٌ ضالٌ مبتدعٌ فإن فرعون كذَّب موسى في أن ربه فوق السماوات، وقال: {يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (القصص: ٣٨).

ومحمد صلى الله عليه وسلم صدَّق موسى في أن ربَّه فوق السماوات، فلما كان ليلة المعراج، وعُرج به إلى الله تعالى، وفرض ربه خمسين صلاةً، ذكرَ أنه رجع إلى موسى، وأن موسى، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق.. الحديث.

فرجع إلى ربه، فخفَّف عنه عشراً، ثم رجع إلى موسى، فأخبره بذلك، فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، وهذا الحديث في "الصحاح"، فمن وافق فرعون وخالف موسى ومحمد، فهو ضالٌّ، ومن مثَّل الله بخلفه فهو ضالٌّ.

قال نُعيم بن حماد: من شبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومن وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه أو رسوله تشبيهاً.

والله قد فطر العباد عربهم وعجمهم، على أنهم اذا دعوا الله توجهت قلوبهم الى العلو، لا يقصدونه تحت أرجلهم، ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه قبل أن يتحرك لسانه معنىً يطلب العلو، ولا يلتفت يمنة ولا يسرة.

[الذات والصفات]

والكلام في هذا المقام وشبهه، يتبين بذكر أصلٍ أصيل وهو أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، فكما أنا نثبت له تعالى ذاتاً لا تُشبه المخلوقات، أو لا تُشبه الذوات، فكذا نقول في صفاته أنها لا تُشبه الصفات، فليس كعلمه علم أحد، ولا كقدرته قدرة أحد، ولا كرحمته رحمة أحد، ولا كاستوائه استواء أحد، ولا كسمعه وبصره سمع ولا بصر، ولا كتكليمه تكليم أحد، ولا كتجليه تجلي أحد. 

والله سبحانه قد أخبرنا أن الجنة: لحماً، ولبناً، وعسلاً وماءاً، وسندساً، وحريراً، وذهباً، وقد قال ابن العباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء. 

فإذا كانت المخلوقات الغائبة ليست مثل هذه المخلوقات المشاهدة، مع اتفاقها في الاسماء، فالخالق أعظم علواً، ومباينةً لخلقه عن مباينة المخلوق للمخلوق، وإن اتفقت الأسماء. 

والأصل في هذا الباب أن كل ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله وجب التصديق به مثل علو الرب واستوائه على عرشه ونحو ذلك، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها. 

وأما ما تنازع فيه المتاخرون من الألفاظ المبتدعة في النفي الإثبات، مثل قول القائ: هو في جهة أو ليس في جهة، وهو متحيز أو ليس متحيزاً، ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع فيها الناس، وليس فيها نصٌّ لا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابه والتابعين لهم باحسان ولا أئمة المسلمين؛ فإن هؤلاء لم يقل أحدٌ منهم إن الله في جهة، ولا قال ليس هو في جهة، ولا قال هو متحيز ولا ليس بمتحيز، بل ولا قال هو جسم أو جوهر ولا قال ليس بجسم ولا جوهر، فليس على أحد، بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظٍ من هذه الألفاظ أو نفيها، حتى يعرف مراده، فإن اراد حقاً قُبلَ، وإن أراد باطلاً رُدَّ، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقاً، ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغيرهما.

فلفظ الجهة قد يُراد به شيء موجود غير لله فيكون مخلوقاً، كما إذا أريد بالجهة نفسُ العرش او نفس السماوات.

وقد يُراد بها ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما فوق العالم، فمن أراد إثبات الجهة الوجودية، وجعل الله منحصراً في المخلوقات، فهذا باطل. 

ومن أراد إثبات الجهة العدمية، وأراد أن الله وحده فوق المخلوقات، بائن عنها، فهذا حق. 

وليس في ذلك أن شيئاً من المخلوقات حصره، ولا أحاط به، ولا علا عليه، بل هو العالي عليها المحيط بها. 

وكذلك لفظ التحيز إن أراد أن الله تحوزه المخلوقات، فالله أعظم وأكبر، بل قد وسع كرسيه السماوات والأرض. 

وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباينٌ لها، منفصلٌ عنها، ليس حالاً فيها؛ فهو سبحانه كما قال أئمة السنة فوق سماواته على عرشه، بائنٌ من خلقه.

الفصل الثاني في مسألة الكلام 

فنقول القرآن كلام الله أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم معجز بنفسه، متعبّد بتلاوته.

والكلام -حقيقةً -الأصواتُ والحروف، وإن سُمي به "المعنى النفسي"، وهو نسبةٌ بين مفردين قائمة بالمتكلم فمجاز.

والكتابة كلامٌ حقيقةً، فلم يزل الله تعالى متكلماً كيف شاء وإذا شاء بلا كيف، يأمر بما شاء ويحكم، هذا مذهب الإمام أحمد وأصحابه وهو إمام اهل السنة بلا منازع، ومذهب الإمام محمد بن إسماعيل البخاري إمام الحديث بلا دفاع، وجمهور العلماء. 

قال ابن مفلح في "أصوله" وابن القاضي الجبل، فقولنا: "معجزة بنفسه" أي: مُرادٌ به الإعجاز، كما أنه مقصود به بيان الأحكام والمواعظ، وقص أخبار من قُصَّ في القران من الأمم. 

ودليل التحدي قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: ٨٨)، فلما عجزوا تحداهم بعشر سور، ثم بسوره، ثم بحديث مثله.

وقولنا: "مُتعبد بتلاوته" لنخرج الآيات المنسوخة اللفظ، سواء بقي حكمها أم لا، لأنها صارت بعد النسخ غير قرآنٍ؛ لسقوط التعبد بتلاوتها.

وقولنا: "والكتابة كلامٌ حقيقةً"؛ لقول عائشة: "ما بين دفتي المصحف كلام الله"؛ ولأن من كتب صريح الطلاق وقع عليه الطلاق بذلك، ولو لم ينوي على الصحيح. 

وقولنا: "ولم يزل الله تعالى متكلماً كيف شاء وإذا شاء بلا كيف، يأمر بما شاء ويحكم"؛ لأن الله سبحانه وتعالى يتكلم بمشيئته وقدرته، بمعنى أنه لم يزل متكلماً إذا شاء، فإن الكلام صفة كمال، ومن يتكلم أكمل ممن لم يتكلم، ومن يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن لا يكون كذلك.

 وقولنا: "والكلام حقيقة الأصوات والحروف" إلخ، قال الإمام الطوفي من الحنابلة: إنما كان حقيقةً في العبارة مجازاً في مدلولها لوجهين:

(أحدهما): أن المتبادر الى فهم اللغة من إطلاق الكلام، إنما هو العبارة، والمبادرة دليل الحقيقة. 

(الثاني): أن الكلام مشتق من الكلم؛ لتأثيره في نفس السامع، والمؤثر في نفس السامع إنما هو العبارات لا المعاني النفسية، نعم هي مؤثرة للفائدة بالقوة، والعبارة مؤثرة بالفعل، فكان ما هو مؤثرٌ بالفعل أولى بان يكون حقيقة، وما هو مؤثر بالقوة مجازاً.

ومما يبطل القول: بأن القران هو المعنى النفسي، وجوهٌ كثيرة:

(أحدها): أن الله سبحانه وتعالى تحدى الخلق بالإتيان بمثله، والتحدي إنما وقع بالإتيان بمثل هذا الكتاب بغير إشكال، لأن ما في النفس لا يُدرى ما هو، ولا يُسمى سوراً ولا حديثاً، فلا يجوز أن يقال: فأتوا بحديث مثل ما في نفس الباري! لأن المشركين إنما زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم افترى هذا القران وتقوّله، فرد الله عليهم دعواهم بتحديهم بمثل ما زعموا أنه مفترى ومتقوّل دون غيره، وهذا واضح لا شك فيه. 

(الثاني): أنهم سموه شعراً؛ فقال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (يس: ٦٩)، ومن المعلوم أنهم عنوا هذا النظم، فلا يُسمى به معنىً، ولا ما ليس بكلام، فسماه الله تبارك وتعالى ذكرى، وقرآناً مبيناً، فلم تبق شبهة في أن القرآن هو هذا النظام دون غيره. 

الثالث: أن بعض الكفار زعم أنه يقول مثله، ومنهم من طلب تبديله، ونهى بعضهم بعضاً عن سماعه، وأمروا باللغو فيه. 

ومن المعلوم اليقين أن هذا كله لا يتعلق إلا بهذا الكتاب دون ما في النفس، فإن الكفار ما اعتقدوا في نفس الباري شيئاً يريدون تبديله، أو يزعمون أنهم يقولون مثله، ولا ينهون عن سماعه، مع اشارتهم إلى حاضر.

الرابع: أن الله سمى القران عربياً؛ فقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (يوسف: ٢)، أي غير مخلوق، وحديثاً بقوله {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} (القلم: ٤٤)، وإنما يتعلق هذا الوصف باللفظ دون المعنى. 

أشار إلى هذه الأوجه شيخ الإسلام الموفق في كتابه "البرهان"، وأطال.

وأما قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} (المجادلة: ٨)، فمجاز؛ لأنه إنما تدل على المعنى النفسيِّ بالقرينة، وهي قوله{فِي أَنْفُسِهِمْ} ولو أطلق لما فهم الا العبارة. 

وكذلك كل ما جاء في هذا الباب إنما يفيد مع القرينة. 

ومنه قول عمر: زورتُ في نفسي كلاماً. 

وأما قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } (الملك: ١٣)، فلا حجة فيه؛ لأن الإسرار خلاف الجهر، وكلاهما عبارة عن أن يكون أحدهما أرفعُ صوتاً من الآخر. 

وأما بيت الأخطل؛ فيُقال: ان المشهور فيه ((إن البيان لفي الفؤاد)) وتقديراً أن يكون كما ذكر فهو مجازٌ عن ماده الكلام، وهو التصورات المصححة له؛ إذ من لم يتصور ما يقوله لا يُوجِدُ كلاماً، ثم هو مبالغة من هذا الشاعر في ترجيح الفؤاد على اللسان.

وأدلة السلف على كون الكلام حقيقة هو الأصوات والحروف: الكتاب والسنة والإجماع. 

أما الكتاب؛ فقول الله تعالى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (النساء: ١٦٤)، وقال {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} (الأعراف: ١٤٣)، وقال: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} (البقرة: ٢٥٣). 

والتكليم: هو ما يسمعه المتكلم ويصل إلى سمعه، والمسموع إنما هو الحروف والأصوات لا المعاني. 

وكذلك قوله {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} (الشعراء: ١٠)، والنداء لا يكون الا صوتاً، وفي القران من هذا كثير.

وأما السنة؛ فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تكلم الله بالوحي، سمع صوته أهل السماوات).

وروي ذلك موقوف على عبد الله بن مسعود؛ فروى عبد الله بن أحمد في كتاب "الرد على الجهمية"، أنه قال يزعمون أن الله لا يتكلم بصوت؟ فقال: كذبوا إنما يدورون على التعطيل. 

ثم قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: (إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء).

قال أبو نصر السجزي: وما في رواية الإمام مقبول. 

وفي الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحشر الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد، فينادهم بصوت رفيع غير فظيع) ذكره أبو حذيفة إسحاق بن بشر في "كتابه".

ورُوي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، (ذكر أهل الجنة إذا رأوا ربهم تبارك وتعالى فيناديهم بلذاذة صوته). 

وقال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القران فأعربه فله بكل حرف عشر، ومن قرأه فلحن فيه فله في كل حرف حسنه) وقال الموفق في "البرهان": حديث صحيح.

وأما الإجماع؛ فإنهم مجمعون على أن موسى سمع كلام الله تعالى منه بغير واسطة، والصوت هو ما يُسمع.

وروي عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إضافة الصوت إلى الله تعالى من غير من غير نكير أحد منهم كما تقدم عن ابن مسعود وغيره. 

وجاء في الخبر، أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى بم شبهت صوت ربك؟ قال: إنه لا شبيه له. 

وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إعراب القران أحبُّ إلينا من حفظ بعض حروفه.

وسئل عليٌّ رضي الله عنه عن الجنب: هل يقرأ القرآن؟ قال: لا، ولا حرف.

وعنه أنه قال: من كفر بحرفٍ من القرآن، فقد كفر به كله.

وقال ابن مسعود ما من مؤمن يقرأ حرفا من القران ولو شئتُ لقلتُ: اسماً تاماً، ولكن حرفٌ إلا كتب الله تعالى له عشر حسنات.

وأجمعوا على أنه من جحد سورة من القران الكريم أو آيه أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه، أنه كافر.

قال أبو نصر السجزي: هذه حجةٌ قاطعةٌ أنه حروف، قاله في "البرهان". 

فإن قيل: فالصوت لا يكون إلا من جرمين، والحروف إنما تكون من مخارج، ولا يوصف الله تعالى بذلك؟ 

فالجواب من وجوه: 

(أحدها): أن يُقال من أين علمتم هذا؟ 

فإن قالوا: لأنها في حقنا كذلك. فكذلك في حق الله تعالى قياساً له علينا!

قلنا: هذا خطأ واضح، فإن الله تعالى لا يُقاس على خلقه، ولا يشبه بهم، ولا تشبَّه صفاته بصفاتهم، ومن فعل ذلك كان مُشبهاً ضالاً.

(الثاني): أن هذا باطل، فإن الله تعالى قال:{وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} (يس: ٦٥)، {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (فصلت: ٢١)، وأخبر ان السماوات والأرض قالت: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (فصلت: ١١).

وخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أن حجرا كان يسلم عليه)، و(أن الذراع المسمومة تكلمت)، وقال ابن مسعود: (كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل)، ولا خلاف في أن الله تعالى قادر على إنطاق الحجر الأصم بغير مخارج ولا أدوات. 

الثالث: أنه يلزمهم أن يقولوا في سائر صفات الله تعالى كذلك، فيقولون إن العلم لا يكون إلا بقلب، والبصر لا يكون إلا بحدقة، والسمع لا يكون إلا من انحراف!.

فإن طردوا ذلك في الصفات كلها صار مجسمين كافرين، وإن نفوا هذه الصفات صاروا معطلين.

وإن أثبتوها من غير ادوات لزمهم إثبات هذه الصفة أيضاً، وإلا فما الفرق. 

وقال الغزالي: ومن أحال سماع موسى كلاماً ليس بحرف ولا صوت فليُحِل يوم القيامة رؤية ذات ليس بجسم ولا عرض.

وقال الطُّوفي: كلُّ هذا تكلف وخروج عن الظاهر، بل عن القاطع من غير ضرورة، إلا خيالاتٌ لاهية، وأوهام متلاشية، وما ذكروه معارض بأن المعاني لا تقوم شاهداً إلا بالأجسام، فإن أجازوا معنىً قام بالذات القديمة، وليست جسماً، فليجيزوا خروج الصوت من الذات القديمه وليست جسماً؛ إذ كلا الأمرين خلاف الشاهد، ومن أحال كلاماً لفظياً من غير جسم فليُحِل مرئيه من غير جسم ولا فرق انتهى.

قال الحافظ أبو نصر السجزيّ: لو كان الكلام غير حروف، وكانت الحروف عبارة عنه، لم يكن بد من أن يحكم لتلك العبارة بحكمٍ، إما أن يكون أحدثها في صدرٍ أو لوحٍ أو نَطَق بها بعض عبيده فتكون منسوبةً إليه، فيلزم من يقول ذلك أن يفصح بما عنده في السور والآي والحروف: أهي عبارة جبريل أو محمد عليه الصلاه والسلام؟ انتهى. 

تتمة: قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: والذي استقر عليه قول الأشعرية أن القرآن كلام الله غير مخلوق، مكتوب عليكم في المصاحف، محفوظٌ في الصدور، مقروء بالألسنة، قال تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} التوبة: ٦). 

وفي الحديث الصحيح: (لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو، كراهة أن يناله العدو)، وليس المراد ما في الصدور بل ما في المصاحف.

وأجمع السلف على أن الذي بين الدفتين كلام الله. 

ولصاحب "المواقف" عضد الدين رحمه الله تعالى مقالةٌ مُفردة في تحقيق كلام الله تعالى، تطابق ما تقدم، وذكره الشريف في "شرحه للمواقف". 

وقد ظهر مما ذكره الحافظ ابن حجر وصاحب المواقف، موافقة الشيخ الاشعري للإمام أحمد في مسألة الكلام، وأن ما رُوي عنه مخالفاً لذلك فهو غلط من الناقل أو جهلٌ بما استقرَّ عليه قول الاشعري، وقد أتى التاج السبكي في ترجمة الأشعري بأصرح من ذلك، فراجعه شئت، والله اعلم.

الفصل الثالث في قواعد نافعة 

القاعدة الأولى: أن يُقال: القول في بعض الصفات كالقول في بعض، فإن كان المخاطب ممن يُقر بأن الله تعالى حيٌّ بحياة، عليمٌ بعلم، قديرٌ بقدرة، سميعٌ بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مُريد بإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقةً، وينازع في محبته ورضاه وغضبه وكراهته،فيجعل ذلك مجازاً، ويُفسره إما بالإرادة، وإما ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات، قيل له: لا تفرق بين ما نفيته وبين ما أثبته، بل القول في أحدها كالقول في الآخر.

فإن قلت: إن إرادته مثل إرادة المخلوقين؟ فكذلك محبته ورضاه وغضبه، وهذا هو التمثيل. وإن قلت: إن له إرادة تليق به، كما أن للمخلوق إرادة تليق به؟ قيل له: وكذلك له محبة تليق به وللمخلوق محبة تليق به، وله رضا وغضب يليق به وللمخلوق رضا وغضب يليق به.

فإن قال: الغضب غليان دم القلب للانتقام؟ قيل له: الإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة. فان قلت: هذه إرادة المخلوق؟ قيل لك: وهذا غضب المخلوق. 

وكذلك يلزم القول في كلامه وسمعه وبصره وعلمه وقدرته.

 وإن كان المخاطب ممن ينكر الصفات ويُقر بالأسماء كالمعتزليّ، الذي يقول إنه حي عليم قدير، وينكر أن يتصف الله بالحياة والعلم والقدرة، قيل له: لا فرق بين إثبات الأسماء وبين إثبات الصفات، فإنك إن قلتَ: إثبات الحياة والعلم والقدرة تقتضي تشبيهاً لأنّا لا نجد في الشاهد متصفاً بالصفات إلا ما هو جسم، قيل له: ولا نجد في الشاهد ما هو مسمى حيٌّ عليمٌ قديرٌ الا ما هو جسم، فإن نفيت ما نفيت لكونك لم تجده في الشاهد الا بجسم، فانف الأسماء بل وكل شيء، لأنك لا تجده في الشاهد الا باسم.

القاعدة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى موصوفٌ بالإثبات والنفي، فالإثبات كإخباره أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، ونحو ذلك.

والنفي كقوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ} (البقرة: ٢٥٥).

وينبغي أن يُعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا اذا تضمن إثباتاً؛ لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون مدحاً أو كمالاً، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم، ولهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمناً لإثبات المدح، كقوله:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ} إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (البقرة: ٢٥٥).

فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبينٌ لكمال أنه الحي القيوم.

وكذلك قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يكربه، ولا يثقله، وذلك مستلزمٌ لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيب في قوته. 

وكذلك قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} (سبأ: ٣). فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه لكل ذرة في السماوات والأرض. 

وكذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (ق: ٣٨)؛ فإن نفي مسّ اللغوب الذي هو التعب والاعياء دالٌ على كمال القدرة، والنهايه في القوة، بخلاف المخلوق الذي يلحقه من التعب والكلال ما يلحقه. 

وكذلك قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} (الأنعام: ١٠٣)، إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قال أكثر العلماء، ولم ينفِ مجرد الرؤية؛ لأن المعدوم لا يُرى، وليس في كونه لا يُرى مدحٌ؛ إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوح. 

وإنما الممدوح في كونه لا يُحاط به، كما أنه لا يُحاط به وإن عُلم، فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحاً وصفة كمال، وكان ذلك دليلاً على اثبات الرؤية مع عدم الإحاطة، لا على نفسها، وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، والله اعلم.

 القاعدة الثالثة: بين صفات الله وصفاته المخلوقين: 

إن كثيراً من الناس يتوهم في بعض الصفات أو كثيراً منها تماثل صفات المخلوقين، ثم يريد ان ينفي ذلك الذي فهمه، فيقع في أنواع المحاذير. 

(أحدها): كونه مثَّل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين، وظنَّ أن مدلول النصوص هو التمثيل. 

(الثاني): انه إذا جعل ذلك مفهوماً وعطّله، بقيت النصوص معطّلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله؛ فيبقى مع جنايته على النصوص، وظنه السيء الذي ظنه بالله ورسوله، حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل، فقد عطَّلَ ما أودعَ الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله، والمعاني الإلهيه اللائقة بجلال الله. 

الثالث: أنه ينفي تلك الصفات عن الله غير علمه، ويكون معطلاً لما يستحقه الرب. 

تتمة: من تحقيق التوحيد أن يعلم أن الحقوق ثلاثة: 

١-حق الله تعالى لا يشركه فيه مخلوق.

٢-وحق لرسوله صلى الله عليه وسلم. 

٣-وحقٌّ مشتركٌ بينهما. 

فأما حق الله تعالى وحده؛ فكالعبادة، والتوكل، والخوف، والخشية، والتقوى، والإنابة، والرجاء، والاستعانة، قال تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} (الشعراء: ٢١٣). وقال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (الزمر: ٢). 

وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة: ٢٣). وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (النور: ٥٢)، فأثبت الطاعة لله والرسول، وأثبت الخشية لله وحده، وقال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران: ١٧٥). 

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا ما شاء الله ومحمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم ما شاء الله محمد). 

وهذا لأن مشيئة الله تعالى ليست مستلزمة لمشيئة أحد من العباد، ولا مشيئة أحد من العباد مشيئة الله، بل ما شاء الله كان وإن لم يشا الناس، وما شاء الناس لم يكن إن لم يشأ الله. 

وأما حق الرسول صلى الله عليه وسلم المختص به، فكالتعزير والتوقير والاتباع والاستسلام لحكمه، قال تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء: ٦٥).

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (آل عمران: ٣١)، وأمثال ذلك.

وأما الحق المشترك بين الله ورسوله؛ فكالحب والإيمان والتصديق والطاعة، قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (النساء: ٨٠). 

قال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} (التوبة: ٦٢).

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة: ٢٤). 

ومن هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول في خطبته: (من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما، فإنه لا يضر نفسه، ولا يضر الله شيئاً). 

وإلى هذا أشار العلامة ابن القيم في "نونيته"، بقوله:

لله حق لا يكون لغيره ... ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقا واحدا ... من غير تمييز ولا فرقان

فالحج للرحمن دون رسوله ... وكذا الصلاة وذبح ذا القربان

وكذا السجود ونذرنا ويميننا ... وكذا متاب العبد من عصيان

وكذا التوكل والإنابة والتقى ... وكذا الرجاء وخشية الرحمن

وكذا العبادة واستعانتنا به ... إياك نعبد ذان توحيدان

وعليهما قام الوجود بأسره ... دنيا وأخرى حبذا الركنان

وكذلك التسبيح والتكبير والتـ ... ـهليل حق إلهنا الديان

لكنما التعزيز والتوقير حـ ... ق للرسول بمقتضى القرآن

والحب والإيمان والتصديق لا ... يختص بل حقان مشتركان

هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة ... لا تجهلوها يا أولي العرفان

خاتمة

هذا آخر ما تيسر جمعه، ونسأل الله العظيم أن يعُمَّ نفعه، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، مُقرباً لديه في جنات النعيم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والكرامات، صلاةً وسلاماً دائمين ما دامت الأرض والسماوات.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق