أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 أغسطس 2021

لحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين -تأليف: أسامة السيد محمود الأزهري

الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين

التيارات المتطرفة (من الإخوان إلى داعش) في ميزان العلم

تأليف: أسامة السيد محمود الأزهري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الكتاب هو محاكمة أدبية لجماعة الإخوان المسلمين فكراً ومنهجاً وسلوكاً، بناءً على بعض أنماط التفكير المنحرف، والفلسفة العنيفة التي نشأت في ظروف نفسيّة مُعقّدة، وتطورت بشكل دراماتيكي جراء الواقع المرير الذي عانته الجماعة إبان ظهورها، إلى أن تحولت إلى صدام مباشر وصراع منفعل ضد أنظمة الحكم في الدولة المصرية، وأصبح مستقراً لديها اعتقاد حتمية المغالبة على السلطة والتفوق السياسي، من أجل حماية أفراد هذه الجماعة، ولتكوّن مظلةً آمنة للمشروع الإسلامي المنشود.

وبالإضافة إلى نشأة الإخوان في جو نفسي متأزم ومختنق، فقد سيطرت عليه أزمات انهيار الدولة الإسلامية، واحتلال فلسطين، والضغوط النفسية داخل السجون، ولا شك أن هذا الجو يصنع فقهاً مختنقاً وفكراً غالياً لدى بعض الأفراد، ويصنع مفردات جديدة مُفعمة بالحماسة والاندفاع الذي لا يصدر عن روية وفكر.

    ولا يزال التنكيل بشباب الإخوان وشيوخهم قائماً إلى هذا الوقت، حيث تزج السلطات الحاكمة في مصر بمئات بل الآلاف من أبناء جماعة الإخوان المسلمين في السجون والمعتقلات بتهم مزيفة وغير حقيقية.

ويُلاحظ أن أسامة الأزهري أكثر من إيراد النصوص من كتب سيد قطب؛ لإثبات مصدريته لفكر التطرف، وأكد على ربطه بـ"داعش" بنقلٍ نقله من ترجمة للعدناني -وهو الناطق الرسمي السابق باسم "داعش" واسمه طه فلاحة، ورد فيه أن العدناني كان حريصاً على كتاب في ظلال القرآن.

ويتفق الأزهري مع علي جمعة الذي أكد في بعض حلقات برنامجه "والله أعلم" أن داعش هي الجيل الثاني بعد القطبيين، وهي نفس المعلومة التي ذكرها الأزهري عن صلة العدناني بسيد. والذي ينبغي التنبيه عليه، هو: أن الغرض المقصود من عرض هذا الكتاب ليس هو معالجة الظاهرة، وإنما هو: إضعاف الإخوان على صعيد التعاطف السياسي، وتنفير الناس عنهم، والنيل منهم بطريقةٍ أو بأخرى.

ويلاحظ أيضاً إشادة الأزهري بدور الأزهر، باعتباره المؤسسة الأكثر حدة في نقد الإخوان وتخوينهم، والتي بالغت في التنقيص منهم، لا سيما علي جمعة المتحالف مع النظام، وكلامه في هذا على الفضائيات بعد الانقلاب معروف، فيصف على جمعة مؤسس الإخوان (حسن البنا) بأنه انحرف عن دين الله، وكوَّن ديناً موازياً، وأن سيد قطب انحرف بهذا الدين الموازي إلى قضايا التكفير. كما أنه كثير الشتم للقرضاوي والتنقيص منه، والشيء المتفق عليه بين الجندي وجمعة وأبو عاصي هو اتهام الإخوان بأنهم خوارج.

وترى جماعة الإخوان أن الإرهاب المعاصر -من داعش وأخواتها -لا علاقة له بفكر الجماعة ولا أدبياتها، لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هي عناصر مشبوهة صُنعت بأيدي المؤسسات الدولية، وأن أنظمة الاستبداد في العالم العربي شوهت صورة الإخوان من خلال الطابور الخامس الذي يُصفق للأنظمة، ويلقي بالتهم على الإخوان.

وأوضحت جماعة الإخوان أنه لا علاقة للجماعة بالإرهاب والتفجير وسفك الدماء، وأن فكر الجماعة المستمد من تراث الشهيد حسن البنا، والسباعي، وعلي الطنطاوي، وسيد سابق، والقرضاوي، وعلي الصلابي، وغيرهم يختلف تماماً عن الفكر المتحمس لقطب، فالخطأ إذن لا يكمن في منهج الجماعة أو نمط التفكير السائد فيها، وإنما الخطأ هو في كلام قطب وحده، أو في فهم بعض كلامه بطريقة لم يُردها هو، ولم تتبناها الجماعة أصلاً.

وقرر كثيرٌ من قياداتها أن هذه الدراسات والأبحاث والتقريرات التي ترصد أفكار الجماعة وتحاول تشويهها هي جزء من المنظومة التي سخرتها أجهزة المخابرات العربية لمصادرة فكر الجماعة وتفرقة الناس من حولها؛ لأنها في المحصلة تشكل خطراً حقيقياً على نظام الحكم العلماني والدولة المدنية.

وينبغي ملاحظة أن جماعة الإخوان المسلمين ليست منغلقة على نفسها، بل هي جماعةٌ متطورة، تبلورت لديها العديد من الأفكار العصرية، واندمجت مع المجتمع المصري والعربي، وعاصرت الكثير من حركات التحرر، ونضجت في كثير من القضايا الفقهية والحركية، فمن الجناية تمثيل الإخوان على أنهم إلى الآن يمثلون الفهم الغاضب للواقع، والتفسير المنفعل للنصوص، والتطبيق العدواني للأفكار، وتبناها وطورها أشخاص مُعينين، ثم سرت إلى الجماعة بأسرها. ىوقد توارد على زعامة هذه الجماعة وقيادتها العديد من الشخصيات العلمية المحترمة، وأصحاب المنهجيات المختلفة، التي تتفق أو تختلف مع الشخصيات الحادة في التنظيم.

وتقد ناول الباحث بعض المفاهيم التي يرى أن الإخوان ضلوا بسببها مثل: الحاكمية والجاهلية والجهاد وانقطاع الدين وحتمية الصدام والوطن، ويرى المؤلف أن فكر "قطب" من الصدام المباشر مع الناس يشبه إلى حدٍّ كبير نظرية "صدام لحضارات" لصامويل هنتاجون، و(نهاية التاريخ) لفوكوياما.

وأن الإخوان -في نظره -نشأوا في جو مضطرب مظلم من الفوضى العارمة، والاضطراب الكبير، والحيرة الممزوجة بالحماسة، وأنه لم يكن لديهم رؤية واضحة ولا منهج متكامل نحو ما يجري في العالم الإسلامي، لأنه لم تتوفر لديهم أدوات الفهم والمعرفة التي تُعينهم على استيعاب نصوص الكتاب والسُّنة والاستنباط منهما!. وتطور الأمر إلى نشأة تيارات تكفيرية داخل هذه الجماعة، ونشأت (ظاهرة التفسير الغاضب للقرآن)!!. 

ويرى "الأزهري" أن الإخوان تيارٌ متمرد متشنج، غاضب ومندفع، ومُفخخ بالأفكار المنحرفة، وتصنيفه الطبيعي إنما هو تيارات التكفير والتفجير والدماء، وأن امتدادهم هم الخوارج، كما أنه ليس لديهم فقه ولا بصيرة ولا أدوات للفهم.

وإذا عرفنا أن هذا العمل نضج وطبخ في الإمارات (العربية!) وتحديداً في أبو ظبي، فينبغي فهم ملابسات هذا العمل، وإدراجه ضمن المشروع الصهيوني التجهيلي المؤصل لضرب منظومة العمل الإسلامي بأقلام أزهرية تنتسب إلى العلم والدعوة، تهدف إلى تقويض الحركات الإسلامية، لا سيما جماعة بحجم جماعة الإخوان المسلمين.

ونحن لا نبرئ "قطب" من بعض انحرافاته، ولكن لا نتجنى على الجماعة بأسرها، فنحملها ما لا تحتمله، لا سيما وأن لها تاريخ نضالي عريق، وكثيرٌ من قيادات الأمة وعلمائها تنتسب إليها.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق