أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 يناير 2022

رسالة في الأعذار المبيحة لترك صلاة الجمعة وصلاة الجماعة إعداد أبو إسلام أحمد بن علي

رسالة في الأعذار المبيحة لترك صلاة الجمعة وصلاة الجماعة

إعداد أبو إسلام أحمد بن علي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذه ورقات معدودة فيها بيان الأعذار التي تُبيح للمسلم أن يتخلف عن حضور صلاة الجُمعة والجماعة، وقد جاءت مقرونةً بأدلتها من السُّنة المطهرة، وعدتها إجمالاً تسعة، وتفصيلاً ما يربو على العشرين، على أن ذكر هذه الأعذار لا يصح اتخاذه ذريعةً للتخلُّف عن الجماعة والجمعة، فإن من يفعل ذلك عامداً فهو آثم، وأسوأ منه حالاً من يتخلف بغير عُذرٍ، فإنه ترك سُنَّة مباركة وشعيرة ظاهرة.

والخطاب بهذه الأعذار إنما هو مُوجَّهٌ -بالدرجة الأولى -لمن كانت فطرته سليمة ليس فيها دغل ولا دخن، بحيث تطمح نفسه إلى السمو دائماً، وتتعلق روحه بفعل الخير والطاعات ولزوم الجماعات، ولكن قد يعرض له بعض الأعذار التي تبيح التخلُّف ولا توجبه.

وهذا التخفيف يدخل في خاصية التوازن الكبير في أحكام شريعتنا الإسلامية، وهو دليلٌ قويٌّ على كونها شريعةٌ ربانية سمحة تتناغم مع الفطرة، وتراعي احتياجات الإنسان. 

أما الأعذار التي ذكرها الكاتب؛ فهي:

أولاً: المريض:

حديث أنس بن مالك -في قصة مرض النبيِّ صلى اله عليه وسلم -قال لم يخرج إلينا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ثلاثاً) (صحيح).

عنِ ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: (ولقد رأَيْتُنا وما يتخلَّفُ عنِ الجماعةِ إلّا مُنافِقٌ معلومُ النِّفاقِ أو مريض) (منار السبيل: 1/ 128).

ثانياً: الخائف حدوث مرض أو زيادته؛ لأنه في معناه.

ثالثاً: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة.

لحديث أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء) (صحيح مسلم )

ولحديث عائشة مرفوعاً: (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين). (رواه أحمد ومسلم وأبو داود )

رابعاً: المدافع الأخبثين (البول أو الغائط):

لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان). (رواه أحمد ومسلم وأبو داود).

خامساً: الخوف الشديد:

لحديث ابن عباس موقوفاً: (من سمِع النِّداءَ فلم يمنعْه من اتِّباعِه عذرٌ لم  تُقبلْ منه الصَّلاةُ الَّتي صلّى) قالوا: وما العذرُ؟ قال: (خوفٌ أو مرضٌ) (أخرجه أبو داود).

ولحديث جابر: (أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما صلى العصر يوم خيبر إلا بعدما غربت الشمس وافطر الصائم) (صحيح ابن حبان).

و الخوف له أنواع عديدة منها :

*  الخوف على ضائع يرجوه .

* الخوف على المال من التلف أو الضياع أو السرقة.

* الخوف من شرود الدابة .

* أو الخوف على الطبيخ أو الخبيز من الاحتراق .

* أو مسافر يخاف فوت رفقته.

*  أو الخوف من سلطان أو لص .

*  الخوف على الأهل و العيال .

*  أو خاف من غريم يلزمه ولا شيء معه يعطيه .

*  أو أن يكون له دين على غريم يخاف سفره أو وديعة عنده إن تشاغل بالجماعة مضى وتركه.

* أو يخاف على مال استؤجر لحفظه كنظارة بستان

* الطبيب الذي يقوم بعمل جراحة لمريض ولا بد من إتمام الجراحة خوفاً عليه.

* أو الشخص يكون له مريض يخاف ضياعه أو موته ويجب أن يرافقه.

ونصَّ عليه؛ لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة .

* الجندي الذي يحرس في سبيل الله.

* الخوف على النفس من سيل أو سبع أو عدو.

سادساً: شدة الوحل والطين والمطر والثلج والجليد والريح الباردة في الليلة المظلمة:

لحديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة صلوا في رحالكم في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة في السفر) (متفق عليه). 

ولحديث أبي رجاء، قال: (أصابنا مطر في يوم جمعة في عهد بن عباس فأمر مناديا فنادى أن صلوا في رحالكم) (مصنف ابن أبي شيبة: 2/ 43).

سابعاً: بسبب تطويل الإمام في الصلاة:

لحديث أبي مسعود قال أتى رجل النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا) (صحيح ابن خزيمة: 3/ 48).

ثامناً: بسبب أكل الثوم والبصل والكُرَّاث:

جابر بن عبد الله، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته) (سنن أبي داود )، وفي رواية: (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد)، وفي رواية: (فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) (متفق عليه).

تاسعاً: في رفقة السفر:

لحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُنادي على من برفقته في السفر أن صلوا في رحالكم، (وكان يفعل ذلك في الليلة المطيرة والباردة في السفر) (صحيح ابن خزيمة: 3/ 78).

عاشرا:ً النائم:

لحديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم أو يستكمل خمس عشرة سنة وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق) (تفسير ابن كثير: 1/ 453).

-فائدة شافعية-

أعذار ترك الجمعة والجماعة

ويُعذر في ترك الجُمعة والجماعة: عند المطر، والمرض، والتمريض، وإشراف القريب ونحوه على الموت، والخوف على نفسه أو ماله أو عرضه، ومُدافعة الحدث مع سعة الوقت، وشدة الجوع والعش، وشدة الحرَّ والبرد، وشدة الريح بالليل، وشدة الوحل، وسفر الرفقة.

________________________

يقول الشمس الرملي: (ويُعذر في ترك الجُمعة والجماعة) المرخص لتركها؛ حتى تنتفي الكراهة حيثُ سُنَّت، والإثم حيثُ وجبت.

(عند المطر) والثلج والبرد ليلاً أو نهاراً، (والمرض) الذي يشقُّ معه الحضور، (والتمريض) أي: لمن لا متعهد له؛ فإن كان للمريض من يتعهده لم يكن المكفيُّ معذوراً،  (وإشراف القريب ونحوه على الموت) وإن لم يكن يأنس به، 

(والخوف على نفسه أو ماله أو عرضه) أو نحو مال غيره الذي يلزمه الدفع عنه، ومن ذلك خشية ضياع مُتموَّلٍ كخُبزٍ في التنور، ولا متعهد غيره يخلُفه، 

(ومُدافعة الحدث) البول والريح والغائط، كذا مدافعة كل خارجٍ من الجوف، وكلُّ مشوِّشٍ للخشوع، وإنما يكون ذلك عُذراً (مع سعة الوقت) كما في مكروهات الصلاة، 

(وشدة الجوع والعطش) بحضرة مأكول أو مشروب قد اشتاقه وقد اتسع الوقت للخبر الصحيح: "لا صلاة بحضرة طعام أو قريب الحضور"، 

(وشدة الحرَّ والبرد، وشدة الريح بالليل) وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس للمشقة، ويرخذ من تقييده "بالليل" أنه ليس عذراً في ترك الجمعة، 

(وشدة الوحل) بفتح الحاء ليلاً أو نهاراً كالمطر، 

(وسفر الرفقة) لمريد سفراً مباحاً، وإن قصُر، ولو سفر نزهةٍ لمشقَّة تخلُّفهٍ باستيحاشه وإن أمن على نفسه أو ماله.

الفوائد المرضية على المقدمة الحضرمية (المختصر اللطيف)، شمس الدين الرملي، ص 67 -68.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق