الفقهاء والصُّوفية في اليمن
عبد الله محمد الحبشي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ لقد كان أهل اليمن أكثر الناس معرفةً لحقيقة الإسلام، وما أتى من أخلاقٍ كان لها أثر عظيم في نفس المسلم اليمني، ولا غرابة في ذلك، وقد تفرَّس النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك فيهم، فقال: (أتاكم أهل اليمن هم ألينُ قلوباً وأرقُّ أفئدةً، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية).
وقد ذكر المؤلف بعض الزُّهاد من الصحابة والتابعين الذين ساروا على النَّهج النبويِّ الكريم في العلم والتقوى والورع والعبادة، ثم أتبعهم بذكر بعض المتصوفة الذين اشتهر ذكرهم في اليمن من القرن الخامس إلى عهدٍ قريب، وهم في الجملة قلائل، ولم يكن لهم مذهبٌ منتشر في اليمن، أو أتباعٌ كثر في ظل حكم أهل البيت من أتباع المذهب الزيدي.
وكان المذهب الزيدي أدان الصوفية في كثيرٍ من شطحاتهم وشعاراتهم البعيدة عن الإسلام، واستمرَّ المتصوفة بدورهم المحدود وصلاحياتهم المُقيَّدة في مناطق محدودة من اليمن؛ حتى أصابه الانحطاط وكانت أولى علامات انحطاطه غلو المتصوفة في تقديس شيوخهم، وإسباغ هالات العظمة عليهم، فنسبوا إليهم العديد من الكرامات التي لا يقدر على فعلها إلا ربُّ الأرباب، ومنهم من لم يكتفِ بإضفاء تلك الكرامات إلى شيخة في حياته، فأخذ يتقرب إلى ضريحه بعد موته، ويعتبره من المزارات المُقدَّسة، حتى أدى به الأمر إلى الاستغاثة وطلب نزول المطر عند قبره والنحر له، إلى غير ذلك.
وأما متأخريهم؛ فقد كانوا وصمة عارٍ على الصوفية، وقد حولوا تصوفهم إلى نوع من الشعوذة، جعلوه وسيلةً للكسب الخاطئ؛ فقاموا بأعمالٍ يتبرى منها كل عاقل.
وهذا الكتاب فيه بيان للصورة الحقيقية للصراع بين الفقهاء الزيدية والصُّوفية بشطريها البدعية والفلسفية في اليمن، وبيان أسبابه، وأطرافه، وآثاره، ووجه العناية بهذا الموضوع، بيان الأهمية العلمية التي خلفها الصراع بين الفقهاء وبين الصوفية في اليمن، وبيان أن هذا الصراع امتدَّ لفترات طويلة في تاريخ اليمن.
وجملة هذا الكتاب ناقشته في كتابي (التصوف في التاريخ العربي والإسلامي) بشيءٍ من التوسُّع والتفصيل، على أن التصوف اليمني لم يكن ذا أهميَّة باعتباره تابع لمدارس التصوف الأخرى في مصر والسودان والعراق والشام، كما أن صوته ضعيفٌ للغاية في بلاد اليمن الحبيب، وأتباعه قليلون جداً مقارنة بمناطق أخرى من العالم الإسلامي.
فهرس الكتاب:
في التصوف اليمني وتاريخه
مدرسة ابن عربي في التصوف اليمني
النزاع بين الفقهاء والصوفية في اليمن
أحداث النزاع التاريخية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق