رسائل الإمام الشهيد حسن البنا
(1906 -1949م)
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ إن الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين، وما آل إليه حالها من الانكسار والضعف والوهن حديثٌ ذو شجون، وإن كان الكلام عن الإمام البنا هو حديثٌ عن الجماعة ككل، إلا أنني أوثر الكلام عن الجماعة التي مثلت فكر هذا الرجل وعبقريته، ذلك الرجل الذي كان -بحق -إماماً ومجدداً وداعياً وشهيداً، ورجلاً وهب نفسه لله، وإنني لأجد في شخص البنا وفكره كثيراً من السهام التي أصابت هدفها بدقة في قلوب ووجدان ووعي كثير من المسلمين.
ولا ألفت نظري -عن هذه الجماعة الفتية، التي آلت على نفسها أن تنهض بالأمة الإسلامية من جديد، وتعيد أمجادها الضائعة، وتبعثها من بين هذا الركام الكثيف قاهرةً منتصرة، لتسترد الحقوق، وترُد المظالم إلى أهلها، لا يثنيها في ذلك مُعارض، ولا يلين لها عزم، وهي تقدم في ذلك الشهداء والأبطال، الذين ضاءت شموعهم في غياهب الظلمات، والذين غابوا وما غابوا.
وإذا عددنا جماعة الإخوان المسلمين في الجماعات الإسلامية، فإنها تأتي في الطليعة، باعتبارها باعث النهضة الإسلامية في مصر وبلاد الشام، وقد كانت بإزاء الحركة الإصلاحية الكبرى التي أسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -في الجزيرة العربية، والتي كانت رمزاً لامعاً في تاريخ الدعوة الإسلامية المعاصرة.
وقد تميزت -جماعة الإخوان المسلمين -بمنهجها الواضح، وسلوكها المعتدل، فهي حركة استوحت روحها من الإسلام وتعاليمه، وبنت عليه غاياتها ووسائلها، وكانت بدايتها مع هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وضياع الخلافة الإسلامية.
وقد كانت جماعة الإخوان -أيضاً -من أولى الحركات المجاهدة في فلسطين، والتي ساندت الشعب الفلسطيني في ثورته الكبرى ضد الإنجليز، وحربه ضد الصهاينة في العام (48)، وقد أبلت بلاءً حسناً، وهزت بقتالها الرائع دوائر الاستعمار والصهيونية، سيما في معركة (دير البلح)، لكن الحكومة المصرية خذلتها في أشد الأوقات، وأصدرت قراراً بحل الجماعة، ومصادرة ما لديها من أسلحة، وأمرتهم بالانسحاب من فلسطين، وقطعت عنهم الإمدادات، في عملٍ مشين دُبّر بليل!
وقد سعى الإمام البنا رحمه الله -من خلال خطبه ورسائله وكتبه إلى تكوين جيل جديد يفهم الإسلام فهماً صحيحاً، ويعمل بتعاليمه، ويوجه النهضة إليه، لتكون مظاهر الحياة كلها مستمدةً من روح الدين، ومرتكزة على قواعده وأصوله.
وفي هذه الرسائل التي بلغت بضع عشرة رسالة، نلمس في الإمام البنا الروح الهادئة، والإيمان العميق، والنفس الصلبة، والشجاعة منقطعة النظير، التي أظهر من خلالها البنا دعوته العميقة، وردَّ بقوةٍ على الاتهامات الموجهة إلى الجماعة، وبيّن الأخطار المحدقة بها، فعرّاها تماماً، وكشف عن جرائم النقراشي، واستسلام الحكومات العربية للاحتلال والنفوذ الأجنبي، داعياً إلى التغيير والإصلاح الداخلي للأمة، من خلال منهاج واضح تكاملي ومتوازن.
لم يكن البنا مجرد مؤسس لجماعة دعوية و حسب .. بل كان مجدداً حقاً، ودعك من الصياغة العربية الخلابة التى تأسرك عند قراءتك له، و لكن انظر لهذا الفهم الرائع للإسلام، انظر إلى ذلك الفهم الوسطى الإيجابى النهضوى الحقيقى ... الذي أجزم أن كل من يقرأه يشعر أنه ما كتب إلا فى أيامنا هذه.
لم تتحدث الرسائل عن المعانى الروحانية والعقدية والفقهية والجهادية فحسب، بل إنها رسائل تقرأ الواقع، وتبحث عن حلول مناسبة للمشاكل التى تمر بها الأمة الإسلامية والعربية .. وذلك من خلال نظرة واعية وقوية.
ومن النادر -أن تجد داعية يحدد مشاكل الأمة من اقتصاد واجتماع و مشكلة فقر بالأرقام و الإحصائيات ..ومن أعجب ما تقرأه فى إحدى الرسائل أنه قدم تصوراً لأهم القواعد المنظمة للانتخابات التشريعية .. إن قرأتها اليوم تظنه يكتبها لنا اليوم، ولك أن تتخيل أنه حذر من تقسيم السودان إلى شمال و جنوب !!!
وفي أول خطاباته ورسالاته يأتي ذكر ما ألقاه الإمام في تجمعات الإخوان كل عامين. ثم يأتي ذكر رسائل متفرقة في تنظيم الإخوان كجماعة أو جمعية أو حزب كلما دعت الحاجة لذلك، ثم تأتي الرسائل في منهج الإخوان ورؤيتهم للمسائل الخلافية، فرسالة في علم الحديث ورسالة في القرآن و الفقه ورسالة في المناجاة و رسالة في التربية إلخ.
وتأتي بعض رسائله و كأنها أوامر و إيضاحات فكرية. لغته ثرية بشكل واضح. فكره "الحضاري" اكثر من واعي. وقد راعى انتباهي في فكر البنا أنه "شيخ عملي"وقد كان في مطلع كل رسالة في المؤتمرات كان يعيد ذكر الإجابة على نفس الأسئلة: من الإخوان؟ ماذا يريدون؟ الإخوان و الوطنية، والقومية والإسلام والأستاذية أو العالمية كما يسميها أحياناً.
ثم يبدأ بسرد عملي لمشاكل مصر مع متغيرات التاريخ، فتارة حياة حزبية عبثية، وتارة جمعيات خيرية بلا أهداف أسمى، و تارة حرب عالمية. و الواضح من كل مؤتمر للذي يليه أن خطابه "يلين" و يتغير بحسب الفترة التاريخية.
كما أنه يرفض ابتدائا فكرة أن يكون الإخوان حزبا، ثم يقبلها. يرفض أن يكونوا جمعية... ثم لا يلبث أن يدافع عن خير الإخوان و يدهم العليا.
وقد أوضح الإمام البنا أن فكرته سامية جداً، ويبدي الدفاع الشديد عن الافتراءات التي لحقت بالإخوان مثل أنهم جماعة "زيت وسكر" منذ العشرينات. وقد عارض فكرة الأحزاب مطلقا، لبضعة مؤتمرات ثم ما لبث إلا بالتسليم بأن الإخوان يجب أن يكونوا جماعة سياسية.
وكان الإمام البنا لماح للتناقضات في المجتمع، وكان دائماً ما يشحن أبناء الجماعة بدفعة إيمانية غريبة، أظنها تصيب القلب بنقاءها، وغالباً ما تتميز بالحماس والقوة.
لقد كانت نهاية البنا مؤامرة مخطط لها، فقد زُج فيها خيرة دعاة الجماعة في السجون، وبقي البنا وحيداً ليتم اغتياله غدراً على أيدي أحد عناصر الحكومة المصرية، أمام جمعية الإخوان، بست رصاصات اخترقت جسده، رحمه الله تعالى رحمةً واسعة.
أولاً: أهداف جماعة الإخوان المسلمين:
ويمكن تلخيص الأهداف التي قامت جماعة الإخوان المسلمين على أساسها، على النحو التالي:
1-تكوين جيل جديد، يفهم الإسلام فهماً صحيحاً، ويعمل بتعاليمه.
2-نشر دعوة الإسلام، وعرض رسالته العالمية عرضاً يتفق مع أساليب العصر.
3-مقاومة الحركات والمبادئ والدعوات الهدامة.
4-المساهمة في حركة التحرير الوطنية، حتى تتخلص البلاد العربية والوطن الإسلامي بكافة أجزائه من كل سلطان أجنبي.
5-العمل على إقامة الدولة الصالحة، التي تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه عملياً، وتقوم بحمايتها وتبليغها في كل وطن إسلامي.
6-القيام بأعمال الخدمة الاجتماعية والشعبية.
ثانياً: وسائل الجماعة المعتبرة في تحقيق أهدافها:
1-الدعوة والإقناع: بالخطابة، والدرس، والرسائل، والنشرات، وتجهيز الوفود والبعثات.
2-التربية والتكوين: وذلك بتكوين الإخوان تكويناً صالحاً: بدنياً بالرياضة، وعقلياً بالعلم والمعرفة، وروحياً بالخلق والعبادة، وأخذهم بآداب الإسلام، وأحكامه أفراداً وبيوتاً.
3-التوجيه والتنفيذ: بوضع المناهج الصالحة في كل الشؤون الحيوية من التربية والتعليم، والقضاء والتشريع، والإدراة والجندية، والاقتصاد والصحة، والاسترشاد في ذلك كله بتوجيه الإسلام الحنيف.
4-الإنشاء والتأسيس: بإقامة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والدينية، وتأليف لجان تنظيم الزكاة، والإصلاح بين الأفراد والأسر، والعناية بالطفولة والشباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق